قصتي مع اهل القران

نهاد حداد في الخميس ٢٢ - مايو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بدات حكايتي مع فتاة كردية في عمر الزهور قتلت بابشع طريقة امام انظار العالم .
كان الجو ممطرا ليلتها ولم تكن لدي رغبة في مشاهدة التلفاز فقررت البحث عن شيء مسل على الانترنيت يذهب عني وحشة ليالي الشتاء القارس. لم اشك لحظتها بان ماسأراه سوف يغير مجرى حياتي الى الابد .ثم وقعت عيني عليها. 
حدث هذا منذ سنوات ومازالت صورة جسدها الصغير الدامي وهو ينتفض تحت وطأة الاحجار لا تفارق ذهني.فتتراءى لي صورتها وسط ضباب يغشى عيني وسرعانما يتحول الى دموع تنهمر بحرقة  رغما عن انفي. اذكر انها كانت ترتدي قميصا رياضيا احمر وتنورة سوداء ترتفع احيانا وتخبو أخرى كلما رفعت يديها لتحمي راسها الصغير. كان جسدها النحيف الابيض ينتحب وسط ارجل وسخة وصوتها مختنقا تعلوه صراخات حيوانات بشرية ! تلك كانت" طائفة المؤمنين " القائمين على تطبيق حدود الله!كانت ارجلهم العفنة ترفس اطرافها بهمجية لا تستطيع مملكة الحيوان مضاهاتها وحشية. ثم سرعانما تبدى امام الملإ من تلك الوحوش الادمية مسخ يهرول مسرعا وهو يحمل طوب احدى البنايات المجاورة ليهوي به على أديمها بالضربة القاضية. وما لبثت ان تكونت بقعة كبيرة حمراء  تحت راسهافانتفضت للمرة الاخيرة ثم انتهى كل شىء وانفض الجمع! كان عمرها خمسة عشر سنة أدينت ورجمت من لدن طائفتها المسلمة لأنها خطبت لشاب مسلم من طائفة أخرى.فانسدل الستار على هذه المذبحة ومضى كل إلى حال سبيله وكأن شيئا لم يكن. 
تجمدت الدماء في عروقي ولم أنم تلك الليلة،وظللت أتساءل : ترى هل ارتوى عطش إله هؤلاء  القوم أم أنه يقول هل من مزيد؟ بكيت وانتحبت، وبقيت صورتها تطاردني أينما حللت وارتحلت. كنت قد رأيت قبل ذلك الكثير من أفلام الرعب وأصبحت الدماء في الأفلام روتينا لانكاد ننتبه اليه، لكن شتان بين الحقيقة والخيال. هذه الحقيقة زحزحت كياني وعرت قناعاتي. هل يعقل ان الله، خالق هذا الكون الشاسع الجميل و الذي نفخ في " الانسان من روحه "قد أمر بشيء كهذا؟ هل أرضت هذه المسرحية التراجيدية غروره؟ 
رغما عني، كانت تلك الافكار تراودني، ثم ما ألبث أن أستغفر الله وأعوذ به من الشيطان الرجيم .فأذكر رحمته بعباده، وسرعانما تنتابني هواجسي مرة أخرى فأتسائل أين غابت رحمته اذن عندما كان هؤلاء المسوخ يعتدون على روح نفخ فيها من روحه ؟لماذا لم يسحق هؤلاء وقد أزهقوا روحا بريئة ما كان لهم أن يخلقوها فسهل عليهم سحقها والتنكيل بها بأبشع الطرق؟
 وفي ما انا فيه من غمار العذاب النفسي تذكرت بأنه جل وعلا القائل " وإذا الموؤودة سئلت، بأي ذنب قتلت؟"لا،ليس الله ، لايمكن أن يكون قد أملى على هؤلاء الوحوش ناموسا كهذا! فاسترجعت أنفاسي وفتحت شريطا للشيخ عبد الباسط عبد الصمد ؛ فتناهى الى قلبي صوته العذب الرخيم الذي تلين له الحجار وهو يرتل تلك الاية للمرة الألف" وإذا الموؤودة سئلت......"
من هنا بدأت رحلتي في البحث عن الله! الرحمان الرحيم، اللطيف الودود الرؤوف بعباده. وقررت أن أقرأ فوجدته جل وعلا قد بدأ كتابه الحكيم بسورة العلق" إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق، اإقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم" فاكتشفت بأن السبيل الى الله يبدأ من هنا. 
