اختلاق أم استغلال؟.. هكذا أنقذت سيدة القطار السيسي مؤقتا

في الأحد ١٣ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

مع تصاعد غضب المصريين تجاه توسّع السلطات في هدم منازلهم بدعوى مخالفة اشتراطات البناء، خرجت احتجاجات عدة وتصدى أهالي لقوات الشرطة ونجح بعضهم في منع تنفيذ الهدم، وشهدت مناطق عدة هتافات سياسية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتزامن ذلك مع دعوات للتظاهر والمطالبة برحيل السيسي.

لكن فجأة هدأ غضب الشارع نسبيا بسبب ما تقول الحكومة إنها إجراءات خففت من الاحتقان الشعبي، في حين يقول آخرون إنه بسبب محاولات التفافية من قبل السلطة عبر التصعيد الإعلامي لقضايا أخرى، على رأسها ما بات يعرف بـ"سيدة القطار".

وقبل يومين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع فيديو لسيدة مصرية تدافع عن جندي في الجيش داخل القطار، حيث دفعت له ثمن التذكرة بعدما أصر مسؤول القطار على إنزاله وتحدث إليه بفظاظة.

واشتعلت مواقع التواصل ومن بعدها وسائل الإعلام إشادة بالسيدة ومهاجمة مسؤول القطار، ليتحوّل الأمر إلى ما يشبه مسابقة في الوطنية وحب الجيش، وباتت السيدة المصرية ضيفا على مدار الساعة في معظم وسائل الإعلام.

المثير أن الأمر انتقل سريعا بشكل لافت من الإعلام إلى السلطات المصرية، حيث اتصل بالسيدة وزير النقل، كما تسلمت هدية من رئاسة الجمهورية، وتم تعينها عضوا بالمجلس القومي للمرأة، فضلا عن سيل من التهنئة والإشادة من المسؤولين التنفيذيين والمحليين.

واختُتم المشهد بإشادة رسمية من القوات المسلحة المصرية بالسيدة التي دافعت عن "شرف البدلة العسكرية"، فضلا عن تكريمها من قبل وزير الدفاع مع الجندي بطل الواقعة.

وفي هذه الأثناء ومع فيض المشاعر المتدفقة إعلاميا، قررت الحكومة المصرية تعديل بعض إجراءات التصالح في مخالفات البناء، لتشمل تخفيض قيمة التصالح والاكتفاء بتقدم طلب التصالح حاليا واستكمال الأوراق المطلوبة لاحقا، بما يمنح أصحاب العقارات المخالفة فرصة لتجاوز موعد تنفيذ الهدم نهاية الشهر الجاري.

في المقابل يتهم نشطاء ومعارضون السلطات المصرية إما باختلاق واقعة سيدة القطار، وإما باستغلالها لامتصاص غضب المصريين والالتفاف على مطالبهم التي تصاعدت من مجرد مراجعة قرارات الهدم إلى رحيل السيسي نفسه.ودلّل أصحاب تلك النظرية على صحة شكوكهم بأمور عدة، أبرزها تدني قيمة التذكرة البالغة 22 جنيها (الدولار نحو 16 جنيها)، كما أن بطل تصوير الواقعة هو مسؤول في حزب السلطة الرسمي "مستقبل وطن"، إذ إنه يفتخر علنا بعلاقته بأجهزة المخابرات وينشر على حسابه في فيسبوك صورته أمام شعار المخابرات العامة، وتداول نشطاء أيضا صورا من صفحته تحمل تهنئة من مديري المخابرات الحربية سابقا "عبد الفتاح السيسي وفريد التهامي".

 

 

 

 

وقال آخرون إن الجنود في الجيش المصري يحملون بالأساس بطاقة مجانية لاستخدام المواصلات العامة، كما تساءل بعضهم عن سر تصوير الواقعة بأريحية دون أن يعترض أحد من مسؤولي القطار، ولماذا لم يدفع مسؤول الحزب الحكومي ثمن التذكرة بدلا من الاكتفاء بالتصوير؟

واستدل مغردون على شكوكهم بالحملة الرسمية لتكريم السيدة ومعاقبة مسؤول القطار، في الوقت الذي شهدت فيه مصر وقائع مماثلة كان موقف الحكومة على العكس تماما، حيث أجبر مسؤول قطار العام الماضي أحد الباعة الجائلين على القفز من القطار أثناء تحركه لعدم امتلاكه ثمن التذكرة، مما أدى إلى وفاته.

 

كما أعاد آخرون تداول مقطع فيديو لوزير النقل أثناء رفضه ركوب سيدة بالمجان، رغم أنها تحمل ابنها المريض بالسرطان، فضلا عن فيديو آخر للوزير نفسه يشدد على مسؤولي القطارات عدم التهاون في تحصيل التذاكر، مهددا بفصلهم إذا اقتضى الأمر.

 

وخلص نشطاء في النهاية إلى أن الواقعة، سواء كانت مختلقة أو تم استغلالها، نجحت في لفت أنظار المصريين عن أزمة هدم المنازل، وبالتالي تهدئة الغضب المتصاعد، حيث تم استدرار عواطف المصريين الجياشة تجاه الجيش الذي يمثله المجند "المسكين"، ومن ورائه السلطات الحكومية وبالطبع على رأسها السيسي نفسه.

 

 

 

 
اجمالي القراءات 1117