..
هل الله هو من كتب القرآن ؟

نبيل هلال في الأربعاء ١٣ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

جميع الكواكب والنجوم والإشعاعات تمضي كلها في مسارات منحنية مقوسة وذلك بفعل الكتل الضخمة التي تحني الفراغ حولها,ذلك وفقا للنظرية النسبية العامة لآينشتين , فحركة الأجرام في الكون كله أسيرة لهذا الانحناء , والأجرام لا يسعها إلا التحرك في مدارات منحنية, ويمكن ببساطة التحقق من ذلك بملاحظة حركة كواكب مجموعتنا الشمسية ,إذ تدور هذه الكواكب في مدارات منحنية (إهليليجية) منضبطة وفقا لقوانين العالمين كبلر ونيوتن . والنص القرآني يصف الحركة والتحرك في السماء وصفا جامعا شديد الدقة , فيصفها ب (العروج),والعروج هو الحركة المائلة المنحنية غير المستقيمة , وليس من قبيل الصدفة أن الآيات القرآنية تصف كل حركة علوية داخل الكون بأنها (عروج),اسمع معي إن شئت:" {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ }الحجر14, {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }السجدة5 , {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ }سبأ2 , {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الحديد4 .كذلك كان وصف آلة هذه الحركة المنحنية بأنها (أجنحة) , والجناح هو وسيلة التحرك في مدارات مائلة , ومعجميا : جنح بمعنى مال , يقال جنحت السفينة , أي مالت وانحرفت عن مسارها . وفي معرض وصف حركة الملائكة في الأفلاك الكونية العليا يصفها النص القرآني بأنها مزودة بجناحين أو ثلاثة , أو أربعة , بحسب مقتضيات حال حركتها وفقا للسرعات التي قدرها الله لها وفقا للمهام المسندة إليها , بالضبط كما تتباين أعداد محركات طائراتنا ,أو مراحل صواريخنا مثلا : اسمع معي : {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }فاطر1, ذلك من أمر الغيب , وكل ما فيه على غير قياس مما نعرفه في دنيانا ,والأمر مجرد (أمثلة)نقيس على أشباهها .كذلك يصف الله تعالى حركة الأجرام في الأفلاك العليا ,بأنها (كل في فلك يسبحون),وما من كلمة أدق وأشمل من وصف الحركة في الفضاء من كلمة (فلك) ,فهي تعني أيضا الحركة المنحنية الدائرية ,وانظر كيف تنطق مادة كلمة فلك ومرادفاتها بهذا المعنى من محسوسات يعرفها بدوي القرن السابع : فمعجميا :كل مستدير يقال له ( فَلْكَة ),ومنه فلَك ثدي الفتاة فلكا – أو فلّك أو تفلّك- أي استدار فصار كالفلكة ,والفلكة هي قطعة من الأرض تستدير وترتفع عما حولها .ويقول الفراء : الفلك هو استدارة السماء.وكانت العرب تعرف الفَلَك بأنه مدار النجوم . لكن اسمع باقي ظلال معاني هذا اللفظ : قال بعض العرب : الفَلك هو الموج إذا ماج في البحر فاضطرب ,والفَلك هو موج البحر (معاني كلمة فلك :انظر :ابن منظور – لسان العرب- الجزء الخامس ص 3464- 3465 , والمعجم الوسيط –مجمع اللغة العربية – الجزء الثاني – الطبعة الثالثة- ص 727 )
.كذلك فمن مادة كلمة (فلك) لفظ (فُلك) بالضم ,وهي السفينة (للمذكر والمؤنث والواحد والجمع) والسفينة تتحرك بين الموج ,فكل معاني كلمة فلك توحي بالحركة الدائرية (غير المستقيمة) في وسط موجي ,وهذا بالضبط هو حال الحركة العلوية في كون الله العظيم , فالكون كله موجي : فالضوء وجميع الإشعاعات الكهرومغناطيسية المنتشرة في جميع أرجاء الفضاء الكوني هي ظواهر موجية , بل إن الجاذبية كما بينتها فيزياء آينشتاين في نظرية النسبية العامة هي حقول موجية تنتشر في الفضاء بسرعة الضوء,والأمر المثير للدهشة حقا هو أن هذه الطبيعة الموجية التي تسود الكون في أفلاكه العلوية ,تنسحب أيضا على مكونات البنية دون الذرية ,وكان المظنون قبلا أن الذرة تتكون من جسيمات دقيقة هي الإلكترونات التي تدور حول نواة مكونة من البروتونات والنيوترونات ,وتبين فيما بعد أن هذه الجسيمات مكونة من جسيمات أدق تُعرف باسم الكواركات والليبتونات ,ثم تبين أن هذه أيضا مكونة من أوتار دقيقة تتحرك حركة موجية ( نظرية الأوتار الفائقة) , الأمر الذي يوحي ويقطع بوحدة الخالق .وطبيعة الحركة الموجية تُكسب الضوء وسائر الموجات الكهرومغناطيسية ظاهرة سماها علماء الفيزياء ب(الحيود أو الانعراج ) : ومعجميا : الحيود: diffraction هو انحراف الضوء انحرافا ضئيلا عند مروره بحافة حادة أو حول جسم بالغ الصغر) وهي قدرة الموجات على الانعطاف والانثناء حول الأركان والأجسام ,وهو ما يمكنك من سماع من يناديك من وراء حجاب , فالصوت –وهو تموجات- يلتف وينعطف من وراء الحجاب فيبلغ مسامعك. كذلك يبلغ جهاز التلفاز أو المذياع في منزلك الموجات اللاسلكية مهما صادفها من عوائق . لذلك كان الوصف القرآني لحركة الأجرام والأفلاك بأنها (في فلك يسبحون) مطابق للحقيقة على نحو مذهل .وتلك هي طريقة القرآن في التعريف بالحقائق العلمية في إشارة موجزة تجمع الحقائق في لفظ أو أكثر بحيث لا تصدم الأوائل ,ولكنها تبين للأواخر. وسبحان الله العظيم,والصلاة والسلام على نبينا محمد ,وسائر الأنبياء.بتصرف من كتابي : مفاهيم قرآنية بين المعقول واللامعقول- نبيل هلال هلال

 

اجمالي القراءات 12696