الإنسان في القرآن الكريم - 9
نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ – 9

خالد اللهيب في الأربعاء ١٣ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

أتابع البحث حول المعاني التي ارتبطت بكلمة الإنسان .

بيّنتُ فيما سبق أن الإنسان قد ذم بأبشع صفات الذم في القرآن الكريم ، إلا أن الله سبحانه وتعالى إستثنى من هذه الأوصاف المخجلة بعض الناس من عباده في ثلاثة آيات وهي :

1- (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر.

2- ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )11 هود .

3- ( إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ )22 المعارج .

ذكرتُ أن الله سبحانه وتعالى قد ختم الإنسان ودمغهُ بشعار(قتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (7 )عبس ، كذلك ختمهُ بتقرير نهائي وصفة عامة نهائية (إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) العصر ، والخسارة تعود الى المآل الأخير للإنسان والأبدية والخلود في النار ولا تعود الى فترة الحياة الدنيا القصيرة الزائلة التي يحياها الإنسان .

هذه هي الخسارة الحقة ، فلا يفرح الكافرمن إقبال متع الدنيا إليه ، فهي زائلة موقتة ، فمن آمن بالدنيا و سُعد بها وسعى لها دون الآخرة يوفى له أعماله وسعيه فيها ، ولا يُنقص منه شيئا ، فالعطاء عطاء ربوبية وسعي واجتهاد ، (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (16) هود ، بكفرهم بآيات ربهم ولقائه يبطل عملهم فلا قيمة له ولا لهم ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولكنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا (103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) الكهف، و(الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)البقرة .

فإتلوا ماشئتم من كتاب وإجعلوه جزءا من دين الله سبحانه وتعالى ، واكفروا بآياته وقرآنه فلن تحصدوا إلا الخسران المبين و(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) البقرة ، واعبدوا المال والجاه والشيطان ، (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) الزمر.

أما الفوز العظيم فهو للذين آمنوا بالله العظيم ، واتبعوا رضوانه وآياته، وهواعتقاد قلبي ، يؤكده العمل الصالح ، الذي يرفع من إنسانية الإنسان ويرسي دعائم الخير والعدالة وينشرالأمن و الحرية وعبادة الرحمن ويُثبت الإيمان وبكل ما جاء في القرآن .

والإنسان الغير مؤمن يدعي أن الإيمان هواعتقاد قلبي غيبي غير ملموس ، وما هو إلا أكذوبة يستغل بها الحكام و رجال الدين البسطاء من الناس ليستعبدونهم وينهبوا أموالهم، فهي الوسيلة التي تُخدر بها الشعوب لإستغلالهم وحكمهم باسم الدين ، فما الذي يؤكد لنا أن من يؤمن بالله سبحانه وتعالى ، هوعلى الحق المبين ويحتاجه في حياته وبعد مماته ؟ وهل رأينا من عاد من بعد موته وأخبرنا أن هنالك جنة ونارا وثوابا و عقابا ؟

هذه الأسئلة والإعتراضات إعتاد الذين لا يعلمون على قولها عبر التاريخ الإنساني ، كما ذكر رب العزة قولهم هذا في قرآنه المجيد ، إذ كانوا يطالبون ومازالوا بآيات حسية مادية ، فتشابهت أقوالهم وقلوبهم ومطالبهم ، (وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِيَنَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) البقرة، كذلك طالب قوم موسى عليه السلام، (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) البقرة .

قد يؤمن الإنسان بالانسانية والمُثل العليا والترقي والتطورالعقلي والحضاري ولكنه لا يؤمن ولا يُوقنُ بأن هنالك خالقا له العزة والجلالة وله آيات وكتاب كريم ، (..أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ )82 النمل .

 فقد جاء في القرآن الكريم آيات يعجز العقل البشري عن تصديقا أوالإيمان بها ، كما العلم والمعرفة الإنسانية تنفي إمكانية حصولها وتعتبرها من الماورائيات والغيبيات ، فلا يؤمن بها الا البسطاء من الناس ، كما يدعي الكافرون ، مثلا يطعنون في قوله تعالى ، (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) الأنبياء ، يتساءلون مكذبون ناكرون ، كيف لإنسان يُرمى في آتون من النار، يخرج سليما معافا ولم يحترق؟ وكيف للنارالحارقة الملتهبة أن تتحول الى برد وسلامة على جسد إنسان مهما ارتفع مقامه وشأنه ، جعلتم منه نبيّنا ، له هدف وحرفة وما هو إلا وهم وافتراء.

