القانون 66 عمره 1900 عام
واحتي الخارجة والداخلة في العصور الفرعونية

محمد عبدالرحمن محمد في الأحد ٢٣ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

  {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }العنكبوت20

 لكل مصري معاصر شاب وكهل مرء ومرأة فتى وفتاة اعرف جذورك وتاريخ أجداد كيف بدأوا الحضارة والمدنية في مصر المدنية  القديمة جداً وبمناسبة رأس السنة المصرية القديمة العام (6254) في 11سبتمبر الماضي  نتذكر الآتي من تاريخ مصر وتاريخ الواحات القديم وهى جزء من مصر القديمة المدنية المتحضرة ونأخذ من مرجعية الآية السابقة طاعة وعلماً و بالأمر بالسير والمعرفة والموعظة ونأخذ من المراجع البشرية.

  فتؤكد المراجع التاريخية ( موسوعة د/ سليم حسن(مصر القديمة)

 ومؤلفات الراحل دكتور أحمد فخري.. وكتاب أيمن السيسي الوادي الجديد (الانسان والأسطورة) فنجد :

أن أزهى عصور الواحات كان في عصر الأسرة السادسة الفرعونية منذ 2420 سنة قبل الميلاد، وامتدت فترة الإزدهار إلى العصر الروماني الأول ثم حكم الفرس واليونان ثم عاد الرومان ثانية ولكل من هذه العصور شواهد تاريخية عظيمة مازالت باقية من معابد وتماثيل ومصاطب، وغيرها من النهضة الكبرى التي كانت تعيشها الواحات قديما.

 

   الآثار الفرعونية والرومانية بواحة الخارجة

 كانت واحة الخارجة تسمى الواحة العظمى لأنها كانت منخفضا كبيرا في الصحراء وعاصمتها (هيبس) المشتقة من هيبت  أي المحراث لأنها كانت تشتهر بالزراعة وقد أطلق عليها اليونانيون مسمى جزيرة السعداء، وذكر القاموس الجغرافي للبلاد المصرية أن قرية الخارجة  وردت في مناهج الفكر والانتصار ووردت في دفاتر الأموال المصرية  منذ عام 1275هـ  وذكر جونييه أن الواحة الخارجة Ouhat  وأن إسمها اللاتيني Oasesوتسمى أيضاً واحة (طيبة أو أوحات رست) "كنمت"  وفي العصور الاسلامية سميت مدينة(الميمون)ويرجح أن هذه التسمية جاءت من كلمة"من آمون" أي  ــ أثر آمون ــ  وكانت الخارجة ترتبط بوادي النيل بعدة طرق للقوافل 1ـ درب اليابسة 2ـ درب الأربعين 3ـ درب الرفوف 4ـ ودرب أبو سروال 5ـ ودرب بولاق 6ـ ودرب الخارجة 7ـ ودرب وش، وكان يمر بها أيضا درب الأربعين الذي يربط مصر عند أسيوط بدارفور وكان يسمى أيضا ـ درب الواحات ـ  وقد ورد ذكره في نقوش الدولة القديمة.

 وقد ارتبطت الخارجة بالداخلة عن طريقين هما 1ـ طريق درب الغباري ،  وهو الذي تسير عليه السيارت حالياً 2ـ  ودرب عين آمون،  الذي يخترق هضبة في شمال الواحة.

وقد عثر على كثير من المقتنيات الأثرية لعصور ما قبل الأسرات وبعض النقوش من الدولة القديمة في جبل "الطير" ودرب الغباري وكذلك لوحات جنائزية من عصر الأسرة الثانية عشرة  لرؤساء بعض الحملات التي كانت تقوم من أبيدوس للتفتيش على الواحة والتأكد من حالة الأمن بها.

وقد كانت الواحات الخارجة والداخلة  في العصور الفرعونية تمثل وحدة واحدة فرعونية إدارياً تابعة للإقليم الثامن من أقاليم الوجه القبلي(ثني)  ومقره أبيدوس بمحافظة سوهاج حيث كان يحكمها حاكم واحد

 وقد عثر على عدة لوحات جدارية أهمها  لوحة من عصر الدولة القديمة تمثل طراز الواحة من الملاط ذو اللون الأحمر الداكن ومن

الآثار الباقية من هذه العصور:

1ـ معبد (هيبس)  واسمه الأصلي معبد ـ هبت ـ أو المحراث، ويقع شمال الخارجة على بعد خمسة كيلو متر قبل وصول الخارجة من طريق أسيوط الخارجة، وقد بناه ـ داريوس ـ الفارسي إرضاءاً لكهنة آمون ،  ويعتبر من أهم المعابد المصرية، وهو المعبد المصري الوحيد الباقي من العصر الصاوي الفارسي في التاريخ المصري أي من الفترة 660ق .م . إلى 330 ق . م.

   وقد شيد هذا المعبد في عصر (بسماتيك الثاني)  خلال الأسرة السادسة والعشرين، ولكن نقوشه استكملها الملك الفارسي (دارا الأول) حوالي عام500 ق.م. في عصر الأسرة الثلاثين الفرعونية ثم أضيف الفناء الخارجي للمعبد في عصر (نختاتبو الأول والثاني).

  وأضاف بطليموس الثاني البوابة الكبرى شرق المعبد وكانت الاضافة الأخيرة (بوابة ناحية الشرق غرب مرسى السفن)  وتم إضافتها في العصر الروماني عام 96م قبل الميلاد وعندما دخلت المسيحية مصر تم بناء كنيسة من الطوب اللبن شمال فناء نختانبو ولكنها هدمت ولم يبق منها  سوى بعض الفتحات في جدران المعبد كانت محفورة لحمل سقف هذه الكنيسة.

