الضلال عن الإسلام الحق وانحسار الحضارة عن بلاد المسلمين

Amin Refaat في الأحد ٠٣ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

طبقا لما ورد في القرآن الكريم فإن دين الإسلام بدأ مع نبي الله إبراهيم إيذانا ببدء تنظيم البشر بعدما زاد عددهم الى الحد الذي يتطلب تشريعات خاصة تحكم تعاملهم مع خالقهم ومع بعضهم البعض. والكتاب السماوي الذي أنزل على ابراهيم سمي “صحف إبراهيم" غير أنه لم يصلنا في يومنا هذا.

إلا ان “صحف موسى" والمسماه بالتوراه واجهت تحدي الزمن وبقت متداوله بين بني إسرائيل. أهم وأول ماانزل في التوراه هو الوصايا العشر: أول أربعة منها تنظم العلاقة بين الإنسان وربه والستة التالية تنظم العلاقة بين الإنسان وأخيه الانسان وفيما يلي نصها:

1. لا يكن لك آلهة أخر غيري. الله يأمر بني إسرائيل ألا يشركوا بالله إلها آخر، ويحرم عبادة غير الله وكل ما عبد من دون الله فهو باطل.

2. لا تصنع تمثالا منحوتا ولا صورة لما هو موجود في الجنة. حرم الله على بني إسرائيل صناعة وتشكيل ما يمثل الله على الأرض وعبادتها، لأنه نوع من أنواع الإخلال بالتوحيد.

3. لا تقسم باسم الرب باطلا، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا. أمر الله بني إسرائيل أن لا يحلفوا بالله كذبا أو الاستخفاف باسمه، بل يجب معاملة اسم الله باحترام تام وبكل أدب.

4. تذكر يوم السبت وإجعله مقدساً. أمر الله بني إسرائيل أن يقدسوا كل يوم سبت، وقد أحل الله على بني إسرائيل العمل في كل الأيام إلا يوم السبت فإنه يوم لتقديس الله وللعبادة فقط.

5. أكرم أباك وأمك . الله طلب من بني إسرائيل أن يحترموا الوالدين وألا يسيئوا لهما.

6. لا تقتل. حرم الله على بني إسرائيل القتل المتعمد للإنسان.

7. لا تزن. حرم الله على بني إسرائيل الزنا.

8. لا تسرق. حرم الله على بني إسرائيل أخذ ما هو ليس لهم بغير حق.

9. لا تشهد علي قريبك شهادة زور. حرم الله على بني إسرائيل شهادة الزور التي يترتب عليها ضياع حقوق البشر.

10. لا تشته زوجة جارك. حرم الله على بني إسرائيل اشتهاء ما ليس لهم.

وفي المرحلة الختامية لدين الإسلام والتي بعث فيها محمد وانزل معه القرآن نجد ان الله جل وعلى يبجل موسى باعتباره أحد أولو العزم من رُسل الله. لكن الإسلام يعتبر أن التوراة والإنجيل قد تم تحريف نصوصهما الأصلية مع الزمن وتغير مضمونهما إما عن عمد أو بسبب قلة الاهتمام بهما.

وبرغم هذا التحريف، لا تزال مضمون الرسالة في التوراة والإنجيل قريبة من بعض الآيات في القرآن. وهذا ينطبق وبشكل كبيرعلى الوصايا العشر. فبرغم أن الوصايا العشر لم تذكر بالتفصيل في القرآن، فهن لا يزلن مشابهات لبعض الآيات التالية:

1. فاعلم أن لا إله إلا الله. سورة محمد 19

2.. وإذ قال إبراهيم رب أجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنى أن نعبد الاصنام. سورة إبراهيم 35 

3. ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم. سورة البقرة 224 

4. يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله. سورة الجمعة 9

5. وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاُ كريما. سورة الإسراء 23

6. من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً. سورة المائدة .32

7. ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا . سورة الإسراء 32 .

8. والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا . سورة المائدة 38.

9. ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه. سورة البقرة 283.

10. ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه. سورة طه.131

وحيث ان الموارد كانت محدوده في عصور التنزيل فإن الله ربط بين الايمان به وحسن التعامل مع الآخرين بحيث يكون المؤمن رقيبا على نفسه مانعا نفسه مما يؤذي الآخرين.

وقد تجلى ذلك في القرآن الذي ركز على قيمة التقوى في مواضع كثيره وكيف ان المتقين هم خير البشر عند ربهم. كما ركز القرآن الكريم على عبادات الصلاه والذكر وقراءة القرآن والزكاه والصيام والحج والعمره وأوضح أن أداء هذه العبادات والمواظبه عليها بإخلاص هو طريق الحصول على التقوى وبالتالي هو طريق التقرب الى الله سبحانه وتعالى.

