هل تثاب بكمْ ما تقرأ من القرآن؟

مصطفى فهمى في السبت ١٦ - أغسطس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

الأثر المنقول... عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اقرؤوا القران فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه).أخرجه مسلم.

و الأثر المنقول... عن ابن مسعود عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة, والحسنة بعشر أمثالها لا أقول {ألم} حرف, ولكن : ألف حرف,ولام حرف, وميم حرف).أخرجه الترمذي.

بتلك الآثار المنقولةالمصنفة (آحاد) عند المحدثين .... يظن الناس أن أن الله يثيبهم بقدر و حجم و كم ما يقرئون و يرددون بلا فهم ولا تدبر و هذا في رأيى منافى لمراد الله و لوظيفة القرآن الذى أنزله الله للهداية

و في رأينا نظن المقصود بقارئ القرآن هو القارئ الذى يقرأ القرآن بغرض التدبر فيعمل بأحكامه ويأتمر بأوامره ويزدجر بنواهيه رغبة فيما عند الله من ثواب، و أن القرآن قد يكون حجة لصاحبه إن قرأه وعمل به، وقد يكون حجة عليه إن قرأه ولم يعمل به

و نظن إن مثل تلك الآثار المنقولة المنافية للقرآن مدسوسة على الناس لتلهيهم عن تدبر القرآن ليكون همهم و شغلهم الشاغل حجم و كم ما يقرأ فيصيروا بذلك جهلاء بمراد الله و هداه ... فيسلمون عقولهم و يصبحوا فريسة سهلة و تابعين لقلة يمتطونهم و يملون عليهم دينهم و يلعبون عليهم دور نواب الله فى الأرض

و عليه لا نظن أن جمع الحسنات و الشفاعة تكون كما هو مشاع بمجرد قراءة القرآن و حجم و كم ما يقرأ ...  بل الحسنات و الشفاعة بالقرآن تأتى بالتدبر و فهم المراد منه و العمل به، فالقرآن كتاب هدى و ليس كتاب يرَدد و يُقرأ قراءة الببغاوات لجمع الحسنات ....  و لم نجد فى القرآن ما يفيد و يؤيد مثل تلك الآثار المنقولة و المنسوبة للرسول ... و يؤيد و يعضد ظننا هذا ما يلى من الآيات التى تدل على أن المراد من قراءة القرآن هو التوصل لما فيه من هدى

{ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} ... البقرة

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} ... البقرة

القرآن كتاب هدى

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)} ... يوسف

أى قرآن واضحا لعلكم (تعقلون) ما فيه

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)} ... الإسراء

أى أن القرآن لهداية المؤمنين

{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)} ... النمل

أى أن القرآن يبين بين الحق و الباطل لهداية المؤمنين

{وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)} ... القصص

أى أن قراءة القرآن تكون بغرض الهدى

{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27)} ... الزمر

أى أن القرآن فيه من الأمثلة ما يجب تذكرها و العمل بها

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} ... محمد

أى أن التدبر و التعقل للقرآن هو السبيل الوحيد لفهم المراد الإلهى و بغير ذلك تظل القلوب مغلقة 

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17) (22) (32) (40)} ... القمر

أى أن من قرأ القرآن ليتذكر به مراد الله  سهل عليه ذلك، واتعظ وانتفع

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)} ... الجن

أى أن القرآن يهدى إلى الرشد، و الرشد لا يأتى إلا بتعقل آياته

و الخلاصة ... أن القرآن كتاب يهدى للرشد (عكس الضلال)، و الوصول للرشد من خلال القرآن لا يكون بترديد كلماته و حروفه ... بل لا يكون إلا بتعقل تلك الكلمات و تدبرها و تذكرها للعمل و السعى بها ... و من هنا فقط تحصل الإثابة بالحسنات و الشفاعة من عند الله

اجمالي القراءات 13013