لن ندعو بالرحمة للملك السعودى عبد الله بن عبد العزيز

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٥ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

ورد هذا السؤال لى على الفيس بوك : ( وقع عليك الاختيارلاصدار فتوى لنا بايجاز الترحم وطلب الرحمه على عبدالله السعودى وهل تجوز ام نؤثم * وقد رفضنا اي فتوى تصدر من احد مشاخخ الازهر* ونريد فتوى لا نفاق فيها ولا مصلحه * نريدها خالصه لوجه الله ومن اجل هذا اخترناك وقصدناك بالاسم )

وأجيب بالآتى :

لن ندعو بالرحمة للملك السعودى عبد الله ، وذلك للأسباب التالية :

1 ـ هو الحامى الرسمى للوهابية الى آخر لحظة من عمره الذى جاوز التسعين, ونحن خصوم للوهابية . نحن خصوم . أحدنا على حق والآخر على الباطل . وموعدنا أمام الواحد القهار ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون . والخصم فى هذه الحالة لا يدعو لخصمه بالرحمة . ولكن من جانبنا ندعو الله جل وعلا أن ينصرنا على عدونا المعتدى ، فى الدنيا والآخرة .

نحن والوهابية خصوم فى الدين .  نحن نؤمن بأن الله جل وعلا وحده هو الشفيع والولى ، وأن القرآن وحده هو الحديث الذى نؤمن به ، وأن الاسلام هو دين الحرية والديمقراطية والعدل والاحسان والرحمة والسلام وهم يؤمنون بمحمد وليا وشفيعا ونصيرا ، ويؤمنون بأحاديث وغيره ، وأن كتابات ابن تيمية وابن عبد الوهاب من تشريعات الدين الواجبة الاتّباع . وهم يعتنقون دينا يبيح لهم الطغيان والاستبداد وسلب مقدرات الشعب واستباحة دمائهم وأموالهم وحُرُماتهم ، ونشر الخراب والارهاب والقتل باسم رب العزة فى ربوع الأرض .  الله جل وعلا فى إيماننا هو الواحد القهار مالك يوم الدين الذى لا مُعقّب لحكمه وكلماته . وهو الذى لا يشرك فى حكمه أحدا . أما هم فيؤمنون بإله منزوع السلطات يفرض عليه الاههم ( محمد ) رأيه ، ويظهر فى صورة شاب ( أمرد ) و يجلس على عرش كالبشر ، ويصدر حكما ثم يحذفه أو بزعمهم ( ينسخه ).

 نحن نؤمن بكل الرسل ولا نرفع خاتم المرسلين فوق الرسل السابقين ولا نفاضل بينهم ولا نفرق بينهم ، فذلك مرجعه لرب العزة يوم الدين، ونقول ( سمعنا وأطعنا ) . نحن بأن محمدا بشر مثلنا يُوحى اليه ، وأنه لا يعلم الغيب ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا . وأن وظيفته الوحيدة هى التلبيغ ، والتى تعنى تعليم الكتاب الذى هو الحُكم والحكمة و الانذار والتبشير ، ونؤمن أنه عليه السلام قام بتبليغ الرسالة وهى القرآن وحده . و هو الذى كان يتبع القرآن فى حياته ، وكان القرآن ينزل يؤنبه وينبهه على خطئه . وأنه يوم الدين سيتبرأ ممن كذبوا عليه بتلك الأحاديث التى بها إتخذوا القرآن مهجورا .  أما هم فيؤمنون بشخصية الاهية أسموها ( محمد ) تتناقض مع الشخصية البشرية التى جاءت فى القرآن الكريم عن خاتم المرسلين ، وهى شخصية تجمع بين الوحشية ( قتل الأسرى و إغتيال المعارضين ) وغزو المسالمين ، والاغراق فى التمتع الجنسى  والفحولة الجنسية الفائقة ، والكلام المتناقض ، وأنه لم يقم بتبليغ كل الرسالة فترك ما أسموه ( السُّنّة ) لكى يكتبها بعده آلاف البشر بملايين الأحاديث المختلفة والمتناقضة والخرافية ..  

