الخلافة عند الإخوان..الدولة الطاهرة في باكستان

سامح عسكر في الإثنين ٠١ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

دولة الخلافة الإخوانية تقوم على أسس فكرية منها فكرة الشيخ أبو الحسن الندوي عن الدولة الطاهرة..التي هي الوجه الآخر لفكرة سيد قطب عن الحكومة الإسلامية والمجتمع الجاهلي...وتقوم على ضرورة وجود الدولة الطاهرة وسط مجموعة من الكفار والمشركين الأنجاس..ومنها اشتق هذا الاسم.."الدولة الطاهرة".

الندوي كان مساهماً في مشروع إقامة الدولة الطاهرة في الهند ومعه العديد من الشيوخ آنذاك، ولكن تربعت فكرة الندوي على اعتبار أنها طالبت بأسلمة هذه الدولة الوليدة ، ونجحوا في إقامة الدولة بقيادة محمد علي جناح في الأربعينات..

طبعاً تعرفون عن ماذا أتكلم

إنها باكستان التي انشقت عن الهند سنة 1947..وأسست الدولة الطاهرة التي كانت حلم الندوي الإخواني ورفاقه، وهي التي ستأتي بالخلافة الإسلامية بعد ذلك..وبالتالي يظهرلنا الرباط الوثيق بين الإخوان وباكستان الذي يراه البعض ولا يفهمه، فمفكري الجماعة وروادها الأوائل كانوا هناك كمؤسسين ودعاة للدولة الطاهرة..

علاقة الإخوان وباكستان علاقة راسخة..ومن يقرأ في كيفية انشقاق باكستان عن الهند ودور الإخوان فيها سيلمح مشروعاً تفكيكياً للدول على خلفيات دينية ..فبعد أن نجحت دعاوى الإخوان بضرورة إقامة الدولة الطاهرة ..انقلب السحر على الساحر وانشقت هذه الدولة الوليدة إلى باكستان الشرقية وباكستان الغربية...وبعدها تم إطلاق.."بنجلاديش"..على باكستان الشرقية .

للعلم هناك العديد من المثقفين كانوا معارضين لتفكيك الهند وإقامة دولة.."باكستان"..ومنهم المفكر الكبير .."مالك بن نبي"..وسنرى بعد ذلك أن تكلفة إقامة الدولة الطاهرة كانت على جماجم وأجساد ملايين الأشخاص وقعوا بعد ذلك ضحية للحروب الهندية الباكستانية المتعددة..والتي أنتجت بعد ذلك دولة بنجلاديش المعادية لباكستان والموالية للهند..

صراع طويل منشأه الجهل بأحوال العالم ودروب السياسة، فالإخوان لم يكونوا يوماً أهل سياسة بل كانوا طلاب سلطة ، وقد استخدمهم العدو أكثر من مرة في تفكيك وإشاعة الفوضى في البلاد..

الآن أصبحت الهند أحد أقوى دول واقتصاديات العالم ..وباكستان تئن تحت وطأة الفقر والجهل والتعصب بعد 60 عاماً من إنشائها وملايين الضحايا الذين ذهبوا نظير إقامتها..ونرى الآن بأعيننا كيف تتعايش شعوب الهند مع بعضهم رغم تنوع دياناتهم..وفي المقابل يعجز أهل باكستان عن التعايش بين السنة والشيعة فقط..بل بين السنة وأنفسهم حيث توجد في باكستان أقوى الجماعات الإرهابية التي تقاتل الحكومة على الرأي.. وهي مفرخ دائم للتشدد والقتال باسم الدين.

للعلم: ما يسميه الإخوان.."انقلاب السيسي"..على الشرعية فعله الإخوان في باكستان ، حيث دعموا رئيس أركان الجيش الباكستاني.."ضياء الحق"..على الرئيس المنتخب .."ذو الفقار علي بوتو".. والد الرئيسة السابقة.."بي نظير بوتو"..بدعوى فشل الرئيس في تحقيق تطلعات الشعب.

وكان ذو الفقار هو الذي عين ضياء الحق في منصبه ثم انقلب عليه..وقد دعّم الإخوان هذا الانقلاب ، وشاركوا في الحكومة هناك تحت دعاوى تطبيق الشريعة والخلافة..فكان نموذج دولة ضياء الحق الانقلابية هو النموذج الأمثل للإخوان نحو ما كانوا يسمونه.."دولة الخلافة الطاهرة"..أو تطبيق الشريعة..

طبعاً دلوقتي لا فيه شريعة ولا خلافة في باكستان..الدولة هناك هي دولة علمانية محضة ..وهو السبب الذي من أجله تقاتل الجماعات الإرهابية الحكومة الباكستانية..وستظل تقاتل لأنه لا يوجد دولة اسمها .."دولة الخلافة"..إنما هو مشروع حكم وتجربة إدارة، ولا توجد دولة اسمها.."الدولة الطاهرة"..فالإنسان سيظل يخطئ إلى يوم الساعة.
 
اجمالي القراءات 8789