سوريا
سوريا … خطر الإبادة الجماعية

زهير قوطرش في السبت ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 هل فعلاً بدأ يصحى الضمير الإنساني الذي رأى ويرى بأم عينه ما يجري على أرض سوريا الحبيبة ,بلد الحضارات ,البلد الذي انتشرت منه الاديان السماوية إلى كل بقاع العالم.البلد الذي عاش على أرضه ومازال يعيش شعباً ضحى بالغالي والرخيص من أجل العدالة والحرية .اليوم يذبح هذا الشعب ,وتدمر مدنه وقراه , من قبل نظام استبداي ,ومن قبل مرتزقة متطرفين لا هم لهم سوي القتل وقبض الثمن .

اليوم يسأل السوريون أنفسهم ,هل باعهم  العالم؟؟

هل أصبح ضحايا هذه المجازر أرقاماً فقط  تنشر على الفضائيات من أجل الإحصاء فقط؟؟

الشعب في سوريا ,ماعاد يهمه من المسؤول عما يحدث ,لأن المسؤول والمجرم عندهم صار واضحاً وضوح اليقين ....لكنه يطالب الجميع بمطلب واضح ....اوقفوا القتل والتدمير !!!!

يطالب العالم أن يعمل على مساعدة ستة ملايين من المهجرين بين الداخل والخارج !!!!

سوريا فعلاً هي أمام خطر الإبادة الجماعية .

أشكر  د.أحمد زويل على مقالته هذه التي أقدمها لقراء أهل القرآن ,ليعلموا أن في العالم مازالت وستبقى بعض الأصوات داعية للعدالة والخير ,وأن الحق لابد له من الانتصار مهما كانت كلفة هذا الحق.

 

 

سوريا … خطر الإبادة الجماعية

بواسطةadmin– 2012/12/06

نشر فى: مقالات وتحليلات

الاتحاد : د.احمد زويل

من ألمانيا النازية إلى رواندا، ارتُكبت بعض من أكثر الفظاعات والإبادات الجماعية وحشية بينما كانت بقية العالم تتفرج. واليوم، نشهد جميعاً الفظاعات والدمار الجماعي في سوريا. ومرة أخرى نشاهد ذلك يحدث أمام أعيننا، بمرارة وألم ربما، ولكن من دون تدخل فعال من أجل وقفها.

نظام بشار الأسد وحشي لأنه يخوض حرباً مع شعبه، يقصفه فيها من البحر، ومن الجو، ويقتل السوريين الآمنين في منازلهم. وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أكثر من 40 ألف شخص قُتلوا حتى الآن. كما فر أكثر من مليون سوري من بلدهم، حيث أصبح مئات الآلاف لاجئين في بلدان تركيا والأردن والعراق ولبنان المجاورة.

كما يعمل النظام أيضاً على تمديد التدمير ليشمل مدناً ذات قيمة تاريخية كبيرة جداً. وقد تعرضت كل المدن الرئيسية للقصف، من حلب في الشمال، إلى درعا في الجنوب، وحمص في الوسط، ودير الزور في الشرق.

الوضع في سوريا اليوم لم يعد انتفاضة سياسية تشكل نهاية انتفاضات «الربيع العربي»، بل أصبح كارثة إنسانية تزداد دموية كل يوم. ونحن لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي باسم أعذار واهية من قبيل «إن الوضع جد معقد»، أو «إن النظام سيسقط في النهاية»، أو باسم العذر الذي يدفع به أولئك الذي لا يهمهم سوى الإبقاء على النظام في السلطة: «يجب أن نفسح المجال للحلول الدبلوماسية».

مهمة المبعوث الأممي كوفي عنان ومن بعده الأخضر الإبراهيمي فشلت. وحلول الجامعة العربية غير فعالة، في حين تعاني حلول الأمم المتحدة من الانقسام بين الأعضاء الذين يتمتعون بحق «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي.

