صراع محتدم.. الغموض يلقي بظلاله على الانتخابات الليبية

في الأربعاء ١٧ - نوفمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

يواجه الاتفاق الذي يحكم تقدم ليبيا نحو الانتخابات الرئاسية والتشريعية، المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول، مشاكل خطيرة نتيجة المنافسة بين الفصائل وسياسة حافة الهاوية الخطيرة.

وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات قد أعلنت أن تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيبدأ يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني. وجاء ذلك الإعلان بعد أن أكد مؤتمر دولي لتحقيق الاستقرار في ليبيا عُقد في طرابلس في أكتوبر/تشرين الأول موعد ديسمبر/كانون الأول، تماشياً مع العملية التي رعتها الأمم المتحدة وبلغت ذروتها في منتدى الحوار في جنيف.

علاوة على ذلك، تواصل الأمم المتحدة الضغط على الجميع للالتزام بالجدول الزمني المعلن في 24 ديسمبر/كانون الأول، ما يشير إلى أن المنظمة الدولية قلقة من أن يتم التضحية بمسارها على مذبح الخلافات السياسية بالرغم من التداعيات الخطيرة التي قد تنتج عن التأجيل أو وربما حتى التخلي عن الانتخابات المقبلة.
الخلافات على القوانين والتواريخ

ويمكن القول إن رئيس برلمان طبرق "عقيلة صالح" والجنرال "خليفة حفتر" - كل لأسبابه الخاصة - كانا من العوائق الرئيسية أمام تأسيس حياة سياسية مستقرة في ليبيا. ويعمل "صالح" ومجلس النواب منذ سنوات في الجزء الشرقي من البلاد الذي تسيطر عليه قوات "حفتر" منذ 2014.

ومن خلال منصبه كقائد للسلطة التشريعية، يتمتع "صالح" بسلطة إضفاء الشرعية على العملية الانتخابية أو إرسالها إلى حالة من عدم اليقين. وفي سبتمبر/أيلول، وافق "صالح" بشكل غير قانوني على قانون الانتخابات الرئاسية الذي تم تصميمه للسماح لـ"حفتر" بالترشح للرئاسة. وقد تم رفض القانون من قبل هيئات حكومية أخرى لأنه تحايل على نصوص في الاتفاقية التي ترعاها الأمم المتحدة.

وفي سبتمبر/أيلول أيضًا، صوت 89 من أصل 113 عضوًا في برلمان طبرق لسحب الثقة من حكومة الوحدة برئاسة "عبدالحميد دبيبة" لتواصل عملها كحكومة تصريف أعمال.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، وخلافًا لاتفاق إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول، صوت برلمان طبرق مجددًا على تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى يناير/كانون الثاني. وقد رفض المجلس الأعلى للدولة، ومقره طرابلس، هذا التصويت بسبب انتهاكه للقواعد الإجرائية. كما بدا أن قانون الانتخابات قد صُمم لخدمة مصالح "صالح" و"حفتر".

على وجه التحديد، إذا فاز "حفتر" بالرئاسة، فسيكون في وضع يسمح له بالتأثير على كيفية إجراء الانتخابات التشريعية في يناير/كانون الثاني.

وفي حين أن مؤتمر الاستقرار في ليبيا الذي عقد في أواخر أكتوبر/تشرين الأول وإعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بشأن تسجيل المرشحين ربما ساعدا في تحديد موعد الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول، فلا يوجد يقين بشأن ما إذا كان "صالح" و"حفتر" سيسمحان بإجراء الاقتراع في الشرق في ذلك التاريخ، أو إذا كانوا سيقبلون النتيجة.

وتلقي التطورات التي حدثت منذ ذلك الحين بغطاء كثيف من عدم اليقين حول الانتخابات. وفي الأيام القليلة الماضية فقط، أعربت مؤسسات رسمية مهمة عن بعض الآراء والمواقف المقلقة.

وأعلنت قيادة الجيش الموالي لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة "الدبيبة" في طرابلس رفضها لقانون الانتخابات. كما رفض السياسيون في غرب ليبيا إجراء الانتخابات بدون أساس دستوري.

