الإنسان في القرآن الكريم - 6
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا -6

خالد اللهيب في الأربعاء ٢٧ - فبراير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

أتابع البحث حول المعاني التي إرتبطت بكلمة الإنسان . 

بينّت فيما سبق أنّ الإنسان يغتر بنفسه وبالحياة الدنيا وبعلمه ومردّ كل ذلك الهوى والرغبة التي تقود النفس ثم النفسُ بالتالي تقود الذات الإنسانية ، واليوم أسلط الضوء على شياطين الإنس والجن .

-- شيطان الجنّ يغرّ ويقود الإنسان ويمنّيه ويعده الى أن يُوصله الى نار جهنم وبئس المصير، إلا (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) النحل ، والذين يؤمنون بالآخرة وهم موقنون ، هم  (رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) النور، إنما سلطانه على الذين يتبعون أهواءهم و رغباتهم وأمانيهم لذلك يعدهم الشيطان ويمنيّهم وفقا لما يحبّون ويتمنّون، ممّا يضطرهم الى إتباعه أملا في الوصول الى أهدافهم الدنيوية فيغدون تبعا وأتباعا له ولما يقوله وبما يأمرهم به ، وذلك عبرالوسوسة لهم ، فيشكل الشيطان من أتباعه حزبا خاصا به ، له أهدافه الخاصة الدنيوية  المخالفة والعاصية لأمر الله عز وجل ، فالناس يدعونه ويشركون به وهو وهمٌ وكذبٌ وما ( يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) النساء .

أما القول أن الشيطان قد تلبس ودخل في جسم إنسان  ، فهذا من عمل الدجّالين والمتاجرين بإسم الدين ، وما الظواهر التي نراها تعتري الإنسان المصاب إلا ظواهر مرضيّة عصبيّة نفسيّة ، بحاجة الى طبيب معالج وليس الى جاهل ومتاجر بإسم الدين والقرآن الكريم ، القرآن شفاء لما في الصدور من الكفر و العصيان وليس وصفة طبية للأمراض العصبية والنفسية ولا صراخ دجال يطرد به الشياطين من أجساد المرضى .

كذلك قول السلف الغير صالح عبر كتب الصحاح ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قد ربط جنّي على جزع الشجرة الى الصباح ، فهو الإفك والإفتراء على الدين الإسلامي والجهل المطبق بما جاء به ، إذ أن للجن والشياطين خاصية وماهية تختلف كل الإختلاف عن ماهية البشر والناس فهم خلقوا من النار ولا يتجسدون أمام الناس والعباد، (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) الأعراف ، أما تسخيرالجن للنبي سليمان عليه السلام ، فقد كان خاصية وأية من ضمن الآيات التي أعطيت له عليه السلام (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) ص ، فهي معجزة لها وقتها وزمانها ، إنتهت بموت النبي سليمان عليه السلام ، ولن تكون لأحد من بعده وفقا لدعوته واستجابة رب العالمين له بذلك .

الشيطان عدو للإنسان :

إقتضت سُنة الله في خلقه أن يجعل لكل إنسان عدوا وقرينا يرافقه من شياطين الجن ، يلازمه أينما حل وإرتحل ، صاحب إختصاص وعمل ، كما أن هنالك قرناء من شياطين الإنس ، يتلازما في الحياة الدنيا ، (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)  فصلت .

كلمة القرين بمعنى المتلازمين ومنها قرنّي الحيوان ، الذان يلازما بعضهما بعضا ، وإقران الشيئ بالشيئ أي ربطهما معا ومنها جاء حجّ الإقران أي القيام بالعمرة والحج معا ، فالذي يغيب عنه ويسهى عن وجود الله عز وجل في حياته اليومية ولا يذكره ولا يسبحه يُخصّصُ له الله سبحانه وتعالى شيطانا يلازمه ويرافقه فهو له قرين ، (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (37) الزخرف ، والشيطان من قرناء السوء في الحياة الدنيا، ( ..وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا (38) النساء .

والإنسانُ يغفل أن له عدو بالمرصاد وهذا العدو له هدف محدد وهو إضلال الإنسان و فتنته و تحويل وجهته عن عبادة الله عز وجل ، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا .. (6) فاطر .

 وهذا العداء يأتي من فريقين :

الأول : من شياطين الإنس وهم أعظم فتكا وفتنة ، إذ لهم القدرة على الفعل والتصرف وقد يعتلون أعلى المراكز في شؤون الدولة ، فيتحكمون في البلاد والعباد ويقودون البلاد وأهلها الى المعاصي والفجور ، كما لهم القدرة على إرتداء رداء الإيمان والتقى وخداع الناس ويتحدثون بإسم الله جل وعلا وبإسم نبيه المصطفى .

