حين الشك يأتي اليقين

سامح عسكر في الأربعاء ٢٦ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

أحياناً كنت أشك في نفسي وأفكاري وأقول..هل أنا على خطأ؟..وهل موقفي من الإخوان متشدد نتيجة أنه ردود أفعال على أشياء معينة وشخصية.. أم أن هناك فكراً وتطبيقاً أسعى إليه دون النظر للأسماء؟..وكلما ألجأ للشك أرى ما حدث في سوريا أمامي لا يُفارق عيني، فأنا من الذين تركوا الإخوان بعدما كشفوا عن إجرامهم وطائفيتهم في سوريا، وأنه لا مشروع حقيقي لديهم إلا الجماعة وليذهب البشر إلى الجحيم.

حين فقدت الثقة في التنظيم وأن ما يرفعه من شعارات ذهب مع أول اختبار..

لقد عايشت في الإخوان تحريضاً عظيما للحرب في الشام، وجدتهم يجمعون المتطوعين للذهاب والقتال في سوريا..وجدتهم يحرضون على قتل الطوائف ولعنهم دون عقل أو استحياء..وجدتهم يفجرون في خصومتهم خلاف ما كان عليه النبي الذي زار مريضاً كان يؤذيه، لم يكونوا على قدر المسئولية وظهر أن من كان منهم حكيماً ذهب عقله..!

لقد حدث في نفسي زلزال أقوى من نقدي للجماعة وقتها، حيث كنت من الناقدين للإخوان وسياساتهم آخر ثلاث سنوات في الجماعة، ولكن كل هذه خلافات داخل البيت الواحد، تذهب مباشرةً بتصريح أو قرار يُطمئنني على صحة منهج الجماعة، وأنه لا يجوز لي الابتعاد طالما لا يوجد أفضل من الإخوان على الساحة.

اتخذت موقع المعارض والمطالب بالفصل بين الدعوة والسياسة، وكتبت في ذلك أكثر من مرة، وعرضت أفكاري على بعض صحفيي الإخوان، وفي مواقعهم كنت أطالب بالرفق واللين مع الناقدين والخارجين عن الجماعة كأبي العلا ماضي وعصام سلطان وعبدالستار المليجي وهيثم أبو خليل، ولكن كان هناك تياراً متطرفاً تكفيرياً يواجهني في كل مكان، على الأرض وفي العالم الافتراضي.

اتهموني في عقيدتي..قالوا عني أني مسيحي وقالوا شيعي وقالوا علماني وقالوا ملحد وقالوا وقالوا وقالوا..ولكن أجمعوا على أن العبد لله قد ضلّ الطريق فاتركوه فإنما لا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية..

اكتشفت بعد ذلك أن هذا التيار التكفيري هو المسيطر على الجماعة، وأنه لا أمل في الإصلاح إلا بالتفكير خارج الصندوق ورؤية ما غاب عن عيني.

صبرت كثيراً إلى أن عاقبني التنظيم بالحرمان من الكتيبة الشهرية، نتيجة نقدي لأحد مفكري الإخوان والمحاضرين في الكتيبة، حيث جادلته وكشفت عن خطأه في دعواه لتكفير الناس على مبادئ الألوهية والربوبية، وهي نفس المبادئ التي أسقطت.."سيد قطب"..من قبل إلى حضيض التطرف والتكفير والخروج ، وكشفت لهذا "المُفكر" زيف هذه الدعوى من النواحي الشرعية والعقلية، بعدها قاطعني زملائي في الأسرة الإخوانية فترة من الزمن.

كل هذه أشياء بسيطة لا تستدعي الخروج، فأمور الدين والسياسة لم تكن تمثل لي سوى خلاف أفكار وأنماط ونماذج، يمكن علاجها بالسلوكيات المنضبطة.

ولكن موضوع سوريا كان يؤلمني كثيراً، حيث المستقبل المجهول والدموي للسوريين، وحيث كانت سوريا أكثر المواضيع التي تعرضت بسببها للأذى في الجماعة، حتى كتبوا عني إشاعات من أجل تشويهي واغتيالي معنوياً..

تحدثت مع الشيخ سيد عسكر –أحد علماء الإخوان-في منتصف عام 2011.. وقلت له أنني إخواني ولكن أرى أن موقف الجماعة من سوريا غير عقلاني ويستند إلى معلومات مضللة غير حقيقية...ويتصادم مع منهج الجماعة الداعي للسلام والتقريب بين الأديان والمذاهب، وجدت الرجل ممسوح العقل، بلا قلب، وقال لي كلمة لن أنساها.."لقد قُضيَ الأمر ولابد من الحرب وإزاحة بشار والشيعة من سوريا"...هذا الرجل كنت أثق فيه نوعاً ما، وكنت أثق في بعض آراءه الفقهية...ولكن لم تكن أول الصدمات.

اجمالي القراءات 9273