الإسلام الشامي الصحيح"... أمننة الدين في نظام الأسد منذ حراك عام 2011

في الجمعة ١٦ - أكتوبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

اللقاءات التي بدأت بيني وبينكم كقطاع ديني لم تبدأ في الأزمة، بدأت قبل الأزمة بفترة طويلة، ولكنها تكثفت بعد الأزمة لأن الساحة التي اختارها الخصوم والأعداء لنا في سوريا هي ساحة الصراع الديني بداية، عناوينها طائفية، ولا يمكن أن نحارب الطائفية إلا من خلال الدين الصحيح.

هذه الكلمات من خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أمام مجموعة من العلماء ورجال الدين وأئمة المساجد والداعيات عام 2014، ومن خلاله حدد دور القطاع الديني كطرف يتقاطع مع الدولة في هدف واحد هو القضاء على الإرهاب وإنهاء الحرب السورية.لقد أصبح العلماء السنة، منذ بداية الأزمة، الجمهور الأساسي لخطاب الأسد حول الأمننة الدينية- الذي جند هؤلاء العلماء لمحاربة الانشقاق السياسي الشعبي، وحمّلهم أيضاً مسؤولية إقامة الوحدة الشعبية والاستقرار. ومن خلال رسم حدود واضحة بين الدين المقبول وغير المقبول، تم تصور العقيدة كقضية تتعلق بالأمن القومي وكجانب من جوانب الهوية الوطنية.

لم تكن أمننة الدين تعتبر أمراً مرغوباً فيه قبل الحرب السورية الحالية، لكن أزمة الشرعية التي مرت بها الدولة البعثية دفعت النظام إلى تبني نوع جديد من العلاقة مع الإسلام، مما يمثل تغييراً جذرياً في علاقة الدولة بالمؤسسات الدينية التي كانت في السابق مستقلة نسبياً عن الدولة. يدفعنا هذا التحقيق في تحول العلاقة بين الدولة والدين إلى دراسة أكثر تفصيلاً لأثر تجنيد علماء الدين "كعملاء أمن" لدعم النظام على المجتمعات الدينية، وتأثيره على وجه الخصوص على احتدام الانقسامات الطائفية.

لم تكن أمننة الدين تعتبر أمراً مرغوباً فيه قبل الحرب السورية الحالية، لكن أزمة الشرعية التي مرت بها الدولة البعثية دفعت النظام إلى تبني نوع جديد من العلاقة مع الإسلام، عملت من خلالها على تجنيد علماء الدين كـ"عملاء أمن"

ما هي الآثار طويلة المدى لجهود الأسد لأمننة الدين؟ هل سيؤدي هذا المسار إلى تمكين أكبر لفصائل دينية معينة وتكامل أكثر تقارباً بين الدين وسلطة الدولة (كما رأينا، على سبيل المثال، في إيران)؟ أم هل ينتج عن هذا تقييد القطاع الديني بحيث يصبح رجال الدين خاضعين تماماً لسلطة الدولة؟

أسئلة تطرحها الدكتورة ريم تركماني، زميلة بحث بارزة في مشروع الشرعية والمواطنة في العالم العربي في LES، وتجيب عنها رهف الدغلي، محاضِرة في السياسة وتاريخ الشرق الأوسط في جامعة لانكستر وعضوة زميلة لمركز الدراسات السورية ضمن شبكة زمالته الدولية، من خلال بحث تقدمه في ندوة إلكترونية بعنوان "أمننة الدين كأداة للبقاء في الصراع السوري".

نظرية الأمننة وأمننة الدين في سوريا

في مرحلة ما بعد الحرب الباردة أصبحت "نظرية الأمننة" Securitization من أكثر النظريات تداولاً في الدراسات الأمنية والعلاقات الدولية، فقد أثبتت نهاية الحرب الباردة محدودية التصورات التقليدية المرتكزة على تصور واقعي لأمن الدولة، يتحقق بالقوة العسكرية، فمع بروز تهديدات جديدة صادرة في غالبها من داخل الدولة لم تعد القوة العسكرية وحدها تكفي.

