نكاح الزنا - ملك اليمين في القرءان الكريم - الجزء الثالث عشر
في البحث عن الإسلام – مفردات – نكاح الزنا - ملك اليمين في القرءان الكريم - الجزء الثالث عشر

غالب غنيم في السبت ١٦ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

في البحث عن الإسلام – مفردات –  نكاح الزنا - ملك اليمين في القرءان الكريم - الجزء الثالث عشر
 

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين

(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36

في هذه الجزئية من البحث، كما أرى ساكون مجبرا لأن اناقش مفردة الزنا التي لم ارغب بنقاشها هنا، ولكن، ولكي نفقه الرابط بين النكاح وبين الزنا في القرءان، ولكي لا تكون هذه الآيات التي سنتعرض لها، من المتشابهات اي الغامضات، كما يقال تراثا عن الايات المتشابهات، لكتاب أحكم الله آياته ثم فصلها من لدنه العليم الخبير، وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
.


______________

مفهوم مفردة الزنا :

وكما دائما، أتوجه لله تعالى، باحثا بدون اي راي مسبق ان يشرح لنا صدرنا ويفكّ عقدة من لساننا، ويعطينا من علمه بما يشاء، بإذنه، حيث وردت مفردة الزنا في خمس آيات في القرءان الكريم وهي الآيات التالية :
 
الزنا فاحشة وساء سبيلا ( وَلَا تَقْرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰٓ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلًا ) الإسراء – 32، وهو أمر اثمه كبير ( وَٱلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) الفرقان – 68 ،  فما هو الزنا وكيف نستدلّ على مفهومه تفصيلا من القرءان الكريم ؟

أولا : الزنا ليس كما علمنا التراث بكونه الجنس بين ذكر وأنثى خارج حدود الزواج!

فالآيات التالية تنفي كونه هذا بكل صراحة وخاصة في قوله تعالى ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْـًٔا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَٰدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُۥ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )  الممتحنه -12 .

حيث نرى بكل وضوح، جمع البهتان الذي يفترينه من بين ايديهن أو أرجلهن سواء، وبين أن يزنين!
فأن يفترين البهتان من بين أرجلهن أو أيديهن، أقرب للمفهوم اللغوي للزنا منه لمفردة الزنا ذاتها، أي، هو هذا ما يقولون عنه لغة زنا، وهو متعلق بحفظ الفروج وما بين الأرجل في آيات كثيرة، ومريم التي أحصنت فرجها، أي لم تفتري ولم تأت ببهتان، من بين ارجلها، فكانت محصّنة، ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا۟ مِنْ أَبْصَٰرِهِمْ وَيَحْفَظُوا۟ فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور – 30، فحفظ الشيء هو بعدم الإفتراء عليه بشيء آخر، كما افترى إخوة يوسف كذبا على الذئب وابوهم فلم يحفظوه لوسف، وكذلك هنا، يحفظن فروجهنّ، بأن لا يفترين من بين ارجلهنّ ما لا حقّ لهنّ به، من علاقات تكسر هذا الحفظ، وتكسر إحصانهنّ، وحفظ الفرج ليس محصورا على المرأة بل الرجل أيضا، الأحزاب- 35 ، فالمؤمنون جميعا عادة لفروجهم حافظون من الإفتراء والبهتان ( وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ ) المؤمنون – 5 .

ومنه، نخلص بكل وضوح أنه إما ان هنالك اختلاف أو كالعادة، أوقعونا في سوء فهم لآيات الله تعالى التي لا يأتيها الباطل وسنرى ذلك أدناه!

أي أنه من آيات عديدة، نرى الله يفصّل لنا عدم حفظ الفروج، وهو ما نعرفه لغة بالزنا، منفصلا تماما عن مفردة الزنا في القرءان الكريم، والذي، اي الزنا، لا بدّ أن يكون به أذى على المجتمع لأن الزنا من الأمور النادرة في القرءان التي فصّل لنا الحدّ لها !
فهنالك حدّ السرقه، وحدّ رمي المحصنات، والزنا فقط في القرءان الكريم!
والسرقة فيها أذى للمحيطين، ولهذا لها حدّها الذي ليس هو ببتر اليد وله مقام آخر، وكذلك رمي المحصنات من المؤمنات، لما فيه من أذى اتهام لهنّ، وهو الحدّ الوحيد الذي يتم تطبيقه بدون شهود على صاحبه، لعظم فتنته وافساده للمجتمع، والله من يعلم السرّ وأخفى!

فالذي يتهم أو يرمي محصنة، عند الله فاسق، ولا تُقبَل شهادته أبدا، ويتم جلده ثمانون جلدة، ولو كان عددهم ثلاثة، فهم الفاسقين، برميهم فتاة ما، بالتقول عليها السوء، والله من رحمها ويخفي ما فعلت عن الناس، غن فعلت!

