الحرية الينية
ما أعنيه بالتطفل على الدين

عبد الغاني بوشوار في الأحد ١١ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ما أعنيه بالتطفل على الدين

  هذا ردي على الدكتور أحمد صبحي منصور وعلى الذين لم يفهموا المقصود بخصوص مقالتي التي دعوت فيها لوضع حد للمتطفلين على الدين. ولو سمح لي الدكتور أحمد الذي أكن له كل التقدير، وهو السموح دائما،بودي شرح ما أعنيه بالتطفل على الدين.

أولا وقبل كل شيء، فإنني لا أناقش الحرية الدينية أبدا وكيف لي ذلك ورب العزة يضمنها للجميع(لا داعي لسرد كل الآيات القرآنية التي تحث على ذلك) علاوة على اتفاق جميع أمم الأرض عليها في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها كل الدول التي يتكون منها المجتمع الدولي، بالرغم من اعتراض بعض الأفراد عليها.

ثانيا، إن ما يقوم به أي شخص بمفرده في خلوته بعيدا عن الناس وما قد يختلج في نفسه من أفكار واعتبارات وتأمل، فهو حر حرية مطلقة ولا يمكن أن يحاسبه في ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، فإنه يستطيع، مثلا، أن يقرأ القرآن ويتأمل فيه مليا ويفهمه كيف ما شاء ويسطر على الكلمات ويذهب إلى الكتب بجميع اللغات للنظر في التأويلات المختلفة وتفسيرات الآخرين وبإمكانه انتقاد ما لم يستسيغه ولم يتفق مع فهمه وميولاته ومع مستواه العقلي ونضجه الفكري. وزيادة على هذا، فلا يوجد قانون إلهي ولا بشري يجرم كل هذا ولا أحد يمكن مصادرة هذا الحق في الحرية ولو ذهب به تأمله إلى رفض الدين كله بل حتى لو ذهب إلى الإلحاد وهو في قرارات نفسه مقتنع بما يتهيأ له أنه الصواب.

الامر في الدين أخطر من كل هذا إذا اعتبرنا الدين كمسألة اجتماعية تهم تصرفات وسلوك بني البشر في علاقاتهم فيما بينهم. أما فيما يتعلق بعلاقاتهم مع الله جل وعلا، فهو كفيل بها وهو بصير بعباده ويعلم ما تخفي الصدور.

وهنا يتجلى مفهوم التطفل  على الدين والتدخل فيما لا يعني المرء ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه، إذ كيف يعقل أن يذهب فرد من الأفراد إلى الثقة بنفسه على أن ما يخطر بباله يرى من الواجب فرضه على كل الناس ولو اقتضى ذلك حمل السلاح لإرغام العباد على رؤيته وفهمه وتأويله وتطبيقه للنصوص الدينية حتى في الحالات التي تختلف فيها الآراء والتفسيرات؟ قضية الآخرين قضية مقدسة وحملهم على ما قد يتهيأ للأفراد أنه الصواب هو مكمن التطفل عليهم ومصادرة حقوقهم في التفكر وفي الحرية الدينية التي يثمنها كل الذين ألهمهم الله الصواب.

التطفل على الدين، أي دين كان، وإن كان الدين كله لله وهو الإسلام منذ بداية الخلق، هو ارغام العباد، ولو بالقوة، على اتباع وتطبيق فتاوي الذين يصادرون حقوق العباد في التفكر واستنتاج الأوامر الالهية من النصوص المقدسة وهي لدى الجميع حق فيعترف بها المفتي المتطفل لنفسه ويمنع الآخرين من هذا الحق. هذا هو التطفل الذي أتحدث عنه. الأمثلة كثيرة لا تحصى ومنها فتاوي حرمان الموسيقى وحلق اللحية ومنع التعليم على الإناث والدعوة  إلى زواج القاصرين واقتناء الجواري وفرض أنواع اللباس والجزية، واستعباد وتكفير من يعتبرونه خارج الدين ويشكون في إيمانه حسب تقييمهم لمفهوم الإيمان, هذا هو نوع التطفل الذي تحدثت عنه ويا حبذا لو تجند الجميع لوضع حد له حتى يتمتع الجميع وحتى لا تصادر حريتهم في التفكر في آيات الله وسر وحكمة إرادته التي لا إرادة فوقها، ولقد قصدت المسيحيين واليهود والمسلمين وكل من يؤمن بالله العزيز القهار خصوصا من قبل من لم يؤت من العلم إلا قليلا وهم كل البشر وأنا أولهم.

 الدكتور عبد الغاني بوشوار-باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية_أكادير

اجمالي القراءات 4088