تعليقاً على حديث الشيخ القرضاوي ـ عن الجن

رضا عبد الرحمن على في الإثنين ١٩ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

تعليقاً على حديث الشيخ القرضاوي ـ عن الجن


المقام ـ برنامج الشريعة والحياة
المكان ـ قناة الجزيرة ـ
الزمان ـ يوم الأحد الموافق ـ 18/3/2007م ـ الساعة ـ التاسعة مساءً
في برنامج الشريعة والحياة ـ موضوع الحلقة ـ عالم الجن (حقائق وأوهام)
ضيف الحلقة ـ الشيخ ـ يوسف القرضاوي
ينفى الشيخ يوسف القرضاوى إمكانية لبس الجن للإنسان أو ركوب الجن للإنسان كما يقول العامة , ولا يمكن أن يلبس الجن جسم الإنسان ويتحكم في نطقه وتصرفاته كيف يشاء فهذا أمر غير مقبول أصلا , واستدل القرضاوى على ذلك بقول الله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء : 70 , ولكنه قال إن العكس هو الصحيح , ويقصد بذلك انه يمكن للإنسان أن يسخر الجن ويسيطر عليه , واستدل بقصة سليمان , وأنه كان يتحكم في الجن ويسخره بأمر الله , كما يقول إن الإنسان يمكنه من خلال العلم تسخير أى شيء وتطويعه مثل الصوت والضوء , ويقول إن ادعاء الناس ان الجن يلبس الإنسان ينافى الدين الإسلامي , وقال ان من يستدل بقوله تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) البقرة :275ـ فقال إن هذه الآية ليست دليلا على لبس الجن للإنسان ـ ويقول أن سيدنا أيوب قال أنى مسَّنيَ الضر عندما وسوس إليه الشيطان , ووصف ذلك بأنه وسوسه من الشيطان , ونفى للمرة الثالثة إمكانية ركوب الجن للإنسان وتحكمه فيه واستدل بقوله تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) إبراهيم :22 , أي ان سيطرة الشيطان تكون فى الإضلال فقط , كما وصف أن هذه الأمراض نفسية , وقال أن البعض من علماء النفس لم يفيدوه في ذلك عندما سألهم , وان بعضهم يؤمن بهذا الأمر , وقال أن العلم الحديث لم يفد في هذا , وقال أن الحـَكـَم في ذلك هو القرآن الكريم , ولأن ذلك الأمر غيبي ولا يمكن أن ندخله المختبر للحصول على نتائج فيه ..
كما قال ان سبب ذلك مرض بعض الناس بازدواج في الشخصية , عندما يتكلم الإنسان بصوت آخر مثل صوت امرأة أو صوت غير صوته , وادعاءً منه انه يركبه جن..
كما وضح ان هذا الأمر كثير الحدوث عند النساء أكثر من الرجال لأنهم ضعاف , ومن السهل ان يضحك عليهم الدجالين في هذا الأمر , ومن خلال ما يسمى بالزار الذي يقوم فيه المريض بعمل الحركات على الموسيقى وأثناء هذه الحركات وبعد بذل مجهود عضلي يستريح الإنسان ولكن ليس للدجال شأن في هذه الراحة , كما قال فى وصف الصرع أنه مرض موجود ولايمكن إنكاره , والدليل ـ أنه حدث أن جاءت امرأة للنبي عليه السلام وقالت له أنها صرعى ـ أى مريضه بالصرع , ولم يقم الرسول بضربها أو التصرف معها كما يفعل الدجالون , ولا يمكن ان يتركها النبي هكذا لو كان عليها جن ..
