التاريخ قد يُعيد نفسه

سامح عسكر في الجمعة ٠٧ - نوفمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

سمعنا عن.."عقدة الخواجة"..أو ما نعرفه بُعقدة النقص تجاه كل ما هو أوروبي وأمريكي..حتى أن التميز الغربي لم يقف عند حدود التجارة والصناعة والثقافة بل تعداه إلى الأخبار .

فأصبح الخبر من مصدر أوروبي هو ثقة

قالت صحيفة لوفيجارو الفرنسية أو الأندبندنت البريطانية أودير شبيجل الألمانية..

غالباً ما تكون هذه الصحف لدينا مصدر ثقة ،والسبب أننا نعاني من عقدة نقص حضارية أنتجت لدينا إنساناً معدوم الثقة تجاه كل ما هو حضاري..

بالمناسبة كان هذا هو الوضع قديماً بعد وفاة الرسول

أي كان العرب يُعانون من عقدة نقص تجاة حضارات الشام والعراق شمالاً، واليمن جنوباً والفرس شرقاً ومصر غرباً....

ومثلما نصدق أخبار الصحف الأوربية والأمريكية باعتبارها مصادر إخبارية تحمل معاني الحضارة...وقع العرب في فخ تصديق كل أخبار الحضارات المحيطة بهم، فعندما يأتي راوي فارسي أو يمني فهو ثقة، أو راوي عراقي لا يُرد له خبر، هذا غالباً ما كان يحدث، نعم يوجد استثناءات ..لكنها قليلة إذا ما لاحظنا أن عمليات التدوين والتاريخ وأكثرية الرواة و المحدثين والمؤرخين كانوا من غير العرب.

بتوضيح أكثر فمدرسة اليمن الإخبارية كان يتزعمها.."كعب الأحبار ووهب بن منبه"..وكلاهما يهوديين يمنيين استطاعا التأثير في العرب وإدخال علوم وأخبار لا زالت تُردد حتى الآن باعتبارها أحاديث نبوية.

كذلك فمدرسة الفرس التي نهلت من الديانة الزرادشتية وأثرت في العرب حتى أدخلت علوماً وأخباراً زرادشتية محضة، من هذه العقائد الزرادشتية التي نقلتها مدرسة الفرس –كمثال- هي عقيدة المعراج، فالنبي زرادشت هو الذي روي عنه الصعود إلى السماء السابعة، ولا زالت نقوش هذه العقيدة باسم الطائفة الزرادشتية مسجلة على الألواح.

كذلك فالمدرسة المصرية القبطية بتاريخها الفرعوني أسهمت مع مدرسة اليمن اليهودية في إدخال عقائد عذاب القبر والمسيخ الدجال وغيرها من خرافات هذه الشعوب حينها، بينما العرب لم يكونوا لهم أي علم بحياة في القبر إبان الجاهلية حتى نستنتج أن فكرة الحياة في القبر كانت عربية.

هذا ما كان يحدث قديما

والمتأمل في العصر الحالي ومدى الانحطاط الحضاري الذي نعاني منه تجاه حضارة الغرب.. سنفهم كيف للعرب قديماً أن ينظروا إلى الشعوب الأخرى التي انفتحوا عليها بنفس الرؤية، وكما نحن نصدق صحيفة لوفيجارو أو نيويورك تايمز خُدع العرب قديماً وصدقوا صُحف كعب الأحبار ووهب بن منبه، حتى أن ابن شهاب الزهري لم يكن عالماً يُذكر عندما كان في المدينة، أما عندما هاجر لدمشق أصبح من أكابر علماء الحديث بل هو أهمهم في عصره على الإطلاق.

معلومة: العرب في زمان النبي كانوا من البدو لا يعرفون شيئاً من العلوم إلا الشعر، أما الفلسفة والمنطق والكيمياء والفلك والطبيعة وعلوم النبات والحيوان وغيرها من العلوم كانت حكراً على أهل الحضارة في محيط شبة الجزيرة العربية، ويعتبر النبي في حياته كان مصدراً للعلوم والمعارف، وبعد موته انقطع هذا العلم وبحثوا عن مثيله فلم يجدواً إلا عند الأمم الأخرى.

وهذا هو السبب الأصيل في التباين والتعارض الواضح بين كتاب الله المنزل على محمد وبين الأحاديث وراويات التاريخ ، لأن ثقة العرب "اللامتناهية"في حضارات القوم جعلتهم يعتقدون بأنها مكملة لما جاء به القرآن.

بالضبط كما نتوهم أحياناً أن معارف وأخبار الغرب هي مكملة للدين الإسلامي دون تمييز، لأنه ليست لدينا القدرة على البحث أو الانطلاق نحو المعرفة، قدراتنا الذهنية ضعيفة للغاية وكم الأخطاء المنطقية رهيب، وعقدة النقص ملازمة حتى للأطفال...
 
اجمالي القراءات 5992