كذلك الكافرون يحتجون وينكرون قوله تعالى ، (فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) الشعراء ، كيف لعصا خشبية إذا ما ضُرب بها البحرُ ، إنفلق البحر نصفين وكل فلق منه كالجبل يعلوا فوق رؤوس المؤمنين من أتباء موسى عليه السلام ، منذ متى العُصيُ الخشبيةُ لها القوة والفعل ؟ لتُحجز بها ضغط الماء الهائل خلف حاجز؟ ومما يتكون هذا الحاجز وكيف تشكل بلمح البصر؟.

كذلك ينكرون متسائلين ، رافضين ، قوله تعالى ، (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) النمل ، وغيرها من الآيات التي يعجز العقل والعلم البشري عن تأكيدها أوتصديقا الى الآن ، إلا من آمن وسلم بكل ما جاء في القرآن الكريم ، كقول واحد من رب العالمين .

يدعي الكافر قائلا : أليست هذه قصص خرافية وغيرها الكثير والكثير ، الهدف منها جعل الناس يؤمنون بالوهم الكاذب وإعطائهم ما يفتقدوه من الأمل والسعادة التي لم يحصلوا على شيئ منها في حياتهم الدنيوية ليجدوه حاضرا بعد موتهم  ، ألم يكن لزاما عليكم إيجاد طبقة من أتباع السلطة ، تُخدر وتستحوذ على عقول الناس ليغدوا الناس أتباعا لهم وللسلطة الحاكمة ، ثم ليجمعوا من الناس الإتاوات والضرائب تحت مسمى الزكاة التي فرضها إلهكم الذي عنده الجنة والنار وفقا لزعمكم ، فمن أطاع السلطان ورجال الدين فقد أطاع خالقكم ومن أراد الجنة عليه تقديم المال والأبناء والعمل لتقوية وتعزيز سلطة الحاكم الذي يمثل إرادة الخالق وظله على الأرض.

أليس هذا إستغلال للبسطاء من الناس؟ ألم يقل فرعون من قبل ، في الكتاب الذي تؤمنون به ،(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) القصص ، ألم يستعبد فرعون (الحاكم) الشعب القبطي ولم يكتف بالإدعاء أنه ظل الخالق على الأرض وسلطانه ، بل ادعى أنه إله إبن إله .

هذا في الماضي السحقيق ، أما في الماضي القريب ألم يستعبد الكهنوت المسيحي الشعوب الأوروبية وكدّسوا الأموال الطائلة من قوت المزارعين البسطاء ، ألم يُقتل مئات الألوف من شباب أوروبا تحت راية الصليب مدّعين الجهاد لتحرير بيت المقدس من براثن المسلمين الكافرين ، ألم تكن تلك الحملات الصليبية دعما وتدعيما وتقوية وتوسعة في نفوز السلطات الحاكمة المتناحرة في أوروبا وسلطة رجال الدين ؟

ألم يقل هارون الرشيد خليفتكم الذي تمجدون (وهو التقي الزاهد الذي يختم قرآنكم كل ليلة باحثا ومنقبا عن أوامر ربكم ، ما شاء لكم من المرات وفقا لزعمكم فقد كان أسرع من حواسيب اليوم في الحفظ والتلاوة والقراءة ، تاركا الآلاف من نسائه وجوارية متآلمات من وحدة الليل وقسوته ، منتظرات طلته البهية ، ليداعبهنّ ويلقّحهُنّ ) ، ألم يقل مخاطبا سحابة في السماء :(إذهبي أين ما شئت ، فلن تمطري إلا في أرضي) ، فالأرض وما عليها ملكا له ولأبنائه من بعده .

