شهادة لله وللتاريخ...بصفتي إخواني سابق أقول:

سامح عسكر في الخميس ١٤ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أن بعض الأطراف يُبالغون في قوة الإخوان، ويتهمون الجماعة بوجود ميليشيات عسكرية تخطط الجماعة لإحلالها بديلاً عن الشُرطة..وأن هذه الميلشيات مُجهزة ومستعدة لتولى مسئوليتها..

أقول:

1-أن الإخوان ليست لديهم ميليشيات عسكرية على الإطلاق، و لا يوجد لديهم أدنى استعداد لقبول مثل هذه الأفكار، لأن فكرة التغيير بالعنف غير موجودة في قاموس الجماعة "الحالية".

2-التنظيم الخاص انتهى بنهاية عبدالرحمن السندي وتلاميذه في الخمسينات، وساعد على انتهاؤه مراجعات المرشد حسن الهضيبي وردوده على جماعة شكري مصطفي...وساعد على انتهائه أيضاً بدء نشاط التنظيم الدولي في مطلع الثمانينات وإلا لكانت كل قيادات التنظيم الدولي رهن الاعتقال في الغرب وليس اللجوء السياسي أو مجرد الإقامة.

3-الجماعة الحالية متأثرة بأفكار سيد قطب التكفيرية عن المجتمع الجاهلي ...نعم هذا صحيح..ولكن فكرة التكفير لديها معزولة عن فكرة الجهاد، لأن الجهاد لديها كائن من حيثية نُصرة قضايا الرأي العام العربي والإسلامي وليس من حيثية عمليات "أسلمة المجتمع"التي يعتقدون أنهم في مراحلها الآن.

4-الكادر الإخواني"الحالي" مُنشأ فكرياً وتربوياً وروحياً على رفض فكرة التغيير بالعنف، وهذا ساهم إلى حد كبير في استقطاب العديد من الشباب العاقل والمخلص والمحب للدين.

5-ولكن العقل الجمعي للإخوان ومن أثر خلطه الهمجي بين الدين والدولة أنتج لدى هؤلاء الشباب قيادات وكوادر إقصائية وجاهلة ومتطرفة تسببت في نشوء ردات فعل هي التي أنتجت تيار الإصلاح داخل الجماعة، وهذا التيار لا زال في نوبات خروج متتالية من التنظيم أبرزهم(ثروت الخرباوي وأبو الفتوح ومحمد حبيب وهيثم أبو خليل ومختار نوح وأبو العلا ماضي وعصام سلطان والزعفراني والمليجي ورائف والهلباوي..وغيرهم من القيادات والمؤسسين للتنظيم الحالي).

6-معنى وجود الميليشيا يعني وجود سلاح، ومعنى وجود السلاح فهذا يعني رعاية إما عسكرية داخلية سواء من الجيش والشرطة ..أو خارجية بإنشاء وحماية خطوط الإمداد...هناك بعض الأخبار عن مثل هذه العمليات ولكنها لا ترقى لمستوى اليقين أو حتى شبه اليقين..شخصياً أنا لا أقتنع بصحة الكثير من هذه الأخبار..فالأطراف المغامرة في هذه العمليات هي عملياً غير موجودة، ولا يوجد أيٍ من الأطراف الداخلية والخارجية يطمئن لمثل هذه العمليات بينما البديل الأصلح لديه موجود.

فضلاً عن عدم تقبل مثل هذه العمليات في الوعي العسكري والأمني المصري إما لطبيعة الجماعة"السلمية" التي يعرفها الأمن قبل الشعب، أو لطبيعة الأمن المصري الذي ينظر لمسائل تهريب السلاح باعتبارها خط أحمر أو أمن قومي، وإذا كانت هناك ثغرات فلماذا لم نسمع أو نشاهد آثارها أو تفاصيلها على نطاق واسع من القيادات الأمنية، فمجرد تصريح واحد أو اثنين لا يكفي لأن مثل هذه العمليات هي بحاجة لتعاون واسع وعلى المدى الطويل فأين الشرطة والجيش والدولة طيلة هذه الفترة.

7-هناك ميلشيات عسكرية إسلامية نعم ..ولكنها تابعة للسلفيين الجهاديين في الصعيد والفيوم ودمياط وهذه المناطق هي أكثر المناطق التي تنتشر فيها فلول الجماعات التكفيرية والجهادية في مصر..ولا توجد أدنى علاقة للإخوان بمثل هذه التنظيمات لأنهم كانوا يحاربونها فكرياً أصلاً...