كما يقول أن الأحاديث الضعيفة هى التي تثبت أن هناك حالات لبس جن لإنسان وقام النبي بإخراجه منه فهذه أحاديث ضعيفة .
كما قال أن الإنسان الذي يعتقد في ذلك يصبح ضحية للدجالين , ولكنه يجب أن يعتقد غير ذلك..
وقال عن إمكانية زواج الجن بالإنسان ـ فقال إن أغلبية العلماء تمنع هذا لأن الزواج قائم على التجانس واستدل بقوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم : 21 ـ وقال ان توحيد الجنس في الزواج مطلوب , وكيف يعلن هذا الزواج , لأن من شروط الزواج الإشهار, وأين الشهود , ويكونوا من الإنس أو الجن و قال أن ذلك يتنافى مع الحياة الزوجية , لعدم توافر الكفاءة في الزواج .
وعندما سئل ان بعض الشائعات تقول أن أحد الأشخاص يقول ركبني جن أو عفريت , ووصف ذلك أنه شخص ضعيف , كما قال أن أحد الأشخاص قد يعتزل الناس ولا يختلط بهم مده , فيرجع ويقول انه متزوج جن , فقال القرضاوى كيف يثبت لنا هذا الرجل هذه الحقيقة انه متزوج من الجن فعلاً .
وقال عن القدرة على الاتصال بالجن أو استخراج الجن من الإنسان , قال انه لا يوجد حديثا صحيحا يدل على استخراج الجن من الإنسان أو الإتصال به .
كما قال عن تسخير الجن في تحقيق بعض الأمور ـ هذه شائعات موجودة وحكى مثالا ان رجلا في أسوان سخر الجن وطلب منه أن يحضر له حلوى من محل في القاهرة بعد ضربه على فخذه , ووصف ذلك بأنه أمرا غير مقبول مطلقا ولا يصدقه عقل ..
كما قال ان الصحابة في عصر الرسول كانوا مشغولون في الحروب والجهاد من أجل دين الله , ولم يشغلوا أنفسهم بهذه الخرافات أو التفاهات , كما قال أن الإنسان هو الجن الحقيقي أو العفريت الحقيقي في هذا الكون , لأنه سخر كل شيء في خدمته من خلال العلم .
كما أننا لا نرى في الأمم القوية , دول العالم الأول حالات لبس جني فلماذا يلبسنا الجن ويستضعفنا نحن وما السبب أننا مستضعفون دائما أمام الجن , كما قال ان هذا الأمر ارتبط بأحد العصور الإسلامية ..
ولابد من وقوف الحكومات أمام هؤلاء الناس الذين يأكلون أموال الناس بالباطل , وقال أن هؤلاء الناس الدجالين نصابين في ادعائهم أنهم يخرجون الجن من الناس , كم يطلبون طلبات غالية مثل خروف أو طيور أو أموال , وقال يجب تنوير الناس وتثقيفهم , ويجب أن تغلب الحقائق على الخرافات وهذا دور العلم والعلماء .. وانتهى البرنامج ..