ألم يجعل معاوية وهو من كتاب الوحي ومن الصحابة الأتقياء وفقا لزعمكم وقد كتبتم في صلاحه وتقواه الشيئ الكثير، ألم يجعل الحكم وراثة لإبنه يزيد من بعده ، ألم يُخضع الناس لحكمه بالقوة والسلطان والدسائس والمال ، ألم يتطاحن كبار الصحابة على منصب الخلافة وقد ذهب مئات الألوف من قتلاكم المنحازين الى هذا وتلك وذاك ، فأين عقولكم ؟ خلف الوهم تسيرون وتقوية ظالمكم تزيدون ؟فأين العدل والمخافة من ربكم الذي تعبدون ؟

جًعلتم توريث الحكم سنة مباركة عند أتقيائكم وعصاتكم وأسيادكم وعبيدكم ، وقد باركها كهنوتكم عبر التاريخ الإسلامي والى الآن ، محذرين الناس من الخروج عن إرادة سلطان الحكم ولو كان عبدا مملوكا أسودا وقد إغتصب سلطة الحكم بالقتل والدم ، مخضعا الناس بقوة السيف والسلطان ؟

ألم ترخصوا للحاكم قتل ثلث الشعب إذا ما خرج عليه الناسُ ورفضوا حكمه المستبد بعد أن عانى الكثير من الناس الجوع والذل والقهر؟ألم يكن كهنوتكم السبب المباشر لخضوع الناس لأمر سلطة الحاكم المستبدة لقرون طوال ، وإرضاعهم المذلة والجبن وتخويفهم من غضب ربهم إذا ما قاتلوا ظالمهم ومستعبدهم ؟

ألم يفضل مسلم اليوم قتل نفسه على أن يقاتل ظالمه ومستعبده ، وهذا بوعزيزي التونسي خير مثال على ذلك وغيره الكثير في تاريخكم المجيد ، فلا تحدثوننا في دينكم وإيمانكم .

كان هذا قول الكافرالمعتز بكفره المتصالح مع نفسه ، ولكن هنالك من الناس من يرتدي أكثر من وجه ودين ، تراه في الميادين الرابحة ، يحلو له تغير إيمانه ورأيه وموقفه ، هوايته المفضلة النفاق والكذب وتغيرالمواقف ، يؤمن قولا ويكفر تطبيقا وسلوكا ، فقد ردّ رب العالمين من يكفر ببعض الكتاب ويؤمن ببعضه الآخر الى أشد العذاب ،(..أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)  البقرة ، حيث ينتقي المنافق من كتاب الله عز وجل وآياته ويتخير ، يؤمن بما يناسبه ويكفر بما لا يناسبه ، تبعا لهواه ورغبته وشيطانه .

 ولكن إذا عرف الإنسان صدق القرآن وإعجازه فلن يسعه الا أن يخر ساجدا لله سبحانه وتعالى ، هذا إذا التزم الموضوعية وابتعد عن الهوى ودرس القرآن وما جاء به بحياد تام ، وفقا للسائد عند دراسة الكتب والنظريات العلمية .

لكي أرد على إدعاء الكافرأعلاه علينا أن نلقي نظرة ودراسة من قريب على ما جاء به محمد بن عبدالله وهو كتاب القرآن الكريم وننظر أجاء به من عنده ومن تأليفه أم هو من عند الله عز وجل ، ولنتعامل معه بكل موضوعية وحياد ، فإن إتضح لنا أنه من بنان فكره الخاص، جاز لنا أن نتعامل معه كأي كتاب أرضي أسوة بباقي الكتب الوضعية .

أما إذا إتضح أنه كتاب أنزل عليه من السماء (كما يدّعي) فلا يسعنا إلا أن نؤمن بهذا الكتاب وبكل ما حوى من الآيات القرآنية والمعجزات الكونية وإن خالفت قدراتنا العقلية والعلمية وسنة الله عز وجل في خلقه، ويكون مرد ذلك قصورمعرفة وعلم الانسان نفسه ، وإننا عاجزون حتى الوقت الحالي ، عن فهم وإدراك وإكتشاف كيف يمكن حصول ذلك .

