لماذا ستدخل نساء عمر بن الخطاب جهنم ؟

نهاد حداد في الثلاثاء ١٤ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

سيدخلنها بموجب هذا الحديث : 


"صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ".
من بين الأحاديث التي ركز عليه فقهاء العهر والعفن لاضطهاد المرأة وتحقيرها هو الحديث أعلاه وقد قررت اليوم تفكيكه و" تدبره " . إن صح هذا التعبير!
لنبدأ من البداية ، وتحضرني هنا ابتسامة عمر خالد وهو يبيع " الحجاب " لنساء بعن عقولهن وقلوبهن لفقهاء الفجور والمظاهر . فتعالوا معي نفكك هذا الحديث . لن أتحدث في إسناد هذا الحديث ولا في صحته من ضعفه ولكنني تجاوزا سأعتبره صحيحا ! انتبه عزيزي القارئ ، ان هذا الحديث يحتوي على شقين كبيرين يجب مناقشتهما، لكن الفقهاء والمفسرين ركزوا فيه على الشق الثاني لتكريس فكرة ما يسمونه الحجاب وتغليب المظاهر الدينية عن الجوهر الذي دعا إليه القرآن . ولكن ، قبل أن أتطرق إلى معنى الحديث سأتطرق أولا إلى خطإ نحوي كبير لم ينتبه له أحد أو أن الجميع تغافل عنه لغرض في نفس يعقوب . 
يقول الحديث : صنفان من أهل النار لم أرهما ! الصنف الأول هو: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ! ونساء ... لايدخلن الجنة !
عندما نبدأ الجملة بقولنا صنفان ، فإننا نتوقع أن نهاية الجملة سيكون فعلها مثنى ! أي هكذا : 
صنفان من أهل النار لم أرهما... قوم معهم سياط...ونساء مائلات ... لا يدخلان الجنة ولا يشمان ريحها ! أي أن هذين الصنفين تترتب عليهما نفس العقوبة،فتركيب الجملة كان يجب أن يكون هكذا لتكون صحيحة ،ولكن بما أن واضعي هذا الحديث لم يكن يهمهم من الأمر إلا إدخال النساء النار فقد تجاهلوا عقاب الصنف الأول وأصروا إلا أن يضعوا نون النسوة لفعل " يدخلن " " ويجدن " . حتى أنهم لم يهتموا بالمسافة بينهن وبين الجنة فقالوا كذا وكذا ... فهل يعقل أن نبي الله ومبلغ أبلغ كتاب ، وهو القرآن ، سيرتكب خطأ نحويا وتركيبيا كهذا ؟ وهل يعقل أن يقول كذا وكذا ؟ ولنفترض أن راو الحديث قد نسي المسافة التي ذُكرت له ، فلماذا لا نُسلم بأنه ربما قد أخطأ أو نسي الحديث كله ؟ أو أخطأ في كلام الحديث ! 
من هذا المنطلق ، على الأقل تركيبيا ونحويا فالحديث غير صحيح ! لأن الحديث غير مكتمل ! لماذا ؟ لأنك حينما تقرأ الجملة ، تنتظر ماذا سيقع للصنف الأول من هؤلاء الذين يضربون الناس بالسياط ! هل هم لا يشمون رائحة الجنة عن بعد كذا وكذا ، أم يشمونها ولا يدخلونها ، أم ماذا؟ كان يجب أ يكون الحديث هكذا ، صنفان من الناس لايدخلان الجنة ، قوم معهم سياط كأذناب البقريضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات....
على أي ، لنسلم جذلا بصحة الحديث : 
ولنركز على الشق الأول : قوم معهم سياط كأذناب البقر ! السياط حتى في عصرنا هذا مازال يصنع من أذناب البقر ، ، والأدق في الكلام كان يجب أن يكون : قوم معهم سياط من أذناب البقر لأن النبي إذا قال حديثا كهذا فهو أعلم الناس بأن السياط أكيد مصنوع من أذناب البقر . 
