المقدمة
محكمات ومتشابهات القرآن

عثمان عمران في الجمعة ٠٥ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

محكمات ومتشابهات القرآن والناسخ والمنسوخ وتأثير ذلك علي فهم وتفسير القرآن الكريمً

مقدمة :

لقد اجتهد المجتهدون عبر الزمان للتفريق بين ما هو محكم وما هو متشابه من آيات القرآن دون الوصول إلي تعريف يتفق عليه حيث انه كان لكل مجتهد وجهة نظر مغايرة وفي كثير من الأحيان غير لا تعتمد القرآن في مرجعيتها بل الحديث والسنة والناسخ والمنسوخ وبعض الإجتهادات ووجهات النظر الشخصية –

من البديهي انه إذا اتاك كلام أو رسالة من أحد ووجدت فيها ما عجزت عن إدراكه من الطبيعي ان تعود علي قائله وليس علي أي شخص آخر خاصة اذا كان هذا الشخص هو المكلف بالبلاغ ( وما علي الرسول إلا البلاغ ) –ولهذا السبب امتنع الرسول عن التفسير ولم يقل بناسخ أو منسوخ ولم يبين للناس ما هي المحكمات ولا ما هو المتشابه من القرآن لماذا ؟

أولاً : إذا اراد الرد لا بد من وحي من الله حيث انه لا يبدله ولا يفسره من تلقاء نفسه وإلا لصار حديثه قرآناً " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(15) يونس

كما تبين الآية أعلاه ان حديث الرسول صلعم لا يمكن ان يخالف كلام الله حيث ان المصدر في الحالتين واحد حديثا كان أم قرآناً والدليل : " تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(13) النساء" - فهل من طاعة لله والرسول معاً إذا كان هنالك خلاف بين ما يأمر به الرسول وما يأمر به الله سبحانه في كتابه الكريم ؟! سوف تنتج من ذلك استحالة عملية فالنتيجة تكون إذا أطعت الله خالفت الرسول والعكس إذا أطعت الرسول صلعم -

ثانياً : ان أمراًجللاً كهذا (التمييز بين المحكم والمتشابه) ما كان ليترك هكذا ولا يبينه الله لرسوله إلا أذا كان الأمر من البديهيات المدركة ولا يحتاج إلي ما يبينه !

وفي كل الحالات التي رد فيها الرسول صلعم كانت بوحي من الله فنزل قرآناً وعلي سبيل المثال :

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ(215) البقرة –والأمثلة كثيرة

والحالة هذه نجد ان هنالك ضرورة لتعريف بعض المصطلحات القرآنية المتداولة حالياً في هذا الصدد –

ولابد ان يستند التعريف علي القرآن نفسه ليبن لنا ما المراد بالآيات ونحن لا نعلم يقيناً إن هو إلا الظن ولا يغني الظن عن اليقين شيئاً

تعريف المحكم :

محكمات القرآن هي ( أم الكتاب) بنص القرآن فما المراد بأم الكتاب ؟

" يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) الرعد - أصل الكتاب – النسخة الأصلية منه لا تتغيير: " المرجع للكتاب" مرجع ثابت – هذه النسخة محكمة ولم يفرط فيها من شئ من أمور الدين فشملتها كلها جميعاً من حدود وأحكام وأوامر ونواهي وعبادات ومناسك وشعائر وشريعة ومناهج وكل مايلزم لاكتمال الدين – وآيات أم الكتاب كلها آيات بينات واضحة فيما يراد بها من معني لا لبس فيها - وأم الشئ لها معناً آخر وهو معظم الشئ وأغلبه وهنا نلاحظ أيضاً ان النسخ هو المحو والإزالة التامة فلا يبقي من الآية في المصحف شئً

يُحكِم فعل الشئ أي لا يترك فيه مجال للخطأ – وإحكام الآية أي صياغتها بحيث لا يكون هنالك مجال للشك فيما يراد بها من معني –

وإحكام أم الكتاب يتم بإحكام أياته في ذاتها أولاً ثم إحكامها مع بعضها البعض بحيث لا يكون هنالك تناقض بينها أو لبس :

" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(52) الحج

" ثم يحكم الله آياته " : الآيات التي تشكل أم الكتاب أساساً هي أصلاً آيات محكمات فلماذا يُحكم الله آياته مرة أخري بعد ان نسخ ما القي الشيطان ؟

الإجابة : كانت آيات أم الكتاب محكمة في ذاتها ومنسجمة مع بعضها البعض –فلما ألقي الشيطان بآياته صارت آيات الكتاب غير منسجمة وتناقضت في معانيها مما يثير اللبس في المعني المراد –وعندما ينسخ الله آيات الشيطان ويأتي ببديلاتهن يعود الإنسجام والتوافق إلي ما كان عليه في أم الكتاب –أي قد تم إحكام آيات الكتاب بتبديل آية مكان آية دون المساس ببقية الآيات -

الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ(1) هود – ثم فصلت أي بعد ان أحكمت قمنا بشرح وإيضاح المعني المراد بها (فتدبر المعاني في بقية الآيات) والكتاب المعني هنا هو أم الكتاب - المعني بأم الكتاب هنا " أصل الكتاب فكل آياته محكمات "- وليس " معظمه"