ألم يكن من العقل والمنطق أن يوصف بالخبل والجنون والكذب والإفتراء على من يدع أنه قد إنتقل من مكة الى بيت المقدس في رحلة الإسراء كما جاء في القرآن في بضع ساعة وقت نزول القرآن ؟ أليست ممكنة اليوم؟ ألم يصل الإنسان الى الفضاء؟  فما الذي تغير واستُحدث ؟ أليس التطورالعلمي المعرفي وقدرة الإنسان هي التي طرأت وتغيرت ؟

 فجهلنا وعدم إدراكنا لمسألة طبيعية علمية وهي سنة من سنن الله عز وجل في مخلوقاته ليست دليلا على عدم وجودها ، كلنا يتعامل مع الكهرباء ، ولكننا لا ندرك حقيقة الكهرباء وماهيتها ، نحن نتعامل مع آثارها وفعلها أما حقيقتها فلا نعلمها ، كذلك الجاذبية والنفس البشرية والرؤيا المنامية ماهيتها وحقيقتها لانعلم إلا القليل عنها .

لهذا المؤمن بكتاب الله عز وجل ، يؤمن بكل ما جاء به وإن عجز عقله عن ادراك حقيقة ماهية بعض آياته ، يؤمن بقصورعقله وسنة ربه في خلقه وفي كتابه المبين ، كما يؤمن أنه سيأتي يوم تنكشف وتتضح هذه الآيات القرآنية لعقل الإنسان ويدرك حقيقتها وامكانية حصولها وقد صدق الله العظيم في قوله تعالى ، إذ قال ، (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت ، فاليخجل الإنسان من ربه وقد عاتبه وذكره أنه على كل شيئ شهيد ، شهيد على صدق قرآنه وآياته ، أبعد شهاده الله عز وجل هل من شهيد ؟

 ولكن سأبحث وأجاري عقل الإنسان الكافر وفقا لما يعتقد ويؤمن، وأول ردّي أن ما جاء به من الأمثلة تخص أناس أنتسبوا وادعوا أنهم مسلمون متبعون لدين الله سبحانه وتعالى ، مردهم وحسابهم الى ربهم وليس لنا ولكنهم لا يمثلون دين الله عز وجل بأي حال من الأحوال كذلك نحن أهل القرآن ولا أي إنسان آخرلا يمثل أو يتحدث بإسم الله عز وجل ، فالله ربنا عز وجل قد قال كلمته ودستوره وحفظه لنا وللأجيال القادمة وانتهى الأمر ، فمن أراد أن يسمع ويرى فهذا قول الله جل وعلا أمامه ومن أراد الطعن في الدين ، فليطعن في القرآن الكريم (إن استطاع الطعن) لأنه فقط هو دين الله العزيز القدير ، ولا شأن لدينه عز وجل بكل ما عداه من الكتب والأقوال لا في الحاظر ولا في المستقبل ولا في سالف الزمان .   

وأعود لفكرة دراسة القرآن دراسة علمية كأي كتاب بصورة موضوعية عقلية دقيقة :

1- كاتب هذا الكتاب محمد بن عبدالله لم يدع أنه هو من ألفه ، بل أرجع تكوينه وتشكيله وتأليفه لغيره إذ أوحاه إليه عبرالرسل من الملائكة كما يقول ويعلن ، والمؤلف الحقيقي سمى ذاته (الله) سبحانه وتعالى ، وفي العادة يسرق الكتاب كتب وأفكارغيرهم ، بينما نرى هذا الكاتب ينسب الكتاب الذي جاء به لغيره وهو الله رب العزة جل وعلا ، فلو كان محمد هو من ألف كتاب القرآن لصرح بذلك وهذا شرف كبيرلا يدعيه .