وفي بحثها "مقدمة لنظرية الأمننة" (2018)، تشير الدكتورة كلارا إروخمانوف، مديرة برنامج العلاقات الدولية في جامعة ساوث بانك بلندن ومحاضرة في العلاقات الدولية، إلى أن نظرية الأمننة تظهر لنا أن سياسة الأمن القومي يتم تحديدها بعناية من قبل السياسيين وصناع القرار، الذين ينظرون إلى القضايا السياسية على أنها قضايا أمنية ملحة يجب التعامل معها بشكل عاجل.

وبالمثل، فقد لجأ النظام البعثي منذ استلامه للحكم في ​​سوريا إلى عدة استراتيجيات لفرض سلطته، تقوم بمجملها على القمع والأساليب غير الديمقراطية، غير أن أمننة الدين التي تطغى على الخطابات التي وجهها الرئيس بشار الأسد خلال الحرب السورية، تسعى إلى قمع من نوع آخر يستنبط الدعم الأيديولوجي بين الجماهير.تعمد الدغلي في تحليلها لهذه الخطابات إلى "نظرية الأمننة" كإطار رئيسي لهذا التحليل، لكنها لا توظف النظرية بمعناها المعتاد لوصف تشريع القوة ضد عدو معلوم، فالإجراءات القمعية كانت هي القاعدة في سوريا على الأقل منذ بداية نظام حافظ الأسد في 1970. غير أن النظرية تساعد في توضيح الطرق الجديدة التي يحشد بها النظام السوري دعماً لسياساته في السياق المتطور للصراع.

تركز الدغلي على تزايد استخدام الخطاب الديني الذي وظفه بشار الأسد لإعادة تشكيل العلاقة بين النظام وعلماء الدين السنة. كما تظهر كيف أكد الخطاب الرسمي للدولة، منذ بداية الحراك السوري في عام 2011، على الأبعاد الفعالة بين الدولة والمجتمع الديني، وبالتالي إيجاد طريقة يظهر بها العلماء على أنهم شخصيات سياسية.

يقدم النظام علاقة الدين بالأمن القومي في سوريا على اعتبار أنها بناء للواء وطني لتوحيد أطياف المجتمع السوري المختلفة ضد الدخلاء الخارجيين، وهذا ما يظهر دور الطائفية في إضفاء الشرعية على الحكم القومي البعثي وسط المعارضة الداخلية

وتعتقد أنه في حين وجد العديد من الباحثين في الأزمة السورية حرباً بديلة للهيمنة الجيوسياسية، ركز آخرون على دور الهيمنة المادية وأنظمة المحسوبية والخطابات القومية في مساعدة النظام على الحفاظ على سلطته، بينما لم تتعمق أي من هذه التحليلات في التركيز المتزايد على الانتماء الديني في خطاب بشار الأسد.

ولأن الصراع السوري كثف الجدل حول الطائفية كعامل مساهم في اندلاع العنف الإقليمي، أدى هذا أيضاً، حسب الدغلي إلى التركيز على الصورة الدولية للتحالفات الطائفية، وإهمال ارتباط الدين بالأمن القومي في الخطاب الرسمي كوسيلة لترسيخ السلطة داخل البلاد.

يقدم النظام علاقة الدين بالأمن القومي في سوريا على اعتبار أنها بناء للواء وطني لتوحيد أطياف المجتمع السوري المختلفة ضد الدخلاء الخارجيين، وهذا ما يظهر دور الطائفية في إضفاء الشرعية على الحكم القومي البعثي وسط المعارضة الداخلية. ومن هنا، ترى الدغلي أن "بقاء الأمة" ارتبط بمفهوم معين عن الإسلام الذي يجب حمايته من المعارضين وك"> مع تصاعد العنف في الأزمة، بدأ الأسد يؤكد باستمرار على الخطاب الديني ويربط الدولة بمفهوم "الإسلام المعتدل" الذي أصبح السمة المميزة لـ"لمواطنين السوريين الشرعيين"

