الباب الرابع : إنتشار الاعتقاد فى أساطير الشفاعة
أساطير الشفاعة الحنبلية عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب( ب4 ف 3 )

آحمد صبحي منصور في السبت ٣٠ - نوفمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

النبى لا يشفع يوم الدين :( كتاب الشفاعة بين الاسلام والمسلمين )

 الباب الرابع : إنتشار الاعتقاد فى أساطير الشفاعة

الفصل الثالث : أساطيرالشفاعة الحنبلية عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب

أولا : حنابلة العصر المملوكى : ابن تيمية ومدرسته بين التصوف والحنبلية

1 ـ فى العصر المملوكى وقف السلاطين وكهنوتهم من أرباب التصوف السنى ضد متطرفى السّنة ( الحنابلة ) وضد متطرفى التصوف الذين يعلنون عقائد الاتحاد والحلول ووحدة الوجود .  ولهذا تعرض ابن تيمية ومدرسته الفقهية الحنبلية للإضطهاد لأنه حاول إسترجاع النفوذ الحنبلى الذى كان فى العصر العباسى الثانى.

2 ـ هذا ، مع إن مدرسة إبن تيمية الحنبلية ( ابن القيم ، وابن كثير وغيرهما ) لم تكن ضد التصوف نفسه ، بل ضد صوفية عصرهم فحسب ، إذ تتردد فى كتاباتهم تقدير أئمة التصوف السابقين المنافقين الذين كانوا وقت الاضطهاد يعبرون عن تصوفهم بالرمز ويعلنون تمسكهم بالكتاب والسّنة . كان إبن تيمية إبنا لعصره الذي دان بالتصوف ، فتأثر بالتصوف وحصر إنكاره على متطرفى التصوف من أصحاب الحلول والاتحاد ووحدة الوجود ، كما أنكر على شيوخ الجهل من عوام المتصوفة الذين كانوا أصحاب نفوذ بسبب الجماهير المؤمنة بهم من الرعاع والعوام . ونعطى بعض الملامح :

3 ـ يرى ابن تيمية في التصوف رأيا حسناً ، ويقول عن الصوفية (إن الصوفية مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ، ففيهم السابق بحسب اجتهاده ،وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين .. وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلاً ، فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه وأخرجوه عن الطريق مثل الجنيد سيد الطائفة وغيره ) . وواضح أن ابن تيمية مخدوع بالجنيد ومنافقي الصوفية الأوائل ، ويرى أن أصحاب الوحدة والاتحاد ليسوا من الصوفية. بل إن ابن تيمية يقدّس الجنيد مثل الصوفية يقول ( .. فإن الجنيد قدس الله روحه وكان من أئمة الهدى.).

ويعتقد ابن تيمية بكرامات الصوفية حتى ممن يعتبرهم أولياء للشيطان ، يقول عنهم ( وهؤلاء يأتيهم  أرواح تخاطبهم وتتمثل لهم وهي جنُّ وشياطين فيظنونها ملائكة .. وهذه الأرواح الشيطانية هي الروح الذي يزعم صاحب الفتوحات ( يعني ابن عربي ) أنه ألقى إليه ذلك الكتاب .. وأعرف من هؤلاء عدداً ، ومنهم من كان يُحمل في الهواء إلى مكان بعيد ويعود ، ومنهم من كان يؤتي بمال مسروق تسرقه الشياطين وتأتيه به ، ومنهم من كانت ( الشياطين ) تدله على السرقات بجُعل يحصل له من الناس ).( ومن هؤلاء من يأتيه الشيطان بأطعمة وفواكه وحلوى وغير ذلك مما لا يكون في ذلك الموضع ، ومنهم من يطير به الجني إلى مكة أو بيت المقدس أو غيرهما ، ومنهم من يحمله الى عرفه ثم يعيده في ليلته .. ومن هؤلاء من إذا أحضر سماع المُكاء والتصدية يتنزل عليه شيطانه حتى يحمله في الهواء ..) .( ابن تيمية : رسالة الصوفية والفقراء 16.،   الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان :99 ،  100 ، 141 : 142 ط صبيح .) وذلك التصديق بإدعاءات الصوفية وإمكانية حدوثها فعلاً هو اعتقاد العصر المملوكي الذي لم يستطع ابن تيمية الخروج عنه ، وإن رده إلى فعل شيطاني يناسب رأيه فيهم باعتبارهم كفرة ..