وهي قضية اجتماعية أخلاقية لو درسناها جيدا لرأينا كيف يرحم الله تعالى عباده، وكيف يريد أن يخفف عنهم ويهديهم سبل الرشاد والسلام.


______________

نكاح الزنا :

قال تعالى (سُورَةٌ أَنزَلْنَٰهَا وَفَرَضْنَٰهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ءَايَٰتٍۭ بَيِّنَٰتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُوا۟ كُلَّ وَٰحِدٍ مِّنْهُمَا مِا۟ئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * ٱلزَّانِى لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا۟ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَٰنِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا۟ لَهُمْ شَهَٰدَةً أَبَدًا وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ * إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُوا۟ مِنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النور – 1:5 .

فسبحان من بدا هذه السورة بقوله ( وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ءَايَٰتٍۭ بَيِّنَٰتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )، ثم اختلف القوم في آياتها!

فلو نظرنا الى هذه السورة من بدايتها، فسنجدها تتحدث عن مسائل اجتماعية بحتة، تهم أمور الناس، وهي مسائل تقضّ مضاجهم لما فيها من فتن وإفك وافتراء، ومن تاثير ما قد يثير الفتن والبغضاء والمشاكل بين الناس، ومنها رمي المحصنات، ومنها اتهام زوج لزوجته، لاحقا لم اذكرها هنا..
ففي الاية رقم 19 منها يقول تعالى ( إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )، فمن هم الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين الناس؟ وكيف تشيع إن لم يرتكبوا هم شيئا من الزنا التراثيّ الذي لو ارتكبوه لكان في الخفاء ؟

إنهم من أتوا بأخبار كذب وإفك عن مؤمنات غافلات بدون شهادة حق، وهذا العمل الذي قاموا به هو عين الزنا !
فالزنا هو التضييق على الناس بالإفك عليهم وافتراء الكذب واتهامهم باتهامات تسيء اليهم والى من حولهم من عائلاتهم وأهلهم بدون شهادة من أربعة !

فمن جاء بالإفك هو من سيتم جلده، وهو الزاني، أي المضيّق على المجتمع والناس بما يقوم به من افتراء وكذب.
 ومن فهمنا للإسلام السلوكي والإسلام العقائدي الذي قام الأستاذ أحمد منصور بتفصيله في أبحاثه(1)، أقول بكل جرأة، بأن قوله تعالى ( ٱلزَّانِى لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ) لا يتحدث عمن لم يحفظ فرجه من ذكر او أنثى، بل عن أعمال سلوكية مؤذية يقوم بها في مجتمعه، تُعمِل الفتنة فيهم، فالشرك والزنا هنا هما سلوك وليس عقيدة، وهذا سنتبينه وسنثبته بالمنطق والعقل الآن، بعد أن نتدبر الاية هذه !

ولنأخذ بالمفهوم التراثي للزنا، ولنعتبره الجنس غير المسموح به بين اثنين لوهلة، وأن النكاح زواج، ولنر الآيات الآن :

فلو زنت إحداهنّ، فلا بدّ أنها زنت في الخفاء، وكذلك لو زنا رجل، ومنه، لو اراد واحد أن يتزوج، فلن يعلم أبدا أنها زانيه، وكذلك المرأة، فلو نام مع عشر نساء من قبلها، فلن تعلم هي بهنّ، فكيف تكون زانية أو هو زانٍ ؟ لمجرد ان احدهما تزوج الاخر، أليس هذا بفهم سخيف للأمر، بل ويخلق ضعفا وركاكة في القرءان حتى درجة الرفض!
فالله تعالى لم يتوقف عند هذا بل قام بإعلان تحريم هذا الفعل ! أي أن " ذلك " حرام على المؤمنين!

فكيف يحرم الله تعالى شيئا سلوكيّا غامضا غير ظاهر لنا، بل و يرفض في ذات الوقت أن يتحدث عنه أحد عددهم اقل من أربعة ؟!!

حتى الشرك العقائدي لن أعلم به أبدا، فالله أعلم إيمان بعضكم من بعض كما قال في آية أخرى ( وَلَا تَنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا۟ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُو۟لَٰٓئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوٓا۟ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِۦ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة – 221 ، فهل هنا يتحدث الله تعالى عن الشرك العقائدي؟
بالطبع لا وإلا مباشرة كان في القرءان اختلاف حين قال ( وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُم بَعْضُكُم مِّنۢ بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ ٱلْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُوا۟ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النساء – 25 .
فكيف يقول مرة أنه أعلم بإيماننا بعضنا من بعض، وتارة أخرى، أن لا ننكح الا المؤمنات؟ إن كان الحديث عن الإيمان العقائدي ؟!
بل إنه حديث عن السلوك محض في كل ما ورد من الايات أعلاه بقوله تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَٰتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُوا۟ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا۟ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَسْـَٔلُوا۟ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْـَٔلُوا۟ مَآ أَنفَقُوا۟ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الممتحنة – 10 ، وبقوله تعالى الحق تعالى عما يفترون (ٱلْمُنَٰفِقُونَ وَٱلْمُنَٰفِقَٰتُ بَعْضُهُم مِّنۢ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ ) التوبه – 67  وقوله (وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ أُو۟لَٰٓئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة – 71 .

