المرأة.. والمفهوم الأفيوني للدين

عمرو اسماعيل في الأحد ٠٤ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كلما قرأت مقالات بعض الأخوة ممن يحسبون أنفسهم على التيار الإسلامي ومن خلال متابعتي لبرامج الدعوة الإسلامية، اتضح لي أن المرأة من حيث أنها رمز جنسي ورمز للعرض والشرف هي أهم كثير في ثقافتنا ووجداننا نحن رجال هذا الوطن الأشاوس من قضايا أخرى كالوطن نفسه والحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان.. فالضجة التي أثارتها تصريحات وزير الثقافة بشأن الحجاب وما حدث في مجلس الشعب وما تبعها من مظاهرات قد تكون أكثر من الضجة التي من الممكن أن تثيرها أي قضية أخرى &atildve; من قضايانا الملحة من انعدام الديمقراطية أو الظلم الاجتماعي وحتى الهجمة الاستعمارية الأخيرة علينا.
قد أكون مخطئا ولكني أعتقد أن المرأة قد استخدمت دائماً وبنجاح منقطع النظير من قوى القهر والاستبداد والرجعية الاجتماعية لتخويف عامة الرجال الذين تسيطر عليهم أسطورة الذكورة وتفوقها من الديمقراطية بحجة أنها ستجلب معها الفساد و الانحلال الأخلاقي الذي هو دائماً مرتبط بالمرأة وعورتها، وبالتالي تبعث هذه القوى الخوف في نفوس الرجال من فقدان سيطرتهم على نسائهم أن هم قبلوا الديمقراطية وقبلوا حرية الرأي والتعبير.. مما يجعلهم أكثر تقبلاً للديكتاتورية وأقل كفاحاً في سبيل الحرية والديمقراطية.. ولا أدري لماذا ندمن حكايات النساء التي تبيع أجسادها ولا نتذكر الرجال الذين يبيعون ضمائرهم وأقلامهم لمن يدفع أكثر وهي في رأيي دعارة فكرية وفساد أخلاقي أشد أثراً وهدماً للمجتمع من فساد عاهرة أو راقصة.
لماذا لا نتذكر النساء اللاتي حققن النجاح باستخدام عقولهن ونتذكر دائما النساء اللاتي يستعملن أجسادهن سواء اعجاباً أو لعناً..
أني أتفق تماماً مع الرأي القائل أن وضع المرأة هو ميزان تقدم الشعوب والأمم والحضارات، ولذا أهيب بالمرأة أن تنتشلنا من مستنقع التخلف الذي نعيش فيه فقد فشلنا نحن الرجال.
إن المرأة العربية إذا ثارت مطالبة بحقوق المساواة كاملة مع الرجل وحصلت على هذه الحقوق ستسحب البساط من تحت أقدام دعاة التخلف والردة الاجتماعية، ستسلبهم السلاح الذي يتحكمون به في عقول الغلابة من الرجال الذين تتحكم فيهم أسطورة الذكورة الكاذبة.
لا أدرى لماذا لا تصر المرأة وتتظاهر مثلما تظاهرت من أجل الحجاب لكي تحصل على كافة حقوقها المنصوص عليها في المواثيق الدولية التي كانت الدول العربية من أول الموقعين عليها، فها هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في مادته السادسة عشر أن المرأة لها نفس حقوق الرجل في الزواج وعند انحلال هذا الزواج، للرجل والمرأة متى أدركا السن القانونية حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد ولهما نفس الحقوق المتساوية لدى التزوج وخلال الزواج ولدى انحلاله.. كما أن الزواج لا يعقد إلا برضى الطرفين دون إكراه، فهل تحصل المرأة على هذه الحقوق في الزواج في معظم الدول العربية... هذا عن الزواج، فماذا أيضاً عن حقوقها في الدراسة والعمل وحقها في البحث عن سعادتها وتحقيق ذاتها وحقها في العمل السياسي والترشيح للمجالس النيابية، بل وحقها أن تصبح قاضية أو وزيرة أو حتى رئيسة للدولة.. هل تحصل المرأة على هذه الحقوق في غالبية الدول العربية ... ألا تغضب المرأة من الرجل الشرقي؟ ذلك الرجل الذي ينظر لها كمخلوق أدنى ثم يحاول أن يقنعها أن هذا من الدين فتتبعه ولا تطالب بأبسط حقوقها المسلوبة في كل الدول العربية والإسلامية.
