: ( قل ) فى الحوار فى الألوهية ردّا على الكافرين

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٧ - مارس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً


كتاب ( قل ) فى القرآن الكريم 

( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن )

 الباب الثالث  : ( قل ) فى إصلاح الكافرين عموما  

الفصل الخامس  : ( قل ) فى الحوار فى الألوهية ردّا على  الكافرين

مقدمة

1 ـ  فى إطار الحوار تأتى أسئلة متنوعة ومتعددة تتحدى وتأتى إجابتها من الله جل وعلا ، لأن البشر لا يمكن أن يُجيبوا بغير هذا ، فهم يؤمنون بأن الله جل وعلا هو وحده الخالق الذى فطر هذا الكون ومن فيه وما فيه ، ويأتى هذا بكلمة ( قل ) ، وبدونها ، وقد يصل الحوار الى التهديد بالعذاب طلبا فى الشفاء من مرض الكفر قبل الموت .، و( الكفر ) من ( كفر ) أى (غطى ) وهذا هو معناه اللفظى ، ومعناه القلبى هو تغطية الفطرة السليمة التى يولد بها الفرد البشرى بالاعتقاد فى إله آخر مع الله . ولعلاج هذا الداء ( الكفر ) جاءت آيات القرآن بالشفاء بكلمة ( قل ) وبدونها . ونعطى بعض التفاصيل  

أولا : أسئلة متنوعة  تتحدى  بدون ( قل ) :

يقول جل وعلا : (  أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمْ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) الطور ). الأسئلة هنا هى :

1 ـ من هو الذى خلقكم ؟ أم أنتم الذين خلقتم أنفسكم ؟ الجواب الوحيد : الله جل وعلا هو وحده الخالق.   2 ـ هل أنتم الذين خلقتم السماوات والأرض ؟ وهل أنتم المسيطرون على الكون ؟ الجواب الوحيد : الله جل وعلا هو وحده الخالق إذن فهو وحده الذى يملك خزائن السماوات والأرض ، وهو وحده جل وعلا المسيطر على الكون .

3 ـ هل لديكم سُلّم ـ أو وسيلة ـ تستطيعون بها الاستماع الى الوحى الالهى ؟ إن كان لكم من يستمع فليأت بالبرهان . الجواب : لا يوجد هذا ولا ذاك

4 ـ فى الرد على قول الجاهليين بأن الملائكة بنات الله : هل إختار رب العزة الملائكة بنات له ـ وأنتم تكرهون إنجاب البنات ـ ثم يرزقكم رب العزة بالبنين ؟ الجواب بالنفى .

5 ـ هل يسألهم خاتم المرسلين أجرا على دعوته للشفاء بالقرآن من مرض الكفر ؟ الجواب بالنفى ، لأن كل رسول وكل نبى لا يسأل أجرا لأن أجره على الله، هذه  هى سُنّة الأنبياء من نوح عليه السلام : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) الشعراء  ) الى خاتم المرسلين : (   قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) سبأ  )  وكذلك كل داعية للحق  مهتديا به : ( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) يس). النبى وكل المؤمنين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم ، وأجرهم هو الجنة التى أعدها رب العزة لهم:( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88)أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) التوبة ).أما أصحاب الديانات الأرضية وشيوخها فيتحول الدين عندهم الى إحتراف دينى وكهنوت وشراء بآيات الله ثمنا قليلا من ثروة وسلطة وحُطام دنيوى .

6 ـ هل يعلمون الغيب ؟ والجواب بالنفى ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله جل وعلا : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ  )(65)النمل) ، وقد يعطى رب العزة بعض الأنبياء العلم ببعض الغيب دليلا على صدق نبوتهم ( مثل يوسف:( يوسف37 ) وعيسى عليهما السلام:(آل عمران 49 )، يقول جل وعلا ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء )آل عمران 179 )، وبعض الأنبياء لم يعطه رب العزة أى علم بالغيب مثل نوح ( هود ) وخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ( الجن 25 : 27 ) ( الأعراف 188 ) ( الأنعام 50 ) ( الأحقاف 9 )

7 ـ هل يريدون الكيد والمكر والتآمر ؟ نعم . إذن سينقلب عليهم كيدهم كما حدث لفرعون مع موسى الذى ربّاه ، وهى سُنّة الاهية  لا تبديل لها ، نراها فى عصرنا كما كانت من قبل : أن يحيق المكر السىء بأهله : ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) فاطر ) . يقول جل وعلا عن قوم ثمود ومكرهم حين تآمروا وعقروا الناقة : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)  ) النمل ) . وردا على مكرهم وإعتداءاتهم أمر الله جل وعلا رسوله أن ( يقول ) للكافرين المعتدين ولكل الكافرين المعتدين : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) ( آل عمران ) وكان بعد هزيمتهم فى موقعة بدر . وقبل موقعة بدر حذّرهم رب العزة فى خطاب مباشر بدون (قل ) فقال لهم ، ولكل الكافرين المعتدين فى أى زمان ومكان وباسلوب الفعل المضارع لينطبق على السعوديين والوهابيين المعتدين سفاكى الدماء : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)( الأنفال )

8 ـ بعد هذه الأسئلة الحوارية ، تأتى النتيجة الحتمية : لا إله إلا الله : (أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) الطور ). كل هذا بدون كلمة ( قل )

ثانيا : أسئلة متنوعة  تتحدى  باستعمال ( قل ) :

1 ـ يقول جل وعلا ( قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِالسَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ (89) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)  (المؤمنون ) .