الثاني : من شياطين الجن الذين يوسوسون في نفوس الناس ويُثيرون أهواءها ويُمنّون ويعدون و يكذبون .

يتعاون الفريقان معا وصولا لذات الهدف، غواية الإنسان وإضلاله ، يركزون عملهم وكرههم وعداءهم على الأنبياء والمرسلين عبرالإيحاء ولفت النظر وليس التخاطب وجها لوجه والتجسد ، ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) الأنعام ، هي إرادة الله عز وجل وفتنته وإختباره ، ليعلم المؤمن من الكافر ويوثق ذلك في كتب الناس بعد إختبار وتجربة مثبّتة ، فلا مجال لإنكارها يوم القيامة ، (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) 3    العنكبوت .

رحمة بالناس ، يخاطب رب العالمين بني آدم محذرا من فتنة الشيطان وعمله ، الهادف الى نزع لباس التقوى عن الناس وصولا الى الكفر والمعصية ، إذ أن فتنة الشيطان هي تحويل وجهة الإنسان من الإيمان الى الكفر بينما فتنة الله عز وجل هي الإختبار والتنبيه ، مذكرا الناس بفتنة إبليس لأبويهما من قبل ، ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) الأعراف ، (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) سبأ .

أهداف الشيطان وعمله  :

للشيطان هدف واحد ، إيصال بني آدم الى النار ، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) فاطر، وهذا الهدف لا يتحقق إلا بالكفر والمعصية ، فكان لزاما عليه غواية بني آدم بكل السبل ومنها : 

1- يعدهم بكل ما تهوى أنفسهم من حب المال والبنين والسلطة والعزة كذبا وغرورا (..وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (64) الإسراء ، وعلى الرغم من أن الله عز وجل قد أمرنا بعدم إتباع خطوات الشيطان إلا أن الكثيرين مصرّين على إتباع خطواته خطوة بخطوة ، من حيث يدرون ولا يدرون (..وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142)الأنعام .

2- كما أن الشيطان يُنسي الإنسان ويلهيه حتى الرسل والأنبياء يقعون في شباكه ، فقد نهى رب العالمين الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ونحن من بعده ، أن لا يجالس من يخوض تهكما وافتراء على آيات الله عز وجل من القوم الظالمين ، فعندما ينتبه لهذا الخوض وقد أنساه الشيطان وشغل باله عن خوضهم هذا ، عليه أن لا يجالسهم بعد أن تذكر وانتبه ، (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الأنعام .

3- الشيطان يدعو الإنسان للكفر والمعصية وينأى بنفسه عنها حيث يتبر من الإنسان وكفره ويخاف الله رب العالمين ، (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) الحشر.

4- بالعمل السيئ والمخالف لشرع الله عز وجل يستزلُ الشيطان أتباعه ويُنكس رؤوسهم في الحياة الدنيا والآخرة : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) آل عمران .

5- يُزينُ الشيطان عمل الإنسان الباطل ، الظالم حتى يراه عملا حسنا وصوابا ، من الكفر برب العالمين  الى ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، من ظلم الزوجة الى ظلم الشعب والأوطان وتشبث الرؤساء والحكام في الحكم والسلطة رغم موت مآت الألوف من المواطنين في سبيل نزعه عن السلطة التي إستولى عليها ظلما وقهرا ، ( ..وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43) الأنعام ،فهل هؤلاء مؤمنون أنهم سيسألون ، وبماذا يجيبون ؟

6- الشيطان يخوف أولياءه من بأس المؤمنين ومجابهتهم ويقذف في قلوبهم الرعب : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175)آل عمران ، بينما الله عز وجل يثبت المؤمنين ويدعمهم ويدعوهم الى عدم الخوف من الكافرين ، إنما الخوف يرد الى الله العزيز الجبار فهو القاهر فوق عباده وإليه تعود الأمور جميعا في الحياة الدنيا والآخرة .

 7- الشيطان يدعوهم الى العذاب وسوء المصير، بدعوتهم لإتباع والإكتفاء بما وجدوا عليه  آباءهم من الكفر والمعصية وإتباعا لما وجدوا عليه أسلافهم وأجدادهم من قبل وإن خالف القرآن الكريم صراحة وجهرا ، و دون تأويل ولا تحليل ودون عقل ولا برهان إنما هو التعصب والجهل والظن ، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (104) المائدة، آلا ينتبهوا أن الشيطان عدو لهم (..أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان، كلمة الرسول تعني : الرسول محمد عليه الصلام والسلام قبل أن يُقبض، إذ أنه لا ينطق عن الهوى ولا ينطق إلا بالقرآن الكريم ، كما تعني القرآن الكريم بعد أن قبض وانتقل الى بارئه جل وعلا .

