تزكية الذات

احمد شعبان في الإثنين ٢٨ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تزكية الذات

ما دفعني للكتابة في هذا الأمر هو

المحاولة لمعرفة أسباب تخلف مجتمعاتنا ودور النخب فيها

وأيضا

لما يدور على الساحة المصرية من ارتباك أدى إلى اراقة دماء المصريين وما زال

وذلك

لأني أعلم يقينا أن كل ما يجري في الكون هو برحمة الله حيث كتب على نفسه الرحمة

قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ

12 الأنعام

الرحمة في إطار التوازن الحافظ للكون

" وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ 7 الرحمن "

والذي يأمر بالعدل

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى 90 الأنعام

 

وبتتبعي لمسيرة المجتمع المصري فكريا بمعاصرتي له والتي جعلتني اتعرف على حياتنا العامة

 

فقد استمعت وقرأت لمعظم رموزنا الفكرية علميا ودينيا وسياسيا بما يقارب الأربعين عاما

وشاركت في العديد من المحافل الداخلية والخارجية

والكثيرين منهم استمعوا إلى أو قرؤوا ما أقول

ولاقى اعجاب البعض دون حراك يذكر

 

لذا يمكنني القول وأنا مرتاح الضمير عما أشعر به من

فداحة تعامي نخبنا  لما أقول رغم عظم شأنه على كافة المستويات

 

وما أود قوله هو

التاريخ يأكد لنا بما لا يدع مجالا لأي شك بأن التيارات الاسلامية " تيارات تكفيرية "

فكيف نتعامى ذلك

لا يقبل أي منها أي آخر " حديث الفرقة الناجية "

كيف يعقل أننا نفهم ديننا هكذا ؟

ومن هنا كان لزاما على كامل بلداننا ألا تجعل أي من تلك التيارات الدينية أن تتولى السلطة لأنها

لا تقبل لها شريكا في أي المجتمع

فإن لم يتم التسلط عليها تسعى دائما لتولى القوامة دون المرور بمرحلة المشاركة

وللخروج من مأزقهم المزمن هذا لابد أن يقدموا لنا

الاسلام الصحيح الذي يجعلهم يقبلون المخالف لهم في المذهب أو الطائفة أو حتى في الدين

ليخرجوا أنفسهم وأمتنا من حالة انكار " كفر " بعضنا ووحدة أمتنا

 

فهل سنترك الاخوان أن يحكموننا دون هذا الاصلاح للفكر الديني

ليتم الخراب في مصرنا الحبيبة ، وشعوب منطقتنا كما نعيش ونشاهد ونقرأ عن كامل البلدان التي حكمها الاسلاميون طوال تاريخهم

علاوة على مانراه سائدا من تقنين للفساد

 

ولأني لا أرضى لبني وطني وديني هذا الحال من التدني والخراب

وانطلاقا من حبي للخدمة العامة التي مارستها طويلا

كان ولابد لي أن ابحث عن هذا التوازن الكوني بكل مافيه من أحياء

بين العدل ومانحن فيه من تردي

 

فرغم أننا من خيرة الناس

نؤدي مناسكنا بما يرضي الله

ونعيش مناخ معتدل خرجت منه فصيلة القطط أكثر الحيوانات المتوحشة ألفة

ونتمثل الكثير من القيم السامية التي لوثها واقعنا الأليم سلوكا

 

في حين نرى المجتمعات المتفسخة وأيضا من نراهم أقل منا امتثالا لأمر الله يتسلطون علينا ويحركوننا كما شاؤوا

اين العدل هنا للمواطن المؤمن الذي لا يبغي سوى رضى الله ورحمته ؟ !!!

 

ولما كان كامل تاريخ منطقتنا بهذه الشاكلة

فقد اصيبت قبلنا بنفس الحالة

منطقة قد تزيد مساحة عن منطقتنا العربية

ولفترة لا تقل عن تاريخنا الإسلامي حتى الآن

 

فحين النظر لما صنعوا للخروج من مأزقهم الحضاري

نجدهم قد ثاروا على واقعهم الممثل في الكنيسة " التدين الجائر "

