شهد سجالا بشأن حقوق الإنسان.. 4 ملفات تهيمن على الحوار الإستراتيجي المصري الأميركي

في الأربعاء ١٠ - نوفمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

واشنطن – في مستهل اجتماعات مع مسؤولين مصريين قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن أمام مصر كثيرا من العمل في مجال حقوق الإنسان، في حين رد عليه وزير الخارجية المصري سامح شكري بأن حقوق الإنسان يجب أن تكون متوازنة مع اعتبارات أخرى مؤكدا أهمية الاستقرار.

فقبل شهر من استضافة الرئيس جو بايدن قمة الدول الديمقراطية، التي لم يوجه فيها البيت الأبيض الدعوة لمصر لحضور القمة أسوة بـ108 دول دعيت، شهدت العاصمة واشنطن جلسات الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر التي ترأسها بلينكن وشكري وهو الأول من نوعه منذ عام
ملفات إقليمية وعالمية
تطرق بلينكن في كلمته الافتتاحية إلى 4 ملفات هي: الأمن الإقليمي، والتحديات العالمية كالمناخ والبيئة ومكافحة فيروس "كوفيد-19″، وقضايا حقوق الإنسان، ورابعا وأخيرا التعاون الاقتصادي. وأشار بلينكن إلى عمق وتاريخية العلاقات الثنائية مع القاهرة التي سيحتفل الطرفان بمرور 100 عام على تأسيسها العام القادم. وفي حين تحدث بلينكن عن "التزام الرئيس بايدن بموضوع مركزية حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأميركية، ورحب بفرصة مناقشة أهداف مصر في مجال حقوق الإنسان"، أكد شكري خصوصية قضية حقوق الإنسان في مصر، وأنها عملية تدريجية تراعي خصوصية مصر الثقافية والاجتماعية.

وقال شكري في كلمته إن حقوق الإنسان هي "عملية متطورة، ولا بد لكل دولة من أن تأخذ في الاعتبار نسيجها الاجتماعي، والواقع الذي تعيشه، وخلفيتها الدينية والثقافية"، وأضاف أن "إستراتيجية حقوق الإنسان التي استندت إلى عملية تشاورية أخذت مدخلات أصحاب المصلحة، وأدت إلى إنهاء حالة الطوارئ والعمل على إقامة دولة حديثة تنفع المواطنين، وأن تجربة السنوت العشر الأخيرة أثبتت أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة والنسيج الاجتماعي، وهو أمر مهم وأساسي للوفاء بتطلعات الشعب المصري لمواجهة التطرف".

ويرى بعض المعلقين أن إشارت بلينكن إلى ضرورة "تحقيق تقدم ملموس ودائم في مجال حقوق الإنسان لتعزيز علاقاتنا الثنائية" تستهدف بالأساس إيصال رسالة إلى عدد محدود من أعضاء الكونغرس والمنظمات الحقوقية المعنيين بقضايا حقوق الإنسان، تشير إلى اهتمام الإدارة بقضايا الحريات.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار سيث بيندر، الخبير بمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط بواشنطن، إلى أنه لا معنى "للحوار ما لم يتضمن التزامات محددة زمنيا من الحكومة المصرية بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان والمساءلة الفعلية من الحكومة الأميركية إذا أخفق النظام في الوفاء بتلك الالتزامات".

حوار إستراتيجي تقليدي
وتحدثت الجزيرة نت مع أحد كبار المسؤولين المصريين السابقين ممن شاركوا في إدارة ملفات العلاقات المصرية الأميركية، وقد أكد مثل هذه الاجتماعات الثنائية بين الطرفين "كانت تشهد مناقشة مستفيضة للقضايا الإقليمية والأمنية، وكان الجانب الأميركي يترك آخر 10 دقائق في الاجتماع لكي يُذكّر نظراءه المصريين برغبة واشنطن في رؤية نهاية لقانون الطوارئ، والسماح للمراقبين الدوليين بالإشراف على الانتخابات، وضرورة احترام حقوق الإنسان".