مع ازدياد العنف في الصراع، بدأ الأسد يؤكد باستمرار على الخطاب الديني ويربط الدولة بمفهوم "الإسلام المعتدل" الذي أصبح السمة المميزة لـ"لمواطنين السوريين الشرعيين". وقد تجاوز هذا حدود العلاقة المتناقضة والمتذبذبة بين الدولة والسلطات الدينية المختلفة، ليصبح تجسيداً لانخراط النظام بشكل مباشر في الانقسامات العقائدية وفي التكوين الأيديولوجي لعلماء الدين.

ولهذا السبب يميز بحث الدغلي بين "الأمن القومي" المتمثل في حماية حدود الدولة من التهديدات العسكرية الخارجية، وبين "نظرية الأمننة" التي تعنى بالتضمين والإقصاء داخل المجتمع الواحد. وتلاحظ بأن الخطاب السياسي لنظام البعث أوجد تعريفاً جديداً "لأعداء الأمة" منذ عام 2011، يتمثل بالمواطنين المعارضين للنظام. وقد وظف الخطاب الديني ليميز في الظاهر بين الأشكال المرغوبة والخطرة من الإسلام كطريقة لتحديد هوية الأمة السورية وضمان بقائها، بينما يضمّن خطابه استخدام العقيدة كسلاح لمحاربة المعارضة السياسية والسيطرة على علماء الدين عبر إدماجهم في توجهات الدولة.

دور الدين بين الأسد الأب والابن

واجه الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد نقداً للطابع العلماني الذي اتسم به حزب البعث، وأيضاً بسبب تمركز السلطة بيد الأقلية الطائفية العلوية. وتذكر الدغلي، أن صياغة دستور 1973، كانت سبباً في تصاعد هذه الانتقادات لأن مسودة الدستور لم تتضمن الشرط التقليدي الذي ينص على أن يكون دين رئيس الدولة هو الإسلام.

 كانت الاستراتيجية الرئيسية للنظام على مدى العقود التالية هي خلق نسخة موحدة/ غير طائفية للإسلام في المدارس ووسائل الإعلام. وبالتالي إدارة علاقة الدولة بالأغلبية السنية والمساعدة في الحفاظ على الدعم الضئيل لزعماء السنة. إضافة إلى هذا، دعم حافظ الأسد الصوفية عبر الترويج للشيخ الصوفي أحمد كفتارو وتقوية دوره كمفتي سوريا.

وبذلك، ضمن النظام الولاء التام لكفتاروا، الذي يتمتع بشعبية لدى الطبقة الوسطى في الشارع الدمشقي، وحتى تعاونه مع أجهزة المخابرات. هذا التعاون والولاء سمح لمشايخ الصوفية بنشر تعاليمهم بحرية، مقابل دعمهم غير المشروط لنظام البعث.

بالمقابل، واجه الرئيس بشار الأسد، في بداية تسلمه للسلطة، عدداً من الأحداث التي زعزعت استقرار المنطقة كالغزو الأمريكي للعراق عام 2003، واغتيال رئيس الوزراء السابق (وحليف الأسد) رفيق الحريري في عام 2005. تشير الدغلي، هنا إلى ما يذكره توماس بيريت عن النقلة التي شهدها خطاب الأسد باتجاه التركيز على أهمية "الإيمان" منذ 2005، وعن سماح النظام البعثي بظهور الرموز الدينية في الاحتفالات الرسمية وإطلاق سلطة القيادة الدينية السنية.

لقد حابى بشار الأسد رجال الدين والنخب السنية الذين عرفوا بتوتر علاقاتهم مع النظام، لكن بالرغم من ذلك بقي علماء الدين يتمتعون بدرجة لا بأس بها من الاستقلال عن الدولة، حتى تغير هذا بعد بدء الحراك السوري في 2011.

