أيتها المعارضة: أعلني بشجاعة عن رأس الفساد

د. شاكر النابلسي في الأحد ٠٢ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

"قانون المطبوعات والنشر" الذي أعدته وطبخته الحكومة الأردنية، وستقدمه لمجلس النواب "لتسبيكه وشرعنته" ليس من عمل الحكومة و"خادمها الأمين" ولكنه من "تفانين" القصر الملكي. فعلي بابا الثاني راعي الفساد في الأردن كما سمعنا من "دبكة الفساد" التي أُقيمت على مدخل "سجن الجويدة"، في 10/3/2012 هو الذي أوحى للحكومة بهذا القانون الجائر. وهو الآن يقهقه فرحاً، وهو يحتسي كأسه، ويدخن سيجاره الكوبي، ويشاهد كيف (يفرفض) الإعلاميون الأردني كالديوك المذبوحة أمامه، جزاءً وعقاباً لهم على مواقفهم الشريفة، إلى جانب الحراك الشعبي الأردني، الذي سيكون بمثانية (تسونامي) عاصف، يُنظِّف الشواطيء (ليست شواطيء العقبة وحدها) الأردنية، من الفساد، والمحسوبية، والمقامرين بأموال وخيرات الوطن.

 

العقلية العُرفية للدولة

وهذا "القانون" الجائر، والانتقامي، للثأر من الإعلاميين الأحرار و (كسر عيونهم، ومرمغة خشومهم بالتراب)، سيسبب "عتمة اليكترونية" شاملة في الأردن. وكما قال المتقاعدون العسكريون، فإن "قانون المطبوعات والنشر" سوف يعمل على تكميم الافواه. وهو تتويج للعقلية العُرفية للحكومة. وتمهيد لاتخاذ قرارات تمس الأمن الوطني، ومنها الأحكام العُرفية التي يلجأ لها القصر كلما شعر بهزة شعبية قوية قادمة، وباقتراب "تسونامي" شعبي من سواحله، وهو ما فعله في عام 1957 ، وفي عام 1970.

 

بيان المتقاعدين العسكريين الأردنيين:

"أن قيام الحكومة الحالية بتقديم هذا القانون لمجلس النواب، يعكس حالة الافلاس والتردي التي وصلت لها الحكومة، وعجزها الواضح بأخذ اي مبادرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
كما أن تبنيها لمثل هذا القانون يعكس الذهنية العرفية، وهو أكبر مؤشر على تبني الحكومة سياسة تكميم الأفواه وقمع الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير. وقد جاء هذا القانون في اعقاب سن قانون الانتخاب الإقصائي، واستمرار الحكومة في نهجها الهادف لطمس التحقيق بقضايا الفساد التي أنهكت البلاد والعباد ، وكذلك استمرارها لاستئصال جهود الاصلاح، وحرية الرأي. وقد تمثل ذلك بإغلاق قناة "جوسات" واستمرار استهدافها للمواقع الاخبارية."

 

مقدمة الأحكام العُرفية
وقالت الأخبار الواردة من عمان، إن تيار المتقاعدين العسكريين أبدى مخاوفه أن يكون هذا القانون مقدمة لإقدام الحكومة لاتخاذ قرارات تمس الأمن الوطني الأردني، تتعلق بمخططات الوطن البديل، والتورط بالملف السوري، بما لا يتماشى مع استراتيجية الاردن؛ ذلك أن رئيس هذا الحكومة قام بتجميد دائرة المتابعة والتفتيش، كما قام بالاستعانة بالمنظمات الفلسطينية، للحثِّ على التسجيل بجداول الانتخابات. وقد جاءت خطوات رئيس الحكومة هذه بعد أن تمَّ منعه من دخول مدينة الكرك، واعتراضه من الناشطين عند محاولته زيارة اربد.

 

ضرورة العبرة من الماضي
ووجّه التيار نصيحة للحكومة الحالية، بأن تأخذ العِبَر من حكومات أخرى، حاولت تكميم الأفواه، والسيطرة على الفضاء الإعلامي، والحد من ثورة المعلومات والانترنت، وباءت بالفشل الذريع؛ لأن الفضاء الإعلامي أكثر رحابة من مزاج البعض، لفرض حزمة إجراءات، تستهدف تكميم الأفواه وكتم الأنفاس.


قانون تكميم الأفواه وشرعنة الفساد

 

أما "الجبهة الأردنية الموحدة"، فقد اعتبرت هذا القانون انتقامياً، وأن الحكومة مصرِّة على تكميم الأفواه.