ويوم القيامة سيفصل الله جل وعلا بين الخصمين ، فيكون أحددهما فى النار ، وألآخر فى الجنة ، يقول جل وعلا :( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)) الحج ).

ولأننا خصوم  لهم،  وأحدنا فى الجنة والآخر فى النار فلا ندعو لهم ولا نريد منهم أن يدعو لنا . هذا هو حال الخصوم .

2 ـ خصومتنا لهم فى الدين تمنعنا من الدعاء لهم بالهداية فى الدنيا . فى رأينا أنهم وصلوا الى مرحلة إضلال الناس ،والله جل وعلا  لا يهدى الذى يحترف الإضلال ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)  النحل ) فهم الذين أنفقوا مائة بليون دولار  فى نشر الوهابية التى تسببت فى سفك دماء الملايين فى العالم ، وشوهت إسم الاسلام العظيم وجعلته متهما بالارهاب . هم الذين سرقوا بترول الأحساء الذى يملكه أهل الاحساء ، ليس هذا الجيل بل كل الأجيال الى قيام الساعة ، وأنفقوه بذخا وترفا و نشرا للفساد وصدّا عن سبيل الله جل وعلا يبتغونها عوجا ، ونتذكر هنا قوله جل وعلا فى شأنهم وشأن أمثالهم  : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)  الانفال  )

3 ــ خصومتنا لهم فى الدين تمنع حتى من الدعاء لهم بالهداية فى الدنيا . إذ وصلوا الى مرحلة ( الطاغوت ) ، أى يجمعون بين الطغيان السياسى والطغيان الدينى القائم على اللإكراه فى الدين ، والجمع بين نوعى الطغيان هو ( الطاغوت ) . ونحن مأمورون بإجتناب الطاغوت ، وليس بالدعاء له بالرحمة . وفى كل رسالة سماوية نزل الأمر بإجتناب الطاغوت الذى يُعادى دين الله جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) النحل ) كان هذا قبل عصر النبى محمد ، ثم كان فى عصره ، لذا قال جل وعلا له عليه السلام فى الأية التالية ألّا يحرص على هداهم لأن الله جل وعلا لا يهدى من يُضلُّ:( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) النحل  ).

كونهم ( الطاغوت ) فى هذا العصر يجعلنا نكفر بهم وبدينهم إستمساكا بالعروة الوثقى ، وإكتفاء بالله جل وعلا وليا لا ولى معه ولا ولى غيره ، وإستمساكا بالقرآن الكريم وحده حديثا ، لأنه به وحده يخرجنا الله جل وعلا من ظلمات الضلال الى نور الهداية . ولا يمكن الجمع بين دين الحق ودين الطاغوت ، يقول جل وعلا : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) ) البقرة ).

ولا بد من الإختيار بين واحد من الإثنين : إمّا الحق القرآنى وإمّا الطاغوت ، ولا يمكن أن ينتمى فرد الى الإثنين معا ، وإن فعل فهو فى الحقيقة مع الطاغوت لأن المؤمن صحيح الايمان لا بد أن يجتنب الطاغوت ، يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18) الزمر  )

