لا يجدون ما ينامون عليه أو يأكلونه وسط البرد القارس.. هكذا يواجه مهاجرون عراقيون مصيرا غامضا على حدو

في الأربعاء ١٠ - نوفمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

لا يجدون ما ينامون عليه أو يأكلونه وسط البرد القارس.. هكذا يواجه مهاجرون عراقيون مصيرا غامضا على حدود بيلاروسيا وبولندا
المهاجرون يمرون بحالة يرثى لها بلا طعام أو شراب مع وجود عدد كبير من الأطفال والنساء، ولا يجدون ما ينامون عليه؛ مما جعلهم يفترشون الأرض في درجة حرارة منخفضة تصل إلى 2 تحت الصفر.
يعيش اللاجئون العراقيون -العالقون على الحدود البيلاروسية البولندية- في ظروف مأساوية منذ أسابيع، حيث وصل آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط إلى بيلاروسيا في الشهور الأخيرة على أمل العبور إلى بولندا، والانطلاق منها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ويقول المهاجر العراقي أحمد -من مدينة كركوك والعالق حاليا في الحدود البولندية- إنه غادر العراق في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي باتجاه بلاروسيا مع مجموعة كبيرة من العراقيين، مشيرا إلى أن عددهم يبلغ نحو آلاف الأشخاص معظمهم من الجنسية العراقية.

ويضيف للجزيرة نت قائلا "جئنا عن طريق الاتفاق في مجموعات خاصة في التليغرام، واتفقنا على التجمع في مكان حدودي معين للوصول إلى بولندا، فأقدمت قوات الحدود البولندية أول أمس الاثنين (الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني) على ترويع العائلات المهاجرة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع وضرب الأطفال وأفزعوهم".

تشغيل الفيديو
وأكد أحمد أن أسباب هجرتهم من العراق، هو البحث عن حياة كريمة بالإضافة إلى ظروف البلاد والأزمات التي تعصف بها، منوها إلى أنه منتسب عسكري أصيب بالحرب في بطنه، وعاش معاناة كبيرة بسبب مصاريف علاجه وإهمال الجهات الحكومية له، مؤكدا أنهم لا يفكرون بالعودة إلى العراق وسيواصلون بقاءهم في الحدود حتى الدخول إلى أوروبا.

وأشار إلى أنهم ناشدوا الجهات الحكومية العراقية ولم يتم الرد عليهم، ولم يسمح للإعلاميين بالوصول إليهم إلا من بعض مراسلي القنوات التلفزيونية من الجانب البيلاروسي.

وحول تكاليف الرحلة يوضح أحمد أنها بلغت نحو 4 إلى 5 آلاف دولار، شملت تأشيرة الدخول إلى بيلاروسيا والطيران والفندق ومصاريف الطعام، مبينا أن رحلة الطيران لوحدها تكلف 3 آلاف و500 دولار شاملة محطة انتظار بأحد الفنادق لمدة 3 أيام وحتى الوصول إلى بيلاروسيا، وكل ذلك عن طريق سماسرة.

يكابد العراقيون مع أطفالهم قساوة الظروف على الحدود البولندية - الجزيرة نتالعراقيون يكابدون مع أطفالهم قساوة الظروف على الحدود البيلاروسية البولندية (الجزيرة)
ظروف سيئة
ويتحدث المهاجر العراقي وسام حسين عن معاناة اللاجئين العالقين في ظروفهم السيئة قائلا إنهم يمرون بحالة يرثى لها بلا طعام أو شراب مع وجود عدد كبير من الأطفال والنساء، ولا يجدون ما ينامون عليه مما جعلهم يفترشون الأرض في درجة حرارة منخفضة تصل إلى 2 تحت الصفر.

وفي حديثه مع الجزيرة نت يرى حسين أن ادعاءات الاتحاد الأوروبي باهتمامه بالإنسانية وحقوق الإنسان، لا ينسجم مع الواقع، حيث يتجاهلون معاناة اللاجئين ويعاملونهم بأسوأ معاملة وكأنهم مجرمون وليسوا ساعين للحرية.وعن أسباب هجرته يقول إن "الحياة في العراق قاسية وليست آمنة، فلم نجد في البلاد ما يصلح للعيش حتى نبقى ونستقر فيه". ويتابع حسين بالقول "بعد كل تلك المعاناة في بلدي، هاجرت أنا وعائلتي المكونة من 6 أشخاص بتكلفة تقدر بألفين و500 دولار لكل شخص، وذلك بعدما بعت سيارتي، وكذلك ذهب زوجتي وكل ما أملك من أجل سد التكاليف، للمحافظة على حياة أسرتي".

