الإخوان يعترفون بأخطاء في برنامج حزبهم السياسي وينفون تقليد النموذج الإيراني

في الثلاثاء ١٦ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

القاهرة - وسط حملة من الانتقادات العنيفة التي قابلت بها الأوساط السياسية في مصر، برنامج الحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، اعترف النائب الأول للمرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب بوجود خطأ في صياغة إحدى فقرات البرنامج تتناول تشكيل هيئة للعلماء تقدم رأيها للبرلمان، وهي نقطة اعتبرها الخبراء تتشابه إلى حد كبير مع هيئة الخبراء في النظام الإيراني.

وقال حبيب إن رأي الهيئة المقترحة استشاري وليس ملزماً.

وقال حبيب في تصريحات لجريدة الشرق الأوسط إن الفقرة الخاصة بوجود هيئة من العلماء لجنة تضمنت بأنه يجب على مجلس الشعب أن يأنس ويأخذ برأي اللجنة، وهذا حمل نوعا من الخطأ حيث أن الصياغة الصحيحة تقول للمجلس أن يأنس أو يأخذ برأي اللجنة أو لا يأخذ بمعني أنه أمر اختياري وليس إلزامياً.

ونفى حبيب أن يكون ما ورد في برنامج الجماعة بشأن اللجنة أو هيئة العلماء، يشابه النموذج الإيراني حسبما تردد، وقال نحن قصدنا بهيئة العلماء أن تكون منبثقة عن الأزهر أو مؤسسة تابعة له، ولم نبتدع شيئاً آخر، وأن يكون وضع هذه الهيئة شأن اللجان العلمية التي يتم تشكيلها في وزارة، ويكون رأيها استشاريا، وليس إلزاميا علي غرار مجمع البحوث الإسلامية مثلا، لافتا إلى أنه يجب أن تكون المؤسسة الأزهرية وما يتبعها مستقلة عن السلطة التنفيذية لتطرح رؤاها بعيدا عن أي سيطرة.

وأضاف: نحن لم نورد على الإطلاق أن تكون لهذه اللجنة أية سيطرة أو هيمنة أو حتى إلزام لأي جهة، ولكن ما نراه أن مجلس الشعب هو صاحب الحق الأصيل في التشريع وسن القوانين.

وحول ما تردد عن أن الجماعة لا تنوي إضافة أي تعديلات على البرنامج، خاصة فيما يتعلق برفض البرنامج أن تتولى المرأة أو القبطي رئاسة الدولة، قال حبيب إذا كنا لا نريد آراء مخالفة وليست لدينا الرغبة في معرفة كافة الآراء قبل إقرار البرنامج بصيغته النهائية لما كنا أرسلناه لما يقرب من 50 شخصية من السياسيين والمفكرين والباحثين، فنحن أرسلناه للنخب لتقول رأيها وملاحظاتها، ونحن قصدنا ذلك من أجل إثراء الفكرة والرأي.

وأكد حبيب أن الجماعة لم ترسل برنامجها للنخب لمجرد أن يقال إننا منفتحون على الآخر أو لأغراض تكتيكية أو سياسية، وما قمنا به حتى الآن هو قراءة أولية سوف تتبعها صياغات أخرى وتعديلات جديدة ربما تتضمن إضافة أو حذفا أو حتى إحداث تغيير لبعض القضايا والنقاط المثارة، مشيرا إلى أن الجماعة تقوم بجمع كل ما يكتب وما يثار في الإعلام قبل القيام بفرز وتصنيف الملاحظات المطروحة.

ولم يستبعد حبيب إجراء تغييرات مهمة على البرنامج وقال سنقوم بإجراء حوارات ومناقشات عبر ورش عمل مع من اطلعوا على البرنامج من النخب لمزيد من الإثراء والانفتاح، لافتا إلى أن الجماعة لم تقدم برنامجاً للتوافق الوطني بين مختلف القوى السياسية، ولكنه برنامج يتفق والخيارات الفقهية للجماعة، موضحاً أن البرنامج السياسي يجب أن يكون مؤسسا على القيم الأخلاقية والإيمانية لكي يتميز عن غيره من البرامج العلمانية.