الإسلام الصحيح

"لقد فتح الباب لكم كرجال دين معتدلين، تمثلون حقيقة الإسلام الشامي، لكي تتحركوا بين الشرائح المستهدفة من المواطنين وتتوجهوا بخطاب أكثر اعتدالاً وأقرب إلى الإسلام المعتدل".

الرئيس الأسد- 2014

ظهرت مع بداية الأزمة بنية متخيلة للأمة السورية مبنية على "الدين الصحيح"، ساهمت في تهميش المعارضين ونبذهم كشاذين عن هذا الدين. وتعتبر الدغلي أن الفترة ما بين 2014- 2019 التي شهدت دعماً عسكرياً للنظام من قبل الحليفين الروسي والإيراني، ما ساعدها على إحراز تقدم في الصراع، أثارت جدلاً حولا ما إذا كانت أمننة علماء الدين محورية في بقاء النظام. لكنها ترى أن الأسد لم يكتف بالسيطرة العسكرية، وإنما امتدت رغبته إلى ضمان الهيمنة الأيديولوجية والحصول على الولاء الشعبي لترسيخ حكمه.

تذرع الأسد في خطبه الرسمية بخذلان رموز الإسلام السني التقليدي لسوريا ونسب "أزمة أخلاقية" إليهم لتبرير وتطبيع العنف ضد المتظاهرين، مروجاً في الوقت نفسه لبديل أسماه "الإسلام الشامي" المعتدل الذي سيحقق استقرار الأمة

أدت الحرب إلى ترويج بديل، أعيد بناؤه هو "الإسلام المعتدل" أو "الإسلام الشامي" وربطه باستقرار الأمة والسلام والمصالحة الوطنية، وقد تم التذرع بـ"الغدر" المفترض للإسلام السني التقليدي و"أزمة أخلاقية" منسوبة إلى قادته لتبرير وتطبيع استخدام العنف ضد المتظاهرين. وبالمقابل، تم تصوير هذه النسخة من الإسلام المعتدل على أنها مستهدفة من قبل المعارضين السياسيين الذين وصّفهم النظام على أنهم "طائفيون" و"متشددون".

أشار عدد من الباحثين إلى هذه السياسة الجديدة أمثال لينا خطيب، توماس بيريت ورهف الدغلي، ونوهوا إلى أنها لم تدعم نظرة دينية محددة فقط، بل روجت لها كمكون أساسي للهوية الوطنية، وأمننت القطاع الديني بشكل جعله يتماهى مع الدولة.

وبالعودة إلى خطاب عام 2014، الذي ألقاه الأسد أمام مجموعة من العلماء ورجال الدين وأئمة المساجد والداعيات، خلال ذروة القتال في محافظة حلب، تجد الدغلي أنه يركز بشكل خاص على تشجيع زعماء الدين المحليين لتقديم الدعم الأيديولوجي للنظام والذي يعبر عنه بـ"نصرة الدين الصحيح".

وفي تحليلها للخطاب، تذكر أنه يهدف إلى توصيف الأزمة السورية على أنها صراع طائفي، وإلى تبني فكر إسلامي قومي محدد، وأمننة الدين وربطه بالوطنية على اعتبار أن معارضة الدولة هي معارضة للإسلام نفسه. ولعل أكثر ما يبرز في الخطاب هو تأكيده على توطيد شراكة الدولة والقطاع الديني لمواجهة الحرب مستنداً إلى ذريعة "الطبيعة الطائفية للصراع" ونظراً لأن هدف المعارضة هو تفتيت الإسلام والوحدة الإسلامية في العالم ككل.

ودور العلماء، بحسب الخطاب، يتجسد بالحؤول حصول هذه التفرقة بين المسلمين، خاصةً وأن الأزمة كشفت حقيقة رجال الدين: "لقد سمحت لنا الأزمة أن نميز بين العالِم الوطني والعالِم غير الوطني، العالِم المعتدل، والعالِم المتطرف".

بالنسبة لحزب البعث الذي لطالما أكد على ثوابته العلمانية، تقول الدغلي، فإن هذه النزعة تظهر نقلة نوعية في سياسة الحزب تربط بين غايات الدولة وغايات الدين، وتوظف الدين لتحقيق هذه الغايات أيديولوجياً.