4 ـ هذا التسليم بالتصوف كدين أثّر على موقف ابن تيمية الحنبلى فى موقفه من صوفية عصره إذ ثار عليهم فتعرض للإضطهاد من سجن ومحاكمات ، ولكن تسليمه بالتصوف السّنى جعله يقدّس من إعتبرهم أئمة التصوف السّنى . وتجلى هذا فى موقف ابن تيمية فى موضوع الشفاعة .

ثانيا : الشفاعة عند ابن تيمية

1 ـ قلنا إن الشفاعة لله جل وعلا جميعا تعبيرا على تحكمه جل وعلا يوم الدين وأنه وحده جل وعلا مالك يوم الدين . وأن الشفاعة هى وظيفة مأمور بها ملائكة العمل الذين يحملون العمل الصالح لصاحب العمل الصالح فيقدمونه بعدإذن الرحمن ورضاه. وشرحنا أن أساطير الحنابلة جعلت النبى هو صاحب الشفاعة العظمى الذى تشمل جماعته الجميع ، وأنه عندهم يجب التوسل بالله ليعطى محمدا الوسيلة والدرجة الرفيعة ( الشفاعة ) أى أن يتوسط الله جل وعلا عند محمد كى يشفع محمد فى الناس . أى بدلا من ان يدعو المؤمن ربه بالدعاء الشامل الكامل قائلا (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)) ( البقرة ) فعلى العكس يتوسل بالله لكى يعطى محمدا الشفاعة فيشفع فيه محمد .!! كل هذه التعقيدات كى يكون محمد مالكا ليوم الدين بدون رب العالمين .

2 ـ لم يأت ابن تيمية بجديد فى موضوع الشفاعة ، إذ كان يؤمن بالأحاديث الحنبلية التى تتكلم عن أساطير شفاعة النبى وشفاعة الأولياء حتى للمشركين ، ومن خلالها ينظر للآيات القرآنية بالطريقة الحنبلية فتجعل الشفاعة للبشر ضمن الإذن الرضى الالهى ، ويعتبر أولياء التصوف السابقين ممن رضى له الله بشفاعتهم وأذن بها . ولكنه فى مواجهته لصوفية عصره يحرمهم من تلك الشفاعات ويجعل شفاعاتهم ضمن شفاعات المشركين التى لا تتمتع برضى الله جل وعلا . أى إن ابن تيمية جعل نفسه المتحدث الرسمى باسم الله والموكول له تحديد من يرضى الله جل وعلا بشفاعتهم أو يرفضها . لذا قرّر أن خصومه من صوفية عصره لا يتمتعون بالإذن والرضى الالهى فى الشفاعة لأنهم مشركون ، أما شيوخ الصوفية السابقون فهم يتمتعون بهذا رضى الالهى .ونعطى أمثلة من كتاباته :

