إن الله لا يخلف الميعاد

رمضان عبد الرحمن في السبت ٠٣ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

إن الله لا يخلف الميعاد

الوعد والميعاد، الوعد هو أن الله وعد الذين آمنوا واتقوا الجنة، ووعد الذين كفروا النار، والميعاد هو يوم القيامة، ولن يخلف الله وعده، أي وعد الله حق ولكن إن الذي يخلف الوعد والميعاد هم البشر مع بعضهم البعض، حين يتواعد إنسان مع إنسان يحضر الإنسان لهذا الموعد أو الميعاد حسب أهمية هذا الموعد أو اللقاء الذي سيجمع بينهما سواء من أجل تجارة أو وظيفة أو زواج أو ما شابه ذلك، فيهتم بهذا الكلام، أنني سوف أقابل فلان غداً وأنني سوف أقابل فلان بعد غد، ويلتزم جداً لكي يصبحوا على مستوى الموعد الذي اتفقوا عليه، وهم بشر مع بعضهم البعض، يهتمون بالمواعيد كي لا يغضب هذا الشخص أو كي لا يغضبوا من بعضهم البعض، وليغضب وليفعل ما يشاء هذا أو ذاك.. من أجل مواعيد أو مصالح دنيوية إن صحت أو خابت هي زائلة، وهل هؤلاء الناس المهتمون والحريصون على عدم إغضاب بعض هل هم مهتمون بما هو أهم من ذلك؟!.. أو مدركون لإطاعة الله؟!.. كي لا يغضب عليهم الله وقد تبين لنا من القرآن الكريم أن الذي يحل عليه غضب الله فقد هوى، يقول تعالى:

((كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)) سورة طه آية 81.

هل أعددتم لميعاد الله؟!.. يا مهتمين بالمواعيد الدنيوية، متجاهلين وعد الله الحق يوم القيامة؟!.. أم ماذا تنتظرون؟!.. ونحن بحاجة أن نعمل للقاء الله خير من كل وعود ومواعيد البشر في الدنيا، ونصبح على مستوى التكريم الذي كرم الله به الإنسان على كثير من خلقه، ومن ضمن هذا التكريم أن ذكر الله الإنسان في كتابه العزيز، يقول تعالى:

((لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) سورة غافر آية 57.

وكأن الله يقول أقرب شيء إلى خلق السماوات والأرض هو الإنسان، وذكر الإنسان في هذه الآية هو بحد ذاته تكريم للإنسان من الله أيضاً، ثم يقول تعالى:

((أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)) سورة الأعراف آية 185.

أي يطالبنا الله أن ننظر ونتفكر في ملكوت السماوات والأرض لكي نعلم قدرة الله في خلقه، والنظر بمعنى البصر أيضاً، وكما أمرنا الله أن نتفكر في هذا الكون المليء بالآيات والمعجزات التي لا حصر لها يأمرنا سبحانه وتعالى أن نتفكر في أنفسنا، يقول تعالى:

((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)) سورة الذاريات آية 21.

وهذا يعني ارتباط بخلق السماوات والأرض وخلق الإنسان، ولذلك أمرنا الله بالنظر والتفكر بالاثنين معاً، وأعتقد أن ما يحدث في أي كوكب من الكواكب وما فيه من أمور غريبة لا يستطيع أن يدركها العقل البشري، ولذلك قال الله تعالى:

((لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) سورة غافر آية 57.

وأيضاً الإنسان هو من الآيات التي يجب التفكر فيها، ولو نظرنا ما بداخل كل إنسان سنجد وجه تقارب بين الإنسان وأي كوكب، إن ما يجري داخل الإنسان من خلايا وكرات دم حمراء وأخرى بيضاء لا نستطيع حصرها أيضاً وهي تعمل من الداخل دون أن نراها أو نأمرها، فلهذا فإن أقرب شيء إلى السماوات والأرض هو الإنسان في طبيعة الخلق، تصديقاً لهذا الموضوع يقول المولى عز وجل:

((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)) سورة الأحزاب آية 72.

وبعد رفض السماوات والأرض لحمل الأمانة يحملها الإنسان، لم يقل المولى في هذا الموضوع غير السماوات والأرض والإنسان، يا إنسان لا تنسى إنك إنسان.

ولي تعليق على هذا الموضوع، أمر الله الذين آمنوا أن يسيروا في الأرض، لكي يعلموا كيف بدأ الله الخلق، يقول تعالى:

((قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) سورة العنكبوت آية 20.

وللأسف انشغل المسلمون في هرد الكلام والروايات وأثبتلك وتثبتلي وكما تعلمون أن الذي يبحث ويسير وينظر لكي يعلموا كيف بدأ الله الكون من باب العلم بالشيء هم غير مسلمين يا مسلمين.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 39189