الشرعية والاستقرار

"كل الحرب كانت تستهدف أي فكر عقائدي مهما كان... بعد سبع سنوات من التضحيات لا يمكن أن نفكر ولو لثانية واحدة أن نقدم أي تنازل يتعلق بموضوع العقيدة والانتماء القومي لسوريا، خاصة لأعين حثالات القرن الواحد والعشرين من الإخونجية وربيبتهم داعش وربيبتهم النصرة".

من خطاب الرئيس السوري بشار الأسد لعام 2017 

مع استمرار الأزمة في سوريا في السنوات اللاحقة، تمكن النظام من تحقيق استقرار عسكري نسبي، وتقليص التهديد المادي المباشر لقوته، وخلال هذه الفترة تابع النظام اعتماده على الدين لخلق شرعيته وتحقيق الاستقرار الاجتماعي في الشارع.

وكخطاب عام 2014، في خطابه لعام 2017، تشير الدغلي، يعيد الأسد التدليل على علاقة الدين الصحيح بالوطنية، دون مرور ما يستحق الذكر بخصوص الخطر الإسرائيلي والأمريكي. غير أنه يشير إلى الدور الجديد الذي يتبناه البعث في حماية الإسلام من المهرطقين والمعارضين.

والجديد في هذا الخطاب هو قيام الأسد بتحقيق الدور الأمني للدين خارج إطار الخطاب وحده وبمبادرات عملية. تجسد هذا بتأسيس مؤسسة دينية جديدة مدعومة من الدولة سميت لاحقاً بجمعية "العلماء الشباب". والهدف المعلن لها هو تحديث الدين والدعوة بطريقة تقلص في واقعها من القوى السنية الموجودة.

وكما وضح الأسد في خطابه، فإن تأسيس هذه الجمعية سيساعد على الترويج للوطنية الدينية وإدخال هؤلاء العلماء الشباب في أجهزة الدولة، ليأخذوا على عاتقهم مهمة نشر "الإسلام الشامي" والقضاء على أيديولوجية المعارضة. وبهذا، بحسب الدغلي، يكون نظام البعث قد انتقل من نهجه المعتمد ما قبل 2011 وهو محاباة ذوي الشعبية من رجال الدين مثل الشيخ كفتارو، إلى تأسيس مؤسسات دينية تمثل تياره السياسي، وخطاب رئيسه الرسمي، وتتألف من رجال دين غير معروفين من الشباب ما يتيح بسط سيطرته عليهم وتحريكهم لصالحه بسهولة. وقد بدأ بذلك فعلاً، تضيف الدغلي، عندما "ألمح بشكل خاطف إلى أن الدين يحرّم رسمياً التظاهر ضد الدولة ومعارضة الحاكم".

يأتي هذا برأي الدغلي بعد خيبة أمله من علماء السنة ذوي الشعبية لانقلابهم على النظام أمثال أسامة الرفاعي ومحمد راتب النابلسي، فاحتاج لاستبدالهم بعلماء شباب يكونون وسيطاً لنشر رؤية الأسد عن الإيمان الصحيح والإسلام الوطني الذي يتضمن التماهي مع سياسات الدولة.

وفي النهاية، تبقى مهمة التحقيق في تأثير الأيديولوجية التي عمل النظام على نشرها طوال فترة الأزمة على وعي المواطنين وتعديل نظرتهم لدور الدين في الدولة، هي مهمة الباحثين الإثنوغرافيين. فدون إجراء دراسة معمقة للشارع السوري، لا يمكن معرفة ما إذا كانت جهود النظام البعثي لأمننة الدين قد خلفت آثاراً طويلة الأمد في الذهنية الشعبية، أو ما إذا كان هذا المسار يمضي في طريقه إلى إطلاق سلطات لفصائل دينية معينة تدعمها الدولة ليحدث التقارب بين الدين والسلطة كما حدث في النموذج الإيراني.

اجمالي القراءات 404