زوجات وأمهات أولاد !?
هل يفلح المؤمنون يوما ، في فهم وهضم وتفسير الآيات الأولى في سورة المؤمنون تفسيرا مصيبا لا لبس فيه ؟؟؟

يحي فوزي نشاشبي في الجمعة ٣١ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله  الرحمن  الرحيم

هل  سيفلح  المؤمنون ، يوما ، 

في  فهم  وهضم  وتفسير  الآيات الأولى  في  سورة  المؤمنون

تفسيرا  مصيبا  لا  لبس  فيه ؟؟؟

لقد نشرالأستاذ رضا البطاوي- مشكورا- موضوعا هاما جدا، وقد اكتسب أهميته كونه موضوعا ما زال محتفظا بهالة من الغموض المثيرة للتساؤلات التي تبقى عالقة بذهن المتدبر في الحديث المنزل. وعنوان الموضوع المنشور بتاريخ 23/05/2013 هو:  متعة النساء  لا  إباحة لها  في  الوحي .

ومن الملاحظ أن  موضوع الزواج المؤقت المعبر عنه  بزواج  المتعة  لم  يواجه  ببحث وفهم  وتدبر مواجهة مباشرة مجردة  من أية خلفية، لا سيما خلفية تاريخية وإن  كل من سولت له نفسه الملحة أن يخوض في هذا الغمار، يخرج منه كيومه الأول، بل قد  يرجع  منه وهو مثقل  بمزيد من ارتباك وأسئله محيرة، والسبب هو ذلك الكم الهائل من أنقاض مصنوعة من روايات أو افتراءات متقاطعة  متناقضة.

وأما إذا تجرأ هذا الشجاع المغامر، وعقد النية والعزم على أن لا يعتمد في تدبره إلا على حديث الخالق الرحمان الرحيم المنزل، فإنه سيخرج أيضا بنفس الحيرة والإرتباك وعدم الفهم  إو بعدم الإرتياح والإطمئنان إلى ما  يكون ذهب به فهمه على الرغم من  أن الحديث المنزل هو عبارة عن آيات بينات مبينات، مما يجعل المرء معتقدا مطمئنا إلى أن القصور فيه هو، وأن هناك  سببا ما غريبا .

ومن الملاحظ أيضا أن مختلف المرشدين والمفسرين لا يتصدون بما فيه الكفاية لهذا الموضوع من القرآن وحده لا شريك له، بل منهم أولئك الذين يكتفون بالإفتاء بأن أي زواج  خارج  ذلك الزواج المعروف هو محرم، وأولئك الذين يفتون بأنه  أي ذلك الزواج المؤقت (زواج المتعة) كان جائزا ثم حرّم، وربما هناك آولئك  الذين يفتون بأنه جائز ولم  يحرّم، إلى غير ذلك من متاهات أخرى، بدون أن يشفوا غليل الحائرين المتسائلين : هل هناك من يمكن أن يحلل ثم  يحرم ؟  أو يحرم  ثم  يحلل ؟  غير الله  سبحانه  وتعالى ؟ وهل يبقى من المعقول أن يصبح أمرٌ محرما بعد أن كان في يوم من الأيام غيرَ محرم ؟

ويبدو أن الجميع  لم  يتوصلوا بعد إلى فهم وهضمم ما فهموه من الآيات  القرآنية  ومنهم من يتحاشى الخوض بشجاعة  في الموضوع، كأن لسان حالهم يقول إن هناك صعوبة ما أو لغزا ما أو تأويلا ما، للخروج من مأزق وعورة تدبرهذا الموضوع والخروج بفهم واضح مضبوط  في النهاية، أو كأنّ لسان حالهم  يلمح إلى أنهم يستنكرون أيما استنكار تصرفات تلك الشخصيات التي عاصرت  سيدنا  محمد بن عبد الله النبي (عليه الصلاة والتسليم) أو تلك التي جاءت مباشرة بعد عصره، وهلم تتابعا، وهي الشخصيات التي  تعج منها شتى المرويات وحوليات التاريخ ، بأنها أي  تلك  الشخصيات :

