مائة يوم على حكم السيسى

مجدي خليل في الأحد ٢١ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

مائة يوم على حكم السيسى

مجدى خليل

جرت العادة فى الدول الغربية على التقييم الأولى للرؤساء فى الحكم بعد قضاء مائة يوم،وطبعا هذه مدة قصيرة جدا  للتقييم ولكنها فى النظم الديموقراطية تعتبر مؤشرا لإتجاهات الأداء والخطوط العريضة للأفكار المطروحة من الحاكم،ومدى الجدية فى التحرك نحو تطبيق برنامجه الأنتخابى. أما فى دولة خارجة من ثورتين وفوضى زادت على ثلاثة سنوات ومازالت أثارها باقية فأن التقييم بعد مائة يوم سيكون بكل المقاييس أقل موضوعية ،ومع هذا فأننا نستطيع أن نلقى بعض الضوء على مؤشرات التفكير للرئيس الجديد، وأيضا نعرض مؤشرات الأختبار الحقيقى لحكمه التى ستخضع للتقييم الدورى من المتخصصين بعد كل عام من رئاسته.

فى تقديرى هناك مؤشرات إيجابية وتوجسات سلبية بعد مائة يوم من حكم السيسى.

بالنسبة للمؤشرات الإيجابية هناك تحسن تدرييجى ملحوظ فى عودة الأمن والاستقرار إلى الشارع المصرى،وهناك جدية وسرعة وحماسة فى تحركات الرئيس،وهناك طموح قومى يتمثل فى طرح عدد من المشاريع العملاقة التى أتمنى أن تكون قد تم دراستها من جميع جوانبها،وهناك خطاب وطنى أكثر حميمية أرتفع بسقف الآمل لدى الشعب،وهناك احساس لدى المواطن بوجود زعيم قوى وإرادة سياسية وطنية للتغيير،وهناك أهتمام باحتياج مصر لإستشارة علمائها تمثل ذلك فى تأسيس المجلس الأستشارى لعلماء مصر،وهناك الخطوات الشجاعة التى اتخذت مثل رفع الدعم  جزئيا عن الطاقة وتنظيف وسط مدينة القاهرة من الباعة الجائلين ووضع سقف للحد الأعلى للأجور فى الجهاز الحكومى ب 42 الف جنيه شهريا وأيضا التوجه نحو روسيا لفتح صفحة جديدة توازن العلاقات المصرية الأمريكية،وكذلك دور مصر الفاعل فى التعامل مع أزمة غزة. من الإيجابيات أيضا تحسن تدرييجى فى أداء الأقتصاد المصرى رغم التحديات الجسام التى تواجه مصر،وهناك لقطات إنسانية اثلجت صدر الناس مثل زيارة الرئيس للفتاة المغتصبة  وبعض اللقطات الإنسانية الأخرى.

من الناحية المقابلة هناك توجسات ومخاوف لدى الناس يتصدر هذه الهواجس الخوف على الحريات العامة والشخصية،وتوجس من ناحية دولة القانون، وتوجس من أرتفاع نغمة التخوين الوطنى،وتوجس من أستمرار الفساد الضارب فى عمق هيكل الدولة،والخوف من عودة الإستبداد، وتوجس من عودة مافيا الحزب الوطنى،وتوجس من سيطرة المؤسسة العسكرية على مقدرات البلاد، وتوجس من عودة التيار الإسلامى عبر ما يسمى بالمصالحات أو من خلال احلال السلفيين محل الأخوان أو عبر المزايدة الدينية من الدولة على التيار الدينى كما كان يحدث فى عهد مباررك،وتوجس من تقليص دور المجتمع المدنى، وخوف على الدولة المدنية التى خرج المصريون فى 30 يونيه لحمايتها،وتوجس من عدم تحقيق حلم المصريين فى العدالة الاجتماعية وتوفير حد أدنى للحياة الكريمة،وتوجس من عودة جهاز الأمن وممارسات الدولة الأمنية  عبر حزمة إجراءات  وممارسات غير دستورية تهين المواطن بدون مساءلة،وتوجس من أستمرار تدهور ملف الوحدة الوطنية على نهج السادات ومبارك،وتوجس من أستمرار سياسة القوة والبلطجة والخطف والأتاوات،وتوجس من عدم القدرة على إصلاح ملفى التعليم والخطاب الدينى.

هناك أيضا توجس من أن تكون توجهات النظام الجديد هى الأعتماد على اقتصاد المعونات والتبرعات على حساب تشجيع قطاع الأعمال وتذليل العقبات لجذب الأستثمار الأجنبى وتشجيع الأسواق وتحفيز النمو،أو أن يكون أتجاه النظام نحو روسيا على حساب العلاقات مع الغرب مما سيؤدى حتما إلى اضرار بالغة على الأقتصاد المصرى ووضع مصر الدولى، أو أن يتورط الجيش المصرى فى حروب لصالح دول الخليج التى تبرعت لمصر بسخاء من آجل هذا الغرض.

رغم كل هذا فأن المائة يوم الأولى من حكم الرئيس السيسى تصب فى صالحه، وقد ظهر ذلك جليا فى تقبل الناس لقرار خطير مثل رفع دعم الطاقة أو تكرار أنقطاع الكهرباء، أو من خلال الأقبال الشعبى الكبير على الاكتتاب فى مشروع قناة السويس ،وأيضا تمثل فى دعم السيسى المتواصل فى مواجهة خصومه من الاخوان..وأخير فى أستمرار شعبية الرئيس المرتفعة بين المصريين فى الداخل والخارج.

الرئيس السيسى محظوظ لأنه يقارن برئيس سابق متخلف وسيئ وهو محمد مرسى،وبفترة  حكم مجلس عسكرى فاشل ومتخبط،وبرئيس مؤقت كان حذرا فى أتخاذ أى قرار قد يحسب عليه وهو عدلى منصور.ِ

نحن نتمنى أن يأخذ الرئيس توجسات المصريين ومخاوفهم على محمل الجد خاصة وأن الشعب يؤيده ويسانده بقوة، والجيش يقف خلفه، ومؤسسات الدولة بدأت تعود للعمل فى تناغم،وهذه كلها أمور تجعل ممارسة الحكم أسهل، حيث تحولت الأغلبية إلى ظهير سياسى يساند الحكم الجديد على آمل بناء مصر جديدة بعد ثورتين تطلع المصريين خلالهم إلى التغيير الجذرى لبلدهم.

اجمالي القراءات 7511