2- في العادة خصوصا في الكتب الدينية الأرضية ، يمدح الكاتب نفسه ويضفي على ذاته صفات قدسية وايمانية وخوارق للطبيعة ومعجزات تنبع من ذاته وشخصه وليست صفات ودعوات لغيره ، لا تمت له بصلة لا من قريب ولا بعيد ، بينما محمد بن عبدالله عبر ما جاء في القرآن الكريم ، لم يُمدح أكثر من غيره ، فقد أثبت ما أنزل إليه عليه السلام كما أنزل و أقر أنه لا يرفض إتباع ملة النبي ابراهيم عليه السلام إلا من سفه نفسه، (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) البقرة ، حتى أن محمد بن عبد الله قد أقر وأثبت أنه أوحي إليه واُمر ،(..أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل ، مما يفيد أنه يثبت ويكتب الذي يوحى إليه وليس ما يريد أو يهوى حتى على نفسه عليه الصلاة والسلام ، كذلك الخوارق والمعجزاة لم تنسب له بل ردت الى لله سبحانه وتعالى ، وعلى النقيض من ذلك فقد بلغ الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، كل ما أوحي له وبه الكثير من العتاب واللوم عليه ، كقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) التحريم ، كذلك في قوله تعالى (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ..) الأحزاب       

3- هذا الكاتب لم يطلب ثمنا ماديا لكتابه ، الذي به العلم والصلاح والهدى للفرد وللمجتمع في الدنيا والآخرة رغم اعتياد البشر أن يأخذوا الأجر الوفير مقابل كتبهم وأفكارهم من المستفدين .

4- أوردت كافة كتب التاريخ والسير أن محمدا بن عبدالله عرض عليه المال الطائل وأن ينصب ملكاعلى قريش إلا أنه رفض كافة العروض والمغريات الدنيوية ،عاش عليه السلام معيشة مرضية متوسطة الحال ، رغم أنه كان أغنى الأغنياء بمتاع الدنيا ، إلا أنه آثر العفاف والكفاف ، بل كان عليه السلام ينفق على الفقراء إنفاق من لا يخشى الفقرولا الحاجة يوما من الأيام ، فلو كان محمد بن عبدالله هو من ألف القرآن لحق لنا أن نسأل ما الهدف من تأليفه ؟ أهو المال والجاه وقد كانا بين يديه ولم يستفد منهما الا بما يبقي حياته وأهله .

5- هذا الكتاب منذ 1450 سنة يدعو للمثل العليا وسموالأخلاق والرقي بالإنسان واعمال العقل والمنطق ومحاربة الظلم وعبادة الرحمن ، حينما أنزل كان العالم يسوده الظلم والرق وعبادة النار والأصنام ، وما جاء به تسعى اليه الإنسانية جاهدة الى اليوم ولم تصل الى ما وصل اليه حتى الآن كمسألة تحريم المسكرات وتوزيع التركات والزواج والطلاق وغيرها كثير والكثير ، فهو السباق في كافة المضامين .

6- هذا الكتاب حُفظ منذ أكثر من 1450 سنة في الصدور والصحف ولم تبدل فيه كلمة واحدة و به الكثير من الخطوط العلمية العريضة والتوجيات العامة للإنسانية عبر إختلاف المجتمعات والأزمنة وهو للناس جميعا ، فلو كان من عند إنسان بشري لظهر تناقضه مع الواقع بفعل تغيرالحضارات والمجتمعات وتطور العلوم والمعارف بفعل مرورالزمن ولكان من غيرالممكن تطبيقه ولكننا نراه كتابا ودستورا لأكثر من 1.6 مليار نسمة من البشر منتشرون في كافة بقاع الأرض ومجتمعاتها ويمثلون 24 % من سكان العالم وهم في ازدياد مطرد .

7- الرسول محمد عليه السلام قضى عمره يدعو الى هدف واحد ، عبادة الله الواحد ، الإله الذي لا يُلمس ولا يُرى ولا قريب المسافة ولا بعيد ، وليس فوق ولا تحت سبحانه وتعالى ، لننظر مدى الصعوبة والمشقة في اقناع الناس في مجتمعه وفي زمنه ، بإله لا وجود مكاني له إلا في خيال من آمن به ، ونحن نتحدث عن زمن لا وجود ولامكان إلا للمحسوس والملموس من الأشياء ، فلا وجود للعلم المجرد ، رغم هذا ثابر على هدفه ونشر دين ربه وليس دينه ولا كتابه ، حيث نص بالكتاب الذي جاء به ، أنه كتاب الله سبحانه وآياته , وما هو إلا مبعوث ورسول ، مبشر ومنزر وليس له من الأمر شيئ ولا يعلم الغيب ولا يدري ما يفعل به قبل الموت و لا بعده ، فلا يعلم إلا ما ذكره الله في كتابه الكريم .