وإذا مانظرنا إلى هذه العبادات نجد أنها كلها تتفق في أنها تعتمد على الخصوصية بين الإنسان وربه إما في أدائها أو في الإخلاص في نيتها. فمن أداها مخلصا إلى الله لا يبتغي إلا وجهه فقد افلح ومن أداها بغية سمعة أو شهرة أو غيرها فقد نافق وضيعها.

ومن هنا يتضح لنا أنه كلما حافظ الإنسان على خصوصية العبادات وسريتها فقد إزداد قربة من الله وإبتعد عن النفاق والعكس صحيح.

لذا فإن قراءة القرآن توضح لنا ان الإسلام ليس فيه مطالبة بأي علامة مظهرية يعلن بها الإنسان عن دينه فالله سبحانه وتعالى أعلم بما في القلوب. غير أن الاديان الأرضية جاءت بغير هذا حين ربطت بين الإسلام وهو الدين الأصلي الوحيد وبين الأقوام الذين نزل عليهم.

فنجد قوم موسى يسمون الإسلام الذي جاء به باليهودية ونجد قوم عيسى يسمون الإسلام الذي جاء ليذكرهم به بالمسيحية ونجد قوم محمد عليه الصلاه والسلام ينقسموا بينهم ويسموا الإسلام إما سنة أو شيعة بغير سلطان اتاهم.

وقام كل من هؤلاء الأقوام بابتداع ألبسه ومتطلبات مظهرية للدلاله على انتماءاتهم الدينية ناسين أو متناسيين أن دين الإسلام دين شخصي للغاية فيما يخص علاقة البشر بربهم وأن مظهرية الدين هي أول طريق النفاق. وتأكيدا لمبدأ الخصوصية في علاقة الإنسان بربه فقد ركز القرآن في مواضع كثيرة على مبدأ حرية العقيده وكيف أنه ليس لبشر أن يتدخل في هذا المبدأ حتى ولو كان رسول الله الذي نزل عليه القرآن.

وقد أدرك أهل الكتاب أهمية هذا المبدأ بعد ان قضوا مئات السنين في التخلف والدمار والحروب تحت سيطرة رجال الدين ولم تبدأ نهضتهم وحضارتهم إلا بعدما تبنوا مبدأ الفصل بين الكنيسة والدوله . وبدأوا في مراعاة الوصايا الست الأخيره التي تحكم العلاقة بين الناس بعضها وبعض وسنوا من القوانين ماينظم مجتمعاتهم وحياتهم اليوميه ويحميهم من أذي الخارجين عن القانون.

والمثير للدهشه ان هذا المبدأ هو ماجاء به محمد عليه السلام منذ مئات السنين حين أسس دولته بالمدينه وكانت دوله مدنيه غير دينية تسمح بالحرية الدينية وتعدد الأديان مبنية على مبدأ التعايش السلمي طبقا لما جاء به القرآن من مبادئ واضحة وراسخة في معنى كلمتي الإسلام والإيمان فلكل منهما شقين: الإسلام هو أن يسلم المرء وجهه لله الواحد القهار لا يعبد غيره ويسلم الآخرين من الإيذاء بالقول أو العمل. والإيمان هو أن يؤمن المرء بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن يعطي الأمان للآخرين بأنه لن يحاربهم.

وشرع القرآن الحدود أو العقوبات التي تنتظر الخارجين عن أمر الله.

بموت النبي بدأ الإنحراف عن هذا المبدأ الأصلي في دين الإسلام وبدأ تركيز المسلمين على مظهريات الدين وزاد الطين بلة الإفتراءات التي أقحمت عليه والتي أدت إلى ظهور الدين الأرضي الذي يجعل من التدخل في شئون الناس وفي دينهم أساس ومن الحجاب والنقاب وطول اللحية وقصر الثوب مقياس.

وبمرور الوقت إنتشرت المعاصي وإعتدى المسلمين على غيرهم وعلى أنفسهم واستباحوا أموالهم وأعراضهم ودمائهم وتجاهل الناس حدود الله حيث جاء الحكام متاجرين بالدين ومبتدعين لما يسمى بالدولة الإسلامية التي لم ينزل بها الله من سلطان ليجمعوا حولهم بالخداع مالا يستطيعون جمعه بالحق والعدل والكفاءة.

وبذلك حل النفاق مكان الإخلاص وإتبع الناس الإسلام الأرضي دون الإسلام الأصلي وصدق الشيطان عليهم وعده ووقعت الدول الإسلامية في نفس المستنقع الذي وقع فيه أهل الكتاب من قبلهم فخسروا الدنيا والآخره.

وللأسف فإن نظرة في شئون العالم من حولنا تبين أن أدنى بلاد العالم اليوم وأقلها حضارة وتمدينا هي بلاد المسلمين ولن ينصلح حالهم إلا بإتباع نموذج الدوله المدنية  التي جاء به محمد صلى الله عليه وسلام والتي يخلص فيها الدين للخالق وتدار فيها شئون الدولة بما فيه صلاح الناس أيا كانت انتماءاتهم الدينية.

اجمالي القراءات 12539