ولكنني ضللت السبيل مرة لأنني أردت أن أختصر الطريق ، وأبحث عن جواب سريع شاف في الصحاح. فسألت وتقصيت وقيل لي بأن الرجم من الشريعة الاسلامية ، وبأن عمر قد رجم ، وبأن عليا قد جلد ورجم ! جلد امرأة يوم الجمعة ورجمها يوم السبت. وحين سألت لماذا قيل لي بأنه جلدها بالقرآن ورجمها بالسنة ، وجيء لي بقصة الغامدية والرجل الهارب ! انتفضت الانسانية داخلي وهممت بالخروج عن ديني فقرأت عن اليهودية ووجدت بأنها تجيز الرجم، وأدرت وجهي تجاه المسيحية فوجدتهم يأكلون لحم إلههم ويشربون دمه فذكرني ذلك بالطوطم والتابو عند الانسان البدائى الذي كان يأكل لحم إلهه كي يستمد القوة منه فأعرضت عنهم !(عذرا اهل الكتاب فأنا لا أقصد إهانة أحد وإنما أصف خواطر وأفكارا تجاذبت روحي في فترة من فترات حياتي. 
فترات الم وحيرة كابدتها قبل ان اصل إلى النهاية ! اليكم ! الى أهل القرآن.  
كانت الطريق شاقة وعرة لكنني قررت ان امشيها حتى النهاية ولم تخل من منعطفات. 
كنت قبل هذا مدمنة كتب فازدادت شراهتي ونهمي للقراءة فكان المنعطف، ومن كتب العلم والفلسفة ، وقصص زولا و مسرحيات شكسبير ، أدمنت اللا هوت وصارت كتب العقيدة والدين شغلي الشاغل وهمي الوحيد. وفي غمار البحث عن الحقيقة ، وقعت على مقال في الشبكة العنكبوتية يتحدث عن القرآنيين، لكنني أعرضت عنه ولم أقرأه وبئس ماصنعت وكأن الشيطان كان لي بالمرصاد ، فأتممت  رحلة بحثي عن الدين فيما يسمى كتب الدين وأغفلت كتاب خالق يوم الدين. اكتفيت بقراءة بعض السطور زعم صاحبها بأن القرآنيين ، على غرار البهائيين قد ابتدعوا دينا جديدا لا يؤمن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم اكلف نفسي عناء قراءة مايقوله هؤلاءالناس عن أنفسهم . فكنت من الخاسرين. واضعت وقتا كبيرا وجهدا عظيما. فقد تبادر الى ذهني كما الجميع ان القران الكريم في حاجة الى احاديث تفسره وبان صحيح البخاري ومسلم نقلوا كلام نبي الله ، وكلام نبي الله وحي يوحى ويجب الاخذ به . 
لقد سمعت القرآن كثيرا ورددت آيات شتى ، وحفظت قصار السور من اجل الصلاة ولكنني أبدا لم أعقلها ولم أتدبرها. واعرضت عن الحق مرة أخرى واستمررت في دوراني في حلقتي المفرغة. وظللت أمشي بموازاة خط الحق دون ان اهتدي اليه. لكنني استمريت في البحث، وكان بداخلي صوت ينبؤني باني يوما ما، سأجد ضالتي. لم يكن بحثي عبارة عن سلبيات فقط بل تعرفت على أناس طيبين يحاولون إيصال الدين بطريقة سلسة وجديدة . فاطلعت على فتاوى الدكتور سعد الدين الهلالي ووجدتها معقولة بل ان ماراقني من بين كل أعماله، هو برنامج استفت قلبك. وان افتاك الناس وافتوك وافتوك!! وكان شهر رمضان قد اقترب ، وكنت قد تكاسلت عن اداء ايام علي من رمضان سابق فمر العام ولم اؤده فقلقت واردت ان اطلع على ما يقوله الفقهاء الاربعة اخدا بنصيحة الشيخ الازهري الفاضل (والذي أكن له كل الاحترام  لحد الان) ، ثم استفتي قلبي واختار لنفسي ماتحبه وترضاه . ولكنني وجدت بان كلا من الفقهاء يغني على ليلاه ، ومع ذلك اخترت مذهب ابي حنيفة لما وجدت فيه من يسر. ولكن غرني في ديني الشيطان الغرور واردت على غرار ادم ان اطلع اكثر لكنني اكلت من الشجرة المحرمة فاصبحت على ما فعلت نادمة. حيث وجدت في مبطلات الصيام عجائب القصص وغرائب والاحكام !  وروايات تقشعر لها الابدان . وكانني كنت اتفرج على قناة دينية فوضعت اصبعي عن  طريق الخطا على زر في لوحة التحكم احالني على قناة المانية دون ان اشعر.(لذا عندي رجاء لمن لم يبلغ سن الثامنة عشر ان لا يقرا كتب الائمة) صراحة كنت اعتبر بعض الايحاءات في افلام عادل امام خادشة للحياء ولكنني اكتشفت بأنه ملاك مقارنة مع ما قراته عن مبطلات الصيام عند أإمتنا الكرام. واليكم بعض العناوين :
فرع وطئ الخنثى في الصيام
اتيان الصائم البهيمة
اللواط بالغلام
الوطءفي...... 
