مصر تعادى نفسها

كمال غبريال في الثلاثاء ١١ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

مصر تعادي نفسها

• لو توقف المصريون عن القتال والصراع من أجل الله، فسوف يجدون متسعاً لديهم لحل مشاكلهم الحياتية.
• كلما كثر الحديث عن مؤامرة خارجية تحاك ضد مصر، كلما ازددت تيقناً أن من يحاولون توجيهنا أفاقون محترفون!!. . نعم وسائل الإعلام والخبراء الاستراتيجيون محقون، في وجود مؤامرة لإسقاط مصر. . لكنها تلك التي ينفذها منذ زمن 90 مليون مصري. في الطفولة كانوا يخيفوننا لنلتزم الأدب، بأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة، الآن وقد وصلنا لمرحلة النضج، هناك الماسونية والصهيونية وقطر وأمريكا. ما يحدث الآن هو ترويج الممسكين بمقاليد الأمور، لفكرة وجود مؤامرات غربية على مصر، وذلك لتجميع الناس حول الدولة وضد الإخوان. بجانب خلو الساحة الوطنية المناوئة للإخوان من تيارات ليبرالية حقيقية، لتمرح فيها التيارات الناصرية واليسارية، التي ليس لديها أحب من الحديث عن العداء للغرب، والصراع الدون كيشوتي معه. مصحوباً بالعداء لرجال الأعمال والاقتصاد الحر. نحن هكذا أمام احتمالين، أن يكون الرئيس القادم على قدر من الوعي والحصافة، بحيث يستفيد مرحلياً من هذه الروح المنكفئة على الذات، والمعادية للعالم المتحضر. ثم يتجه بمصر بعد ذلك نحو الانفتاح السياسي والاقتصادي والثقافي على العالم، مخلفاً وراء ظهره كل ما تم ترويجه من ترهات. والاحتمال الثاني أن يسير الرئيس القادم بالفعل على خطى عبد الناصر، مطعماً بنكهة سلفية، لكي يذهب بمصر إلى حقبة، ربما تكون الأكثر فشلاً وسواداً!!
• دولة مثل مصر، محكوم عليها أن تظل تُجر جراً في طريق الحضارة المعاصرة، فنخبتها يعتنقون تشكيلة من الأفكار البالية والعتيقة المدمرة، وشعبها يرزح في ثقافة متكلسة تستند للخرافة، وسلوكياته ربما هي الأسوأ بين سائر شعوب العالم. رغم كل هذا فإنها مدفوعة رغم أنفها في طريق الحداثة، حتى لو تم ذلك وهي تصرخ وتولول، شجباً للتبعية وضياع الاستقلال الوطني. . بالفعل كان عبد الناصر "يسمعني حين يراقصني، كلمات ليست كالكلمات". . ربما هذا سر خلوده، فالأفعال تزول من الذهن المصري ذي الثقافة الشفاهية، ولا تبقى إلا الكلمات!!. . القنوات الفضائية بتأثير من "التيار الشعبي" وغيره تروج للناصرية، وبالطبع على السيسي مراعاة ذلك، بالإضافة إلى ضغوط السلفيين والإخوان من أجل دولة دينية. الشباب بريء من اقتراف جريمة الناصرية، فكل الذنب على المدلسين، الذين أقنعوه أنها تعني عصر الوطنية والعزة والكرامة، وليست استصغار الوطن ومحو اسمه وتغيير علمه، وجعل مصر محط سخرية وشماتة الأصدقاء قبل الأعداء. كان المفترض الآن أن تكون الناصرية تهمة، تدخل تحت بند "السب العلني"!!. . ألا يوجد بمصر أي ظل لقوى ليبرالية حقيقية، أم أن الليبراليين قد لزموا الكنبة، يأساً، أو انتظاراً لانتهاء موجة الغوغائية الحالية؟!!
