تشنها دول الجوار".. حرب مياه خطيرة تهدد العراق

في الثلاثاء ٢٥ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

يعتمد طارق، 33 عاما، على مياه نهر الزاب في العراق بشكل شبه كامل لري مزروعاته وسقي مواشيه، لكنه يكتفي الآن بتأمل الساقية الجافة التي تخترق أرضه، ومزروعاته التي تصفّر من العطش.

حال طارق يشبه ظروف كثيرين من مزارعي كركوك وديالى وأربيل، بعد قرار إيران قطع مياه النهر الذي يعتمدون عليه.

وأعلنت وزارة الموارد المائية العراقية أن إيران قطعت بشكل كامل للمياه في نهري سيروان والزاب الأسفل "مما أثر بشكل واضح على كافة القرى والمزارعين الواقعين على حوض النهرين وسيؤثر حتما على الخزين المتواضع في سدي دوكان ودربندخان".

وقال بيان للوزارة إن "الجارة إيران قامت بتحويل جزء من مياه نهر الزاب إلى بحيرة أورومية، وكذلك تحويل جزء من مياه نهر سيروان عن طريق نفق موسود إلى مشاريع إروائية في مناطق كرمنشاه وسربيل زهاب ضمن حوض نهر الكرخة".

هناك ترك أبناء عم طارق أرضهم لتتحول إلى صحراء جافة، بعد أن كانت مغطاة ببساتين النخيل والبرتقال بسبب نقص المياه المستمر منذ سنوات، ويعمل بعضهم الآن في مجال النظافة في بعقوبة مقابل نحو 8 دولارات في اليوم.

لكن مزرعة طارق كانت أقرب إلى النهر ما مكنها من النجاة، حتى قررت إيران قطع واردات المياه القادمة من مدينة سربل زهاب الحدودية، والتي يعتمد عليها في الري.

يقول طارق لموقع "الحرة" إن "أبقاره الثلاث وأغنامه مهددة بالعطش والجوع بعد قطع مياه النهر، كما أنها مهددة بالمرض بسبب ملوحة مياه الآبار التي يحاول من خلالها التعويض عن نقص المياه".

وحذرت الوزارة من أن هذه "المخالفة الصريحة للقوانين الدولية" تلحق الضرر بالمزارعين، وستتضرر جراءها مناطق حوض ديالى وحوض الزاب الأسفل وكركوك وحتى جنوب العراق وشريحة واسعة من المواطنين في إقليم كردستان ومحافظتي كركوك وديالى وكافة الواقعين على حوض الزاب الأسفل.

وقال "أبو مؤيد" وهو أحد وجهاء خانقين، لموقع "الحرة" إن "المزارعين قد ينزحون من مناطقهم نتيجة الجفاف المتوقع وموت المحاصيل"، مضيفا أن "ديالى تعاني أساسا من مشكلة نزوح كبيرة بسبب داعش، كما إن التنظيم لا يزال ينشط بشكل كبير في هذه المناطق، وسبب مشكلة اقتصادية وأمنية واجتماعية مستمرة منذ نحو 10 سنوات".

وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، عوني ذياب إن الوزارة طلبت من إيران إعادة الواردات المائية إلى ما كانت عليه، معربا في حديث لوكالة الأنباء العراقية الرسمية "عن أمله في أن تتحرك الخارجية العراقية بهذا الاتجاه".

ولم يتحدث ذياب عن رد من طرف إيران على طلبه.

وأوضح: "حتى الآن لا توجد حصص متفق عليها، إلا أنه هناك واردا طبيعيا للنهر مسجلا ضمن المعدلات التي تصل سنويا، ويجب عدم المساس به".

وتعمد إيران، منذ 3 سنوات على الأقل، إلى خفض تدفق مياه الأنهر المتجهة إلى العراق أو قطعها بالكامل خلال فصل الصيف، وهو ما يتسبب بضرر للمحاصيل الزراعية ونقص في المياه الخام لمحطات التصفية.

وأثار قطع المياه استياء الكثير من العراقيين الذين انتقدوا تصرفات إيران، وربطوها بزيارة الكاظمي للولايات المتحدة التي حصلت بالتزامن مع القطع.

وقال محللون وصحفيون تحدثوا لموقع "الحرة" إن "تزامن قطع المياه مع زيارة الكاظمي وإعلان الولايات المتحدة العودة لفرض عقوبات مشددة على إيران هو أمر غريب".

وقال الصحفي، سلام رضوان، لموقع "الحرة" إن إيران "بدت وكأنها توحي بأنها تعاقب العراق لأنها لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة بشكل مباشر".

وحذر  نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب العراقي، منصور البعيجي، من أن "دول الجوار تشن حرب مياه على بلدنا من خلال قطع حصة العراق المائية بشكل كبير، وهذا الأمر يضر بشكل غير طبيعي وغير مسبوق بأراضينا ومزارعينا بصورة كبيرة جدا".

وأضاف، أن "ما يحصل من استقطاع لحصة العراق المائية أمر خطير جدا، وسيضر بالزراعة بشكل، وسيؤدي إلى كارثة".

وليست إيران وحدها من يقطع المياه عن الأراضي العراقية، إذ أن تركيا قللت الواردات المائية القادمة للعراق بمعدل 50 بالمئة، بحسب وزارة الموارد المائية العراقية.

وقال وزير الموارد المائية العراقي، مهدي الحمداني، لوكالة أسوشيتد برس، منتصف يوليو الماضي إن "متوسط قياسات التدفق من الحدود مع تركيا في شمال العراق كان أقل بنسبة 50 بالمائة هذا العام، كما شهد هذا العام أيضا تراجعا في هطول الأمطار السنوي بنسبة 50 بالمائة مقارنة بالعام الماضي".

وتقدر الوزارة إن العراق سيواجه نقصا بحوالي 10.5 مليار متر مكعب من المياه بحلول 2035، بسبب تداعيات تغير المناخ فضلا عن مشروعات كهرومائية مستقبلية في تركيا.

وتسبب البدء في تشغيل سد أليسو التركي، منتصف مايو الماضي، بتقليل التدفق في نهر دجلة بحوالي النصف.

اجمالي القراءات 507