الى غيرها من الخيالات الجنسية الشاذة ، فوليت الدبر واقبلت على وجه ربي فاستغفرته وانبت اليه واعرضت عن الجاهلين ! فبالنسبة لي وحسب ما اعرفه ان الفاحشة محرمة على اطلاقها .فكيف تسول لهؤلاء انفسهم ان يتفننوا في الافتاء في اشياء منهي عنها ولم يبق فيها مجال للاجتهاد؟ حينها ، تاكدت فعلا بان هناك خلل ما وبدات فعلا افقد توازني النفسي . ما هذا الهراء؟ وبعقلي البسيط جدا راجعت قاعدتي في معنى الصيام : وهو الامتناع عن الاكل ولشرب والجماع من طلوع الشمس الى غروبها ! فكيف ادن سولت لهم انفسهم التفنن في تفصيل معاني الجماع وانواعه؟ وهو اصلا محرم في الصوم وتبادر الى ذهني سؤال بليد ولكنه بدا لي ذكيا وقتها فتساءلت هل ستصل العبثية بهؤلاء الى تفصيل انواع الماكولات والمشروبات المحرمة مع ان الاكل اصلا محرم في رمضان ؟ ولكنني اكتشفت انني اضيع وقتي فلملمت جراحي وتناولت عصاي فاكملت المسير دون ان اعرف في اي هاوية قد اسقط هذه المرة . ولكنني ظننت انني تحصنت من المفاجات وان اقوى ضربة تلقيتها قد مضت ولن يهزني شيء ابدا! ولكنني كنت مخطئة ، فجعبة الفقهاء ما زالت تحوي الكثير من الغرائب والمفاجات. 
وزيادة في العلم ،
واحمدا لله انني لم اضطر الى البحث عنه في الصين بل وليت وجهي قبل اخواننا الشيعة ، فتبرات من عمر وابي بكر وعائشة ، ودعوت على الخوارج واطلقت العنان لايماني بدين علي كرم الله وجهه. ثم استنكرت اغتيال الحسين (وما زلت استنكره حتى الان)، ولكنني ما لبثت ان وليت الادبار بعد ان وجدت تابعي آل البيت يفاخذون الرضيعة ويرجمون المحصن!ووليت وجهي مرة اخرى قبل وجه اصحاب السنة والجماعة،وقبل ان أحط الرحال وجدت الحويني يشرح الطريقة الصحيحة والتطبيقية لارضاع الكبير واضعا اصبعه في فمه وهو يمصه مدعيا بان الرسول عليه السلام قام بنفس الحركة وكأن  الناس لا يعرفون الطريقة ! وسبحان الله ، ينزل الحيوان من بطن امه وتكون اول حركة له هي البحث عن ثديي امه من اجل الرضاعة ومازال المسلمون في القرن الواحد والعشرين ينتظرون توضيح الحويني ودرسه التطبيقي. 
وهنا قلت لنفسي صه! (stop). لايمكنني الاستمرار هكذا! ورجوت الله وتضرعت اليه بكل جوارحي على ان يلهمني ايمان العجائز كما طلب المعري . لكن الاستجابة طال عليهاالامد  ولم تأت  وبقيت في حيرة من امري .وكلما حاولت تناسي بعض الامور  عاد ابليس اللعين ليوسوس لي بها.
