مصر على خطى باكستان
الاخوان المسلمون يتخذون الأقباط رهائن

مجدي خليل في الأربعاء ١٧ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً


ريمشا مسيح طفلة مسيحية باكستانية عمرها 11 سنة لا تقرأ ولا تكتب وقواها العقلية ضعيفة دس لها رجل دين أسمه الشيخ خالد شيشتى أوراقا ممزقة من مصحف ثم وشى بها بتهمة إزدراء الإسلام لتجد نفسها أمام تهمة عقوبتها الإعدام، وبعد محاكمات طويلة وفضيحة عالمية تدخل بعض الشهود المسلمين الأمناء وقالوا الحقيقة أنهم شاهدوه وهو يدس أوراق المصحف الممزقة فى شنطتها، ولكن المحكمة الظالمة أبت أن لا تفرج عنها إلا بعد دفع غرامة قدرها عشرة آلاف دولار أمريكى، وهى تعادل مرتب موظف باكستانى مدى الحياة.
أسيا بيبى سيدة باكستانية عمرها 45 سنة تعمل فلاحة، طلب منها رفاقها فى الحقل إحضار المياه للشرب ولكن بعد أن جاءت بالمياه لهم أتهموها بأنها نجست المياه ودعوها للإسلام لكى تكون طاهرة، دافعت عن دينها فاعتبروا دفاعها إهانة للإسلام الذى هو خير الأديان من وجهة نظرهم وحكم عليها بالإعدام ، ولولا تدخل المجتمع الدولى لكانت فى عداد الموتى.
منذ عام 1986 حوكم أربعة آلاف شخص فى باكستان بتهمة إزدراء الإسلام ويسمونه التجديف،أغلبهم من المسيحيين، ودفع وزير الأقليات المسيحى حياته ثمنا لنقده لهذا القانون الشاذ الذى أصدره الرئيس الإسلامى ضياء الحق عام 1986 وتنص مادة التجديف على "كل من يدنس أسم محمد المقدس،سواء بكلمات مكتوبة أو شفهية أو بصورة مرئية يجب أن يعاقب بعقوبة الإعدام. ويحظر تدنيس القرآن والأماكن المقدسة أو التحدث بعبارات مشينة عن الشخصيات الدينية".ومن وقتها أنهارت حرية الرأى والحريات العامة واصبح الأختلاف فى الرأى جريمة عقوبتها تصل إلى الاعدام. وبالطبع من حق أى باكستانى أن يهاجم وينتقد ويشتم كل أديان العالم ولكن ليس من حق أحد التعليق ولو بكلمة عن الإسلام.
فى مصر طفلان صغيران هم نبيل ناجى رزق(10 سنوات) ومينا نادى فرج (9 سنوات) من عزبة ماركو ببنى سويف اتهما بأنهما مزقا صفحات من المصحف وتم تحويلهما إلى النيابة التى أودعتهم على الفور فى دار أحداث للاطفال لمدة اسبوع، رغم مخالفة ذلك لحقوق الطفولة ولقانون الطفل ولإتفاقية حماية الطفولة التى وقعت مصر عليها. فى أسيوط قالت نيفين نادى جاد السيد فى حصتها لتدريس التاريخ للصف الثانى الاعدادى كلمة " نبى الإسلام" ولم تذكر صلى الله عليه وسلم فما كان من الطالب محمد مصطفى هشام إلا إستدعاء والده فى اليوم الثانى وتم تحويلها للنيابة بتهمة إزدراء الإسلام، وادعى عليها ما لم تقوله رغم أن الطالب المشتكى لم يكن حاضرا للحصة، وتم حجزها بالنيابة وهى حامل بالشهر الأخير حتى حدث لها نزيف فتم الافراج عنها على ذمة قضية. وفى مصر أيضا تم تحويل مدون صغير هو البير صابر عياد إلى القضاء بتهمة إزدراء الإسلام لأنه وضع لينك من قناة الناس، كان قد أذاعه الداعية المتشدد خالد عبد الله، على موقعه على الفيس بوك كان يتضمن لقطات من الفيلم المسئ، ولأنه كما قالوا اجهر بالحاده، وكأن الالحاد تهمة وأن الدين فرض بالقوة!!!..... وتعددت حالات حبس الأقباط بشكل مستفز ومثير ومتعمد ومذل، حتى أصبح 15 مليون قبطى رهينة فى يد حكومة الاخوان يستخدمون كافة وسائل الترهيب لتطفيشهم من وطنهم ونشر الرعب بينهم، وبالطبع تستخدم هذه القضايا الملفقة والتعسة من آجل فرض دستور يؤصل لدولة دينية فاشية على خطى النموذج الباكستانى وربما الأيرانى، وهناك مادة مطروحة بأسم الذات الألهية تقول " الذات الاهية مصونة يحظر المساس أو التعرض لها وكذا ذوات أنبياء الله ورسله جميعا وكذلك أمهات المؤمنين" وإذا صدرت هذه المادة الكارثية وهى ومثيلاتها ستكون مبررا لقوانين فاشية ترسخ للدولة الدينية فى ابشع صورها.