وشدد على أن برنامج الإخوان لن يكون علمانياً كما يريده البعض أو يسعى لدفعه إلى ذلك وقال لدينا ثوابتنا ومبادئنا وأفكارنا المبنية على أساس عدم فصل الدين عن الدولة، وأن تكون الدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية.

من جانبه، انتقد الدكتور العريان رفض البرنامج السياسي لحزب الجماعة تولي المرأة والأقباط رئاسة الدولة، وقال كان من الأفضل الصمت في هذا الشأن، مشيراً إلى أن الصمت وإن فسره البعض كأنه حالة من الغموض أفضل من أن تقدم طرحاً لا يجاري رغبات المجتمع ونخبه السياسية.

وأوضح العريان لجريدة الشرق الأوسط أن البرنامج يوضع لإدارة شؤون المجتمع والناس، وليس لمجرد طرح أفكار الإخوان، وبالتالي، فإن المطلوب منه أن يقدم اجتهادات جدية في القضايا الشائكة محل انتظار الرأي العام.

وأشار إلى أن هناك محورين يرتكز عليهما البرنامج؛ المحور الأول هو الإدارة الاقتصادية للمجتمع، بحيث يقدم حلولاً لمحاربة الفساد والارتقاء بالأوضاع الاقتصادية، مشيراً إلى أن البرنامج في هذا الشأن قدم طرحاً جيداً يمكن تحسينه، والإضافة عليه حتى يقنع كثيرون انتظروه.

وأشار إلى أن المرتكز الثاني للبرنامج هو قضية الديمقراطية، حيث رفض البرنامج رئاسة المرأة والأقباط للدولة، مما أضر إلى حد ما بالشكل الديمقراطي للبرنامج رغم ما ورد فيه من ايجابيات كثيرة.

وأضاف أن ما ورد بشأن هيئة العلماء في البرنامج كان له تأثير سلبي لأن معظم الناس التفتوا لهذه النقطة، ولم يلتفتوا لجملة الايجابيات في البرنامج، معتبراً أن ما ورد بشأن المرأة والأقباط، أراد واضعو البرنامج فيه التماشي مع الرأي العام في المجتمع، باعتباره مجتمعا ذكوريا كطبيعة أغلب البلدان العربية، فضلاً عن أنه لا يوجد مسيحي في معظم البلدان العربية، تتجاوز غايته مجرد التمثيل الجيد في البرلمان ولا يطمح لرئاسة الدولة.

وكان عدد من الخبراء قد انتقدوا بشدة برنامج الحزب السياسي لجماعة الإخوان واعتبروه غير ديمقراطي، حيث قال رئيس وحدة النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات ضياء رشوان إن مسودة البرنامج جاءت مخيبة للآمال على نطاق واسع، مؤكدا أن الإخفاقات ظهرت في نقاط مفصلية، مشيراً إلى أن وجود هيئة لعلماء الدين يفتح الباب لاستبداد ليس له نظير، في حين أن حظر ترشح المرأة والأقباط يحرم نحو 61% من الشعب من الترشح للرئاسة.

ومضى يقول من المؤسف أن يتم الأخذ برأي فقهي واحد رغم وجود آراء أخرى داخل مصر بل داخل تنظيم الإخوان نفسه.

وعزا رشوان أسباب حسم الخيارات على هذا النحو إلى رغبة الجماعة في الحفاظ على وحدتها بمجاراة القواعد في معتقداتهم، مضيفا أن الجماعة ضحت بهدف آخر هو إعادة تقديم الجماعة للمجتمع والنخبة المثقفة بما يعزز شرعيتها وقبولها.

ورأى عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، الدكتور جهاد عودة، أستاذ السياسة بجامعة حلوان أن البرنامج محاولة لتقليد النموذج الإيراني. وحمل بشدة على الإخوان قائلا يبدو أنهم لم يتعلموا شيئا منذ 1954، بل أصبحوا قطبيين أكثر، نسبة إلى سيد قطب الذي تم إعدامه في ستينات القرن الماضي.

 

اجمالي القراءات 3438