8-هناك صفقة بين السلفيين الجهاديين في الصعيد وبين الإخوان يلتزم الإخوان بمقتضاها بضمان ترشيح رموز السلفية الجهادية في مجلس الشعب في الصعيد،ويلتزم السلفيين الجهاديين بدعم الرئيس مرسي مهما بلغ الأمر.. ولكن رفض المحكمة الدستورية لقانون الانتخاب كان هو العائق أمام تنفيذ هذه الصفقة وهو الأمر ذاته الذي أجبر الرئيس مرسي على التغاضي عن تعليقات الدستورية على القانون، ولكن بحُكم القضاء الإداري برفض القانون مؤخراً كان صدمة حقيقية وربما يُفشل هذا التحالف...لذلك هناك أصوات قوية داخل الإخوان تطالب بإجراء الإنتخابات في موعدها مهما حدث لضمان ولاء السلفيين الجهاديين، ولكن الضغوط عليهم أقوى مما يتحملونه.

9-لو كان للإخوان ميلشيا فسيكون عبر التحالف مع الجهاديين وتوجيههم لأعمال متفق عليها خاصة من جانب الإخوان، فمعظم تصريحات وتحركات السلفيين الجهاديين تكون بالتنسيق مع مكتب الإرشاد.

10-التيار السلفي الأكثر عدداً في مصر يرفض كلا الفصيلين الإخواني والجهادي، وهؤلاء ممثلون في حزب النور السلفي، ناهيك عن جماعات الدعوة جميعها أيقنت بأن الإصلاح على أيدي الإخوان صعب وربما مستحيل، وهذه الرؤية السلفية هي العائق أمام تمدد وجرأة الجهاديين...حتى تيار الشيخ ابو اسماعيل السلفي الإخواني أصبح أكثر ضعفاً بعد تكرار أخطاء الشيخ وارتجاليته في كثيرٍ من أحكامه وتوجهاته.

11-جماعة الإخوان هي الآن في أضعف مراحلها على الإطلاق، كانت تعتمد في السابق على قوة الإعلام المستقل والحر في إيصال صوتها للناس،وعلى مظالمها السياسية والقانونية في كسب تعاطف الحقوقيين والعقلانيين والتنويريين...الآن تقريباً هي خسرت جميع مصادر قوتها السابقة وانقلبت بغباء على كل من دعموها في السابق، وأعلنت حرباً مفتوحة ضدهم متسلحين فيها بسلاح الجهل والفقر الشعبي، فإذا كان هذا السلاح قد خدم مبارك في السابق فسيخدم الإخوان حتماً!

أخيراً لا يوجد لدي أدنى شك في أن الإخوان لا يمتلكون أي مصادر للقوة العسكرية، وإذا كان البعض يعتقد في أن تجربة حماس- وانقلابها العسكري على الرئيس الفلسطيني في غزة- يمكن أن تتكرر في مصر فهو واهم، لأن طبيعة حماس هي بالأصل عسكرية وطوال تاريخها وهي في خندق المقاومة، أما الإخوان فطبيعتها دعوية سياسية حركية..لا تهتم للعلوم الشرعية بقدر اهتمامها بالأعمال الحركية، والآن وبعد تقلدهم منابر السُلطة ظهر ما كنا نحذر منه في السابق، بأن جهل الجماعة وتقوقعها وخلطها بين الدين والدولة أنتج لديهم قيادات وكوادر عاجزة عن تفسير الواقع ومن ثم التعامل معه.

ربما كان هذا الجهل الذي تعاني منه الجماعة هو بداية لعقل جمعي جديد لديهم يتبنى فكرة التغيير بالعنف وهذا ممكن حدوثه، فهناك تجارب سابقة تُثبت بأن الجهل والانغلاق هو مقدمة طبيعية لحمل السلاح، فالبديل القاسي هو الذوبان في المجتمع ومن ثم النهاية.. واعتبار الجماعة جزء من التاريخ القبيح، كل هذا ربما يُشكل لديهم دافعاً لحمل السلاح والذود عن أنفسهم، ولكن كما قلنا بأن الجماعة الحالية هي غير مستعدة تماماً لفكرة التغيير بالعُنف، وضيق طاقتهم وجهل ورسوب قيادتهم وكوادرهم الأخلاقي هو السبب في الأزمة التي يعاني منها الشعب المصري وجماعة الإخوان في هذه اللحظات.

اجمالي القراءات 9211