لحظات من حياة مناضل من الأحواز (أشرف)

في الأربعاء ٢٥ - نوفمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

آرام»‌ فارس عاشق لا قرار له



آرام كوفتاري
آرام كوفتاري

 

نبذة عن حياة ونضال المجاهد البطل الآمر «آرام كوفتاري»

«السلام عليك يا سعيد
أصبحت الآن صبيًا في السادس أو السابع من العمر.‌بالتأكيد لا تتذكر والدك إذ إنه تركك عندما كنت في الثانية من العمر.‌وبالتأكيد أيضًا أنت سألت مرات عديدة نفسك وجدتك من هو والدك وأين هو؟ وبطبيعة الحال فان جدتك أو أعمامك أو عماتك تحدثوا لك بشأن والدك. ويقينًا أنهم قالوا لك أن والدك هو «آرام كوفتاري». ولكن بالتأكيد لم يقل لك أو لم يكن بامكانهم أن يشرحوا لك ماذا جرى لوالدك حيث تركك عند جدك وجدتك عام 1997 وأنت كنت في الثانية ‌من العمر.‌ترى لماذا تركك رغم حبه لك؟ ان الرسالة القصيرة ‌التي بعث بها لك فهي تجسد مدى حبه لك أكثر من كل شيء. تلك الرسالة التي ‌ترسم لك صورة ‌عن هويته وعلاقته معك كما تبين قضايا كثيرة ‌أخري. ان هذه الرسالة التي لم ترسل قط اليك وردت في مذكرات والدك وهي:
تحية لك يا ولدي العزيز
يا ولدي! ان الملالي الدجالين وإن تمكنوا من تحويل أعيادنا إلى مآتم وأفراحنا إلى مجالس العزاء لكن يا ولدي العزيز إنهم لن يظلوا قائمين على السلطة وإننا في يوم ما وبالتكاتف والتعاضد معًا وان لم أكن أنا حيا فمع رفاقي في السلاح سنبني على أنقاض العالم القديم عالمًا جديدًا وربيعًا خالدًا لا يزول.‌'أحبك' و هذه كلمة ‌كلما أتذكرك بها يزداد إيماني بها أكثر. لا تنسى أنك عندما كبرت وجاء دورك عليك أن لا تترك سلاحي على الأرض. ان جيلك يواصل دربنا وعليكم أن تأتوا لشعبنا بالربيع الحقيقي والازدهار الاجتماعي وبتضافر الجهود تحت قيادة مسعود و مريم . أتحمل غربتك بهذا الدافع المقدس . أحبك وأتطلع إلى ايران الغد الحرة ‌.‌أفديك، يا ابني العزيز.
وهذه الرسالة العطرة في حبك لا تتعدى عدة أسطر ولكن ليس فيها حبك فقط وانما حب عالم حديث يبني على أنقاض عالم قديم لشعب حولوا أفراحه إلى مآتم.
وبدأ الفصل الأول لحياة الآمر «آرام» منذ اليوم الذي ولد فيه في عام 1967 في مدينة مياندوآب في عائلة فقيرة وبعد حياة أخذها المد والجزر وجد «آرام» منشوده في صفوف المجاهدين حيث يبدأ الفصل الثاني من حياته المفعمة ‌بحماس النضال والثورة في عام 1997 أي في عام نال فيه شرف ارتداء زي المجاهدين وحمل سلاح الشرف ليبدأ به نضاله الدؤوب ضد أعداء الله والشعب.
كان له 4 أشقاء و3 شقيقات . والده انسان فقير من الباعة المتجولين يعمل طيلة النهار من الصباح الباكر حتى العشاء ليمرر بما يحصل عليه معيشة ‌عائلته.‌وفي هذا الجو ذاق «آرام» منذ أيام طفولته طعم الفقر والحرمان.‌كان يعمل أيام عطلة الصيف ليعين عائلته ماليا ويستمر بالدراسة أيام الشتاء واستمر هذا الوضع حتى السنة الدراسية التاسعة ‌لكن هنا باتت كلفة العائلة تثقل كاهل «آرام» وتمنعه من مواصلة دراسته.