كونهم الطاغوت فى هذا العصر دليله ما نشرته الوهابية من حروب ومذابح منذ قيام الدولة السعودية الأولى 1745 الى سقوطها عام 1818 ، ثم إستمر سفك الدماء فى الدولة السعودية الثانية ، وجاءت الدولة السعودية الثالثة الراهنة فنشرت المذابح فى الجزيرة العربية والشام والعراق ، وبعد ظهور البترول نشرت الأسرة السعودية الوهابية فى أرجاء العالم فتسببت فى تقسيم الهند الى الهند وباكستان ، وأقام الباكستانيون الغربيون الوهابيون مذابح فى باكستان الشرقية ( البنجال ) لأنهم صوفية وليسوا وهابيين ، وبسبب تلك المذابح التى تسببتفى قتل أكثر من ثلاثة مليون شخص برىء قامت حرب بين باكستان الشرقية وباكستان الغربية نتج عنها  تحرر باكستان الشرقية وانفصالها تحت إسم ( بنجلاديش ) وظلت باكستان ( الغربية ) الوهابية تنفث سمومها ، ومنها جاءت طالبان . والقاعدة ، وأم الشرور هى الأسرة السعودية الوهابية . والملك عبد الله كان راعى الوهابية هو الذى شهد عصره ظهور داعش الوهابية وتدمير العراق وسوريا وليبيا وفشل الربيع العربى ، كل هذا بتمويل عبد الله السعودى الوهابى . الوهابية السياسية تجعل الوهابيين الجُدُد يثورون على الأسرة السعودية أم الارهاب ومحور الشّر . هو خلاف سياسى وليس بالخلاف الدينى . هو خلاف يتحول الى مذابح يقتلون فيها بعضهم والآخرين . وهذه هى حقيقة العلاقات بين السعودية وكل من خرج من عباءتها من تنظيمات سياسية كالاخوان والقاعدة وداعش .

هذا الطاغوت يجعل أتباعه يقاتلون فى سبيل الشيطان إعتداءا وارهابا وقتلا للأبرياء كما يفعل الوهابيون اليوم  بكل فصائلهم منذ ظهورهم فى الدولة السعودية الأولى وحتى الآن . وهذا هو الفارق بين القتال الدفاعى فى الاسلام وقتال البغى فى شريعة الطاغوت ، يقول جل وعلا  فى تشريع القتال الدفاعى ضد إعتداء أتباع الطاغوت : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76)  النساء  ).أتباع الطاغوت يؤمنون بشريعة شيطانية تأمر بقتال الناس لاكراههم فى الدين، تقول: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا  ) ، أما المسلمون المتقون فهم يطيعون شريعة ربهم جل وعلا فى القتال الدفاعى الذى لا يبدأ بقتال أحد ولا يعتدى على أحد : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)  البقرة ).

المؤمنون حق الايمان لا يحتكمون الى الطاغوت لأنهم مأمورون بالكفر به : (  ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60)) النساء ) المؤمنون لا يبتغون غير الله جل وعلا حكما فى كتابه الكريم ، إقتداءا بخاتم المرسلين : ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) ) الانعام ).

أصحاب الطاغوت وأولياؤه هم الذين يحادُّون الله ورسوله ، والمؤمن بالله جل وعلا واليوم الآخر منهىُّ عن يحتفظ فى قلبه بوُدّ ومحبة لمن يحادد الله ورسوله ، يقول جل وعلا : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ )(22) المجادلة ). فكيف يدعو المؤمن بالرحمة  للطاغوت وكبير الطواغيت ؟ 

4 ــ فرعون موسى كان الطاغوت الأكبر, فقد جمع بين الاستبداد السياسى والاستبداد الدينى والاكراه فى الدين وقتل الأبرياء وارهاب شعبه . وكان فرعون يزعم أنه يملك طريق الرشاد (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)  غافر ) . لذا قال عنه مؤمن آل فرعون : (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر  ).  وأهلك الله جل وعلا فرعون وآله وقومه ، وجعلهم بعد موتهم أئمة يدعون الى النار : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) القصص ).

وعلى ( دأب آل فرعون ) سار ويسير فى كل عصر مستبدون جمعوا ويجمعون بين الاستبداد السياسى والاستبداد الدينى ( الطاغوت ) ، منهم مشركو قريش فى عهد النبوة ، وقد قال عنهم رب العزة جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) آل عمران  ) ويقول عن إنفاقهم الأموال فى سبيل الصذّ عن سبيل الله جل وعلا : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) آل عمران  ). وهذا بالضبط هو حال الطاغوت السعودى فى عصرنا .

ومصيرالطواغيت عند الموت أن تضربهم ملائكة الموت على وجوههم وأدبارهم وتبشرهم بعذاب الحريق يوم الدين ، يقول رب العزة جل وعلا عنهم عند الاحتضار : (  وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51) الأنفال ) ونعرف أن هذا حدث لفرعون بكل طاغوته ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52)  الانفال ). وبالتالى حدث لطاغوت مات منذ أيام وسار على دأب فرعون ، وكان فرعون إماما له فى الاستبداد والفساد وفى سفك الدماء .

