سوريا في مختبر حرب عالمية

الهامي المليجي في الجمعة ١٠ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

ان التاريخ ينبئنا ان اي تغيير لشكل النظام العالمي يستلزم حربا عالمية او مجموعة حروب اقليمية ، وهذا ما نلحظ بوادره في منطقتنا ،فالحكومة العالمية الخفية المعلنة تسعى الى الاستفادة مما اسمته بالربيع العربي في رسم خرائط واختلاق دويلات جديدة ، ولكن هذا المسعى يواجه عقبات يصعب تجاوزها تمثلت في صمود النظام السوري لما يزيد عن عامين مدعوما بمساندة قوية وفاعلة من روسيا والصين بالاضافة الى ايران وقوى وجماعات سياسية ابرزها حزب الله الذي يمتلك قوة عسكرية واجهت القوات الصهيونية واجبرتها على التقهقر في اكثر من جولة.

في ظل هذه المخططات هناك قوى تعد لحرب اقليمية و قوى اخرى تسعى جاهدة لكبح جماح هذه القوى الاحترابية ، من خلال التمهيد لحوار جدي بين اطراف النزاع في سوريا بغية الوصول الى حل سلمي يرضي الاطراف المتنازعة ويحقق طموحات واماني الشعب السوري في الحرية والكرامة.

وجاء العدوان الصهيوني الغاشم فجر اول امس الاحد في محاولة خبيثة لوأد فرص الحل السلمي بين اطراف النزاع السوري ، وهذا العدوان كان الثاني خلال ثماني واربعين ساعه.

وفي خطوة غير مسبوقة جاء رد الفعل الرسمي السوري سريعا وواضحا ومحددا حيث اعلن مجلس الوزراء في بيانه ان العدوان يفتح الباب واسعا امام جميع الاحتمالات، ويجعل الوضع المعقد في المنطقة اكثر خطورة’، وان ‘على الدول الداعمة لاسرائيل ان تعي جيدا ان شعبنا ودولتنا لا يقبلان الهوان، ما يشي عن ان كيل ضبط النفس السوري قد طفح ، ولم يعد هناك مجال واسع للمناورة.

وعلى الجانب الاخر يبدو ان الادارة الامريكية وقادة اسرائيل في عجلة من امرهم لاسقاط النظام السوري ويدعمهم في ذلك انظمة عربية اعلنت صراحة عن ضيقها من صمود الجيش السوري لاكثر من عامين وتحقيقة لانتصارات على الارض في الاونة الاخيرة على حساب قوات المعارضة المدعومه عربيا وغربيا.

ومن سخرية الواقع انه قبيل الغارات بايام قلائل جرى تدمير ممنهج للدفاعات الجوية السورية وأنظمة الإنذار المبكر في الغوطة الشرقية ومنظومات الحرب الإلكترونية من قبل ( الثوار) !!! .

واذا ربطنا هذا الامر مع المباحثات التي اجراها حمد بن جاسم وتابعه نبيل العربي مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري ، ليخرجا بعدها معلنين دعمهما لمقترحات الرئيس الامريكي باراك اوباما حول "تبادل متماثل ومحدود للاراضي يتفق عليه" بين الاسرائيليين والفلسطينيين ويعكس الواقع على الارض ، وهذه التصريحات اعتبرتها قوى فلسطينية منها حماس بانها تمل تفريطا في حقوق الشعب الفلسطيني وافتئاتا على الحقوق الفلسطينية التاريخية ، وكان ضروريا ضرب ما تبقى من رموز المقاومة المتمثلة في الجيش العربي السوري الداعم بالقول والسلاح والتدريب للمقاومة اللبنانية ومن قبلها الفلسطينية حتى يمر هذا الاتفاق دون اية عوائق محتملة.

واذا ما تأملنا خسائر الجيش العربي السوري جراء الهجمات الصهيونية التي استهدفت قوات النخبة والمخازن التي تحوي افضل ما يمتلك الجيش السوري من عده وعتاد ، ما يؤكد ان الاستهداف ليس عشوائيا، وجاءت هذه الضربات بعدما اكدت انباء بان الصراع بين القوات النظامية وقوات المعارضة كان على وشك الحسم لصالح النظام السوري ما يعني قوة معنوية واتساعا لشعبيته في الشارع السوري بل والعربي ، وهذا ما تراه واشنطن وتل ابيب امرا غير مقبولا ، فكانت الضربة التي نراها تمثل نذرا لحرب واسعة لتدمير كامل الجيش السوري ومعه قوات حزب الله لتنفرد بعدها امريكا واسرائيل بايران.

هذه الصورة بتشابكاتها في ظني يمكن ان تؤدي الى حرب اقليمية قابلة للاتساع بحجم العالم بهدف الصراع المتجدد من اجل انتاج نظام عالمي جديد ، ما يستلزم احتشاد القوى المحبة للسلام لمواجهة هذا الخيار المدمر الذي تسعى اليه حثيثا الالة العسكرية الصهيونية اعتمادا على الدعم اللامحدود من الادارة الامريكية .

واستوقفتني مليا دعوة الدكتور محمد البرادعي الحكام العرب الى المبادرة بعقد قمة تضم النظام السوري والمعارضة لنثبت لشعوبها والعالم انها تستطيع ايجاد حلول دون انتظار لاولياء الامور ؟!!!….

لقد أَسمعتَ لوناديتَ حيّاً ** ولكن لا حياةَ لمن تُنادي

 ولو نارٌ نفحتَ بها أضاءت ** ولكن أنتَ تنفُخُ في رَمَادِ.

اجمالي القراءات 7181