* كانت متزوجة زوجات عديدة، وفضلا عن ذلك كانت متحكمة في ما تسميه  سبايا أو جوار، وكان لها التصرف المطلق فيهن وحتى جنسيا، وربما بدون  اللجوء إلى أي نوع من أي زواج. ولذلك يحمل التاريخ أصنافا شتى، ومنها  على سبيل المثال فقط -  إن  صدقنا  ما يقوله  لنا  التاريخ  - :

أ) أن الخليفه  عمر  بن  الخطاب  كان  :

أنجب أولادا وبنات من عدة زوجات وجوار، أو (أمهات أولاد) بالتعبير التراثى. أكبر أولاده واشهرهم  عبد الله بن عمر ، وعبد الرحمن وحفصة وأمهم زينب بنت مظعون. ثم زيد الأكبر ورقية وأمهما أم كلثوم بنت علي بـــن أبي طالـــب  وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم زيد الأصغر وعبيد الله ، وأمهما أم كلثوم بنت جرول من خزاعة. ثم  عاصم وأمه جميلة بنت ثابت من الأنصار ، ثم عبد الرحمن الأوسط  وأمه لهية أم ولد، وعبد الرحمن الأصغر وأمه أم ولد، وفاطمة وأمها أم حكيم بنت الحارث المخزومية ، وزينب وهي أصغر ولد عمر وأمها  فكيهة أم ولد  وعياض بن عمر وأمه عاتكة بنت زيد بنعمرو بن نفيل . ومن أولاد عمر جميعا أشتهر إثنان : عبد الله وعبيد الله .

وكما أسلفت، فإن الملفت في هذه المقدمة هي أن سيدنا عمر بن الخطاب أنجب أولادا وبنات من عدة زوجات وعدة جوار أو (أمهات أولاد) بالتعبير التراثي..... كما هو مشهور .

 01) يمكن لأي أحد أن يذهب به فهمه أو استنتاجه إلى أن للسيد عمر بن الخطاب زوجات عدة  وأن له أيضا عدة جوار.

02) وأنه أي سيدنا عمر بن الخطاب أنجب أولادا من زوجاته العديدات كما  أنجب أيضا أولادا من جواريه العديدات ؟

03) وأن المرأة التي تلد تسمى أما، وهي أم أولادها التي  أنجبتهم، وهي في نفس الوقت زوجة لبعلها ؟

04) والمرأة الأخرى التي يطلق عليها إسم  جاريــة، عندما تلد هي الأخرى ، فإنها تسمى أما لولدها التي تكون ولدته ...  وذلك الرجل الذي كان السبب  في أن تلد له  ما  ولدت ، فما هو محله من الإعراب هنا ؟ هل هو والد  ذلك المولود ؟ وهذا هو الرد الصحيح حتما، ولكن كيف حدث أن لقبت الوالدة الأولى زوجة ولقبت الثانية (جارية وأم ولد) ؟ ألا تصبح كل واحدة  منهما أم  ولـد عندما  تلد ؟ وكيف حدث أن أصبحت الأولى  تسمى زوجة وأمّا فقط ، بدون مضاف؟ والثانية  تركت ترزح  في مستوى جارية ؟ وإذا حدث أن ولدت يتبعها أو يسلط عليها مضاف، وهو مضاف مجرد  من ألف ولام ؟ من أدنى تعريف ؟ أم ولد ؟

05) هناك من المفسرين المجتهدين ، ولعل التعبير المناسب هو: غير المجتهدين الذين يعتنقون رأيا وهو أن لا فرق هناك بين الزوجة والجارية...  وأن لا زواج  إلا  الزواج الشرعي  المعروف بشروطه وأركانه... وهكذا، وهلم استفسارا  وحيرة وارتباكا وتناقضا !!!???

06) ومن  يدري ؟ لعل  في جعبة التاريخ ما  يشير إلى  أن  لعلي بن أبي طالب وغيره  مثل عثمان بن عفان ، أو أبي  بكر ، أو معاوية ،  لعل  لكل  واحد  منهم  ما  شاء الله من ملك  اليمين ؟  وبالتالي  من  أولاد  من  زوجات  وأولاد  آخرين  من أمهات  أولاد ؟

فمن المتوقع أن كل من قرأ أو سمع  مثل  هذه  التفاصيل ، تقف  أمامه  أسئلة  شتى محدقة  فيه  بل  ومتحدية  إياه .  ومنها على سبيل المثال :

1) إما أن يكون كل ما حمله  لنا  التاريخ مزيفا باطلا جملة وتفصيلا ، لأن مثل هذه  الشخصيات يستحيل لها  أن  تقترف  مثل هذه  المخالفات !?