من كل هذه الايات، لمن يتدبرها بصدق، سيجد أنها تتحدث عن إسلام سلوكيّ محض، نستطيع ان نتبينه، ومنه، حرم علينا ان ننكح زانية أو مشركة، فالزاني هو من يضيّق على المجتمع بإفكه، والمشرك من يأمر بالمنكر مما أنكره الناس وينهى عن الصالحات ويقبض يديه بخلا بعكس المؤمن تماما في المجتمع!
ومن الطبيعي حينذاك أن يتم جلد الذي يرمي المحصنات والذي ياتي بأكثر من ذلك إفكا وافتراءا ليشيع الفاحشة بين الناس بفتنته – الزاني .
من كل آيات الزنا، وكما بينّا أعلاه، فالله لا يحشو القول حشوا، سبحانه، بذكر عدم حفظ الفروج بافتراء البهتان من بين الأرجل مع الزنا في آية واحدة ابدا، ومن كل الآيات التي تتحدث عن الزنا، في سورة النور، لن نستخلص حديثا عن ارتكاب الزاني شيئا اسمه عدم حفظ فرجه، بل بكونه يتهمُ الآخرين بفعل لم يقم باثباته، لإشاعة الفتن والبغضاء والعداوة بين الناس بالتضييق عليهم.

ومنه، بكل سهولة سنفقه قوله تعالى المحكم في كتابه الذي فصله لنا، لنتذكر ونتدبر، بان الزاني والزانية هنا هما من اتفقا على الفكر الواحد المشرك المنافق بكونهما يعلمان سلوك بعضهما البعض مما لا يخفى على الناس اصلا !

فمن قبلت بنكاح وقرب رجل يُشيع الفاحشة، منافق سلوكيا مشرك سلوكيا ستكون مثله لا بدّ مشركة أو زانية، وكذلك النقيض، ومنه هما في الفكر سواء سلوكيّا، وهذا حرام على المؤمن الذي يرى من حوله زانية أن ينكحها، وكذلك النقيض، حرام على أن تنكح مؤمنة اجتماعيا رجلا شاع صيته بالفساد والسوء والتضييق على الناس، فكلاهما في السوء سواء، وهذا حرام عى المؤمنين.

 ففي آية الممتحنة – 10 (  فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَٰتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ ) أعلاه، نرى بكل وضوح السلوك مفصولا عن العقيدة ، فالله تعالى يقول لهم أن يمتحنوهنّ سلوكا، وهو من يعلم إيمانهنّ عقيدة، فإن علموا بإيمانهن سلوكا، أي امتحِنوهنّ لكي لا يخنّكم، بهدف التجسس عليكم مثلا، فأبقوهنّ ولا ترجعوهنّ الى الكفار أعدائكم، سلوكيا، فكل هذا عن أمور سلوكيّة بحتة لا يمكن لبشر البتّ فيها عقائديا، وإلا كان في القرءان اختلافات كثيرة ! وهي تحدث إن جئن من عند قوم لا نثق بهم وبيننا وبينهم عداوة! وإلا ما هدف امتحانهنّ؟

فالإمتحان فعل سلوكيّ، لأن الله أتبعه بعلمه بما في قلوبهن!
والأمر بالمعروف بين الناس والنهي عن المنكر الذي ينكره الناس كما نقيضهما هي سلوك بحت!

كما في آية البقرة أعلاه – 222 ، فالله يمنع ان ننكح مشركات والعكس ايضا، حتى يؤمن الجميع، لأن المشرك سيدعوا للنار والمؤمن للجنة، أي للكفر والسلام، فالذين يدعون للنار هم من يثيرون الفتن والحروب والقتل والسلب والنهب وهلاك الحرث والنسل، بينما الذين يدعون الى دار السلام لهم دار السلام في الدنيا والآخرة .

وهو قرءان يفصل بعضه البعض محكم آياته لقوم يتفكرون ويتدبرون فيعلمون.

خلاصة :
الزاني لا يطلب يد امرأة – لا ينكحها – الا إن كانت زانيه، فالزاني لن يقبل بعلاقة مع امراة الا إن وافقته فكريا في علاقته معها، وكذلك الزانية، وهو اقتران الفكر السيء المضيّق على الناس معا.
ولو كان غير ذلك، فكيف نفهم من هو لوط أو نوح ونحن نعلم بزوجتيهما؟ فهما كانتا تحت عباد من عباد الله الصالحين فخانتاهما، وهما من الأنبياء ! ، اتركها لكم ...



إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه –فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم
* مقالات الأستاذ احمد منصور عن الإسلام السلوكي والإسلام العقائدي

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=183

 

 

 

 

اجمالي القراءات 13085