بعض الزعماء يعتقدون أن الوقت كفيل بحل الأزمة، وأملهم هو أن يسقط نظام الأسد في النهاية بفعل الحصيلة الثقيلة من الفظاعات التي قام بها. غير أنه انطلاقاً من التجارب السابقة مع مثل هذه الأنظمة، يمكنني أن أقول من المستبعد حدوث هذا السيناريو. فالأسد، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية، التي تمثل أقلية في سوريا، مازال يسعى إلى حكم كل السوريين بقبضة من حديد، بمن فيهم الأغلبية السُنية. ثم إن كل شيء قام به الأسد حتى الآن يشير إلى أنه سيفعل كل ما يتطلبه الأمر من أجل البقاء في السلطة، بما في ذلك استعمال الأسلحة الكيماوية في النهاية. فنظامه ليس مختلفاً عن نظام والده حافظ الأسد، الذي سمم وسوى مدينة حماه بالأرض ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف.

إن سوريا تفتخر بأنها وريثة حضارة عريقة ذات طيف فريد من الأقليات التي تضم المسلمين والمسيحيين من طوائف مختلفة. فهناك على الأقل عشر من مثل هذه المجموعات الإثنية والدينية. وعلى مدى قرون، عاشت كل هذه الطوائف معاً بسلام. أما اليوم، ومع احتدام الحرب الداخلية أخذت هذه الوحدة تضعف وتحل محلها حرب مدنية وقبلية لن تنهي سوريا كأمة فحسب، وإنما ستمتد أيضاً إلى بقية الشرق الأوسط.

ومما لا شك فيه أن عدم الاستقرار في سوريا سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في كل الشرق الأوسط. فالاضطرابات الطائفية التي نتجت عن هذا النزاع المأساوي ستصبح معدية وستنتقل إلى العراق ولبنان. ولعل حادث السيارة المفخخة الذي وقع مؤخراً وقتل مدنيين أبرياء في لبنان يمثل إشارة تحذير بالامتداد الوشيك للوضع اللامستقر في سوريا.

ونظراً لاستعمال الأسد لمرتفعات الجولان كـ«ورقة خوف»، فإن إسرائيل قد تتدخل، وهذا بدوره سيدفع إيران و«حزب الله»، وربما تركيا ومصر أيضاً، للتدخل. والواقع أن ثمة منذ بعض الوقت تقارير تشير إلى أن بعض المجموعات المسلحة، ومنها مجموعات مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، بدأت تجد في سوريا أرضاً خصبة.

بل إن حتى الصين أخذت تعترف بأن الفوضى في بلد يمتلك الآلاف من الصواريخ ومخزونات ضخمة من الأسلحة الكيماوية لا تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط فحسب، وإنما أيضاً تدفق النفط إلى الغرب والشرق معاً.

وفي هذه الحالة، فإن القضية الإنسانية تلتقي مع المصالح العالمية بالفعل.

قد تبدو سوريا بلداً صغيراً، ولكنه نزاع معقد وشائك من النوع الذي يمكن أن يؤدي إلى كارثة عالمية. والأمر لا يتطلب خيالًا واسعاً للنظر إلى سوريا باعتبارها سراييفو القرن الحادي والعشرين، بحيث تؤدي إلى حرب عالمية.

ولذلك، يجب على العالم أن يتحرك الآن وبشكل جماعي. فإذا كانت لدينا الإرادة، فإننا سنجد طريقة ما لحل هذه المشكلة. وأقل ما يمكن أن نفعله فوراً هو توفير ملجأ ومساعدة ملموسة للسوريين الفارين عبر الحدود. وبالتوازي مع ذلك، يجب على القوى الكبرى أن تدعم الجيش السوري الحر في الميدان وتفرض منطقة حظر طيران، وهو ما سيعيق قدرة النظام عديم الرحمة على قصف الأبرياء من الرجال والنساء.

وفي وقت لا تفصلنا فيه عن العطلة المسيحية سوى أسابيع قليلة، فإنه من العار الاحتفال بميلاد رجل سلام وإنسانية – الذي مازالت لغته الأم، الأرامية، المستعملة في «معلولا» في سوريا – في وقت يلاحق فيه شبح الإبادة الجماعية- بدلًا من الحب الأخوي- الأراض نفسها التي كان يجوبها وحواريوه قبل أكثر من ألفي سنة.

د.أحمد زويل

حائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999

اجمالي القراءات 14715