الفصل الثانى : مفرادات الانحلال الخلقى الجسدى عند الصوفية
ج3 / ف 2 : التصوف والزنا : مقدمات الزنا فى طقوص التصوف

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٣١ - مارس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

الجزء الثالث : أثر التصوف فى الانحلال الأخلاقى فى مصر المملوكية 

الفصل الثانى : مفرادات الانحلال الخلقى الجسدى عند الصوفية .

ـ التصوف والزنا : مقدمات الزنا فى طقوص التصوف

 ( مقدمات الزنا فى طقوس التصوف ، الإيقاع بالنساء )

أبو عيون جريئة

 مقدمات الزنا من النظر واللمس كان لها دورها فى طقوس الزنا، وكثير من الصوفية أصحاب المؤاخاة يعتقد أنه طالما أعطى العهد للمرأة يجوز له النظر إليها ، ويجوز لها أن تنظر له وتخلع عنده النقاب ( وأشياء أخرى ) وينظر الى وجهها بدون نقاب وغير وجهها ايضا ، كما سبق ذكره من كلام الشعرانى ، الذى افتخر بكثرة حمايته لنفسه من النظر للنساء الأجانب والمردان أى الصبيان المفعول فيهم ، ويرتدى عباءة الفقه فيقول أن بعض الفقراء زعم أن رؤية الأجانب من نساء مريديه لاتضره ، ويرى الشعرانى أن ذلك ( من رقة الدين)[1] .أى هو معصوم من النظر بشهوة للنساء والصبيان ، أما من يزعم نفس الزعم من منافسيه فهو (قليل الدين ) أو ( رقيق الدين ).

بالهمس باللمس :

1 ــ ـ والشيخ الصوفى يهمس فى أذن المريدة بما يحلو له أن يقول بحجة إعطائها العهد وتلقينها أصول الطريق. وفى ضوء ما سبق لنا من جعل الزنا دينا وشريعة يمكن أن نتخيل ما كانوا يقولونه للمرأة وقتئذ .

2 ـ واللمس أهم ركن فى مبايعة النساء وإعطائهن العهد، وقبل العصر المملوكى ، كان ابن عربى يقول فى التائية :

ومالمست فى الكون كفا للامس                  سواها فلا تحجبك عنها بخمسة

  أى يرى أن اللامس والملموس هو الإله عندهم ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . وهو يطلب من اللامس أن يفهم ذلك ولاتحجبه عن الفهم أصابعه الخمس . أى أن لمس المرأة له أهمية بالغة فى العقيدة الصوفية .

3 ــ واتخذ الصوفية من لمس المرأة عادة فى الرقية ، فالنساء أكثر البشرية ميلا للخرافات وتصديقا لها، ومن الطبيعى إذا أصابها مرض أن تطلب الشفاء على (يد) شيخ صوفى يرقيها بالتعاويذ ، وعن هذا الطريق توافدت الكثيرات من النساء خارج نطاق ( المؤاخاة)..وكان اللمس بداية العهد وما يعنيه من مؤاخاة وتوبة بالمفهوم الصوفى .

  4 ــ وكان الشعرانى من المقصودين بالاعتقاد فى عصره ، وكان يكتب التعاويذ حتى لليهود والنصارى ، رجالا ونساءا ، وافتخر بذلك. وكالعادة نافسه أشياخ كثيرون فى هذا المجال ، فارتدى كعادته عباءة الفقه وانطلق يفتى لهم محذرا ومرشدا ، يقول:( وليحذر الشيخ إذا ظهرت بركته وشاع ذكره وصار الرجال والنساء يتبركون به ، أن يضع يده على بدن أجنبية حال رُقيته لها من مرض أو عين ونحو ذلك ، لاسيما من صار من أهل القرن العاشر الذين يقعون فى شهوات الدنيا كما يقع الذباب فى العسل )[2] .

أى كان صوفية القرن العاشر يقعون فى لمس النساء وما هو أبعد من ذلك ، كما يقع الذباب فى العسل بتعبير الشعرانى, .!  وطالما العسل متاح ومكشوف فلا نلومنّ الذباب .   وحقق الشعرانى غرضه ، فقد جعل من نفسه الناصح لغيره ، فبرأ نفسه فى الوقت الذى اتهم فيه صوفية عصره كلهم بالفجور واتخاذ رقية المرأة طريقة لانتهاك حرمتها .

5 ــ  وكرر الشعرانى حكاية الشيخ أبى بكر الحديدى الذى رأى الشيخ محمد العدل( يحسّسُ على بطن امرأة أجنبية لمرض كان بها، فصاح عليه : وديناه .! ومحمداه.!  الله أكبر عليك ياعدل ، فقال : والله ماقصدتها بشهوة ، فقال له ما أنت معصوم ، نحن ما نعرف إلا ظاهر السُنة)[3] . وكرّر الشعرانى هذه الحكاية فى كتبه ( الطبقات الكبرى ولطائف المنن ولواقح الأنوار) . وهذا يعنى الفخر بوجود شيخ صوفى عفيف هو أبوبكر الحديدى ، وهو أيضا يشى ويشير بأصابع الاتهام لبقية الشيوخ المعاصرين للشعرانى والمنافسين له ، وهم ( الذين يقعون فى الشهوات كما يقع الذباب فى العسل ).