8- الشيطان يأمر أتباعه بالسوء وهي الأذى للذات وللغير وعمل السيآت وإضلال الناس وفعل المعاصي والخطايا والباطل من الأعمال والأقوال ، كما يأمر أتباعه بالفحشاء وهي الكفر والمعصية  الظاهرة و الباطنة وهي أعظم من الزنى حيث يدخل من ظمنها ، ويأمر الشيطان أتباعه بالتقول على الله عز وجل عبر التحليل والتحريم واتباع ظنهم وجعلهُ قول الله ودينه سبحانه وتعالى ، بينما الله العلي القدير يأمرنا ويحذرنا ، رحمة بنا ، بعدم اتباع خطوات الشيطان والسير على نهجه ، إنه عدون ظاهر مبين لنا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) البقرة .

9- الشيطان له سلطان وقوة على أتباعه ومن يتولاه ، ولا يملك السلطة على المؤمنين المتوكلين على ربهم : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) النحل ، قوته متأتية من تبعيّة الناس له ، حيث يُمنّيهم ويعدهم بما تهوى أنفسهم ، فتنصاع أنفسهم لهواها ورغباتها وبذلك يسيطر على ذوات الناس من أتباعه وأوليائه ومن به مشركون ،(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100) النحل ، كمثل الجزرة يضعها الشيطان أمام الإنسان الذي يتقدم سيرا ، أملا في الوصول إليها ، ويُنهي فترة حياته سعيا وراءها ، بكل قوة وتصميم وقد يصل إليها وقد لايصل ، فإن وصل إليها ونالها يجدها جزرة عادية ، مُتعتها آنية تنتهي بانتهاء أكلها ، ولكن الشيطان لا يكتفي بذلك ، فيضعُ أمام الإنسان جزرة أخرى من لون آخر ، فيسعى إليها الإنسان وهكذا كلما وصل الى هدف وحاجة ومتعة برزت أمامه أهداف ومتع أخرى ، أعلى وأصعب , ويضل يسير ويسير الى أن يفاجئه الموت ، (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون ، ولكن الله لا يُأخر موت إنسان إذا جاء أجله وهي سنة الله في خلقه جميعا ، على المؤمنين والكافرين ، (..فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل .

10- الشيطان يستغل حاجات النفس ورغباتها وأهوائها وميولها وشهواتها ، إذ إنه يثيرها ويبرزها ويعزف على أوتارها ، فتنقاد النفس لأهوائها وشهواتها وغرائزها وبالتالي تقود النفس الذات الإنسانية الى المعصية والكفر، إن تلبيه الذات الإنسانية لأهواء النفس وشهواتها ورغباتها فعلٌ وأمر ضروريٌ وحاجة طبيعية ، يجب تلبيته وإلا أصيب الإنسان بالموت أوالأمراض العضوية والنفسية ، إلا أنّ هذا الإشباع والتلبية يجب أن يُقنّن ويحدد وفقا لما حدّدهُ رب العالمين والعقل والمنطق وإلا أصيب الإنسان بالشذوذ والخروج عن العقل والمنطق وقدرة البدن والنفس على تحمل أعباء أهواء ورغبات النفس الإنسانية وأعباء الحياة الدنيا ، حاجة الإنسان الى الطعام والشراب والجنس والرغبة بتحقيق الذات والتميز وغيرها كثير من الحاجات والغرائز ، إذا ما تمادى وأسرف الإنسان في تحقيقها وحيازتها يصاب بالضرر الشديد في الحياة الدنيا وربما بالكفر بما شرعه الله له ، لهذا كان لزاما عليه التقيد بما أحل له رب العالمين ، فإنه لن يخالف العقل والمنطق السليم بأي وجه من الوجوه .