2) وإما أن تكون مثل هذه الشخصيات وغيرها عبرمختلف العصور والأزمان اقتنعت  فعلا بذلك، ومارسته واقترفته وهي  مطمئنة أنها على صواب، وأنها لم تخالف أمرا في تعاليم الخالق سبحانه وتعالى عندما مارست مثل تلك الأنواع  من الزيجات ، أو غيرها  من العلاقات  الجنسية  التي لم  تبلغ  درجة أي زواج ؟  أو لعلها مع  ذلك  تحسب  أنها  تحسن صنعا بل وأنها طامعة  ومحتسبة  مزيدا  من الأجرعند  ربها .

3) وإما أن يكون التاريخ صادقا إلى حد  بعيد،  وأن تلك الشخصيات كانت فعلا مصابة بضعف ولم يكن لها أي عزم  فاقترفت  فعلا  ما  اقترفته  من تلك الأنواع الفاسدة  من العلاقات .

4) وعندما يكون ذلك  كذلك ،  فما بال هؤلاء  المرشدون  المتحمسون وبإسراف إلى الإتيان بشتى الأمثلة من الأسلاف الأطهار، بل وعدم التورع  أو التحرج  في  التصريح  بأن  هذا  لا  العصر يصلح  إلا  بما  صلحت  به  الأزمان الأولى؟ 

وهل يعنون ما يقولون ؟ وهل يقصدون أن لنا الأسوة في ما ذهب إليه مثلا الأسلاف  في  هذا  الموضوع  بالذات ؟ موضوع  زواج  المتعة،  أو السبابا  أو الجواري ، أو التوقع  بأن  هناك  زوجات  هن  والدات ،  وأخريات  هن أمهات  أولاد  لكن مع  ذلك  لا  يمكن  أن يبلغن  درجة  الزوجة ، أو  درجة  الأم ؟

5) وياختصار، فما هو سبب  هذا  الموضوع  الهائل  المسكوت  عنه من  طرف الجميع ؟  ولا  أدل  على  ارتباك  المفسرين من مذاهبهم  التي ذهبوها  في  تفسير هذه الآيات  التالية ،  بل ارتباكهم  في  تجاهل  التحديق  مليا  في  هذه  الآيات وهي  :

( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو  معرضون والذين هم للزكاة  فاعلون والذين هم لفروجهم  حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين  فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ... )   سورة  المؤمنون ( 1-7 )   

وعندما  نفرض  فرضا  أن الآيات القرءانية  المذكورة جاءت  هكذا : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو  معرضون والذين هم للزكاة  فاعلون والذين هم لفروجهم  حافظونإلا على أزواجهم فإنهم غير ملومين  فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ... ).

ونكرر القول لنفرض فرضا  أن الآيات  جاءت هكذا، أي بدون ذكر أو أية إشارة إلى (( أو ما ملكت أيمانهم ))، ألا  تكون الآية واضحة مفهومة ؟ بدون أي ارتباك  أو التباس ؟  ألا  يكون السبب الذي أتاح أو أتى بالتساؤل هــــــو:

( أو ما ملكت  أيمانهم ) ؟

* ألا يكون المعتدون أو العادون أو الملومون هم أولئك الذين يبتغون وراء ما  متعوا به من أزواجهم ؟

* وإدا  قال  قائل أو مفسر إن ما ملكت اليمين تدخل أصلا  في  الأزواج  فلماذا  لم تعتبر ما  ملكت اليمين أو الجواري ضمن الأزواج من البداية  والوهلة  الأولى  في سياق  الآية ؟  ألا  يدل  كل  ذلك  أن  هناك فرقا  ما  ضيقا  أو واسعا  بين  الأنثى  الزوجة  والأنثى الجارية ؟

* والظاهر أن هذه  الآيات  الأولى  في  سورة – المؤمنون – ما زالت واقفة متحدية  المفسرين !?

 

 

اجمالي القراءات 10101