3 ـ فى ( مجموع فتاوى ابن تيمية – 11 – المجلد الحادي عشر : (الآداب والتصوف) يقول عن شفاعة الانبياء والأولياء : ( ومع هذا فالمؤمنون ـ الأنبياء وسائر الأولياء ـ لا يشفعون لأحد إلابإذن الله،كما قال تعالى‏:‏(‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّبِإِذْنِهِ‏)‏[ البقرة‏:‏ 255 ‏]‏،وقال‏:‏ ( ‏وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّالِمَنِ ارْتَضَى‏)‏‏[‏الأنبياء‏:‏28‏]‏،وقال تعالى‏:‏ ‏( ‏وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍلِلَّهِ‏)‏ ‏[‏الانفطار‏:‏19‏‏.) هنا يجعل ابن تيمية الشفاعة للأنبياء والأولياء الصوفية بعد إذن الله جل وعلا بنفس التأويل الحنبلى . ثم يقول عن شفاعة النبى المزعومة : ( ومن المعلوم أن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم... وإذا كان يوم القيامة يجىء الناس إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثمموسى، ثم عيسى، فيطلبون الشفاعة منهم، فلا يشفع لهم أحد من هؤلاء الذين هم سادةالخلق، حتى يأتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم ، فيأتي ربه فيحمده بمحامد ويسجد له،فإذا أذن له في الشفاعة شفع لهم‏.‏ فهذه حال هؤلاء الذين هم أفضل الخلق، فكيفغيرهم‏؟‏) .

ثم يلتفت إبن تيمية لشيوخ الصوفية فى عصره ومريديهم فيقول : ( وأما قول القائل‏:‏ أنت للشيخ فلان، وهو شيخك في الدنيا والآخرة فهذه بدعة منكرة من جهة أنه جعل نفسه لغير الله، ومن جهة أن قوله‏:‏شيخك في الدنيا والآخرة كلام لا حقيقة له، فإنه إن أراد أنه يكون معه في الجنة،فهذا إلى الله لا إليه، وإن أراد أنه يشفع فيه فلا يشفع أحد لأحد إلا بإذن اللهتعالى، إن أذن له أن يشفع فيه وإلا لم يشفع، وليس بقوله‏:‏ أنت شيخي في الآخرة يكونشافعًا له ـ هذا إن كان الشيخ ممن له شفاعة ـ فقد تقدم أن سيد المرسلين والخلقلايشفع حتى يأذن الله له في الشفاعة بعد امتناع غيره منها‏.‏ وكم من مدع للمشيخةوفيه نقص من العلم والإيمان ما لا يعلمه إلا الله تعالى‏.‏وهذا كلام أهل الشرك والضلال.. فنفى الرب هذا كله فلم يبق إلاالشفاعة‏.‏ فقال‏ :‏(وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَلَهُ)‏‏[‏سبأ‏:‏23‏]‏وقال‏:‏‏‏( مَن ذَا الَّذِييَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)‏‏البقرة‏:‏255‏]‏ فهو الذييأذن في الشفاعة وهو الذي يقبلها فالجميع منه وحده، وكلما كان الرجل أعظم إخلاصا‏:‏كانت شفاعة الرسول أقرب إليه‏.‏ قال له أبو هريرة‏:‏ من أسعد الناس بشفاعتك يا رسولالله ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله‏)‏‏.‏وأما الذين يتوكلون على فلان ليشفع لهم من دون الله تعالى ويتعلقونبفلان فهؤلاء من جنس المشركين الذين اتخذوا شفعاء من دون الله تعالى‏.‏قال اللهتعالى‏:‏‏(‏أَمِاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَشَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا)‏ [‏الزمر‏:‏43، 44‏]‏وقال الله تعالى‏:(‏ ‏‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَىالْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَاشَفِيعٍ)[‏السجدة‏:‏4 ).(..ومع هذا فالمؤمنون ـ الأنبياء وسائر الأولياء ـ لا يشفعون لأحد إلابإذن الله،كما قال تعالى‏:‏ ‏‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّبِإِذْنِهِ‏}البقرة‏:‏ 255 ‏]‏، وقال‏:‏ ‏وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّالِمَنِ ارْتَضَى‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏28‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏‏وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍلِلَّهِ‏}‏ ‏[‏الانفطار‏:‏19‏]‏ ).