وهكذا يترك هذا الأبن المتولد من أعماق الحرمان والمعاناة رحل المدرسة ويدخل مجتمعًا مضطهدًا ينوء تحت صنوف التمييزات وهو المجتمع الذي تنهمك فيه ذئاب قناصة في ابتلاع الأف الألوف من أمثال «آرام» الأبرياء الآمنين وتجعلهم بقسوة ناجمة عن الاستغلال عناصر ممجوجة ‌ومسحوقة .‌غير أن «آرام» ومنذ الطفولة ‌يتعلم درس الثورة ويرفع في مواجهة الصعوبات راية ‌رفض الاستسلام ويقاوم الظروف السائدة بعزيمة لا تلين وتزداد صلابتها يومًا بعد يوم .‌وبعد سنوات يوظف في الجيش وينتقل إلى مدينة شيراز ثم إلى سنندج ويمضي تدريباته هناك، تلك الدورة التي لا تخلو فيها أية لحظة من المواجهات مع المتغطرسين الأشقياء.‌وكتب «آرام» بهذا الشأن قائلا:‌«بدأت الوظيفة في الفرقة 28 كردستان وبما أنني لم أكن شخصًا أستسلم للظروف كان لي دومًا خصم أجابهه خاصة في جيش مثل جيش الملالي ‌ولاحظت أن هناك صنفين من البشر … وعندما كنت في فرقة سنندج بدأت ألتقط إذاعة 'صوت المجاهد' و أستمع إلى برامجها فأصبحت معجبًا بما كنت أسمعه منها ومن بين البرامج التي كنت أتوق اليها كانت تلك البرامج التي تتحدث عن الأسلحة ‌والمواجهات المسلحة ...».
وبعد فترة واثر الضغط والكبت الممارس عليه قام «آرام» بتنفيذ عملية جريئة . ففي عام 1987 عندما كان يعمل في قاعدة «باشماق» شمال مدينة «مريوان» هرب من القاعدة حاملاً معه كميات من الأعتدة والأسلحة غير أنه وبعد فترة يلقي القبض عليه. فالعملاء المأجورون الذين ألقوا القبض عليه ظنوا في البداية أنه على صلة بالمجاهدين فلذلك ألقوه في سجن سنندج ثم نقلوه فورًا إلى طهران حيث قاموا بتعذيبه بوحشية ثم حكموا عليه بالسجن لمدة 4 سنوات اكتسب خلالها تجارب غنية .‌..‌يقول «آرام» عن هذه الفترة :‌«كنت أعرف حقيقة ‌واحدة ‌وهي أن علينا أن نتعامل مع الملالي بلغة ‌السلاح فقط».‌وفي أواسط آذار عام 1991 اشترى سلاحًا وبعد ما كشف أن البائع قد خانه لأنه كان من العناصر العميلة للنظام فتح عليه النار بسلاحه المشترى منه فألقي القبض عليه من جديد.‌ففي هذه المرة تعرض لتعذيب أشد.‌ثم صدر الحكم عليه بالسجن لمدة ‌سنة ‌ودفع غرامة بمبلغ 232 ألف تومان.‌ وفي عام 1993 أطلق سراحه وبدأ بالعمل. فازدادت معرفته عن المجاهدين وبالتالي اقتنع بأن عليه أن يلتحق بصفوف المجاهدين عن أي طريق كان.‌وفي عام 1994 قام مرة ثانية بشراء سلاح بدافع حبه للكفاح المسلح وقدم كل ما لديه من الإمكانيات لكي يجد وسيلة للالتحاق بصفوف المجاهدين غير أنه اعتقل مرة أخرى وتعرض للتعذيب الشديد لكي يبوح بكلمة ‌ويكشف عن مصدر تزويده بالأسلحة . أعمال التعذيب كانت وحشية بحيث كُسِرت كتفه وتدهورت حالته الصحية بشكل اضطروا إلى نقله إلى المستشفى حيث خضع للعملية الجراحية مرتين لكنه لم ينبس بكلمة ‌وكان يفكر في طريق للهروب من السجن فنجح أخيرًا في الهروب من السجن بأسلوب بارع.