وتعدّ المصالح الأميركية في الشرق الأوسط كلمة السر في رؤية واشنطن لعلاقاتها بالقاهرة، وأكدت حالة عدم الاستقرار والتوتر التي تضرب دول الجوار المصري أهمية بقاء مصر مستقرة؛ سواء في الحرب الأهلية في ليبيا وتعثر المسار السياسي، أو سيطرة الجيش على الحكم في السودان و"الانقلاب" على عملية الانتقال الديمقراطي، أو أزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصولا إلى توترات إثيوبيا ومخاطر توسع القتال ليشمل منطقة القرن الأفريقي.

ولكل ما سبق، يمكن تفهم نمط العلاقات الثنائية الفريد الذي تتجاهل معه إدارة جو بايدن غياب الديمقراطية، واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان، مع الإشارة إليهما على استحياء، مقابل تمسكها بأهمية مبدأ "الاستقرار" كأحد أهم أهدافها في مصر.

Secretary of State Antony Blinken, right, listens as Egyptian Foreign Minister Sameh Shoukry speaks during a U.S.-Egypt strategic dialogue at the State Departmentملفات الأمن الإقليمي وتحديات عالمية مثل المناخ والبيئة ومكافحة فيروس كورونا هيمنت على جلسات الحوار (رويترز)
83 مليار دولار مساعدات لمصر
ولأسباب تتعلق بأهمية مصر الإستراتيجية من نواح عدة، حافظت الإدارات الأميركية المتعاقبة، سواء جمهورية كانت أو ديمقراطية، على مجموعة ثابتة من الأهداف في علاقاتها بمصر، واعتمدت في سبيل تحقيق ذلك على مجموعة وسائل وآليات، من أهمها توفير الدعم للنظام الحاكم في مصر ما دام مؤيدًا للسياسات الأميركية.

ويشير تقرير حديث لخدمة أبحاث الكونغرس اطّلعت عليه الجزيرة نت إلى بلوغ قيمة إجمالي المساعدات الأميركية التي حصلت عليها مصر 83 مليار دولار، منها 33 مليار دولار مساعدات اقتصادية، و50 مليار دولار مساعدات عسكرية.

ومنذ توليه منصبه، حاول الرئيس جو بايدن الموازنة بين بعض الاعتبارات في مقاربته لعلاقات بلاده مع القاهرة، في حين أشاد بايدن بالدبلوماسية المصرية وتحدث مرتين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إبان أزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وتحظى مصر، التي حافظت على معاهدة السلام مع إسرائيل منذ عام 1979، بالثناء من المسؤولين الأميركيين بسبب زيادة وتقوية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

في الوقت ذاته يشير أركان إدارة بايدن إلى استيائهم من استمرار حملة القمع الداخلية للرئيس السيسي ضد معارضيه، وتمثل ذلك عمليا في تجميد مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات المقدمة لمصر كوسيلة ضغط لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وتبرر إدارة بايدن، كغيرها من الإدارات المتعاقبة، المساعدات لمصر بأنها استثمار في الاستقرار الإقليمي، من خلال بنائها علاقات ممتدة وتعاونا طويل الأمد مع الجيش المصري.

من جانبه، أشار سيث بيندر إلى أن "النظام المصري لا يرى أن التحسينات في سجله في مجال حقوق الإنسان تخدم مصالحه. لذلك، فإن الطريقة الوحيدة لدفعه إلى تحقيق تحسينات في موضوع حقوق الإنسان حيث يمكن للحوار أن يكون مفيدا هي تغيير حسابات النظام المصري ليقتنع أنه لن تكون له علاقة جيدة مع الولايات المتحدة من دون أن يتوقف عن قمع الحقوق السياسية للشعب المصري".

ورأى سيث بيندر أن عدم دعوة مصر لمؤتمر الديمقراطية يتسق مع "عدم دعوة أغلب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فلم تُدع مصر إلى القمة لأنها نظام استبدادي حيث يُمنع أي شكل حقيقي من أشكال المعارضة السياسية، ويُقمع بعنف أي شخص يجرؤ على التعبير عن معارضته للسيسي ونظامه".2015
اجمالي القراءات 279