3 ـ وفى كتابه (الجَوَاب ُالبَاِهر في زُوَّارِ المَقَابِر ) يعيد نفس القول عن الشفاعة المزعومة للنبى : ( ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد الشفعاء لديه، وشفاعته أعظم الشفاعات، وجاهه عند الله أعظم الجاهات. ويوم القيامة إذا طلب الخلق الشفاعة من آدم ثم من نوح ثم من إبراهيم ثم من موسى ثم من عيسى كل واحد يحيلهم على الآخر فإذا جاءوا إلى المسيح يقول : اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؛ قال : { فأذهب فإذا رأيت ربي خررت له ساجدا وأحمد ربي بمحامد يفتحها علي لا أحسنها الآن فيقال : أي محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع . قال : فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة } الحديث . فمن أنكر شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر فهو مبتدع ضال كما ينكرها الخوارج والمعتزلة . ).ويتعرض للخلاف حول الشفاعة : ( واحتج بكثير منه الخوارج والمعتزلة على منع الشفاعة لأهل الكبائر؛إذ منعوا أن يشفع لمن يستحق العذاب، أو أن يخرج من النار من يدخلها، ولم ينفواالشفاعة لأهل الثواب فى زيادة الثواب‏.‏) ويقول عن ديه الحنبلى ( دين العوام ) : ( ومذهب سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة‏:‏ إثبات الشفاعةلأهل الكبائر، والقول بأنه يخرج من النار مَنْ فى قلبه مثقال ذرة من إيمان‏.‏).

4 ـ ثم يؤكد شفاعة النبى للمشركين ، وهذا تناقض مع موقفه من خصومه الصوفية الذين يتهمهم بالشرك ، يقول عن شفاعة النبى : ( وأيضاً، فالأحاديث المستفيضة عن النبى صلى الله عليه وسلم فىالشفاعة‏:‏ فيها استشفاع أهل الموقف ليقضى بينهم، وفيهم المؤمن والكافر، وهذا فيهنوع شفاعة للكفار‏.‏ وأيضاً، ففى الصحيح عن العباس بن عبد المطلب أنه قال‏:‏ يارسول اللّه، هل نفعتَ أبا طالب بشىء ‏؟‏ فإنه كان يَحُوطك ويغضب لك‏.‏ قال‏:‏‏(‏نعم هو فى ضَحْضاح من نار، ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار‏)‏، وعن عبداللّه بن الحارث قال‏:‏ سمعت العباس يقول‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه، إن أبا طالب كانيحوطك وينصرك، فهل نفعه ذلك ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم، وجدته فى غمرات من نار فأخرجته إلىضحضاح‏)‏‏.‏وعن أبى سعيد الخدرى ــ رضى اللّه عنهــ أن رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب، فقال‏:‏ ‏(‏لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة فيجعلفى ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه، يغلى منه دماغه‏)‏‏.‏فهذا نص صحيح صريح لشفاعته فى بعض الكفار أن يخفف عنه العذاب، بل فىأن يجعل أهون أهل النار عذاباً، كما فى الصحيح أيضاً عن ابن عباس‏:‏ أن رسول اللّهصلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أهون أهل النار عذابا أبو طالب، وهو منتعل بنعلينيغلى منهما دماغه‏)‏‏.‏وعن أبى سعيد الخدرى؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏‏(‏إن أدنى أهل النار عذاباً منتعل بنعلين من نار، يغلى دماغه من حرارة نعليه‏)‏ ،وعن النعمان بن بشير قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إن أهونأهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع فى أخمص قدميه جمرتان، يغلى منهما دماغه‏)‏، وعنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن أهون أهل النار عذاباًمن له نعلان وشراكان من نار، يغلى منهما دماغه، كما يغلى المِرْجَل، ما يرى أنأحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً‏)‏‏.‏