ومنذ تلك اللحظة كان «آرام» مضطرًا لأن يعيش مختفيًا حتى عام 1996 حيث نجح في الالتحاق بصفوف المجاهدين بعد أن بذل كل ما كان يمتلكه، فتحققت أمنيته عندما وجد نفسه في صفوف المجاهدين.
كان يعرف جيدًا أن من متطلبات خوض النضال هو ترك كل علائقه الشخصية فقام «آرام» بذلك بحزم ونشاط كبيرين . وكتب «آرام» بهذا الشأن :‌«أمام راية ‌ايران الوطنية ‌بألوانها الثلاثة وشعار منظمة مجاهدي خلق ذي المغزى العالي الذي يرمز إلى طموحات المجاهدين كلها أدينا اليمين بأن لا نخاف من الموت وأن نضحي بارواحنا واخترنا طريق الشعب الا وهو طريق مسعود و مريم الخلاص لتحقيق المجتمع التوحيدي اللاطبقي.
نضحي بأنفسنا من أجل ايران وشعبنا وستسيل دماؤنا لكي نكتب بها كلمة الحرية .‌والطريق الوحيد للوصول إلى الحرية هو الفداء والتضحية بكل شيء والتحلي بالخلوص والصدق وبهذا نستطيع أن نظهر لاعدائنا أننا مجاهدو شعبنا ومن أجل هذا خُلقنا ومن أجل هذا نموت وهذا وطننا ايران شرف لنا».
فهكذا وبعد ما أدرك قيم ثورة مريم رمز الخلاص تحول «آرام» إلى انسان آخر وبعد فترة وجيزة أصبح مجاهدًا يتحلى بصفات انسان ثوري عاشق يبرز عشقه الإنساني المشتعل في كل عملياته الجريئة ‌وأعماله البطولية حينما يتولى مهمة تنفيذ عمليات وبأروع صورة .
ومن صفات الآمر «آرام» ايمانه العميق بحقيقة أنه عند مواجهتك عملاء العدو فان الفائز هو الطرف الذي يفتح النار أول مرة .‌انه ومجموعته تمكنوا مرات عديدة من خلال تنفيذ هذا المبدأ من خرق الكمائن الأمنية والنجاة من أخطار عديدة .‌فلنقرأ احدى هذه الحالات عن لسانه:‌ «في أحد الأيام قام النظام بنصب كمائن وسيطرات عديدة وموسعة ‌اجتزنا كمينين ولكن في واحد منهما أمرت عناصر النظام الأمنية بايقاف سيارتنا وأرادوا أن يفتشوا ملابسنا فهنا جاءت اللحظة الحاسمة لاتخاذ القرار. فأمرني هذا العميل بأن أرفع يدي وأخرج من السيارة وفي غفلة منه شهرت سلاحي وأطلقت النار عليه.‌فاصاب الرصاص كتفه ولاذ بالفرار وهو يصيح 'سلاح ، سلاح' . والجندي الذي كان بقربنا وهو يحمل بندقية جي - 3 فتسمر في مكانه من شدة الخوف ولم يكن يصدّق ما حدث. رجعت نحو السيارة ‌وركبتها وانطلقنا فأدرت وجهي إلى الأخوان وقلت لهم: علينا أن نتركهم ليذهبوا ويقولوا إن أيدي المجاهدين لا ترفع الأ لحمل السلاح».‌هذا النشاط وهذه الثقة بالنفس كان يجعل «آرام» دائمًا نشطاً متحمسًا لا يعترف بأي مانع أمام طريقه.