وفصلوا الدين عن الدولة

ولجؤوا إلى اصلاح الفكر الديني على قاعدة التأويل اعتمادا على أفكار ابن رشد

وتم تكريسهم للرؤية النقدية المنتجة للعلم في إعادة صياغة حياتهم بفكر حر

فأبدعوا تقنيا وحضاريا

وحين تم ربط نلك الابداعات تكونت رؤى فلسفية متعددة

منها ما أنشأ ديكتاتوريات من فاشية ونازية وشيوعية وغير ذلك من النظريات

سرعان ما تصارعت

ثم انتهت بسيطرة ما يحكم العالم الآن من فلسفات تقر الحريات وتعتمد المنطق " المنهج العلمي "

وتم التطبيق على كافة المجالات سوى الجانب الديني الذي ابقى على حاله

فأنتجت حضارتنا الراهنة ونحن من المستهلكين لها دون مشاركة منا في انتاجاتها

فهل يجب أن نسير على خطى هؤلاء ؟

والتي استغرقت مئات السنين بعد ثورتهم

وأمامنا كمسلمين صخرة لا يمكن اعتلائها ؟

هذه الصخرة هى التزامنا الديني الذي يحتم علينا الامتثال لأمر الله بما أرسله إلينا من رسالة

" بيان ما اختلفوا فيه "

وَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 64 النحل

فإن لم نفعل فقد كفرنا برسالة اسلامنا

كما أن هذه الرسالة لا تقبل التأويل مثلما فعل ابن رشد وغيره

وبالعودة إلى التاريخ الانساني نجد الاختلاف والفرقة والصراعات الدائمة والمتوالية على السلطة

والسبب الأساسي في زوال النظم هو عدم رضاء الناس عنها وتمردهم عليها

وقد يطول نظام عن أخر بسبب استكانة الناس وقبولهم للظلم

فالناظر للكائنات الحية المشاركة لنا على الأرض ، يجد القوى فيها يأكل الضعيف ، كما تجد بعض الكائنات الضعيفة بما تسلحت به من أساليب المقاومة قد تقتل من يفوقها قوة فالكائن الحي لابد من أن يحمي نفسه والانسان الذي هو أرقى المخلوقات بما يستطيعه من تحصيل كافة العلوم والمعارف لذا اسجد الله له الملائكة ، أليس بقادر على حماية نفسه من أي ظلم ؟ !!!

ومن يترك نفسه ضعيفا مهانا فلا يلومن إلا نفسه ، فحين تقبل الظلم فأنت من جلبته على نفسك ، ولا تنتظر أن تنصف إلا إذا عملت أنت ولا غيرك على انصاف نفسك بما وهبه الله لك من امكانيات ، وخصوصا أن وسائل المعرفة متاحة

فيوجد من يأمل الحماية في سلطة فلا قيمة له حين زوال السلطة

كما يوجد من يأمل الحماية من الله

فعليه ان يعمل لذلك بالعلم والمعرفة وخصوصا أن وسائل العلم المعرفة ميسرة

حتى يجد عون الله له ، وهذا هو الجهاد الحقيقي في سبيل الله

وبالنظر لما يراد بنا نجد

يراد بنا الاستغلال وفرض الوصاية وابادة الضار منا بهم

لأننا أمة ضعيفة ، متخلفة ، ضارة بسبب

فرقتها واختلافها الناشئ عن تدينها

ولكى نغير اتجاه المعادلة ، لابد من

اصلاح الفكر الديني بمنهجية علمية

فنتوحد كما أراد الله لنا فنكون

أمة مهابة

فلا يعقل أن تتسق حماية الله مع استكانتنا

لذا نجد الله يطالبنا أن ندعوه بأسمائه الحسنى .

وحينما ندعوا عظيما يجب ان ندعوه بما يتناسب مع عظمته

لذا وجب أن يكون دعاؤنا لله هو سعي وعمل فحينما ندعوه بالعليم فهذا يتطلب منا السعى في سبيل العلم حتى يحقق العليم دعاؤنا

وهكذا كامل الأسماء الحسنى

فيجب أن نبصر الناس بقيمة كل فرد منهم ، وحينما يترسخ ذلك في نفوس الجماهير ، سنجد كل منهم يتسلح بتنمية قدراته ليحافظ على حقوقه ويسود السلام ربوع أمتنا

وحرية الاختيار ملمح وجوبي بما لا يتعارض مع أعراف المجتمع

فالعبرة : ماذا أضفت إلى موروثك من قيم ؟

فهل زكيت ذاتك بالعلم والمثل العليا الدافعة للعمل الصالح ؟

أم بخستها حقها بجهلك نتيجة التلقين ، وانسلاخك عن القيم النبيلة بالتواكل ؟

احمد شعبان محمد

اجمالي القراءات 8895