5 ـ ثم يجعل التوسل بالنبى لطلب الشفاعة فريضة تعبدية: ( والناس يطلبون الشفاعة يوم القيامة من الأنبياء، ومحمد صلى الله عليه وسلم وهوسيد الشفعاء، وله شفاعات يختص بها ومع هذا فقد ثبت فى الصحيحين عن النبى صلى اللهعليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىّ ،فإنهمن صلى علىّ مرة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لى الوسيلة، فإنها درجة فىالجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون ذلك العبد‏!‏ فمن سأل الله لىالوسيلة حَلت عليه شفاعتى يوم القيامة‏..‏.‏ فعلى كل أحد أن يؤمن بهوبما جاء به ويتبعه فى باطنه وظاهره‏.‏ والإيمان به ومتابعته هو سبيل الله، وهو دينالله، وهو عبادة الله، وهو طاعة الله، وهو طريق أولياء الله، وهو الوسيلة التىأمر الله بها عباده فى قوله تعالى‏:‏ ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 35‏]‏‏.‏ فابتغاء الوسيلة إلى الله إنما (‏وهو صلى الله عليه وسلم شفيع الخلائق صاحب المقام المحمود الذىيغبطه به الأولون والآخرون، فهو أعظم الشفعاء قدراً وأعلاهم جاها عند الله... ومحمد صلى الله عليه وسلم أعظم جاها من جميع الأنبياء والمرسلين،لكن شفاعته ودعاؤه إنما ينتفع به من شفع له الرسول ودعا له، فمن دعا له الرسول وشفعله توسل إلى الله بشفاعته ودعائه، كما كان أصحابه يتوسلون إلى الله بدعائه وشفاعته،وكما يتوسل الناس يوم القيامة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ بدعائه وشفاعته، صلى اللهعليه وعلى آله وسلم تسليما‏.‏ ).

6 ـ ويعود للتأكيد على شفاعة النبى فى المشكرين متناقضا مع نفسه ، فيقول : (فإذا كان فى الكفارمن خف كفره بسبب نصرته ومعونته، فإنه تنفعهشفاعته فى تخفيف العذاب عنه لا فى إسقاط العذاب بالكلية، كما في صحيح مسلم عنالعباس بن عبد المطلب أنه قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، فهل نفعت أبا طالب بشىء،فإنه كان يحوطك ويغضب لك ‏؟‏ قال ‏:‏‏(‏نعم هو فى ضحْضاح من نار، ولولا أنا لكان فىالدرْك الأسفل من النار‏)‏، وفى لفظ‏:‏ إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ويغضب لك فهلنفعه ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم، وجدته فى غمرات من نار فأخرجته إلى ضحضاح‏)‏، وفيه عنأبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال‏:‏ ‏(‏لعلهتنفعه شفاعتى يوم القيامة فيجعل فى ضحضاح من النار يبلغ كعْبيه يغلى منهمادماغه‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏إن أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعل بنعلين من ناريغلى منهما دماغه‏)‏‏.‏وكذلك ينفع دعاؤه لهم بألا يُعجل عليهم العذاب فى الدنيا كما كانصلى الله عليه وسلم يحكى نبياً من الأنبياء ضربه قومه وهو يقول‏:‏ ‏(‏اللهم اغفرلقومى فإنهم لا يعلمون‏)‏‏.‏ وروى أنه دعا بذلك أن اغفر لهم فلا تعجل عليهم العذابفى الدنيا؛ .. فقد يدعو لبعض الكفار بأن يهديه الله أو يرزقه فيهديه أويرزقه، كما دعا لأم أبى هريرة حتى هداها الله، وكما دعا لدوس فقال‏:‏ ‏(‏اللهم اهـددوسـاً وائت بهم‏)‏، فهداهم الله، وكما روى أبو داود أنه استسقى لبعض المشركين لماطلبوا منه أن يستسقى لهم، فاستسقى لهم، وكان ذلك إحسانا منه إليهم يتألف به قلوبهمكما كان يتألفهم بغير ذلك‏.‏).