المهم أن المفسرين لم يهتموا بالحمولة الرمزية التي يحملها حديث كهذا وبأنه ينسف عفنهم الفقهي كله وهو : أن المقصود بهؤلاء ، هم الظلمة ، والمستبدون والمستعبدون للبشر ، القامعون المتسلطون على رقاب البشر ! فالحديث يصورهم يحملون سياطا يضربون به الناس - أكيد - ظلما وعدوانا. وإلا إذا كان كل ماسك سياط سيدخل النار ، فمعنى هذا أن الجلاد الذي سيقيم حد ا من حدود الله كجلد الزناة مثلا ، سيكون مصيره جهنم وبئس المصير ! وهذا غير مقبول عقلا ولا قرآنيا لأنه لابد من جلاد يقيم حد الله ! ولكن بما أن الحديث وضع أولا وأخيرا لادخال النساء جهنم ، فهم لم يتوقفوا عند مفهوم الظلم واستعباد الناس بالسياط ولا حتى انتبهوا إلى أن من يحملون السياط اليوم هم حراس الفضيلة في إيران والسعودية الذين يضربون الناس بالسياط إذا تأخروا عن الصلاة أو يضربون النساء إذا ظهر من زينتهن شيء ! مع أن رب العزة قد ركز على كلمة ....زينتهن إلا ما ظهر منها ! 
لنستمر مع الشق الثاني والذي يجب تفكيكه كلمة كلمة والذي أساء عمر خالد وغيره من عبدة الدولار تفسيره للنساء على أنهن نساء لابسات وفي نفس الوقت عاريات ! وطبعا مايتبادر للذهن هنا هو لباس الراقصات لأنهن يلبسن ثيابا لايغطي الجسد كله وإنما يدع الجسم عاريا تقريبا ! وبالنسبة. لإنسان القرن العشرين الذي تعود على رؤية هذا المنظر يصبح مفهوم كاسيات عاريات معناه نصف كاسيات ونصف عاريات على رأي عادل إمام ! لابسا من غير هدوم !!!
ولكن لنرجع إلى تفسير الفقهاء أنفسهم للحديث والذي يعني بالضرورة نساء كاسيات فقط وأعيد كاسيات فقط وليس عاريات ! بدليل أن كل المفسرين بدون استثناء قالوا عن جملة : رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة معناها أنهن " يكبرن رؤوسهن بعمامة أوعصابة أو نحوهما" ومعنى هذا أن هؤلاء النساء كاسيات وشعورهن مغطاة بعمائم أو عصابات ملفوفة بطريقة تشبه أسنمة البخت أي سنام الإبل ! ( لاحظوا بأن التشبيه هنا تشبيه قريب جدا من بيئة العربي الذي يعيش في صحراء شبه الجزيرة ، أي أن هؤلاء النساء كاسيات ومغطيات شعورهن ! للننس عاريات الآن لأننا سنعود لهذه الكلمة لاحقا ولنعد صياغة الحديث " نساء كاسيات رؤوسهن كأسنمة البخت"  ولكنهن عاريات مائلات مميلات " فما المقصود إذن بكاسيات عاريات إذا صغنا الجملة بهذه الطريقة ، لأننا لم نفعل سوى إعادة صياغة الجملة لنقربها إلى ذهن القارئ حتى يفهم بأن هؤلاء النساء اللائي يتحدث عنهن هذا الحديث رؤوسهن مغطاة ! وأعيدها مرة أخرى ! رؤوسهن معصوبات بعمائم كأسنمة الإبل ، معناه آن حجاب رأسهن موجود ! ولم يغنهن من النار ! 
