الكفر جريمة في حق الله يتولى وحده الحكم فيها
مهلا يا مجرمي التكفير

عبد الغاني بوشوار في الأحد ٠٢ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

مهلا يا مجرمي التكفير

 

يعيش المغاربة في الآونة الأخيرة مهزلة حقيقية وذهب بعض من تطفل على الدين الإسلامي إلى تكفير أعدائهم والمخالفين مع تصوراتهم الذين رفضوا الانصياع لفتياهم  وسلطتهم. ولقد أثارت هذه المهزلة فضولي وكتبت مقالة بعنوان "مهلا يا شيوخ التكفير" نشرت في بعض المواقع الإلكترونية. مغزى الأفكار التي وردت فيها هو أن الكفر من الكبائر التي خص الله جل وعلا نفسه بالحكم فيها وأن شيوخ التكفير تطاولوا على الرسول وعلى الله في اقتحامهم امورا لا تعنيهم وكأنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون  ببعضه. ومع كل هذا والاستدلال ببعض الآيات القرآنية ما يزال بعض الشيوخ يشهرون سلاح التكفير في وجه الكل وخصوصا أعدائهم السياسيين. وكمثال على هذا ما نشره الفقيه الأستاذ ابراهيم الطالب على الموقع الإلكتروني "هيسبريس" تحت عنوان: "تجريم التكفير أم تحرير الكفر من قيود التكفير؟" ويا حبذا لو اعتبر القراء الافاضل ما تفضل به المعلقون من آراء.

المهزلة تضخمت وزادت الطينة بلة باستدراج خطاب المكفرين نوعا آخر من الشيوخ في المغرب أطلق عليهم الفقيه وغيره العلمانيين وحددهم بالانتماء إلى حزب الاصالة والمعاصرة. والمصيبة أن الذين يصبون إلى تجريم التكفير يقعون في مصيدة المكفرين وهم بذلك يقعون في المحظور تماما مثلهم مثل أعدائهم من التكفيريين. وكأني بهم ينصبون أنفسهم مقام الله جل وعلا للحكم في المسألة التي تخصه وحده. لقد أمر الله نبي الإسلام أن لا يحزن بكفر من كفر، فكيف تحزنون يا من يسعى لتجريم التكفير؟

إن البرلمانيين الذين تحمسوا إلى تجريم ما هو بعيد عن اختصاصاتهم يقعون في نفس المحظور الي يقع فيه المكفرون. ويا حبذا لو تدخلت الدولة بثقلها لوضع حد لهكذا مهزلة. أليست هناك شؤون أخرى ، والله يعلم أن المجتمع يعج بها، يمكن للبرلمانيين أن يهتموا بها؟ وبعد ذلك، فإن تجريم التكفير من خصوصية الله يوم القيامة وما هي فرص التصويت عليه في البرلمان الذي يملك فيه الإسلاميون والأغلبية؟ تعقلوا يا أولاد ويا بنات الحلال. عظمة وعبقرية المسلمين المتنورين لا ينكرها إلا جاحد. والمسلمون والمسلمات لا يحتاجون إلى صكوك الغفران وشهادة ابراء الذمة من أي مخلوق خصوصا إذا كانوا من رجال ونساء الدين. وهل هم متأكدون من الفوز برضاء الله؟ وهل لديهم العلم بأن السيد "جوجل" يضع العلوم الشرعية بكاملها رهن اشارة كل من يستطيع القراءة من الدكاترة وغير الدكاترة، وهذا نوع آخر من الديمقراطية المعرفية والعلمية التي يناهضها من يريد السيطرة على العقول البشرية والجنية والالكترونية.ِ*

نصيحتي، وإن كانت تغني من شيء، هي أن تتركوا الموضوع لأهله الشرعيين المتمثلين في إمارة المؤمنين كما نص عليها الدستور الذي تعيشون في كنفه ولا تزعجون كثيرا لأن أعباء المعيشة أثقلت كاهل جميع المواطنين والمواطنات خارج الطبقة الحاكمة ومنهم "إيبا مامسة" وكاتب هذه السطور.

*الديمقراطية ليست غربية ولا شرقية ولا هم يحزنون.هي نظام حكم في استمرار التحسن للحد من سيطرة الانسان على الانسان وعلى البيئة. حتى ما يسمى بالدول الديمقراطية تسعى دائما جاهدة لتحسين أنظمة الحكم فيها، فكيف يتبادر إلى أذهان الشيوخ أننا نريد استيراد أنظمتهم ولدى المسلمين، والمغاربة منهم، أنظمهتم يسعى الخيرون والخيرات والمحبون للبشر تطويرها وتحسينها بطرق سلمية ليعم الخير الجميع. وينسى الشيوخ أن الحكمة ضالة المؤمن....

د. عبد الغاني بوشوار

باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية-اكادير
 

اجمالي القراءات 7964