ماهية حقوق الإنسان

شادي طلعت في الجمعة ١٤ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

بغض النظر على تاريخ مصطلح حقوق الإنسان، وبالإبتعاد عن مصطلحات معقدة قد تتسبب في قصر معرفة المغزى من مصطلح حقوق الإنسان على فئة معينة، لنتحدث إذاً عن المفهوم بشكل مبسط، ليصل إلى أبسط المواطنين علماً أو ثقافة.

إن حقوق الإنسان تدخل في كل شيء يتعلق بالإنسان، فالإنسان يأكل ويشرب، ويسكن بين جدران تحميه حرارة الصيف وبرد الشتاء، ويحتاج ناراً لطهي طعامه والدفئ، وملبساً يستر عوراته ويحميه من برد الدنيا، وكل إنسان في العصر الحالي بحاجة إلى التعليم قدر المستطاع، فالتعليم بات ضرورة لأجل كسب العيش والعمل، وبات الإنسان بحاجة إلى العلاج في حال المرض، طالما توافر العلاج.

بإختصار شديد، لم يتح للإنسان أن يختار المجيئ إلى الدنيا برغبته، وبما أنه جاء فمسؤلية بقائه تقع على المجتمع، حكومة وأفراداً، وللتوضيح فإنه لا يسمح في الصين على سبيل المثال، للزوجين بإنجاب أكثر من طفل واحد في المدن، حتى وإن أدى الأمر إلى إعدام الطفل الثاني أو إعدام أمه في حال إنجاب طفلين، فكل طفل يولد، تقع مسؤلية بقائه على المجتمع، وكل مسؤلية تتطلب مالاً وجهداً وتُسبب أعباء على المجتمع عليه أن يتحملها.

إن كل مولود يولد من حقه أن يعيش أولاً، لذا فإن حق الحياة هو الحق الأول في قائمة حقوق الإنسان، ومع تقدم العصر الذي نعيشه، ومع التقدم اللاحق الذي لن نعيشه في المستقبل، فإن الإلتزامات المجتمعية تزداد يوماً بعد يوم، وما كان يعد من الرفاهيات سابقاً، يصبح ضرورة مع تقدم الأيام، فبالأمس كانت الأمية تعني، عدم القدرة على القراءة الكتابة، ثم أصبح الأمي من لا يجيد التعامل مع الكمبيوتر ! وهكذا يفرض التطور في الحياة إلتزامات على المجتمع تجاه الإنسان، الذي من حقه أن يعيش، وإن عاش فمن حقه أن يعيش بكرامة.

وحتى يعلم كل إنسان بحقوقه فليبدأها بحساب ما يلزمه للحياة أولاً، فهو بحاجة إلى الهواء النقي ليستنشقه، وبحاجة إلى الماء النقي ليشربه، وبحاجة إلى طعام يكفيه شر السؤال، وإلى منزل يعيش فيه، وإلى مصدر رزق يكفيه مأكل ومشرب وملبس وعلاج ودراسة وسكن وزواج ومصاريف وأعباء أسرة، ويكفيه لشراء لوازم الحياة التي تتطور طبقاً لتطور العصر الذي يعيش فيه، كما أن من حق الإنسان أيضاً أن يحصل على الخدمات دون أن تهان كرامتهُ، فالكرامة ركن وحق إنساني للفرد، والمجتمع ملتزم تجاه الفرد بالحصول على أي حق سلب منه عنوة، وملتزم أيضاً بتحقيق مبدأ المساواة بين جميع الأفراد.

علينا أن نعلم أيضاً أن لكل حق واجب مقابل له بمعنى :

1-     من أراد شيئاً فعليه أن يفقد أمامه شيئاً آخر، فمن أراد طعاماً عليه أن يدفع ثمنه، وحتى يحصل على المال فعليه أن يعمل، وحتى يعمل، يجب أن يوفر له مجتمعه فرصة العمل.

2-     إن الجهد والعمل هما ما يملك الإنسان من ثروة حباهُ الله إياها، لذا على الفرد أن لا يبخل بصحته أو قوته أو إبداعه أو علمه عن مجتمعه، فهو في النهاية، يعد ماكينة وسط آلاف أو ملايين الماكينات الأخرى، حتى تدور عجلة الإنتاج في المجتمع.

3-     كانت الزكاة ركناً أساسياً، من أركان سد ثغائر حقوق الفقراء في الماضي، واليوم أضيفت الضرائب لتكون إلزاماً على المشاركة المجتمعية للقادرين، وكما أن لغير القادرين حقوق، فللقادرين أيضاً حقوق، إلا أن عليهم واجب يجب أن يؤدى منهم، من أجل أن يحصلوا هم أيضاً على حقوقهم.

4-     الشعب هو من يأتي بحكامه، وعليه تكون الحقوق السياسية أيضاً حق لكل المواطنين، أغنياء كانوا أم فقراء، وعليه أيضاً تكون المشاركة السياسية واجب على كل مواطن، فإن لم تكن بشكل مباشر من خلال العمل الحزبي، فإنها يجب أن تكون من خلال المشاركة في صناديق الإقتراع على الأقل.

5-     المعاملة داخل مؤسسات الدولة يجب أن تحترم كرامة المواطنين، وعليه أيضاً يجب أن يحترم المواطنون مؤسسات دولتهم.

6-     القانون هو أداة للحصول على الحقوق المفقودة، وبالتالي يجب على المواطنين أيضاً إحترام القانون، والدولة عليها أن تُفعِل القانون وتعمل على تنفيذه.

7-     ليست كل الدول تجبر المواطنين على حد أقصى للإنجاب كما تفعل الصين، لكن على المواطنين أيضاً أن لا يضعوا على كاهلهم ضغوطاً  لا تتناسب مع إمكانياتهم، وبالتالي تتضاعف الأحمال على كاهل الدولة والمجتمع أيضاً.

8-     علينا أن نفرق بين بين الرابط بين مبدأي الثواب والعقاب، فأداء الواجب لا يتطلب أن يقابله ثواباً ! بينما التقصير في الواجب يتطلب عقاباً، ومبدأ المحاسبة هو حق للمواطنين أيضاً، لا أقصد من تقع عليهم المحاسبة، ولكن من ضمن حقوق الأفراد، أن يحاسب كل من يخرج عن القانون منهم.

9-     حق الفرد يجب أن يؤدى، قبل حق الجماعة، وهناك فرق بين حق الفرد وحق الجماعة، فإن أرادت الدولة على سبيل المثال، إزالة مبنى لتوسيع ميدان ما، من أجل تسهيل حركة المرور للمجتمع ككل، فعلى الدولة أن تضمن حقوق الأفراد أولاً في هذا المبنى بأن توجد لكل فرد بديل يرضيه، ويتناسب مع قدر خسارته.

 

وعلى الله قصد السبيل

شادي طلعت

اجمالي القراءات 13949