8- صنف الكاتب (اليهودي الديانه) مايكل هارت في كتابه (تقويم لأعظم مئة من الناس أثرا في التاريخ ): (( أن محمدا رسول الله هو أعظم الشخصيّات أثرًا في تاريخ الإنسانية كلّها باعتباره الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي )) ، هذا النجاح ليس مرده الى شخص محمد عليه الصلاة والسلام ولكن مرده الى الكتاب الذي أنزل عليه من رب السماء ، فأعطاه الزغم والعلم والهداية فجعله أعظم شخصية في تاريخ البشر ، إذ إنه المعجزة الوحيدة التي أعطيت للرسول محمد عليه الصلاة والسلام .

9- هذا الكتاب (القرآن الكريم) ألف عبر 23 سنة متتالية كلما أوحي للرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، بلغه لأتباعه من المسلمين وخطه بيمينه فوضع هذه الأية موضع كذا وهذه موضع كذا ، والقرآن أنزل آيات متفرقة ولم ينزل كتابا جامعا دفعة واحدة ، فما من مؤلف عبر التاريخ والى اليوم ومع إستخدام أعظم الحاسوبات ، يستطيع أن يؤلف كتابا ضخما من حيث الحجم و يتحدث عن عقيدة ودين من حيث النوعية والموضوع ، دون أن يرتكب أي هفوة أوتناقض تحسب عليه وعلى كتابه اذ لا يمكن مراجعتها أوإلغائها أوتغيرها ، لأن ما سبق أنزاله قد تمّ نشره  وأصبح عقيدة للمسلمين وصلاة يتعبد بها وتلاوة تتلى وإلا بطل الكتاب وهدم الدين وكذب الرسول , فلولا أنه كتاب الله سبحانه وتعالى لبطل في حينه وبان افتراءه ودفن في رمال الصحراء وما وصل الينا .

10- صرح أحد علماء الفضاء ، بعد أن رأى عظمة الكون والأرض والجمال المبدع الباهر ، أنه : (( إن لم يكن هنالك من إله أعلن عن نفسه فلا بد أن نؤمن بأن هنالك إله خالق ومدبر لهذا الكون )) ، وهذا عين ما جاء به القرآن وهذا يتوافق مع العقل والمنطق ، فالله الخالق المبدع أعلن عن نفسه في القرآن ، فما بالنا لا نؤمن به ؟.

11- القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يمكن حفظه في ذاكرة الإنسان رغم ضخامته ودقته ، ذلك لحسن صياغته وعذوبه تلاوته حيث أنه كتاب خالق جل في علاه ، أما كتب البشر لا يمكن حفظها أوتلاوتها من الذاكرة أبدا ، والفرق كبير بين كتاب رب العالمين وكتب مخلوقاته .

12- استطاع الأستاذ عدنان الرفاعي أن يبين الإعجاز العددي للقرآن الكريم ، بما لا يدعو للشك أوالريبة عبر كتابه المعجزة الكبرى مما يثبت وحي هذا القرآن الكريم من رب العالمين واستحالة أن يكتبه بشر مهما أوتي من الفصاحة والعلم والمعرفة ، لذا أرجو مراجعة ملخص المعجزة الكبرى مما نقلت عنه والمنشورعلى صفحتي هذه .  

13- اذا ما نظرنا الى ماهية ما جاء في القرآن ، نراه كتاب هداية وإيمان كما نراه كتاب علم وأدب وفلسفة واجتماع وحكمة وشفاء .

أولا : الهداية الإيمانية تدعو الى عبادة الله الواحد الأحد ، لاعبادة البشر أوالحجر وأن هنالك بعث ونشور وثواب وعقاب وأن إيمان الإنسان وكفره وحركته في المجتمع ليست متروكة بلا رقيب ولا حسيب بل هنالك مساءلة وحساب وهذا يتفق مع العدل والمنطق والعقل ، فمن غير العقل والحكمة أن تكون الأمور متروكة على غابرها .