 

  ثانياً القانون 66 :

هذا القانون عمره 1900 سنة محفور على واجهة معبد حبت سنة 69م :

 وهناك في واجهة معبد "حبت"  الذي أقامه الفراعنة في فجر التاريخ وسط مدينة المحراث بالواحة الخارجة ـ  يجد الزوار وثيقة عمرانية يرجع تاريخها إلى سنة 78ميلادية.

   في أيام حكم الامبراطور ـ جلبا ـ الروماني  كان حاكم الخارجة الروماني اسمه ـ تايبريوس  يوليوس اسكندر ـ  تلقى عدة شكاوي من أهل الواحات ضد الجند والضباط الرومان .. فأمر الحاكم بنقش القانون 66  على واجهة المعبد  ـ هبت الفرعوني ـ  سمي القانون 66 لأنه يتكون من 66 سطرا تنص على:  

منع أسباب الشكوى،وإقامة العدالة،ونظام تعيين محصلي الضرائب،وطريقة دفع الديون،والجرائم التي يعاقب عليها القانون،وطريقة التملك والوراثة،وحق المرأة في الميراث ونظام الإيجارات،والخدمة العسكرية.

 وحرم القانون الرشوة،وقضى بمعاقبة مقدمي البلاغات الكاذبة.. وحرم إثقال كاهل الأهالي بالضرائب برد كل مال مغتصب لصاحبه، وحرم جباية الضرائب إلا في موسم الفيضان.!

  على  أنه من أعظم آثار الرومان في هذه البلاد وأبعثها على الإشارة بمهارتهم ونشاطهم وفضلهم في توفير المياة بكل الوسائل تعميماً للنفع والفائدة .. تلك السراديب المائية التي تمتد لمسافات طويلة تحت سطح الأرض وتشق طريقها في الصخور.!

 هذه السراديب تتصل بسطح الأرض بفتحات رأسية تتراوح أعماقها من 30 إلى 50 متراً  وعلى أبعاد متفاوتة لإيصال النور والهواء للمشتغلين بالحفر ولنشل وإخراج مخلفات الحفر إلى سطح الأرض.

 

  وقد أعدت هذه السراديب لتوصل المياة من مكان البئر إلى الأراضي الزراعية المراد زراعتها من مياة حينما كانت تعترض مجرى المياة   أرض مرتفعة تحُول بين نبع البئر  والأرض الزراعية المجاورة.!

 وهذه السراديب كثيرة ومنتشرة بالواحات عموماً وأعظمها وأطولها ذلك النفق الموجود بجهة أم الدبادب على بعد 36كيلو متراً  شمالي بلدة الخارجة الحالية.

 ويقول المستر (بيندل) إن طريقة هذا النفق أخذت عن الفرس حيث استعملت في بلادهم من أزمان بعيدة  لنقل المياة من مكان إلى آخر لمسافات طويلة، ولكن يرجح من طبيعة الآثار الرومانية المجاورة لها أنها عٌملت في الغالب في عهد الرمان.

وكانت حالة الأمن والاستقرار السائدة في ذلك الوقت من أهم أسباب هذا التقدم البادي في كافة المرافق الحيوية في البلاد.. فقد وجد على جدران معبد هيبس باليونانية مثال جميل للأنظمة والتشريع الجنائي  والمدني ومسائل الأحوال الشخصية كالزواج والتوريث ونظام الخدمة العسكرية مما كان يجري به العمل  في الواحات الخارجة في عهد الامبراطور جلبا عام69ميلادية.

 ويحظر هذا المنشور على الموظفين أي عمل مخالف للقوانين المرعية وفي نفس الوقت يفرض غرامات مشددة على من تسول لهم أنفسهم اغتصاب أموال الناس بحجة المصلحة العامة، ثم يدعو المنشور كتبة الأقسام والقرى إلى تدوين المصروفات بغاية الدقة والضبط ويفرض غرامات شديدة على المخالفين وفي نفس الوقت تعطى مكافآت معينة لمن يرشدون الحكومة على الفساد كما  لكل إنسان حرية التقدم لديوان المحاسبة بشكواه في ظرف مدة معينة للنظر في رد ماله المسلوب ومعاقبة المسئولين.!.

 

  ولقد سجل الرحالة الفرعوني "خوفوحر" منذ سبعة آلاف عام على جدران مقبرته في أسوان هذه الحقيقة:

(سلكت في إحدى رحلاتي إلى السىودان درب الواحات إنه يصل بين طيبة والواحات الخارجة.. وهو يتفرع منها إلى شمالي إفريقيا .. ثم يستقيم إلى الجنوب حتى دارفور.. .. هذه الواحات تغري بالهجوم على مصر من الغرب هذه الواحات عامرة بالخيرات ، وكم حاولت قبائل البدو"التحنو"  وهم سكان ليبيا غزو مصر من باب الواحات فردتهم قوات مصر... ثم جاءت من بعدهم قبائل "التمحو "  ـ قدماء الجرمان ـ بعد احتلالهم ليبيا يغزون مصر فقامت إليهم وهزمتهم قوات مصر.. ولكنهم استمروا في غاراتهم على هذه الواحات.. حتى تزوج منهم الملك ـ خوفو ـ صاحب الهرم الأكبر فكفوا عن غزو مصر.

 كانت هذه الواحات كما سجلها الرحالة الفرعوني المؤرخ باباً لغزو مصر ولما كان خوفو مشغولاً ببناء الهرم الأكبر فقد تزوج بالأميرة الجرمانية ، فأصبحت أُمّاً لفرعٍ من فروع البيت المالك

 وكانت هذه المصاهرة أول مصاهرة ديبلوماسية عرفها التاريخ.

  وأستكمل معكم لاحقا .. باقي معابد الواحات الخارجة.

اجمالي القراءات 17447