وأعود لأقول أن هؤلاء النسوة أجسادهن مغطاة لأن الحديث يقول كاسيات وحينما تقول كاسيات أو مكسيات فمعناها مغطاة ! مغطاة ! فحينما تقول بأن هذا الطائر مكسو بالريش فمعنى ذلك أن جسده مغطى بالريش فالكساء هو الغطاء واللباس ! إذن نحن نتحدث هنا عن نساء مكسوات من أخمص القدمين إلى أعلى الرأس المعصوب بعمامة تشبه السنم! ولكنهن عاريات ! فكيف يُقبل هذا عقلا ؟ فكيف تكون المرأة كاسية معصوبة الرأس وهي عارية في نفس الوقت ، طبعا، بمنطق اليوم ومنطق العصر والموضة ، فهذا ممكن ! ولكن لنعد بالتاريخ إلى الوراء ، ولننس الحرائر ونتحدث عن الإماء ! فالأمة عند الفقهاء عورتها كعورة الرجل . من السرة إلى الركبة ! بهذا المعنى ، فالأمة كاسية عارية ، مائلة مميلة لأن أحد مهامها هي تسرية سيدها والرقص له ، أي التمايل بحضرته ! وهذا حلال ، فهي أمته وعبدته وملك يمينه ! فهل معنى هذا بأن كل الإماء في النار ، مع أنهن لاذنب لهن سوى أن عمر بن الخطاب أخرج درته ليعاقب الإماء على الفضيلة ! ليعاقبهن على اللباس والتشبه بالحرائر ! إذن فإماء عمر بن الخطاب في النار لما روى عنهن أنس بن مالك :  وقد رواه يحيى بن سلام في تفسيره (1/ 441) : حَدَّثَنِي حَمَّادٌ وَنَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " كُنَّ جَوَارِي عُمَرَ يَخْدُمْنَنَا كَاشِفَاتِ الرُّءُوسِ، تَضْطَرِبُ ثُدِيُّهُنَّ بَادِيَةً خِدَامُهُنَّ " . تاهت ووجدناها : إماء عمر بن الخطاب نساء ، وهن نساء كاسيات عاريات ، فكيف يترك عمر بن الخطاب وهو أعدل الخلق إماء الله يدخلن جهنم ولا يجدن ريحها على بعد كذا وكذا ؟ فهل هذا عدل؟ 
ولنعد إذن إلى الحديث لنحاول قراءته مرة أخرى ثم لنحتكم بعد ذلك إلى القرآن الكريم : كاسيات رؤوسهن كأسنمة البخت لكنهن رغم ذلك عاريات ! معناه أنهن برغم كسائهن وبرغم لباسهن فهن عاريات من التقوى مائلات عن الفضيلة مميلات للناس عن الفضيلة والتقوى ! وخلاصة هذا الشق من الحديث أن هؤلاء النساء ، برغم من لباسهن وتغطية رؤوسهن فهن عاريات من التقوى والفضيلة والصلاح ! ومعنى هذا أيضا ، أن المظهر الخارجي لايعفي المرأة من العقاب إذا كانت مائلة عن الصراط المستقيم  مميلة عن الصراط المستقيم تماما كما لاتعفي اللحية والثوب القصيرصاحبها من النار ! فمعنى هذا أن لامعنى للباسها فهي تماما كالعارية !
إذ لا معنى لأن يتقولوا على الله ونبيه وكأنه فقط لايحب هذه التسريحة المعصوبة بعمامة كسنام الجمل! ( كأن نقول بالعامية ، تسريحت شعرها دي مش نازلالو من زور ) فهل يعقل أن يدخل الله النساء جهنم من أجل وشم أو تسريحة شعر ، المعذرة ، ليس تسريحة شعر ، بل طريقة معينة في تغطية هذا الشعر ! 
ولنستقرئ هذا الحديث على ضوء حديث آخر لأبي هريرة لنجد أنه يناقضه تماما : " إن الله لاينظر إلى صوركم وأجسادكم بل ينظر إلى أعمالكم وقلوبكم "( no comment ) .
ثم لنعد لأصدق الحديث ، حيث يقول رب العزة جل جلاله : " يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ" . 
معناه في آخر المطاف أن كل كاسٍ عارٍ إذا لم يكن لباسه التقوى ، ولكن تهافت الفقهاء على الظلم والافتراء على إماء الله جعلهم يتفننون في كيفية إبعاد المرأة حتى عن شم رائحة الجنة على بعد كذا وكذا... فتغاضوا في نفس الحديث عن الظلم والاستبداد والاستعباد ليصبوا جام غضبهم على المرأة ، أصل الشرور . 
اجمالي القراءات 16034