 11- الشيطان ينزغ في نفوس العباد ، أكان النزغ في نفوس المؤمنين أوالكافرين ، والنزغ هو إيقاع الخلاف والشقاق بين النفوس من الشيطان الرجيم ، لهذا أمر الله عز وجل  الإنسان أن يقول أحسن القول الذي يهدئ ويرضي النفوس ويبعد الغضب والأذى عن الآخرين ، (..َقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الإسراء ، كذلك النزغ هو الإيحاء في النفس ، إلهاما لها لتجنح عن الصواب والحق وتتبع الهوى والمعصية كما هو إلهام النفس بسوء الظن بالآخرين ،(وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) الأعراف ،  لهذا جاء تحريم وإجتناب مسببات الشقاق والخلاف والتي يدخل منها الشيطان الى النفوس ، فيوقع بينها العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّ الناس عن العبادة والتسبيح وقرآءة القرآن ، كما يصد عن إقامة الصلاة وإن صلى وركع وسجد حيث لا يعلم ما يقول وهو في حالة سكر وذهاب للعقل والإدراك أو في حالة عدم إتزان وإدراك الصواب ، فهو لا يقيم الصلة والقربى من الله العزيز الحكيم ولا يتبع المنهج السليم مع نفسه والآخرين في المجتمع ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) المائدة .

12- الشيطان يضع من عنده ما شاء له أن يضع من الوسوسة والغواية فيما يتمنّى الرسل والأنبياء والعباد ، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) الحج، فالله يُثبت ويكتب في كتاب أعمال الشيطان ما يُلقي الشيطان في النفوس وتكون حجة عليه يوم القيامة ، ليحاسبه على إغوائه و وسوسته للرسل والأنبياء وللعباد ثم يحكم رب العزة أياته الحسية والقولية ويثبتها في قلب الأنبياء والرسل وعلى أرض الواقع ، أن ما يُلقيه الشيطان في النفوس هو فتنة وإغواء للعباد الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ، فتكون حجة على المُلقي والمُلقى إليهم من العباد ، يوم الحساب ،(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) الحج ، أما المؤمنون سرعان ما يبعدون وسوسة الشيطان عن نفوسهم إذ ليس له سلطان ولا يقدرة عليهم ، (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65) الإسراء ، خاصة من يستعذ بالله العزيز القدير ، قارئا سورة الفلق ، (..أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) الفلق ، وسورة الناس (..أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) الناس ،وكل آية بها إستعاذة من الشيطان الرجيم وإستجارة بالله الرحمن الرحيم ، فإنها تعصمه من وسوسة و نزغة الشيطان الرجيم بإذن الله العظيم .

13- الشيطان يُلقي الشرك والكفر على أتباعه يوم الحساب : بعد أن يقضي ويحكم رب العالمين بين عباده بالحق المبين ، ويستحق الشيطان وأتباعه الخلود في نارجهنم ، يكشف الشيطان عن حقيقة أمره وسعيه وغايته ولا يخجل من وعوده الكاذبة ، ويذكرهم أنه لم يكن يملك سلطانا ولا قوة لإجبارهم على إتّباعه ، إنما دعاهم فاستجابوا لدعوته وأشركوا به وقد كفر بما أشركوه من قبل ، فلا داع أن يعلو صراخه عليهم وصراخهم عليه ولا داع أن يلومونه ويُأنبونه ، إذ إن الصراخ واللوم  لن يفيدهم في شيئ ، فالكل في سواء الجحيم  وقضي الأمر وحكم رب العالمين بين العباد ، (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)إبراهيم .

14- الشيطان ليس له قوة لإجبار العباد على الكفر والعصيان ، إنما عمله الوسوسة والدعوة الكلامية داخل النفس الإنسانية ، مستغلا هوى النفس وميولها ، إعطاء الشيطان قدرة الدخول والإطلاع على هوى النفس ومن ثم البث بها وعودا كاذبة تبعا لهواها ، هذا التمكين والقدرة الهدف منه إختبار العباد والفوز بالجنة عن جدارة واستحقاق أوالرمي في سواء الجحيم عن بينة وحجة ، فكل شيئ محفوظ مكتوب لديه سبحانه جل وعلا ، (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) سبأ .

يوم القيامة :

وقد حكم رب العباد ، يتمنى الكافر الظالم لنفسه وللآخرين ، إذ يقول للشيطان الرجيم ، (.. يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) الزخرف ، (..وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا (29) الفرقان ، كذلك قول قرناء السوء من شياطين الإنس يتلاومون ، ويرمي بعضهم البعض بالتهم والأسباب التي أدت الى كفرهم و رميهم حثالة في قعر جهنم ، (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (29) ق .

 يوم القيامة وقد حكم رب العباد ، يتذكر مؤمن الجنة ، أنه كان له قرين في الحياة الدنيا ، من شياطين الإنس ، (يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52)أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات ، وأخذ ومن حوله من أهل الجنة في البحث عنه و( قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) الصافات ، يعيدُ مؤمن الجنة قول الكافر، شاكرا لنعمة الله سبحانه وتعالى عليه إذ أنه من الناجين ، قائلا ، (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) ويردف قائلا بعد أن نال وتأكد من الفوز العظيم ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61) الصافات .