ثانيا : في القرآن الكثير والكثير من الآيات العلمية والتي لا يمكن أن يكتبها بشر مهما أوتي من علم فما بالك إذا كتبت قبل 1450 سنة ميلادية وفي مجتمع صحراوي بدوي ، القلة من أهله يعرفون القراءة والكتابة ومحمد بن عبدالله ليس منهم حيث كان أمي لا يجيد القراءة ولا الكتابة ولا علم التوحيد ولا الدين الحنيف قبل أن يبعث رسولا ، وكان العالم بأسره وقتئذ يسبح في ظلمات الجهل والتخلف ، فكيف لإنسان أن يأتي بكتاب معجز ، فيه المئات من الآيات العلمية التي أذهلت علماء العالم في كافة المجالات من دقة وصفها العلمي وجزالة عباراتها واحكامها ، مما دفع الكثيرون الى اعلان اسلامهم وإيمانهم بالدين الذي نزل على محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام ، من أمثلتها قول الله عز وجل :

- (..يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ  ..)6 الزمر،

- ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) الرحمن .

- (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) النساء .

- (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون .

- (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) النبأ .

- ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات .

- ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء .

هذه الآيات هي حقائق علمية وغيرها الكثير والكثير، لا يتسع المقال لذكرها والتي كل منها تحتوي على نظرية علمية لم تكتشف إلا من قريب ، فكيف لإنسان لا يقرأ ولا يكتب يأتي بهذه الحقائق العلمية إن لم توح إليه من رب السموات والأرض ؟

ويا للأسف ، العرب أصحاب لغة القرآن وأهل هذا الدين لم يستثمروا هذا العلم وما أنزل إليهم في الزمن الماضي وحتى اليوم ، منهمكون في تحفيظ أبناءهم الإستنجاء والإستجمار ، وكتب السلف الصالح والغير صالح ، يتلهون في القال والقيل ولا يبحثون في كنوز القرآن الكريم والذي مازال به الكثير والكثير ، فقرآن الله سبحانه وتعالى لا ينضب وإعجازه لا ينقطع .

ثالثا : القرآن كتاب معجز في بلاغته و دقة عباراته ، فهو معجز في المبنى والمعنى ولا تعارض في أهدافه ومقاصده ولا تراجع في مراميه ، سهل الفهم ميسر للإنسان العادي ، ممتع مذهل للخاصة والعامة ، الكل يغرف من معانيه بقدر استيعابه وعلمه ، والعرب وقت نزوله كانوا أصحاب فصاحة وبلاغة فنزلت آية تتحداهم أن يأتوا بمثله ولو كان بعظهم لبعض ظهيرا ، فعجزوا ومازال عجزهم قائما .

لكل نبي ورسول آية معجزة كدليل على صدقه وبعثه من الله رب العالمين ولكن هذه المعجزات تطورت من المحسوس المادي الذي يُرى بؤم العين الى كتاب يقرأ وعلم يستوعب عقلا وفكرا مع تطورالإنسان حظاريا وفكريا ولا ننسى أن القرآن هو آخر معجزة وأن محمدا آخر نبي ورسول يبعث للبشرية وفقا للقرآن الكريم ، وهذا ما هو حاصل الى الآن منذ 1450 سنة ، فلم يظهر من يعلو شأنه ويظهر صدقه ويتبعه الملاين من الناس ، كمبعوث مرسل من عند الله عز وجل مما يؤكد صدق الرسول محمد عليه السلام ، والقرآن كان ومايزال المعجزة التي اعطيت للرسول محمد علية السلام ، فمن يهمه معرفة أمرالدين ، فاليقرأ القرآن العظيم ، بتجرد وعلم ودون أحكام مسبقة ، فهو كتاب الله الكريم .          

لهذه الأسباب وغيرها ، نؤمن أن القرآن كتاب الله عز وجل ونشعر بإيماننا ونحس به ، فهو إيمان عقلي محسوس لا غيبي وهمي ، ومقدارالإحساس والتثبت العقلي أمر فردي ، فكلما زاد الإيمان زاد الإحساس واليقين فسبحان الله عما يصفون .

(رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) آل عمران .

وصدق الله رب العالمين .

أتابع إنشاء الله رب العالمين في المقال القادم .

اجمالي القراءات 8136