ويضيف حسين "حينما خرجت من بغداد، توجهت مباشرة إلى تركيا، ثم من هناك انتقلت إلى بيلاروسيا، لأواجه خلال هذه الرحلة الطويلة أنا وزوجتي وأطفالي ظروفا صعبة وقاسية، حيث قام حرس الحدود بين بولندا وبيلاروسيا بضربنا بعدة أنواع من الأسلحة المستخدمة لفض التجمعات، ولم يسلم حتى الأطفال من هذه الممارسات بالإضافة إلى ما يقاسونه من برد وجوع وعطش"، واصفا نفسه بأنه ميّت، ولا يعرف مصيره.

يأمل المهاجرون العراقيون بالعبور إلى بولندا ومن ثم دول الاتحاد الأوروبي - الجزيرة نتالمهاجرون العالقون أكدوا أن تكاليف الرحلة بلغت نحو 4 إلى 5 آلاف دولار (الجزيرة)
نداءات استغاثة
من جانبه، يقول علاء العراقي -مسؤول خلية إنقاذ ومتابعة اللاجئين- إنهم يتلقون يوميا نحو 30 إلى 40 نداء استغاثة من مختلف طرق الهجرة سواء في البحر أو البر على حدود بيلاورسيا، ويشير إلى أن 25% من المناشدات خلال الأيام الأخيرة هي لمهاجرين عراقيين.

وعن دور فريقه يوضح علاء للجزيرة نت أنهم يستقبلون المناشدات من مختلف الشرائح والجنسيات، ومن القوارب التي تخرج عن طريق البحر عند الحاجة إلى دعم لحل ما يواجهون من مشاكل، ويقول "ننقل معاناتهم عن طريق الإعلام أو إيصال أصواتهم لبعض الفِرق الأوروبية التي لا تعارض وصول المهاجرين إلى هناك".

ويلفت إلى أن "بيلاوسيا تستخدم المهاجرين كوسيلة ضغط على الاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات عنها، وهناك كثير من المهاجرين محاصرين في المناطق المحرمة بين البلدين لأكثر من 20 يوما، وقد وصلتنا أكثر من ألفي مناشدة خلال الشهرين الأخيرين، وكذلك صور وفيديوهات لوضع المهاجرين هناك، ونرسلها إلى منظمات من ضمنها الصليب الأحمر دون أي استجابة".

علي عباس جهاكير مدير عام شؤون فروع وزارة الهجرة- خاص الجزيرةجهاكير أكد رفض السلطات العراقية سلوك بعض العراقيين هذا الطريق المحفوف بالمخاطر للهجرة (الجزيرة)
الموقف الرسمي
ويعرب علي عباس جهاكير -المدير العام لدائرة شؤون الفروع في وزارة الهجرة العراقية- عن رفض وزارته سلوك بعض العراقيين هذا الطريق المحفوف بالمخاطر للهجرة، مؤكدا وجود ضوابط ومحددات يجب الالتزام بها ومراعاتها.

ويبيّن جهاكير للجزيرة نت أن الكثير من المهاجرين يتعاملون مع مهربين وأشخاص غير رسميين وغير معتمدين بين الدول، ومع ذلك فإن الحكومة العراقية تتابع وضعهم وحالتهم من خلال وزارة الخارجية، "ولكن هذا الوضع غير محسوم ولا نعلم مآله".

وينوه إلى أن الحكومة العراقية لا تعرف عدد المهاجرين العراقيين العالقين على الحدود البولندية حتى الآن، مقدرا بأن أعدادهم لا تتجاوز ألف مهاجر حتى الآن.

ونفى جهاكير أن يكون سبب الهجرة هو سوء الأوضاع في العراق، مؤكدا أن أوضاع البلاد جيدة ولكن هؤلاء المهاجرين لديهم خططهم المستقبلية الخاصة ويحاولون الحصول على فرص معيشية أفضل.

ويشدد جهاكير على رفض الحكومة العراقية ضرب المهاجرين من قبل حرس الحدود ويدعوهم للالتزام بالمعاهدات الدولية، مؤكدا أن الحكومة أرسلت الطائرات لنجدة العراقيين العالقين وإعادتهم لوطنهم لكن الكثير منهم رفض العودة.
اجمالي القراءات 323