ودعا رئيس المجلس الأعلى للدولة، "خالد المشري"، إلى مقاطعة الانتخابات إذا كانت ستجرى وفق القانون الحالي الذي أقره برلمان طبرق. كما اتهم فرنسا ومصر والإمارات بصياغة هذا القانون.
"حفتر" لن يختفي

ويمكن لـ"حفتر" بسهولة ترهيب الناس في المناطق التي يسيطر عليها للتصويت له في الانتخابات الرئاسية. وتطبيقاً لقانون الانتخابات، تخلى الجنرال مؤقتاً عن قيادة "الجيش الوطني الليبي" لمدة 3 أشهر لإعداد نفسه للحملة الانتخابية.

ومن المرجح أن تكون المنافسة شرسة حيث يتنافس العديد من السياسيين ورجال الأعمال الطموحين لتولي منصب الرئاسة، بمن فيهم "دبيبة" ووزير الداخلية الأسبق "فتحي باشاغا" و"سيف الإسلام القذافي"، نجل الديكتاتور الراحل "معمر القذافي".

وبصرف النظر عن نفوذه على برلمان طبرق والإمكانية الواضحة لترويع الناخبين في شرق ليبيا، من المرجح أيضًا أن يعتمد "حفتر" على علاقاته الإقليمية والدولية للتأثير على الانتخابات الرئاسية.

ويسعى "حفتر" للحصول على مساعدة إسرائيل في تعزيز فرصه. وكان ابنه "صدام" مؤخراً في تل أبيب لعرض اعتراف دبلوماسي مقابل المساعدة السياسية والعسكرية الإسرائيلية لوالده.

ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن "صدام حفتر" وصل إلى تل أبيب على متن طائرة خاصة قادمة من الإمارات والتي يبدو اليوم أنها الوسيط لتطبيع علاقات إسرائيل مع دول العالم العربي.

وفي الواقع، يكمن الخوف في أن "حفتر" قد يوقف العملية برمتها ويرفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات إذا لم يحصل على الرئاسة. وإذا حدث ذلك، فقد تنحرف عملية التجديد المؤسسي التي ترعاها الأمم المتحدة عن مسارها.

والسؤال هو كيف يمكن أن يؤثر ذلك على وحدة البلاد ومؤسساتها السياسية والاقتصادية؟ منذ عام 2014، كان هناك تقسيم فعلي بين الشرق والغرب في ليبيا، وهو تقسيم تم دعمه من قبل جهات خارجية تدعم فصائل وأجندات مختلفة.

لكن الترتيبات الحالية لانتخابات ديسمبر/كانون الأول تعد محورية بالنسبة لليبيا مستقرة وآمنة. وإذا فشلت هذه المرحلة بسبب رفض الأطراف المتصارعة قبول نتائجها، فمن الصعب تخيل مصير أكثر قتامة من التقسيم.
يجب إجراء الانتخابات

بالنظر إلى التعقيدات الحالية المتعلقة بتوقيت وتنفيذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، من الصعب التنبؤ بنتائجها بثقة أو التكهن بما إذا كان لدى "حفتر" فرصة أفضل من غيره للفوز بالرئاسة.

ويجب أن تكون الكلمة الأخيرة لحوالي 2.8 مليون ناخب ليبي يرغبون في أن تكون الانتخابات القادمة حاسمة في تحديد مستقبل ليبيا.

وكان يونيو/حزيران 2014، آخر مرة ذهب فيها الليبيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس النواب، وكانت نسبة المشاركة 18% فقط، ليس فقط بسبب خيبة الأمل الواسعة من العملية ولكن أيضًا بسبب أعمال العنف التي أودت بحياة 5 ليبيين منهم الناشطة في مجال حقوق المرأة "سلوى بوقعيقيص".

وفي الواقع، يمكن للمشاركة الشعبية الواسعة أن تضفي الشرعية المطلوبة على العملية السياسية الحالية.
اجمالي القراءات 318