وعندما كتبت سابقاً عن حرية المرأة وحقها في المساواة ومنها مقال وضعته في إطار ساخر واسميته.. تخاريف.. المرأة هي الحل.. وصلتني ردود وتعليقات أبسطها تتهمني بالعته والخروج من الملة واحتوت على العجب من النصوص الدينية والتراثية سأحاول أن أنقل لكم أكثرها فكاهة ولكن قبل ذلك أقول للمرأة العربية أنه لا أمل لها في الحرية والمساواة وعدم الاضطهاد في ظل الثقافة السائدة والتي أسميها المفهوم الأفيوني للدين وليس الدين نفسه أو الإسلام..
ولنضحك معاً على هذا الرد الفكاهي والمحزن في نفس الوقت من شاب يفترض أنه يمثل أمل هذه الأمة في مستقبل أفضل..
ما هذا الغباء والإدمان على الأفكار الهدامة للإسلام هل الإسلام قيد حرية المرأة؟؟ هل الإسلام كبت الحريات للنساء؟؟ ثم يبدأ صاحب الرد في تعداد ما تتمتع به المرأة في ظل ما أسميه المفهوم الأفيوني للدين ويقول:
والإسلام غير وضعها وجعلها زوجة وأم وأخت وصلة رحم وجعل لها ميراث.. وكأن المرأة ليست زوجة وأم ولا ترث في المجتمعات الغير مسلمة.. ثم يكمل رده قائلاً: وبعض الذين يتشدقون بالقول يجب أن تأخذ المرأة الحرية... تتحرر من ماذا؟؟ من الحجاب أم من طاعة الزوج أو طاعة الأب أو الأخ؟؟ المرأة ليست مهمتها الحكم أو إدارة أي شيء غير حكم وإدارة أسرتها الصغيرة ولو فكرنا قليلاً لوجدنا أن كل الحكام تديرهم نساء ولكن بشكل غير مباشر أليس الحاكم أمه امرأة
ويقول آخر:
أي حرية هذه التي تبيح لها الخروج والدخول للمنزل بدون أذن أو سابق إنذار أهذه حرية يا أشباه الرجال أن الله عز وجل خلق لكل مخلوق مهمة والمرأة ليست مهمتها ألا أن تلد وتنجب وتحمل الأولاد؟؟
ولو كانت العصمة بيد المرأة أقسم لك بالله لما بقي رجل مع زوجته أكثر من سنة وسوف يقطع النسل البشري لأن المرأة لا تفكر بالأمومة إلا بعد الإنجاب ولما بقي بيت على وجه الأرض بخير.. هذا هو رأي بعض من يصادرون حرية الرأي في بلادنا وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على وزير الثقافة بسبب رأي قاله في الحجاب..
ويقول آخر:
أخواني أخوتي كفوا وتوقفوا عن المطالبة بالحرية للمرأة، هل تريدون الحرية التي طالبت بها زوجة سعد زغلول.. حرية المرأة في خلع الحجاب حين دخلت النساء ميدان التحرير بمصر وخلعن حجابهن ودسن عليه بأحذيتهن ولهذا السبب سموه بميدان التحرير...
ثم لم يكتفي بأحكام الإسلام بل استدل أيضاً بحكمة الصينيين
إن المكان الذي تعمل فيه الدجاجة عمل الديك يؤول للخراب (((مثل صيني)))
ثم يزيد الطين بلة ويتقول على سيدنا على ابن أبي طالب:
قال سيدنا علي ((((لا تطيعوا النساء فإن عقولهم في فروجهم)))).
صدقيني أيتها المرأة العربية المهضومة كل حقوقها أنه لا أمل لك في ظل هذا المفهوم الأفيوني للدين مهما علا صوتك وصوتنا معك للدفاع عن حقوقك التي أقرتها المواثيق الدولية وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي وقعت عليه جميع الدول العربية ولكن حكومات هذه الدول تعتبره مجرد قصاصة ورق رغم أن ديننا يقول أن العقد شريعة المتعاقدين وهذا الإعلان هو شريعة انضمام الدول لعضوية الأمم المتحدة..
نعم أنى أحرضك أيتها المرأة العربية أن تثوري من أجل حريتك.. لأن حريتك هي البداية لكي نحصل جميعاً على حريتناً.. رجالاً ونساءً..
Dr. Amr Ismail

اجمالي القراءات 12325