 6 ــ   والشعرانى كالعهد به يكيل بمكيالين؛ ينقم على منافسيه من شيوخ عصره ، ثم هو متسامح إذا كان بعض شيوخه السابقين متورطا ، ويدافع عنهم بطريق خفى إذا أمكنه . فالشيخ الشويمى يدخل بيت شيخه مدين يحسس بيده على النساء ، فكن يشكين للشيخ مدين فيقول : حصل لكم الخير فلا تتشوشوا )[4]. أى جرى خير .! . أى أن بيت الشيخ مدين كان مكتظّا  بالنساء من مريدات الشيخ ، وأراد الشيخ الشويمى أن يحظى منهن بنصيب ، فتحرّش بهنّ ، وإنهمك فى ملامستهن بطريقة أجبرتهن على الشكوى منه للشيخ مدين ، فلم ينهر الشيخ مدين الشيخ الشويمى ، وإنما اكتفى بلمسه حانية للنساء الشاكيات يقول لهن : حصل لكم الخير فلا تتشوشوا . وبالتالى فبقية الحكاية معروفة .. حصل الخير لهنّ وله أيضا ..!

7 ــ  ومن هذا النوع المدمن للملامسة كان الشيخ على أبوخودة ، الذى أسهب الشعرانى فى مناقبه وكراماته ، وإفتخر بتحرشه العلنى بالنساء والصبيان حتى فى حضور الوالد أو الزوج ، ولا يتورع عن لمس مؤخراتهن ومؤخراتهم ، ومراودتهن ومراوتهم طلبا للزنا أو الشذوذ ، وبتعبير الشعرانى عن الشيخ أبو خودة : ( .. وكان رضى الله عنه إذا رأى امرأة أو أمرد راوده على نفسه ، وحسّس على مقعدته بيده سواء أكان ابن أمير أو ابن وزير ولو كان بحضرة والده أو غيره)[5]. . أى ولسان حاله يقول ( حصل الله لكم الخير فلا تتشوشوا)!!.ولنا أن نتخيل ما يمكن أن يحدث بعدها فى ظل سكوت ورضى الأب أو الزوج .!

طرق أخرى للإيقاع بالنساء :

1 ــ  وقد يكون الشيخ الصوفى عجوزا متصابيا أو دميما لا يحظى بإهتمام النساء فيتحايل على الإيقاع بهن عن طريق إعطاء التصريح للشاب الوسيم بإعطاء العهد للنساء ، ويتم ( اختلاط ) أولئك الشباب بالنسوة ، ويتم إيقاعهن ، وفى النهاية يصلن للشيخ الصوفى الكبير. وقد بدأ ذلك فى القرن الثامن ، وأنكره الفقيه الصوفى ابن الحاج فقال ( بعض مدعى المشيخة يعطى الإجازة للشبان المردان ، ولهم صور حسان ، فيتسلطون بسبب ذلك الكشف على حريم المسلمين فى بعض الأحيان والأماكن ، بسبب الاختلاط بهم من أجل الإجازات التى بأيديهم )[6].

2 ــ  وفى عصر الشعرانى توسع الصوفية فى اسناد شتى الكرامات لأنفسهم ، وبالتالى اتسع مجال التحايل على الفسق بالنساء ولو برضى الأزواج ، ويتمثل ذلك فى إيهام الزوج بأنه فى بيته كنزا مخفيا أو ( مطلب ) أى ( كنز فرعونى من الآثار الفرعونية ) التى شاع ان عليها طلاسم سحرية ، وإكتشافها يكون بالكرامات الصوفية . وطبعا لا يقدر على ذلك ولايعلم سر ذلك الكنز إلا الشيخ ، ويقتنع الزوج المسكين ويقبل راضيا طلبات الشيخ ، وقد يكون منه الفسق بالزوجة ، يقول الشعرانى عن شيوخ المطالب أو الكنوز : ( وبعضهم يقول للرجل عندك فى بيتك مطلب مايفتح إلا أن تخلى أجنبيا بامرأتك سبعة أيام وأكثر ، وينام ويصبح معها، ويخدمهما بنفسه ، ويطعمهما أطيب الطعام ، حتى يأتى لهما بالخمر ، وبعضهم يقول لايفتح إلا أن مكنتنى من زوجتك على باب المطلب ، ونحو ذلك).

ويفتخر الشعرانى كالعادة بنفسه ، وأنه أخذت عليه العهود ألا يفعل مايفعله الأشياخ الآخرون من تعلم السحر أو الكهانة أو التنجيم بالرمل والحصى ونحو ذلك[7]. أى كانت تلك الطرق كلها من وسائل التحايل للإيقاع بالنساء .



[1]
ـلطائف المنن 273: 274.ط دار الفكر، البحر المورود 342.

[2] ـ لطائف المنن 273: 274ط دار الفكر، البحر المورود 342.

[3] ـ الطبقات الكبرى جـ2/119 صبيح، لطائف المنن 321ط قديمة ، لواقح الأنوار 360..

[4] ـ الطبقات الكبرى للشعرانى جـ2/92 ط قديمة

[5] ـ نفس المرجع جـ2/122ط صبيح.

[6] ـ المدخل جـ2/205..

[7] ـ لواقح الأنوار375، 376.. 

اجمالي القراءات 18527