• لا مبرر للربط بين ما يحدث في اليمن من تقسيمات فيدرالية بين أقاليمه، وبين التوجس مما يسمى مخططات لتقسيم مصر. . التقسيم في اليمن واقع جغرافي وقبلي، والتقسيم من خلال الفيدرالية ربما يأتي بصيغة أكثر توفيقاً للتعاون بين مكوناته. سويسرا وأمريكا دول فيدرالية. هذه طبيعة الوضع في هذه الدول. أما مصر فدولة واحدة موحدة منذ فجر التاريخ. . المصيبة أن النخبة المصرية المفترض أن تحلل الأحداث، وتعرض للناس الحقائق المحلية أو الإقليمية، نخبة جاهلة ومضروبة بالعداء الماركسي أو المتأسلم للعالم. كل العذر للبسطاء، الذين يرددون من خلف هؤلاء هلاوسهم!!
• الأكثر من هراء الحديث عن ما يسمونه "أمة عربية"، هو هراء القول "بأمة إسلامية". . أظن أن حسن البنا وعبد الناصر، هما أهم من ساهموا في وقف مسيرة تحديث مصر، التي بدأها محمد على باشا. . منذ بداية القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، كانت مصر مصدر إشعاع حضاري للشعوب المجاورة. بعدها صارت كما لو منخفض، ترشح فيه مياة الصرف الملوثة، من كل ما يحيط بها. . لماذا لا نستعير شيخاً من شيوخ الخليج، وتحديداً من دولة الإمارات العربية المتحدة، لكي يحكم مصر، فيخرج بها من هاوية التخلف والسقوط التاريخي، إلى هذا العصر وحضارته؟!!
• أظن أن الحل لاستمرارية الإضرابات الفئوية، المطالبة بزيادة الأجور في هذه الظروف العصيبة، هو الفصل التلقائي للممتنع عن العمل، وللمعتصم الذي يعطل سيره. . هم أساساً أناس غير منتجين، حتى هؤلاء العاملين في مصانع. . الحزم مطلوب، ليس فقط في مقاومة الإرهابيين، فالاستنطاع لا يقل كثيراً في الخطر عن الإرهاب. . ربما تبدأ مسيرة النهضة المصرية، من إغلاق المدارس والمستشفيات الحكومية، وطرد المدرسين والأطباء، للعمل مثلاً في جمع القمامة. والبدء من نقطة الصفر.
• هي مأساة ألا نجد مرشحاً منافساً للسيسي، غير هذا النكسجي الصدامي القذافي. يتحدثون عن الفساد، وهم يسيرون خلف من كان يمد يده لصدام والقذافي. "محمد مرسي وأبو الفتوح وحمدين صباحي". ثلاثة أوجه لكارثة واحدة. ما نعانيه اليوم من جدب في مرشحي الرئاسة الجديرين بالمنصب، هو حصاد طبيعة علاقات المجتمع المصري، التي تطرد الكفاءات وتصعد الإمعات والمنافقين والجهلة.
• يوجد "نظام سياسي أمثل"، من حيث النتائج التي يحققها. لكن لا يوجد "نظام سياسي مثالي"، يصلح لكل زمان ومكان. فلكل حالة نظام يتفق مع ظروفها. وتتدرج النظم في رقيها الحضاري تدرج درجات سلم، لتصل في النهاية إلى ما سميناه "النظام السياسي الأمثل". ولم يوجد حتى الآن نظام سياسي قادر على استنبات الزهور والورد، في مستنقع مماثل للمستنقع المصري.
• لست ممن يؤمنون بأن "النفاق سيد الأخلاق"، حتى وإن رأي كثيرون أنه يكون كذلك في بعض الأوقات. . الشعب ينافق من يسمون أنفسهم ثواراً، في حين أن الثوار الحقيقيين الشرفاء، قد تراجعوا بعد خيبات "الثورجية المتأسلمين واليسارجية والعروبجية"، وانضم هؤلاء الشرفاء إلى صفوف الشعب المصري، الذي قام قومته الخالدة في 30 يونيو 2013. . لا شأن لنا نحن الكتلة الرئيسية من الشعب المصري بالإخوان والسلفيين وثورجية الفوضى مستمرة. وأتمنى أن يمثلنا في رئاسة الجمهورية أحمد شفيق، وأن يظل المشير/ السيسي قائداً عاماً للقوات المسلحة ووزير دفاع، وبطلاً قومياً تاريخياً.
اجمالي القراءات 9369