مبدأ الحوار في القران الكريم

سيد رضا الموسوي في السبت ٢٧ - ديسمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

مبدأ الحوار في القران الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

في هذه المقالة البسيطة سنحاول  وبتوفيق من الله تعالى ان نتناول  اسلوب مهم جدا في حياتنا اليومية وهو فكرة التحاور بين الناس مهما اختلفت انتماءاتهم وتشعبت مشاربهم وميولهم المختلفة ولو تدبرنا كتاب الله الكريم لوجدنا ان الله تعالى اصل لهذه الفكرة في كتابه الكريم وسنبين ذلك ان شاء الله تعالى من خلال بعض الايات القرانية :

قال تعالى((قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ [الأعراف : 12]

نلاحظ في هذه الاية الحوار بين الله جل وعلا وأبليس وقطعا هذه الحوار انما وجد من احلنا نحن والا فالمولى عز وجل وهو تعالى((.........وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة : 29] يعلم ماسيفعل ابليس قبل ان يأمره ولكنه تعالى يسأل ويحاور ابليس لينطق ابليس بالاسباب التي ادت الى عصيان امر الله تعالى ويعلل عصيانه بأصل الخلق وانه خلق من نار وادم خلق من طين .

قال تعالى ((قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ [صـ : 75]

في هذه الاية يرسخ المولى لنا فكرة الحوار اضافة الى انه عز وجل يخبرنا بأهم امراض ابليس وهو مرض (الكبر او مرض العلو ) وهذا المرض الاخير (العلو)اصيب به فرعون لقوله تعالى((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [القصص : 4]

وهنا رسالة الى كل الحكام ان عليهم ان لايصابوا بهذا المرض الخبيث عن طريق التفرقة بين ابناء الشعب وتفريقهم جماعات للسيطرة عليهم واستضعاف طائفة منهم بأعمال ارهابية من ذبح الابناء واستحياء النساء مما يؤدي الى الفساد في الارض وهذا ان كان الحاكم شرعيا منصبا من قبلهم فما بالك بمن يغزو بلاد امنه  لاتمت له بأي صلة ولم يصدر منها اي عدوان عليه ويقتل ويسلب وينهب الثروات ويسبي النساء والاطفال بهمجية العصور القديمة .

قال تعالى((قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً [الكهف : 37]

هنا القصة معروفة في سورة الكهف والشخص المؤمن هنا يحاور صاحبه ( صاحب الجنتين ) ويبين له كفره (اي تغطيته للحقائق الالهية)(لانه عندما دخل بستانه قال ما اظن ان هذا البستان سيبلى او يفنى الى الابد )فهو بذلك اشرك بالله لانه تعالى وحده الباقي ولا سواه  الابدي السرمدي .ويذكره بربه الذي خلقه على عدة مراحل الى ان اصبح رجلا فهو يقدم له الحجج والادلة بحوار منطقي وبالتي هي احسن .

قال تعالى((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة : 1]

في هذه الاية يوضح لنا رب العزة ان الجدال(مذموم)(اذا كان  بدون منطق وحوار هادي واسلوب سلس )ونلاحظ ان الرسول الكريم (ص) بحكمته وسعة صدره وحجته القوية الحقة واسلوبه السلس المهذب قد قلب ذلك الجدال الى حوار .

قال تعالى (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل : 125]

هنا الجدال ممكن ان يؤدي الى الحوار اذا كان يستخدم مواصفات الحوار التي ذكرناها والتي اتصف بها رسول الله (ص).

اجمالي القراءات 8630