وهذا ردي على الشيخ القرضاوي


إن الباحث في أى علم من العلوم لابد من ذكر أسماء المراجع التي اقتبس منها في بحثه , والعالم الذي يحترم حقوق الغير عندما يتحدث في موضوع قد سبقه غيره من العلماء والباحثين في توضيحه وإبداء الرأي القاطع فيه فلابد من احترام هذا الاجتهاد وهذه الأسبقية لأصحابها , ويجب عند التحدث في نفس الموضوع ـ التنويه إلى من قام بالبحث والاجتهاد فيه من قبل .
إن الدكتور أحمد صبحي منصور ـ نشر هذا الكلام من قبل في الأحرار وروزا ليوسف في التسعينات في الوقت الذي كان فيه القرضاوي والشعراوي ينشرون الخرافات , والآن بعد ان أصبح ذلك معروفاً ومألوفاً بفضل اجتهادات د ـ أحمد صبحي منصور ـ يأتي القرضاوى ليتكلم في نفس الموضوع . متناسيا أنه وكل شيوخ الأزهر من قبل هاجموا الدكتور منصور واتهموه بإنكار السنة , وهذا معروف , الأدلة كثيرة على هذه الاتهامات ، بالجملة .
والأهم ان الدكتور منصور في هجومه على هذه الخرافات كان يصل إلى العمق , وهى الأحاديث ويثبت ضلالها ويبرئ النبي عليه السلام منها , وكان الشيوخ ومنهم القرضاوي يتهمونه بالردة وإنكار السنة . وحتى الآن فإن القرضاوي وهو ينفي تلك الخرافات الغيبية فإنه ابتعد عن نفي الأحاديث التي تقوم عليها ومنها الأحاديث التي سخر منها الدكتور منصور ـ وهى موجودة في البخاري ـ والتي يرويها أبو هريرة وتتحدث عن كلام أبي هريرة مع إبليس وسرقة إبليس لكذا وكذا واعتقاله في مسجد المدينة إلى آخر هذه الخرافات التي سخر منها الدكتور منصور منذ التسعينات وأضْحَكـَنا عليها في الوقت الذي كان لا يزال القرضاوي وأمثاله يقدسون أبا هريرة والبخاري .
ومنذ أكثر من ربع قرن وقف احمد صبحي منصور ـ وهو مجرد مدرس مساعد بالأزهر ـ يحضر رسالته للدكتوراه, ويثبت تناقض خرافات التصوف والسلفية مع الإسلام , ووقفوا كلهم ضده . والآن وبعد أكثر من ربع قرن يجد القرضاوي الشجاعة ليلحق بقطار التجديد والتنوير وهو الذي عاش عمره المديد يفتي بالتكفير للمستنيرين .
ليكن معلوما أنه كلما نجح القرآنيون في نشر التنوير فإن المشايخ سيضطرون في النهاية إلى الأخذ بما نقول ومحاولة اللحاق بقطار الاستنارة ولو في السبنسة , وذلك حتى يظلوا في دائرة الضوء , وهم يستخدمون نفوذهم في ان يسرقوا الفضل من أصحاب الفضل . يعني أن يجتهد ويسبق الدكتور أحمد منصور ـ ويكتشف أنه لا يوجد حد ردة ولا حد رجم ولا شفاعة ..الخ .. الخ .. ويقتنع المثقفون والرأي العام فيضطر الشيوخ في النهاية للموافقة , ولا يكتفون بذلك بل يقيم أتباعهم لهم مواكب واحتفالات متناسين دورهم في نشر الظلامية في المجتمعات الإسلامية . وليس هذا عدلا . أن يتصدر أحمد صبحي ناشرا التنوير من داخل الإسلام ويتعرض للسب والشتم والتكفير والفصل من عمله والملاحقة والسجن والتشريد ، ثم في النهاية يقتنع المشايخ مؤخراً , ويسرقوا منه فضل ريادته . ولو كان عندهم مروءة وكرامة ورجولة لاعترفوا بأخطائهم السابقة وبأنهم في النهاية عرفوا الحق على يديه ولا اعتذروا إليه بعد ان اضطهدوه طويلاً , ولاعترفوا بالفضل لصاحب الفضل في تنوريهم وتنوير الفكر الديني للمسلمين وتصحيحه بالقرآن . لكنهم ـ أمثال القرضاوي ـ لا يفهمون من الإسلام إلا مجرد التجارة باسمه , ويريدون الكسب في أي حال فإذا كان الكسب عن طريق نشر التخلف والتطرف والإفتاء بإباحة الشذوذ الجنسي فلا بأس . وإذا اعترض عليهم باحث مسلم مستنير حاربوه وحكموا بتكفيره ولوثوا سمعته.
فإذا بدأ الرأي العام إلى العقلانية واستجاب إلى دعوة التنوير لجأ أولئك الشيوخ إلى مجاراة الرأي العام حتى لا يفقدون مناصبهم وجاههم . إن موقف القرضاوي وغيره أكبر دليل على أنهم جاهلون بالإسلام ـ ويكفى أن القرضاوي يتذكر اليوم فقط ـ وهو قد تعدى الثمانين من العمر أن هذه الخرافات ليست من الإسلام . قالها مؤخراً بعد أن دافع عن هذه الخرافات ستين عاماً , وبعد ان تسبب في نشر التخلف والإرهاب والتطرف والتعصب بين المسلمين . لقد آن للقرضاوي أن ينسحب من الحياة العامة فيكفيه ما دمره من عقول المسلمين ودمائهم ويكفيه ما ألحقه بالإسلام من أوصاف لا تليق إلا بالقرضاوي ومن هم على شاكلته .

اجمالي القراءات 39647