7 ـ ويعود للثرثرة : (وقد اتفق المسلمون على أنه صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق جاهاً عندالله، لا جاه لمخلوق عند الله أعظم من جاهه، ولا شفاعة أعظم من شفاعته ...‏وأما شفاعته ودعاؤه للمؤمنين فهى نافعة فى الدنيا والدين باتفاقالمسلمين، وكذلك شفاعته للمؤمنين يوم القيامة فى زيادة الثواب ورفع الدرجات متفقعليها بين المسلمين‏.‏ وقد قيل‏:‏ إن بعض أهل البدعة ينكرها‏.‏وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته فمتفق عليها بين الصحابة والتابعينلهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم، وأنكرها كثير من أهل البدع منالخوارج والمعتزلة والزيدية، وقال هؤلاء‏:‏ من يدخل النار لا يخرج منها لا بشفاعةولا غيرها، وعند هؤلاء ما ثم إلا من يدخل الجنة فلا يدخل النار، ومن يدخل النار فلايدخل الجنة، ولا يجتمع عندهم فى الشخص الواحد ثواب وعقاب‏.‏ وأما الصحابة والتابعونلهم بإحسان وسائر الأئمة كالأربعة وغيرهم، فيقرون بما تواترت به الأحاديث الصحيحةعن النبى صلى الله عليه وسلم أن الله يخرج من النار قوماً بعد أن يعذبهم الله ماشاء أن يعذبهم، يخرجهم بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويخرج آخرين بشفاعة غيره،ويخرج قوماً بلا شفاعة‏.‏)

8 ـ وفى ثرثرته يعيد الردّ على منكرى الشفاعة فيقول : ( واحتج هؤلاء المنكرون للشفاعة بقوله تعالى‏:‏ ‏{وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّتَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 48‏]‏، وبقوله‏:‏ ‏{وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَاعَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 123‏]‏،وبقوله‏:‏ ‏{مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَخُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 254‏]‏، وبقوله‏:‏ ‏{مَالِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يطاع}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 18‏]‏،وبقوله‏:‏ ‏{فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 48‏]‏‏.‏وجواب أهل السنة أن هذا يراد به شيئان‏:‏أحدهما‏:‏ أنها لا تنفع المشركين، كما قال تعالى فى نعتهم‏:‏ ‏{مَا سَلَكَكُمْفِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُالْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِالدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُالشَّافِعِينَ}‏ ‏[‏المدثر‏:‏42‏:‏ 48‏]‏، فهؤلاء نفى عنهم نفعشفاعة الشافعين لأنهم كانوا كفاراً‏.‏والثانى‏:‏ أنه يراد بذلك نفى الشفاعة التى يثبتها أهل الشرك، ومنشابههم من أهل البدع، من أهل الكتاب والمسلمين الذين يظنون أن للخلق عند الله منالقدر أن يشفعوا عنده بغير إذنه..)

9 ـ ويعود يثرثر فى موضوع التوسل ، والجديد هنا أن إبن تيمية يحكم بكفر وقتل من يخالف وجهة نظره : ( ولفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور‏.‏ يراد به أمران متفق عليهمابين المسلمين ‏:‏أحدهما‏:‏ هو أصل الإيمان والإسلام، وهو التوسل بالإيمان به وبطاعته‏.‏والثاني‏:‏ دعاؤه وشفاعته، وهذا أيضًا نافع يتوسل به من دعا له وشفعفيه باتفاق المسلمين‏.‏ ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتديستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدًا‏.‏ ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين،وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة، فمن أنكر هذا المعنى فكفرهظاهر للخاصة والعامة‏.‏وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو أيضًاكافر، لكن هذا أخفى من الأول، فمن أنكره عن جهل عُرِّف ذلك، فإن أصر على إنكاره فهومرتد‏.‏أما دعاؤه وشفاعته فى الدنيا فلم ينكره أحد من أهل القبلة‏.‏وأما الشفاعة يوم القيامة فمذهب أهل السنة والجماعة ـ وهم الصحابةوالتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم ـ أن له شفاعات يومالقيامة خاصة وعامة، وأنه يشفع فيمن يأذن الله أن يشفع فيه من أمته من أهلالكبائر‏.‏ ولا ينتفع بشفاعته إلا أهل التوحيد المؤمنون، دون أهل الشرك، ولو كانالمشرك محبًا له معظمًا له لم تنقذه شفاعته من النار، وإنما ينجيه من النار التوحيدوالإيمان به، ولهذا لما كان أبو طالب وغيره يحبونه ولم يُقِرُّوا بالتوحيد الذى جاءبه لم يمكن أن يخرجوا من النار بشفاعته ولا بغيرها‏.‏)

