الإفتاء المصرية: مقاومة السلطة في هدم المنازل إرجاف في الأرض

في السبت ١٢ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

دخلت دار الإفتاء المصرية، على خط أزمة إزالة الأبنية، التي تعتبرها السلطاتت مخالفة، في البلاد، معتبرة أن مقاومة الجهات المعنية فيه "إرجافٌ واعتداءٌ وتفويتٌ للمصلحة العامة".

جاء ذلك، في فتوى، أصدرتها، الجمعة، ردا على ما أسمته تدوينة لأحد أعضاء الجماعات الإرهابية التي حرض فيها على مقاومة السلطات المصرية التي تقوم بتنفيذ حملات الإزالة للمباني المخالفة.

وأشاردت دار الإفتاء، إلى أنه "لا يُعَدُّ الموت في سبيل ذلك مِن الشهادة في شيء، فالشهيد هو: مَنْ قُتِل أثناء دفاعه عن بيته الذي يريد أن يُؤخَذ منه ظلمًا وعدوانًا، وليست الشهادة في إهلاك النفس جراء الوقوف في إزالة التعديات على أراضي الدولة بالبناء المخالف فيها".

وأوضحت دار الإفتاء، في فتواها، أن مَن يزعم أنَّ ما تقوم به الدولة هو "اعتداء"، هو زَعْمٌ "مقلوبٌ وكَذِب وافتراء"، لأنَّ الاعتداء حاصلٌ ومُتحقَّق فيمَن سَمَح لنفسه حيازة وإشغال أرضٍ لا يملكها، وهو يعد من قبيل الاعتداء على الحقوق الذي حَرَّمه الشرع مطلقًا.

ولفتت دار الإفتاء، إلى أن "الاستيلاء على الأرض وحيازتها عن طريق ما يُسمَّى بوضع اليد دون إذنٍ أو تصريحٍ أو ترخيصٍ؛ يُعدُّ اغتصابًا لها بغير حق، وهذا محرم، سواء كانت الأرض يمتلكها شخص بعينه، أو تمتلكها الدولة؛ بل يزداد الأمر جُرْمًا حال اغتصاب أرض ملك الدولة؛ لكونه اعتداء على المصلحة العامة التي لا يرعاها ويحافظ عليها إلا الدولة".

 

 

وأضافت دار الإفتاء، أن ادعاء أنَّ الدولة بأجهزتها هي المعتدية بإزالة الأبنية المخالفة "لا حقيقة له كما يُرَوِّج الإرهابيون"، وينبني على ذلك أنَّ مقاومة تلك الجهات المعنية بتنفيذ الأحكام الصادرة بحق الأبنية المخالفة باستهداف القوة الأمنية ومعداتها؛ يعد تعديًّا صارخًا على ما خُوِّلوا شرعًا وقانونًا بعمله؛ وهو في الحقيقة فعلٌ يشتمل على إرجافٍ واعتداءٍ.

وأشارت الفتوى، إلى أن الاستدلال بحديث الصحيحين: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"، على صحة مقاومة جهات تنفيذ إزالة الأبنية المخالفة ولو أَدَّت المقاومة للقتل، هو "استدلال فاسدٌ لا يستقيم".

ولفتت إلى أن "الحديث واردٌ في الصائل على المال، يَدْفَعه المصول عليه فيُقْتل"، وهذا المعنى يُوضِّحه بعض روايات الحديث الأخرى؛ والتي منها رواية الإمام أحمد والترمذي وأبي داود: "مَن أريد ماله بغير حق فقاتَل فقُتِل فهو شهيد".

وشرحت بالقول: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، أي: مَن قُتِل وهو يدافع عن ماله الذي يريد أن يأخذه منه شخص ظلمًا وعدوانًا دون وجه حق، وليس المراد كما يُرَوِّج هؤلاء المتطرفون بأن يقف الشخص الذي شيَّد بناءً أو منزلًا مخالفًا للقانون أمام جهات تنفيذ الإزالة".

وتابعت دار الإفتاء: "أما الاعتداء الحاصل في مقاومة تلك الجهات؛ فيَكْمُن في أنَّ هذه المقاومة قد تصيب أفراد القوة الأمنية أو تتلف معداتها؛ إضافةً لموضوع الإزالة نفسه والذي فيه اعتداء بوضع اليد على ما لا يملكه الشخص، أو تصرفه فيما لا يملك بغير إذنٍ على وجهٍ يَترتَّب عليه تَعطُّل انتفاع المالك الحقيقي، والذي هو الدولة هنا".

 

 

وأهابت دار الإفتاء، في ختام فتواها، جموع أبناء المجتمع بتوافر جهودهم والتفافهم حول التعليمات الرسمية للدولة، وترك الحجج والأعذار والمغالطات التي تروجها الجماعات المتطرفة الساعية لهدم الأوطان وزعزعة الاستقرار في البلاد.

وصدر مؤخرا بمصر، قانون تصالح على مخالفات البناء بأثر رجعي، وهو قانون تبناه الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، ودعمه بشدة، وهدد بنزول الجيش لتنفيذه.

وكثيرا ما يؤكد رئيس الوزراء المصري "مصطفى مدبولي" على إصرار الدولة على ما سماه "استرداد حقها" وتسوية أوضاع المخالفات التي تمت على مدار السنوات الماضية، طبقا لقانون التصالح فى بعض مخالفات البناء.

ووفق تقرير حكومي، يصل عدد العقارات المخالفة إلى 2.8 مليون، والأدوار المخالفة إلى 396 ألفا و87، والوحدات المخالفة إلى قرابة 20 مليونا.

القانون أثار جدلًا بسيطًا لدى صدوره، فلم يعد هناك في مصر من يستطيع الاعتراض، لكن قانون التصالح هو في الحقيقة قانون إزالة؛ فالمبالغ التي سيتم التصالح عليها كبيرة جدًّا، ولا يستطيعها غالبية المصريين، ناهيك أنهم كانوا قد دفعوا "إكراميات" لقاء السماح لهم بالبناء.

اجمالي القراءات 472