هنا يأتى السؤال بكلمة ( قل ) وبعده تأتى الاجابة الحتمية ( سيقولون ) . ثم تساؤل بالنتيجة وبالموعظة وبالشفاء : ( ألا تتقون ؟ ألا تذكرون ، الى متى تُخدعون وتنخدعون ) ثم الموعظة والنتيجة الكلية والعقلية فى نهاية الحوار : وذلك كالآتى :

السؤال الأول : ( قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) الجواب الحتمى :( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) النتيجة والموعظة والشفاء ( قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85)

السؤال الثانى ( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِالسَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) الجواب الحتمى :( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) النتيجة والموعظة والشفاء : ( قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87)  

السؤال الثالث : ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) الجواب الحتمى ( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ  ) النتيجة والموعظة والشفاء : ( قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ (89) المؤمنون ) .

ثم تأتى النتيجة النهائية العقلية فى نهاية الحوار ، وهى أنه لا اله مع الله وأنه جل وعلا لم يلد ، لأنه لو كان معه إله أو ولد لأخذ كل إله مخلوقاته التى خلقها ، وحدث صراع بينهم يتسبب فى دمار الكون ، وسبحان الله جل وعلا عما يصفون : (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)  (المؤمنون ) .

قد يبدو هذا مُستساغا عقليا لدى المحمديين طالما ينصرف ذهنهم الى أن المقصود هم ( كفار قريش الوحشين فقط ) ولكنه يكون مرفوضا منهم إذا وجهت لهم نفس الأسئلة عن أتخاذهم محمدا والأئمة والأولياء آلهة مع الله وشركاء له فى المُلك وفى الحكم . هم يكفرون بقوله جل وعلا للرسول عليه السلام  ولكل البشر : (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) الكهف ).

2 ـ ويقول جل وعلا  فى أسئلة متعددة تأتى الاجابة عليها ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (12) وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الانعام ).

الله جل وعلا يأمر رسوله بأن يقول أن يسيروا فى الأرض لينظروا آثار التدمير الذى لحق بالكفار السابقين حين كذّبوا الرسل ، وأن يقول لهم إنه وحده مالك السماوات والأرض ، وأن يقول لهم إنه جل وعلا قد كتب على نفسه الرحمة ، ولكن هذه الرحمة سينالها من يستحقها يوم القيامة ، وأمره جل وعلا أن يعلن ويقول بأنه لا يتخذ وليا غير الله ، لأنه جل وعلا هو الذى يُطعم المخلوقات الحية من بشر عاديين وبشر يتحولون بالافتراء والأكاذيب الى كائنات مقدسة وآلهة مزورة ، وأنه عليه السلام يخاف إن عصى ربه من عذاب يوم عظيم ، لأن الله جل وعلا هو مالك يوم الدين والذى لا يُشرك فى حكمه أحده ،  وأن الله جل وعلا إذا أصاب محمدا بضُرّ فلا كاشف لهذا الضُّر إلا الله ، وهذا يسرى على كل البشر لأن الله جل وعلا هو القاهر فوق عباده .

ثم تأتى الاية رقم 19 بثلاث كلمات من ( قل ) لأنها تؤكد شهادة الرحمن بأنه : لا إله ألا الله ، وأن القرآن وحى الله جل وعلا الصادق إنذارا للبشر ، بأنه لا اله إلا الله ، وأن محمدا عليه السلام برىء من المشركين . : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الانعام ). وبالتالى فهو عليه السلام برىء من المحمديين ، ليس فقط لأنهم مشركون بالله ، ولكن لأنهم جعلوا محمدا نفسه شريكا لله جل وعلا فى حكمه برغم الايات الكريمة السابقة وآلاف غيرها . هم بذلك يجعلون خاتم المرسلين فى موقف حرج مع رب العزة يوم القيامة . لذا سيتبرأ من قومه الذين إتخذوا القرآن مهجورا ، وكل من سار على (سُنّة ) قومه فى إتّخاذ القرآن مهجورا .

أخيرا

1 ـ والدليل على أن المحمديين إتخذوا القرآن مهجورا أننا نستدل بالقرآن الكريم نوضح داء الكفر المتمكّن فى قلوبهم ، والذى به يدمرون بلادهم ، ويُخربون بلادهم ، ويخرجون فريقا منهم من ديارهم ، ويسفكون به دماءهم فى مذابح لا تتوقف . هذه المذابح والمخازى تعوّد على رؤيتها العالم ولم يعد يأبه بها ، بل أصبحت مورد كسب بالبلايين لشركات السلاح . هذا الوباء الكُفرى حين نصف له العلاج القرآنى نُكافأُ عليه بالاضطهاد .

2 ـ ما يفعله المحمديون بأنفسهم وبنا يُعدُّ تكذيبا لآيات الله وكفرا بالقرآن الكريم . وإتّباعا للإسرائيليات التى جعلوها أحاديث وسُنّة نبوية .

3 ـ وبسبب هذه الاسرائيليات المسماة بالسّنة نرى المحمديين يكررون ما كان اليهود يفعلونه بأنفسهم وقت نزول القرآن . كان اليهود يقتتلون فيما بينهم قتالا مذهبيا ، ويُخرجون فريقا منهم من ديارهم ويأسرون آخرين يأخذون منهم الفدية ، وذلك حرام من أساسه ( الأسر ) ، يقول جل وعلا يخاطب اليهود وقتها :( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (86) ( البقرة ).

3 ـ لم يعد اليهود فى عصرنا يفعلون ذلك بأنفسهم . المحمديون هم الذين يفعلون ذلك ، يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه ، ويقتلون أنفسهم فى سوريا والعراق وآسيا وشمال أفريقيا ومصر ، منذ العصر الأموى وحتى الآن . هذا بالرغم مما جاء فى القرآن الكريم مكررا ومؤكدا ، مشفوعا بكلمة (قل ) وبدونها

2 ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. 

اجمالي القراءات 10075