ولولا فضل الله ورحمته لاتبع أغلب الناس الشيطان إلا القليل منهم ، فبفضله و رحمته يدخل العباد الجنة ، (.. وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)النساء ، والرسل والأنبياء يتمنون الهدى والتقى للعباد ويحزنون لكفر العباد وتطاولهم على الله عز وجل ، يتمنّون أن يؤمن جميع الخلق لله عز وجل ، وكان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام يستصعبُ ويستعظم ويتألم ويحزن لإعراض الناس عن الإيمان بالله الواحد الأحد ، فجاء الرد من الله تعالى لو شاء لجمع الناس جميعا على الهدى فلا تكن من الجاهلين ،(وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام ، كما قال تعالى ، (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ..)41 المائدة ، وجاءت الطمأنينة من رب العالمين رأفة ورحمة برسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ، لتهدئ وتخفف من حزنه ،وتعلمه أنهم لا يكذبونه شخصيا ، لعلة في شخصه الكريم ، إنما جحودهم وتكذيبهم لآيات الله عز وجل،(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام .

موانع عمل الشيطان :

1- التقوى تمنع مفعول مس الشيطان ، والتقوى هي الإبتعاد والتجنب لكل ما نهى عنه رب العالمين في كتابه المبين والإلتزام بالقيام بل ما أمر وحث على القيام به ، ذلك في سرهم وعلنهم ، فالمتقون معرضون للمس وهو البث والإيحاءُ والإغراءُ في نفوسهم بكل ما هو مخالف لشريعة الله عزوجل من الشيطان الرجيم ولكن المتقي حينما يمسهُ الشيطان يتذكرُ، هدفه و فعله ، فيعودُ المتقي مبصرا بعد أن غشيهُ طائف من المس فأعمى بصيرته الى الرشد من القول والعمل بما يوافق شريعة الله عز وجل  : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) الأعراف .

والنسيان مرض وسنة من سنن الله عز وجل خاصة عند الطعن في السن والعمر ، كما هو عمل من أعمال الشيطان يُلفتُ ذهن وفكر الإنسان عند القيام بعمل الطاعات وما يرض الله عز وجل كالصلاة وغيرها ، وقد أنسى الشيطان آدم عليه السلام العهد الذي قطعه على نفسه ولم يكن له عزما وقوة ليتذكر أو يردأ ويرُدّ وسوسة الشيطان عنه ، (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه  ، وهذا ما حصل مع فتى النبي يوسف عليه السلام ، (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)الكهف .

2- الإستعاذة بالله الرحمن الرحيم عصمة لجميع الخلق من مس الشيطان الرجيم وهي الملجأ والرجاء الى الله عز وجل من المس ، مطلوبة في كل عمل و وقت ، خاصة عند قراءة القرآن الكريم ، إذ أن الشيطان لا يفترعن غواية الإنسان ما دام الإنسان يقضا ، (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) النحل ، هذا الأمر للنبي محمد عليه الصلاة والسلام ولنا من بعده ، إذ أن الرسل والأنبياء غير معصومين من مس الشيطان الرجيم وهذا ما حصل مع النبي يوسف عليه السلام ، إذ ذكرهُ الله رب العالمين وأراه برهانه كأنه يراه رأي العين أمامه ، فأصرف عنه السوء والفحشاء ، (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) يوسف .

3- بالدعاء والتضرع يستجيب الله عز وجل لعباده إذ يعطيهم ما يسألون ويحميهم مما يخافون، (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) الفرقان ، إمرأة عمران كانت تستعيذ بالله الرحمن الرحيم من الشيطان الرجيم ، حفظا وحماية لمريم و ذريتها عليها السلام ( ..وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)آل عمران .

عتاب الله للعباد يوم القيامة :

 يعاتب رب العالمين العباد يوم القيامة على مخالفتهم أمره والعهد الذي عاهدوه من قبل بعدم الشرك به جل وعلا وعدم اتباع خطوات الشيطان وبالتالي عبادته ، واتخاذه عدوا ، فقد أضل الكثير من الخلق ، أفلا تعقلون ، فلا يستحقوا اليوم إلا الكب كالقمامة في نارجهنم يصلونها ومن أغواهم من الشياطين أجمعين ، (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64) يس، (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) الشعراء.

(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) إبراهيم 

وصدق الله رب العالمين .

أتابع البحث إنشاء الله رب العالمين في المقال القادم .

اجمالي القراءات 21115