 ( وذكر صلى الله عليه وسلم أنه من سأل الله له الوسيلة حلت عليه شفاعتهيوم القيامة، فبين أن شفاعته تنال باتباعه بما جاء به من التوحيد والإيمان‏.‏وبالدعاء الذى سن لنا أن ندعو له به‏.‏وفى صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىّ فإن من صلى علىصلاة صلى الله عليه عشرًا، ثم سَلوا الله لى الوسيلة، فإنها درجة فى الجنة لا تنبغىإلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد، فمن سأل الله لى الوسيلة حلتعليه الشفاعة‏)‏‏.‏ وسؤال الأمة له الوسيلةهو دعاء له وهو معنى الشفاعة. )

 10 ـ وفى ثرثرة أخرى يجيب على سؤال : ما يجوز وما لايجوز من الاستشفاع والتوسل بالأنبياء والصالحين‏.‏فيقول : ( أجمع المسلمون على أن النبى صلى الله عليهوسلم يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك، وبعد أن يأذن الله له فىالشفاعة‏.‏ ثم إن أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه الصحابة ـ رضوان اللهعليهم أجمعين ـ واستفاضت به السنن من أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر منأمته، ويشفع أيضا لعموم الخلق‏.‏فله صلى الله عليه وسلم شفاعات يختص بها لا يشركه فيها أحد، وشفاعاتيشركه فيها غيره من الأنبياء والصالحين، لكن ما له فيها أفضل مما لغيره، فإنه صلىالله عليه وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على ربه عز وجل، وله من الفضائل التى ميزه اللهبها على سائر النبيين ما يضيق هذا الموضع عن بسطه، ومن ذلك ‏[‏المقام المحمود‏]‏الذى يغبطه به الأولون والآخرون، وأحاديث الشفاعة كثيرة متواترة، منها فى الصحيحينأحاديث متعددة، وفى السنن والمساند مما يكثر عدده‏.‏ )

  ثالثا : الشفاعة عند ابن عبد الوهاب

 1 ـ سار على طريقة ابن تيمية . يقول فى كتابه ( كشف الشبهات )عن شفاعة النبى المزعومة : ( فَإِنْ قَالَ :أتُنْكِرُ شَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتتَبْرَأُ مِنْهَا ؟ فَقُلْ لاَ أُنْكِرُهَا ، وَلاَ أتَبَرَّأُ مِنْهَا، بَلْ هُوَ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ ، وَأَرْجُو شَفَاعَتَهُ ، وَلكِنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا للَّهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً}( ). وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}( ) ، وَلاَ يَشْفَعُ فِي أَحَدٍ إِلاَّ بَعْدَ أنْ يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} ، وَهُوَ لاَ يَرْضى إِلاَّ التَّوْحِيدَ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - {وَمَنْ يَبْتَغ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } ( ). فَإِذَا كَانَتِ الشَّفَاعَةُ كُلُّهَا لِلَّهِ ، وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ إِذْنِهِ ، وَلاَ يَشْفَعُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَلاَ غَيرُهُ فِي أحَدٍ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ ، وَلاَ يَأْذَنُ الله تعالى إِلاَّ لأَهْلِ التَّوْحِيدِ تَبَيَّنَ أنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا لِلَّه ، وَأطْلُبُهَا مِنْه - سبحانهُ - فَأَقُولُ : اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنِي شَفَاعَتَه ، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ ، وَأمْثَالُ هَذَا . ) .