وفي أحد الأحداث حينما أصيب أحد أفراده وجد «آرام» نفسه في حالة حرجة جدًا لكنه وبمعنويات عالية ‌يقول: «أشعر بمسؤولية أكبر على كاهلي. كونوا واثقين بأنني لا أفكر في شيء غير التزاماتي. بلغوا تحياتي إلى الأخ مسعود والاخت مريم وقولوا لهما إن مجاهديكم داخل البلاد يتطلعون إلى يوم يرونكم في ساحة الحرية وفي وسط أهازيج أبناء الشعب. انني حي بفعل الأمل إلى ذلك اليوم وأناضل من أجل أن يحين ذلك اليوم إذ إنني أعرف حقًا أن الشعب الإيراني البطل لا أمل له سوى ذلك».‌وبهذا الحماس والنضال وبينما كان وحيدًا وسط كمائن القوات الأمنية ‌والعسكرية لم يهدأ لحظة واحدة .‌
ان جميع لحظات المجاهد الآمر «آرام» مليئة بمثل هذه التلاطمات.‌وفي أحد الأيام الخطيرة لاحظ الآمر «آرام» وجود كمائن كثيرة نصبتها عناصر المخابرات وكالمعتاد عمل بمبدأ الهجوم المتواصل فرمى أول رمانة ‌باتجاه العملاء الذين كانوا يطاردونه فتسبب حذر «آرام» هذا في خلق ارباك بين عناصر النظام وهكذا فرض «آرام» المواجهة ‌عليهم فواصل«آرام» وأفراده اطلاق نيرانهم عليهم فحصدوهم واحدًا بعد الأخر بحيث اطلع أهالي المنطقة ‌من خلال دوي وابل الأسلحة على تواجد أبنائهم المجاهدين في المنطقة واستمرت عمليات الكر والفر لعدة ساعات . وتوجه قطعان عناصر «الامن» العميلة ‌ووزارة المخابرات من كل صوب نحو المنطقة .‌فأطلق الآمر «آرام» في آخر محطة جميع رصاصاته على العملاء فأردى عددًا منهم قتلي. وفي آخر لحظات من حياته خصص «آرام» رمانة لنفسه فعند ما اقترب جمع من العملاء اليه في محاولة خرقاء لالقاء القبض عليه حيا فجّر المجاهد البطل رمانته فاستشهد احتذاءً بأول شهيد لمنظمة مجاهدي خلق وإحياء لدربه وهو «أحمد رضائي» الذي فجّر نفسه وسط فلول قوات الشاه في طهران عام 1972.
رسالة إلى ابنه سعيد
«بعد سنوات عدة عندما كبرت وعندما طالعت هذه الأوراق التي تتضمن نبذة عن حياة والدك 'آرام' فسوف تفهم كيف تهدّأ 'آرام' وتخلى عنك. ان قصة أبيك قصة واحدة لجميعنا قصة انسانية البشر من خلال الانقلاب على الذات.
ان تعرّف والدك على قيم ثورة ‌مريم رمز الخلاص جعله انسانًا آخر. انه بالذات كان يعرف لماذا وكيف تحول.‌دعونا نسمع من لسانه عبر احدى مذكراته :‌'يا الهي انني تعلمت الإنسانية من مريم. ومن خلالها وجدت حياة جديدة ‌بينما كنت قبلها أنظر إلى الحياة ‌من زاوية ‌أخري.‌غير أن مريم علمتني‌مدى حب الإنسان ومدى ارتقاء الإنسان نحو التعالي. أشعر بأن شباكًا إلى الخارج انفتح تحت هذا السماء المغلقة والضيقة والتحقت بجميع المحيطات والامطار والينابيع في كل العالم وبدأت تتدفق المياه في داخل نفسي من آلاف المناهل وفي خفايا روحي.‌أصبحت مفعمًا بالحب لله وللشعب وكيف أحمدك يا رب العالمين لما وهبتني‌ من موهبة ‌هكذا وشرفتني بمعرفة أهداف المجاهدين وعرفتني بهم حياة جديدة وأمددتني لكي أمضى معهم في النضال ضد اولئك الذين يعادون الإنسانية ».

 

اجمالي القراءات 1837