خالد منتصر نيللى ومجلس الشورى

خالد منتصر في الخميس ٢٤ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

رئيس مجلس الشورى يطالب بمنع فيلم نيللى من العرض فى الطائرة التى استقلها أثناء رحلة السودان, واشتبك فى مشادة كلامية مع طاقم الطائرة وعنّفهم على مشاهدها الساخنة!، قرأت هذا الخبر العجيب واندهشت كيف لم يصل إلى السيد رئيس مجلس الشورى القائم بالتشريع الآن أن هناك اختراعاً اسمه غلق الشاشة التى أمامه من خلال اختراع آخر اسمه زرار، وأن هناك اختراعاً ثالثاً أشد نجاحاً وجذرية واستئصالاً وبتراً لهذه الأفلام الكافرة الفاجرة وهو أن يغلق عينيه وينام براحته ومن الممكن أن يشخر أيضاًً ويحلم أحلاماً سعيدة بدون اعتراضات واشتباكات مع المضيفين والمضيفات وبدون هذه المعركة المفتعلة التى أزعجت الركاب الذين أصر رئيس المجلس على التعامل معهم كما يتعامل المرشد مع أعضاء جماعة السمع والطاعة.

بغض النظر عن سخونة المشاهد أو ما اعتبره رئيس المجلس المبجل خادشاً لحيائه فإن ما كتب أن السيد الأستاذ أحمد فهمى قد فعله هو تعدٍّ على حرية الآخرين من ركاب الطائرة، فمقياس المشهد الساخن عند الأستاذ فهمى ليس هو نفس المعيار والمقياس عند سين أو صاد من ركاب الطائرة، فمن الممكن أن يكون سقف فهمى فى السخونة هو غمزة عين نيللى أو ظهور أسنان نيللى أو رُكبة نيللى أو صباع نيللى، وما يصنفه أحمد فهمى إثارة لا يصنفه غيره كذلك، فمن الممكن أن تتحرك شجونه من رقص نيللى وهز وسطها مما يعتبره الجالس إلى جانبه أداءً حركياً يستحق التصفيق لا الاستهجان، المهم ليس رأى أحمد فهمى فى نيللى ومفهومه عنها ولكن المهم هو رأى أحمد فهمى فى الحرية ومفهومه عنها، فالأستاذ أحمد فهمى تصرف وكأنه ناظر فى مدرسة وعلى تلاميذ مدرسة الطيارة المشتركة سماع الكلام بلا مناقشة وهكذا سيدار البرلمان وتدار الحياة السياسية، الحياة بطيف واحد، بكتالوج واحد، بذوق واحد، وهو بالطبع ذوق المالك المسيطر، رأى السلطان هو سلطان الآراء، رأيى ليس رأياً بل هو الرأى، أنا لست مجرد مسلم بل أنا المسلم وأنا الإسلام، فبرغم تعدد الشاشات التى تعرض الفيلم وبرغم سماح نظام الطائرة باختيارات حسب الأذواق وطبقاً لاختلاف الرغبات، فإن رئيس الشورى يريد فرض ذوقه على باقى الناس، وهذا إن صح سلوك قامع قاهر، هذا الارتباك الذى جعل قائد الطائرة كما قال الخبر يرفع الشاشات من أمام رئيس الشورى ورفاقه مَن المسئول عنه؟، مَن المسئول عن انقسام فى الطائرة يشبه انقسامنا الآن وشرخنا الآن وتشرذمنا الآن، الحكاية ليست حكاية نيللى أو فيلم عربى، الحكاية حكاية منهج فريقين، مَن يؤمن بالتعدد فى مقابل من يؤمن بفرض الرأى الواحد برغم أن الأرض واسعة ومهيأة للجميع بشرط الاقتناع بأنك مجرد فرد فى شعب ولست قائداً لقطيع، ذوقك ليس الباترون الذى لا بد أن أفصّل عليه ذوقى، وما تستطعمه أنت ليس واجباً علىّ أن أطفحه كمنيو وحيد فى مطعم منفرد فى صحراء قاحلة، وما يعجبك ليس شرطاً علىَّ وعلى أهلى وعشيرتى أن يعجبهم رغماً عن أنوفهم.

يا نيللى قدمتِ من قبل أجمل الفوازير ولكننا الآن نعيش أسخف فزورة

اجمالي القراءات 7984