(فإِنْ قَالَ : النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُعْطِيَ الشَّفَاعَةَ ، وَأنَا أطْلُبْهُ مِمَّا أعْطَاهُ اللَّهُ. فَالْجَوَابُ : أَنَّ اللَّهَ أعْطَاهُ الشَّفَاعَةَ، وَنَهَاكَ عَنْ هَذَا ، وَقَالَ تَعَالَى {فَلاَ تَدْعُوا مَع اللَّهِ أحَدًا} ( ) وَطَلَبُكَ مِنَ اللَّهِ شَفَاعَةَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عِبَادَةٌ ، وَاللَّهُ نَهَاكَ أنْ تُشْرِكَ في هَذِهِ الْعِبَادَةِ أَحَدًا ، فَإذَا كُنْتَ تَدْعُو اللَّهَ أنْ يُشَفِّعَ نبيه فيكَ فَأَطِعْهُ فِي قَوْلِهِ {فَلاَ تَدْعُوا مَع اللَّهِ أحَدًا} ( ) .

2 ـ ويقول عن شفاعة الأولياء ( وَأَيْضاً فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ أُعْطِيَهَا غَيْرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَصَحَّ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ يَشْفَعُونَ ، وَالأَفْرَاطَ يَشْفَعُونَ ، وَالأَوْلِيَاءَ يَشْفَعُونَ . أَتَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ أعْطَاهُم الشَّفَاعَةَ، فَأطْلُبُهَا مِنْهُمْ ؟ فَإِنْ قُلْتَ هَذَا رَجَعْتَ إِلَى عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ - التِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ - . وَانْ قُلْتَ : لاَ ، بَطَلَ قَوْلُكَ : أعْطَاهُ اللَّهُ الشَّفَاعَةَ، وَأنَا أطْلُبُهُ ممَّا أعْطَاهُ اللَّه.)

3 ـ وعن إيمانه بأولياء التصوف وكراماتهم يقول :( وَإنْ قَالَ :{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }( ) فَقُلْ : هَذَا هُوَ الْحَقُّ ، وَلكِنْ لا يُعْبَدُونَ . وَنَحْنُ لاَ نُنْكِرُ إِلاَّ عِبَادَتَهُمْ مَع اللَّهِ ، وَإِشْرَاكَهُمْ مَعَهُ . وَإِلاَّ فَاَلوَاجِبُ عَلَيْكَ حُبُّهُمْ ، وَاتِّبَاعُهُمْ ، وَالإقْرَارُ بِكَرَامَاتِهِمْ . وَلاَ يَجْحَدُ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ إِلاَّ أهْلُ الْبِدَع وَالضَّلاَلاَتِ . )

 3 ـ ودافع بعض أئمة الوهابية عن الاههم ابن عبد الوهاب وردوا على اتهامات خصومه له ومنها موضوع الشفاعة فقالوا : ( ثالثا : إنكار شفاعته صلى الله عليه وسلم : ويتولى الشيخ جواب هذه الشبهة ، حيث يقول : يزعمون أننا ننكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم ، بل نشهد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع ، صاحب المقام المحمود ، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفعه فينا ، وأن يحشرنا تحت لوائه . ( الدرر السنية 1/64،63 )ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضى ، كما قال تعالى : (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )) وقال تعالى :( من ذا الذي يشفعه عنده إلا بإذنه )( الدرر السنية 1/31 ).

المسألة الثالثة : كرامات الأولياء: يشيع بعض الناس أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب ينكر كرامات الأولياء .ويدحض هذا الافتراء أن الشيخ رحمه الله قد قرر في عدد من المواضع معتقده الصريح في هذا الأمر بخلاف ما يشاع ، من ذلك قوله ضمن كلام له يبين فيه معتقده : وأقر بكرامات الأولياء ( الدرر السنية 1/32 )وليت شعري كيف يتهم الشيخ بذلك وهو الذي يصف منكري كرامات الأولياء بأنهم أهل بدع وضلال ، حيث يقول :ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال . ( مؤلفات الشيخ 1/169 )

اجمالي القراءات 11176