وبينما انا في أخذ ورد وصراع مرير بين مايرفضه العقل وتعافه الفطرة الانسانية بعث لي ابليس بالسيد عكاشة صاحب قناة الفراعين . وقبل ان ان يقوم ابليس بطردي من دين الله نهائيا خطب عكاشة كعادته ونبه بان المشاهد التي ستبثها قناته لا ينصح بان يراها الاطفال ولا النساء ولا ذوو المشاعر المرهفة، لم اهتم بنصيحته و قررت البقاء امام الشاشة! ويا لهول مارأيت، وحوش بشرية أخرى تقوم بذبح شاب تونسي مسكين فيقطع احدهم  راسه ويضعه فوق صدره وكل هذا وهم يتلون كتاب الله فجعلوا من الله جزارا بما افتروه من الافك والبغي ! فهجرت القرآن ولم اعد اسمعه حتى ايام الجمعة كعادتي! حيث ظل يذكرني بهول مارايت. اي اله هذا المتعطش للدماء؟ فابتعدت عن الدين وتركت الصلاة ! وثارت ثائرتي على اله على شاكلة مصاصي الدماء ؟.....
ثم توقفت عن القراءة وادمنت الافلام الهوليودية واعتزلت الانترنت!  لكنني احسست بفراغ شديد لم يكن ليملاه شيء غير الله . ومع ذلك كابرت واخذتني العزة بالنفس حتى شارفت على الالحاد. ومما زاد الطين بلة تقرير على شاشة الجزيرة وهي تقرع ناقوس الخطر قائلة بان الملايين من المسلمين يخرجون عن الدين ! ويلاه ! هل اصبح الالحاد طاعون العصر ام ان استشراء الارهاب في ارض المسلمين دفعهم للخروج من الملة !! كنت قد رايت برامچ لاشهر ملحد في العصر الحديث (ريشارد دولكنز) فقررت ان اراها مرة اخرى كي الحد  عن اقتناع ، فكل شيء عندي يجب ان يخضع لاختبار المادة الرمادية عندي !! ثم شغلت محرك البحث على اليوتيوب بعنوان الزندقة والالحاد فاذا بالحويني على قائمة البحث في رد له على الزنديق "عدنان ابراهيم" فقررت ان ابحث الاسباب التي دعت هذا الرجل الى الزندقة وترك دينه علني اجد شيئا مشتركا بيننا. فلربما اخذ منه الياس مأخذه وابتعد عن الدين . ولكن مفاجأتي كانت عظيمة حين رايت رجلا طلع البهية ، سمح الطباع ، خلوقا، يقرأ القرآن يرتله ترتيلا. فاختلطت علي الامور ولم ادر من اصدق ؟ اؤصدق الحويني وقد رأيت منه ما رايت واكذب ما تراه عيني! فقررت اذاك ان استمع فعلا للرجل قبل ان احكم عليه، فتابعت محاضراته واستعذت بالله واستغفرته وعدت الى الله بفضله . خصوصا وانه ارضى فضولي المعرفي في الكثير من المجالات ! اكتشفت حينئذ بان الرجم ليس من القران ، وبان الناسخ  والمنسوخ مجرد بهتان فحمدت الله وشكرته على نعمة الايمان!وتاكدت بان اله هذا الرجل هو الاله اللذي ظللت ابحث عنه! ومن حلقة الى اخرى وبرنامج الى اخر اكتشفت شيخا طيبا توسمت فيه الخير واستمتعت بحديثه الخفيف الظل وهو الشيخ جمال البنا رحمة الله عليه. اعجبتني افكاره وحاولت قراءة بعض مقالاته ثم تابعت البرامج التلفزية التي يظهر فيها عن كثب،الى ان ساله صحفي في احد لقاءاته عن انكاره لبعض الاحاديث الواردة فيما يسمى كتب السنة ، وخصوصا في صحيح البخاري ، شرح الشيخ بهدوءه المعهود وجهة نظره 
ووضح بان فيه الكثير من الاحاديث المكذوبة والموضوعة ولا محل لها من الاعراب في ديننا الحنيف! ثم استطرد الصحفي قائلا : اذن ما الفرق بينك وبين القرآنيين والدكتور صبحي منصور،؟  فأجاب رحمة الله عليه بانه لايجد مانعا من الاحتفاظ ببعض الاحاديث التي تنضح بالنبوة ولا تعارض القرآن خلافا للدكتور احمد منصور الذي يرفضهاجملة وتفصيلا. حينها وحينها فقط، اكتشفت انني وجدت ضالتي . اذ ان مشكلتي لم تكن ابدا مع الله او القران وانما مع مايسمى السنة ! فباسم السنة رجم علي وباسم السنة اقيم حد الردة  وباسم السنة سنوا الارهاب ، وباسمها أيضا سمموا حياتي حتى اشرفت على الالحاد لولا لطف اله كريم كان يعرف بأنني أبحث عنه ، هو وهو فقط! عالم الغيب والشهادة الحي القيوم.
اجمالي القراءات 19893