ليس هذا فحسب بل أنه لأول مرة فى تاريخ الأمم المتحدة يقف رئيس دولة ويعلن أن سياسته الخارجية وتصنيفه للدول ما بين عدو وصديق تنبع من رؤية هذه الدول لديننا ورسولنا، وهو ما قاله الرئيس محمد مرسى وكرره مرتين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث قال أننا " نحب رسولنا ونتبعه ونحترم من يحترمه ونعادى من يمسه بسوء من قول أو عمل"، واستطرد بعد مقدمة دينية عصماء بارك فيها من أتبع الهدى(إى الإسلام) بتحديد سياسته الخارجية على أسس دينية ودعا إلى إصدار قانون دولى لحظر إزدراء الأديان، وهو طبعا يقصد الإسلام وإلا لحاكم الآلاف فى بلده الذين يزدرون أديان العالم كله.وقد عبر الدكتور صلاح زيدان، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بصدق عن مفهومهم لإزدراء الأديان حيث ذكر "أن إزدراء الأديان هو الإساءة للدين وللرسول ومهاجمة العقيدة الإسلامية بالباطل،وأيضا يزدرى الدين كل من ينكر جزءا معلوما من الدين، ومن يدعى أنه مسلم ويعتقد عقيدة مختلفة مثل الشيعة والبهائيين والقرآنيين، لأن موقعهم يمثل انحرافا دينيا"، أى أن معظم العالم يزدرى الإسلام وفقا لهذا التعريف.
ويتطور الأمر خطوة خطوة فى أستخدام هذه القضايا فى تنفيس غضب الشارع وفى الهاء الناس عن المشاكل الحقيقية وفى تصفية الحسابات بين الناس، حيث وصل الأمر أنه فى أحدى قرى بنى مزار أتهم صيدلى منافسه المسيحى بأنه يزدرى الدين الإسلامى وأهاج القرية عليه مما أضطره لترك صيدليته والبلد كله إلى مكان آمن، وهكذا أنتقلنا من فترة الدولة العسكرية حيث سيف التخوين إلى الدولة الدينية التى تشهر سيف التكفير، وأنتقلنا من قضايا تشوية سمعة مصر والإساءة اليها والاستقواء بالخارج إلى قضايا التكفير والإساءة للأديان... وهذا تطور طبيعى فى التدهور التى تعيشه مصر.
إن قضايا إزدراء الإسلام فتحت عيون الناس على خطورة الإرهاب القانونى،فعدالة القانون أهم بكثير من سيادة القانون، وعندما نقول دولة القانون نقصد القانون العادل أولا وتطبيقه بنزاهة وحيادية على الجميع ثانيا.
كلمة أخيرة أقولها لأخوانى فى الوطن على لسان أستاذ جامعى المانى قال: عندما بدأ هتلر القبض على اليهود لم اتحرك لأننى لست يهوديا، وعندما بدأ فى القبض على الشيوعيين لم احفل لأننى لست شيوعيا، وعندما بدأ القبض على المعارضين لم أكترث لأننى لست معارضا، وعندما جاءوا للقبض عليى لم أجد أحد يكترث بى. وهكذا الذى يبدأ بالطرف القبطى الأضعف اليوم سيلتفت غدا إلى الطرف المسلم لأن شهوة التسلط ليس لها حدود،ولأن التضحية بالحريات بأى مبرر نتائجها فى النهاية كارثية على الجميع.
اجمالي القراءات 8583