صباحي يخرج عن صمته وتحذير من الانفجار.. هل حرّك 20 سبتمبر مياه السياسة الراكدة بمصر؟

في الأحد ٠٤ - أكتوبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

يبدو أن مظاهرات الأسبوعين الماضيين حرّكت بعضا من مياه السياسية الراكدة في مصر، حيث سمع المصريون أخيرا صوت بعض السياسيين الذين صمتوا طويلا، كما عادت أحزاب وحركات سياسية للتعليق على الأحداث ومطالبة السلطات باحترام الدستور والقانون.

وعلى مدى أسبوعين منذ 20 سبتمبر/أيلول الماضي، خرجت مظاهرات شعبية في قرى عدة وعلى أطراف القاهرة، تندد بسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي وتطالبه بالرحيل، وذلك استجابة لدعوة الممثل والمقاول محمد علي التي تفاعل معها ناشطون ومعارضون.

وواجهت الأجهزة الأمنية تلك المظاهرة بقبضة مشددة واعتقلت العشرات، كما قتلت شخصين آخرهما عويس الراوي في صعيد مصر، والذي أصبح أيقونة لهذا الحراك بعد تداول روايات عن رفضه إهانة والده من قبل الشرطة، بينما قال آخرون إنه رفض اعتقال أخيه لتنتهي حياته برصاص ضباط شرطة.

مأساة عويس الراوي دفعت المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي إلى انتقاد السلطات المصرية بشكل حاد، محذرا من الانفجار القادم، وهو الانفجار الذي حذّر منه أيضا الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لكنه عبّر عنه بلفظ "الاشتعال".

انتقادات صباحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي تأتي بعد انتقادات مشابهة بدأها حزب الدستور الأسبوع الماضي، حيث دعا نظام السيسي إلى الإنصات لمطالب الشعب، وبعدها تضامنت حركة الاشتراكيين الثوريين مع المظاهرات وطالبت بالإفراج عن المعتقلين، وهو ما أعلنه أيضا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.

وبات عويس الراوي أيقونة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت وسوم باسمه منها "شهيد الكرامة" و"كلنا عويس الراوي"، تمجّد انتفاضه ضد الانتقاص من كرامة والده، وتعتبره شهيدا يجب على المصريين أن يحذو حذوه.

بدوره طالب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بالإفراج عن معتقلي الكلمة والرأي، ووقف أي انتهاكات قانونية تجاه المواطنين، مؤكدا أن هذا يحمي الوطن ويدعم الدولة بحق.

وقال الحزب إنه تابع ما تردد من أنباء حول حادث وفاة المواطن عويس الراوي في قرية العوامية بالأقصر، وإن هذه الواقعة التي تحمل استهانة كبيرة بأرواح المواطنين وكرامتهم وحقوقهم القانونية فضلا عن الصمت والتعتيم عليها، تنذر بعواقب وخيمة على المجتمع أهمها تفشي مظاهر السخط والغضب وفقدان الثقة في العدالة وفي حساب المخطئين والمساواة بين المواطنين.

الحزب الذي يفترض أنه في صف المعارضة لكنه يشارك في الانتخابات القادمة ضمن قائمة تحت مظلة السلطة، أضاف -عبر بيان شديد اللهجة- "إذا كنا متفقين على أن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية لا تسمح لبلدنا بتحمل هزة جديدة، فالمسؤولية في تجنب هذه الهزة مشتركة بين المواطن والمسؤول، وليست مسؤولية المواطن وحده".

وقال البيان إنه ينبغي أن نتذكر جميعا أن مثل هذه الممارسات في عهد مبارك قد أدت إلى شرخ استمر في الاتساع بين الناس والسلطات، مما أفضى إلى بؤر توتر استمرت في الزيادة والاشتعال ووصلت ذروتها مع مقتل خالد سعيد وانفجار ثورة 25 يناير.

وأكد أن تواتر الأحداث في الأسابيع الماضية يقتضي العمل من أجل احتواء هذه الاحتجاجات، وتخفيف استفزاز مشاعر الناس وإهدار كرامتهم، بدلا من دفع الأمور للاشتعال، وذلك من خلال السعي الحقيقي لإرساء أبسط قواعد العدالة القانونية، وفتح المجال بحق أمام الحوار الجاد والتعبير عن وجهات النظر المختلفة.

تهدئة أمنية

وفي هذا السياق، كشفت مصادر محلية في قرية العوامية بمدينة الأقصر عن توصل قيادات أمنية إلى اتفاق تهدئة مع الأهالي الغاضبين على مقتل الراوي.

وبحسب مراسل الجزيرة نت عبد الله حامد، فإن الاتفاق يقضي بإحالة الضابط قاتل الراوي لمحاكمة عاجلة، والإفراج عن كل المعتقلين في الاشتباكات الأخيرة مع الشرطة، مقابل عدم خروج الأهالي للتظاهر مجددا وهو ما قد يفضي لاشتباكات جديدة.

وأضافت المصادر للجزيرة نت أن خلافا نشب بين الضباط المشاركين في حملة نُفذت مؤخرا على القرية لاعتقال متظاهرين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة ضد النظام، وجرى تلاسن بين الضباط عقب قيام الرائد "أ ل ع" بقتل الراوي.

وفي التفاصيل التي أوردها المصدر القريب من الأسرة، انسحبت قوة الاعتقال من القرية عقب احتجاز الأهالي أفرادا من الشرطة لحين تسليم الضابط القاتل، فطالبهم والد القتيل بإطلاق سراحهم "لأنهم بلا ذنب"، وخصوصا أن الشرطة وافقت حينئذ على تشييع جثمان ابنه من القرية لا من المستشفى.

وأكد المصدر -الذي رفض ذكر اسمه- أن الوضع قابل للانفجار في أي لحظة رغم الاتفاق الهش بين الجانبين، وذلك في حال أخلّت أجهزة الأمن باتفاقها مع الأهالي المحاصرين داخل القرية بحشود من قوات الأمن المركزي.

احتقان شعبي

وقال مصدر -رفض ذكر اسمه- يعمل في مدينة الأقصر إن هناك حالة من الاحتقان تسود أهالي المدينة، وسط سيطرة أمنية زائدة على المدينة الأهم أثريا في العالم.

والملاحظ -بحسب المصدر- أن أجهزة الأمن تحاول استمالة القيادات الشعبية في المحافظة، وكبار رؤوس العائلات لتحقيق استقرار أمني نسبي، مع وعد لهم بمكاسب سياسية في القريب العاجل، مما دفع عددا من القيادات الشعبية والبرلمانيين المنتسبين للأقصر إلى النشاط وسط الأهالي والتواصل معهم لامتصاص الغضب المحتقن.

وبحسب حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، فقد أحالت النيابة الضابط القاتل للمحاكمة أمس وقررت حبسه على ذمة التحقيق، غير أنه لم يصدر بيان رسمي بعد عن النيابة بشأن الواقعة، بينما حذفت عدة مواقع رسمية بيانا لوزارة الداخلية بشأن الحادث عقب نشره بدقائق.

اجمالي القراءات 491