وقالت الجبهة في بيانها:

" يبدو أن الحكومة الحالية، تريد أن تخوض نفس التجربة التي حاولت حكومات كثيرة متعاقبة قبلها خوضها وفشلت فيها. إن قانون المطبوعات وتعديلاته ، أو مشاريع القوانين المقترحة التي ترغب الحكومة أن تقدم عليها لتكميم أفواه الإعلام المحلي والمواقع الإلكترونية خاصة، لن تنجح لأسباب موضوعية وفنية، ورغم تفهمنا لغضب البعض من تجاوزات بعض المواقع، وتصرفاتها الاستفزازية، وابتزاز بعض المواقع لشركات ومسئولين، إلا أن هذا لا يمكن أن يعطي المبرر لوضع قوانين، وتعليمات، وأنظمة، تخلق حالة من الحرب الفضائية المفتوحة، بين الدولة والمواقع الإلكترونية، التي لا يمكن السيطرة عليها بالقوة.

 

مطلوب قانون عادل ومتوازن.. ولكن!
إن الحل الأمثل، أن يكون هناك قانون وطني عادل متوازن، وليس انتقامياً، ولا يسعى للتشهير بالمواقع، والصحافة، والإعلام الأردني ، فاشتراط التسجيل ليس مهماً، ولكن اشتراط رئيس تحرير عضو في نقابة الصحافيين شرط غير منطقي البتة، حيث أن عدد المواقع، ضعفا أو ثلاثة أضعاف عدد الصحافيين الأعضاء في نقابة الصحافيين. ووضع العوائق والحواجز لا يفيد في زمن الانفتاح الإعلامي. فبإمكان أي كان، أن ينشر ويكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تستطيع الحكومة إغلاقها، أو الحد من تدفق المعلومات خلالها. وقد عجزت الصين، وأوروبا، والولايات المتحدة عن ذلك.

 

لا مردود إيجابياً للعناد
إن العناد الحكومي في الموضوع، لن يكون له مردود ايجابي. وسيدفع بالبعض لتسجل مواقع في الخارج ومجهولة الهوية. وسيكون بإمكان كل الأردنيين رؤيتها حتى لو تم حجبها بواسطة الحواسيب المركزية المحلية، أو ما يسمى بمزودي الخدمة. فبإمكان الغالبية العظمى من مستخدمي الإنترنت الدخول من الأبواب الخلفية للمواقع (البروكسيس)، والتي لا تستطيع أية حكومة في العالم أن تغلقها.

 

حلول عسيرة ومفضوحة
إذا كانت الحكومة مصرِّة على تكميم الأفواه، فالحل أن تلغي الإنترنت نهائياً وأن تغلق شبكة الاتصالات، وتلغي الهواتف الخلوية، وتمنع دخول كل أشكال تكنولوجيا نقل المعلومات، أو - كحل آخر - أن تجلس مع الناشرين، وتضع سياسة وطنية، تنظم عمل المواقع بالتراضي، وليس بالقوة. فالإعلام هو الذراع الأكثر تأثيراً وقوة بالنسبة للوطن، في هذه الظروف الصعبة، التي تمر بها المنطقة. ولا يمكننا أن نفتعل معارك جانبية بين النخب السياسية والإعلامية وبين الحكومة والأدوات الإعلامية التي نحن بأمس الحاجة إليها.

قرارات تتنافى مع الإصلاح
إن قرارات هذه الحكومة (الموحية لها من القصر، المبارك، والداعم لها) تتعارض مع كل ما يرتبط بملفات الإصلاح والتحديث، وتؤكد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في عهدها القصير، على تطبيقها الحرفي لتعليمات القصر البعيدة عن الاستحقاقات الوطنية التي يرتقبها الغالبية الساحقة من الشعب.

 

قرارات تدفع بالثورة الى الأمام

فمن قانون انتخاب إقصائي، لا ينسجم مع الرؤى والتطلعات، إلى تعيينات لا تنسجم مع مبدأ الفصل بين السلطات، أو مع مبدأ مكافحة التسيب والفساد، إلى مشروع "قانون المطبوعات"، يتحدى مبدأ الحريات العامة والصحافية المقدسة.

راعي الفساد وراء هذه المصائب
ولكن هذا الحزب، وغيره من أحزاب المعارضة الأردنية، نسي، أو تناسى خوفاً وضعفاً أو مجاراة وتحسباً، أن راعي الفساد في الأردن هو من وراء كل هذه المصائب.

ولكن العصبية القبلية والحزبية، ما زالت تحمل الحكومات الأردنية وزر أفعال شائنة لا يد لها فيها وإنما هي مجرد (مكنسة) لجمع الأوساخ.

اجمالي القراءات 7446