وواضح ان كل آيات الكتاب محكمة ومشروحة (مفصلة) !؟

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(52) الحج

" ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ(19) القيامة : أي ان تفسير الكتاب من رب العالمين :

" وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْءَانُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(37) يونس فلا يكون التفسير بالإجتهاد الشخصي حسب الأهواء ولا بالحديث والسنة ولكن بتدبر المعاني الصحيحة في بقية آيات الكتاب

" وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ(38) الأنعام وإذا أخبرنا الله سبحانة بأنه لم يفرط في الكتاب من شئ أفلا نصدق قوله عز وجل ونظل نبحث عن المعاني في مصادر غير الكتاب ومن صنع البشر- وإذا لم نصدق قوله سبحانه وقلنا بقول غير الذي قيل لنا فماذا نسمي هذا اذاً ؟!!!! وما فرطنا في الكتاب من شئ تعني من أمور ديننا وما لم يطلب منا في الكتاب فهو غير مفروض علينا والله أعلم بما يريد وبما ينزل من آياته –

ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَءَاتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(27) الحديد : فهم لم يؤمروا بالرهبانية ان هي إلا بدعة ابتدعوها أي انها ليس من دينهم في شئ وفد تصح علي الندب-

وتلخيصاً لما سبق فإن الآيات المحكمات والتي هي أم ألكتاب هي كل الآيات التي لا تناقض في ذاتها كما أنها لا تناقض بعضها البعض في ما تحمل من أحكام– هذا أمر في منتهي الوضوح لا يحتاج الي ما يوضحه فسكت عنه الرسول صلعم كما لم يوضحه الله سبحانه بآية مباشرة إنما من خلال تدبر آياته سبحانه وتعالي -

تعريف ألمتشابه :

المتشابهات لستهن بالآيات المنسوخات بقرآن (والحديث والسنة لا ينسخاء القرآن!) كما ذهب إليه البعض ولا التي ليس بها أحكام ولا بالإيمانية التي تتلي ولا يعمل بها ولا ...ولا...ولا... مما قيل في التفاسيرالتي اعتمدت الحديث والسنة والناسخ والمنسوخ في معظم مرجعيتها –

المتشابهات ما هن إذاً ؟

الإجابة :

المتشابهات هن الآيات التي اختلفت في الحكم في ذاتها أو مع بعضها البعض وتشابهت في نصها مما يؤدي الي اللبس في المعاني كما انها ليست بالمحكمات ولا تشكل جزء من أم الكتاب فالكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت هو أم الكتاب دون المتشابهات

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ(7) آل عمرآن – " فيتبعون" أي ان بالمتشابهات أحكام واجبة الإتتَّباع "

هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ أي معظم الكتاب الذي أنزلناه عليك (منه) الضمير للكتاب الذي أنزل منه آيات محكمات هي معظم هذا الكتاب - وأخر مما تبقي - "متشابهات"

ولو أراد سبحانه ان يعود علي الكتاب الذي هو في اللوح المحفوظ لقال سبحانه ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ من أُمُّ الْكِتَابِ ولكن المعني المراد هو جل أو معظم الكتاب الذي أنزل

ما ذكره ابن عربي المعافري المالكي في كتلبه " الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم" عن المعني اللغوي لكلمة " نسخ" فهو " رفع شئ وإقامة آخر محله" أي انه لا يفترض ان يكون هنالك وجود للمنسوخ في المصحف اصلاًً –

" وَإِذَا بَدَّلْنَا ءَايَةً مَكَانَءَايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(101) النحل : فلا تبقي في المصحف الآية التي بدلت لأن الجديدة أخذت مكانها

التأويل:

التأويل ليس هو التفسير كما جري عليه الحال في قولهم " قال أهل التأويل " بدلاً عن " أهل التفسير" – كما لا يعلمه إنسان من تلقاء نفسه إلا من رحم ربه وعلَّمه

كذلك هو تحميل الكلام ما لا يحمِل في ظاهره من معانٍ

"وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ"

" رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(101) يوسف

فهو يحتاج الي علم لدنِّي من الله سبحانه وتعال وليس بالإجتهاد –

إذاً ما الفرق بين التفسير والتأويل ؟ :

التفسير هو تبيان المعني اللفظي والظاهر من الكلام

التأويل هو إيضاح ما لم يدل عليه اللفظ الظاهر من الكلام وهو المعني المضمر و الخفي من الكلام وهو حقيقة الأمر التي يخفيها الكلام في باطنه - أمثلة لذلك : في قصة سيدنا يوسف عليه السلام – السبع بقرات العجاف لم تكن بقرآت حقيقة بل كانت رمز لسنوات الجفاف

كذلك أولت السبع السمان بالسنوات التي حصدوا فيها – فلولا ان علمه سبحانه لما توصل بالإجتهاد لهذا التأويل الصحيح وإنما يكون مجرد تخمين قد يصدق وقد لا يصدق – مثال آخر :

" وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا(82) الكهف تأويل ولم يقل تفسير - وهذا علم التأويل أوتي العبد الصالح برحمة من الله :

فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا ءَاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا(65) الكهف

" قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا(78) الكهف "

لما كان ظاهر أفعال الرجل الصالح مع سيدنا موسي عليه السلام لا تدل علي باطنها كان هذا تأويلاً وليس تفسيراً " مرد الكلام الي أصله الحقيقي" لذلك كان الإعتراض من قبل سيدنا موسي علي ما لم يحط به علماً

أمَّ الذين في قلوبهم زيغ فقد ردوا الكلام إلي غير أصله الحقيقي فهم ليس لهم علم بالتأويل الصحيح كالذي علمه الله سبحانه لسيدنا يوسف عليه السلام –

الناسخ والمنسوخ:

هل هنالك نسخ في المصحف ؟

يستدل القائلون بالنسخ بالآية : " مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106) البقرة أي ان الله قد نسخ الآية كذا بكذا مع اجتماع الآيتين معاً ولماذا ذهبوا الي هذا الإعتقاد .... ؟ بسبب التشابه بين نصَّي الآيتين مثال ذلك :

1 – " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(240) البقرة

2- " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ

فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(234) البقرة"

الآيتان أعلاه هن من متشابهات القرآن ولولا التشابه لصارتا من المحكمات

في الآيتين أعلاه ما كان فيه تشابه ظهر باللون الأحمر وما اختلف بينهما بيناه باللون الأزرق – ومثل هذا التشابه وعدم إدراك أوجه ألإختلاف في المعاني هو الذي أدي إلي نشأة علم النسخ لتسوية الإختلاف بإزالة السابقة باللاحقة كما حتم أيضاً معرفة ترتيب النزول حتي يسهل النسخ كذاك معرفة أسباب النزول للتخصيص والتعميم !

قيل ان الأولي نُسخت بالثانية !

هذا مثال للتفسير الخاطئ الذي اعتبر ان المراد بالآيتين هو نفس الأمر وفي اعتقادهم هو " إخرج المرأة من دار زوجها المتوفي فبدلا من متاعها الي الحول (عام كامل ) كما في الآية الأولي (المنسوخة ) قالوا لا فإن الآية الأولي نسخت بالثانية فأولوا " الحول - العام" " بالأربعة أشهر وعشر" والآن تحكم به معظم المحاكم الشرعية –

عجباً ! أليس من الواضح ان الأمر في الأولي موجه للزوج بأن يوصي قبل موته بأن تتمتع زوجته بماله وتبقي في داره حولا كاملاً دون ان تُخرج منه عنوة قبل بلوغ الأجل –

أوليس من الواضح أيضاً ان الآية الثانية موجهة إلي الزوجة المتوفي عنها زوجها وانها تأمرها بالتربص بنفسها (أينما تكون إقامتها -) أربعة أشهر وعشر (إكمال العدة) وليس للآية أي علاقة بمكان إقامتها فلم يقل سبحانه " فليتربصن في دار أزوجهن " بل قال " بأنفسهن"

وهل من حكمة في ان ينسخ تكليف الزوجة بالتربص ما كُلف به الزوج بأن يوصي لزوجته بعدم إخراجها من داره قبل انصرام الحول ! أي منطق هذا !

وقد سمي هذا الفعل " بالتأويل " لأنه تجاوز المعني المباشر للنصوص وحمل الكلام ما لا يحمل ورد الكلام إلي غير أصله لذلك فهو تأويل خاطئ فلا يعلم التأويل الصحيح إلا الله سبحانه ومن علمه الله فهو يؤتي الحكمة من يشاء (ابتقاء الفتنة وابتقاء تأويله ورده الي غير أصله)

ألإجابة :

نعم يوجد نسخ في القرآن وفي أم الكتاب ولكن ليس موجود بين ضفتي المصحف الذي بين أيدينا الآن ف (مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106) البقرة

فما قد نسخه الله رفعه من المصحف تماماً ولم يبقي منه شئ اذ حل محله الناسخ فلا منسوخ في المصحف وتبقي الآيات الناسخة وهي الخير منها ةالتي بدلها الله في مكان المنسوخة – ولا يجوز ما يجري الآن من نسخ فالآيه لم تقل "انتم أنسخوا"

بل قالت " ما ننسخ نحن" الله سبحانه وتعالي – فيقولون " الله هو الذي أنزل الآيات الناسخة" فنقول " إذا كان هذا صحيحاً فلماذا لم ينسنا ما نسخ من آيات وظلت مكتوبة ومقروءة ومحفوظة ؟

من الذي يستطيع ان يفعل ذلك غير الله سبحانه ؟

الله سبحانه لم يبين ما هو ناسخ وما هو منسوخ لانه لا يوجد بالمصحف أمر كهذا – وهذا أمر ليس بالهين فإنه قد يؤثر علي صميم العقيدة والدين والإيمان فكيف لا يبينه لنا سبحانه وتعالي؟!

عثمان عمران

اجمالي القراءات 8804