5 ــ هناك طواغيت ماتوا شبابا على كفرهم وطغيانهم . منهم خلفاء أمويون وعباسيون وفاطميون وعثمانيون ، ماتوا قتلا أو من إنهماكهم فى الملذات والمجون . وهناك طواغيت بلغوا أرذل العمر ، وماتوا وقد تجاوزوا الثمانين . ومنهم هذا الطاغوت السعودى الراحل عبد الله بن عبد العزيز . عاش ردحا من الزمن ، وسمع بالحق القرآنى يُقال فاستخدم نفوذه فى إضطهاد من يدعو الى الاحتكام الى كتاب الله ، وأنفق أمواله فى الصّدّ عن سبيل الله ليجعلها عوجا ، فأصبحت عوجا ، وإمتلأت فى عهده وبتدبيره وسعيه شوارع الشام والعراق وليبيا وتونس بالدماء والأشلاء . كان لديه وقت ليتوب ويعتبر ويُصلح ، ولكنه ظل الى آخر لحظة مستمتعا بطاغوته .

 يوم القيامة سيكون أولئك الطواغيت أئمة فى النار يصطرخون فيها ، لا أمل لديهم فى حياة ولا موت ولا خروج من النار ولا تخفيف من عذابها . يقول جل وعلا عن عذابهم الأبدى الخالد : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) فاطر ) ويقول جل وعلا بعدها عن صراخهم أو إصطراخهم من العذاب وندائهم بالخروج لكى يعملوا صالحا غير العمل السىء الذى كانوا يعملونه فى الدنيا : ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ): ويأتيهم الرد بأنهم قد عاشوا عمرا يتيح لهم التذكر لو أرادوا ، وجاءهم النذير ، فإضطهدوا النُّذُر ، إذن فليذوقوا العذاب الذي يستحقونه بظلمهم وما للظالمين من نصير، يقول جل وعلا فى الرد عليهم :  ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) فاطر)

السؤال هنا : ألم يكن عبد الله بن عبد العزيز ظالما  ؟ إنّ الظلم يتجلى فى البلايين التى سلبها من بترول لايملكه ولا حقّ له فيه ، ومن أضطهاد أصحاب البترول شيعة الأحساء فى دينهم ، وفى مصادرة أبناء الجزيرة العربية حقوقهم السياسية والاجتماعية ، وتحويلهم من أحرار الى ( سعوديين ) أى ممتلكات للأسرة السعودية ، وجعل إسم عائلته وشما بعبودية أبناء الجزيرة العربية .  ليس فى العالم كله دولة تتسمى بإسم أسرة سوى السعودية ،  وليس فى العالم كله شعب يعيش تحت رحمة أسرة يحمل إسمها كرها سوى شعب الجزيرة العربية فى حدود هذه الدولة السعودية . وقليلة هى دول الطاغوت التى ينفرد طاغوتها بالسطة والثرة ويتحكم فى مصير الملايين بكلمة تخرج من فمه . أصبحت فى عصرنا الراهن بضع دول ، منها السعودية وكوريا الشمالية .

ورث عبد الله بن عبد العزيز هذا الظلم تقليدا سياسيا ودينيا لأسرته الوهابية فحافظ عليه حتى مات فوق التسعين . مات ظالما حتى لبعض بناته اللاتى حبسهن فى قصر من قصوره . عاش طويلا ولم يتعظ ولم يتذكر . ، والله جل وعلا ينهانا عن الركون والثقة بالظالمين ، يقول جل وعلا : (  وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (113) ) هود ) . وأظلم الناس هو الظالم الذى يستخدم الاسلام فى تبرير ظلمه . من لا يراه ظالما فهو ظالم مثله ، من يدعو له بالرحمة فهو نصير له فى ظلمه . 

لا أدعو له بالرحمة ، بل أرجو أن ينطبق عليه قوله جل وعلا : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) فاطر  )

ودائما : صدق الله العظيم

اجمالي القراءات 12413