في ذكرى وفاة أحمد خالد توفيق .. هل تنبأ العرّاب بجائحة كورونا؟

في السبت ٠٤ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

تحل هذا الشهر الذكرى الثانية لوفاة الكاتب المصري أحمد خالد توفيق، الملقب بالعرّاب، والذي وافته المنية بأزمة قلبية مفاجئة في مستشفي بالقاهرة عن عمر يناهز 56 في 2 أبريل/نيسان 2018.

ويترقب الملايين من محبي العراب في العالم العربي ومتابعي شبكة نتفليكس مسلسل "ما وراء الطبيعة"، أول إنتاج مصري للشبكة الأميركية العالمية والمأخوذ عن سلسلة القصص الشهيرة التي اشتهر بها توفيق، ويلعب بطولتها الممثل أحمد أمين، في دور الطبيب رفعت إسماعيل الذي يبحث عن أسرار خارقة وتطارده الأشباح والأساطير.

وظل تحويل سلسلة القصص إلى عمل درامي حلما يراود خيال العرّاب زمنا طويلا، منذ قرر المنتج محمد حفظي والمخرج الشاب عمرو سلامة الحصول على حقوق السلسلة قبل أعوام طويلة، وتعثر المشروع طويلا قبل أن يجد طريقه لشبكة نتفليكس التي أعلنت عن إنتاجها المصري الأول في الصيف الماضي.

وقد توقف تصوير المسلسل أخيرا قبل أيام قليلة من نهايته، بسبب أزمة تفشي جائحة كورونا في العالم، مع آمال بألا يعطل ذلك ظهور المشروع قريبا للنور.

وقد نشر مخرج المسلسل عمرو سلامة على فيسبوك أخيرا صفحة المسلسل على نتفليكس، كاتبا "في وقت أحسبه ليس بعيدًا سيتحقق الحلم".

الطب محركا لقصصه
وقد ألقت مهنة العراب كطبيب وأستاذ جامعي بظلها على سلاسل قصصه، ففي "ما وراء الطبيعة" البطل رفعت إسماعيل أستاذ جامعي لأمراض الدم، وفي سلسلة "سافاري"، يروي العراب مغامرات الطبيب الشاب علاء عبد العظيم في وحدة طبية دولية في الكاميرون، ليعالج المرضى من أوبئة القارة السمراء، وقد استفاد العراب من خبراته كأستاذ جامعي حاصل على درجة الدكتوراة في طب المناطق الحارة، ليبدع لنا عشرات القصص المختلفة عن المرض والأوبئة في أفريقيا عبر قصص "سافاري".

ومع بدء تفشي فيروس كورونا في الصين، تداول محبو العراب مقاطع قديمة من مقالات وقصص سابقة له، تحدث فيها عن الوباء المنتظر والخطر القادم ليهدد البشرية.

ويرى الكثيرون أن شخصية "رفعت إسماعيل" هي الأقرب إلى شخصية توفيق، بسخريته الدائمة وتشاؤمه الدائم وحبّه للوحدة وابتعاده عن المناسبات الاجتماعية، وكذلك شغفه بالطب وممارسته لمهنة الأستاذ الجامعي.

الوباء المنتظر
في العدد الأربعين من سلسلة سافاري بعنوان "عن الطيور نحكي"، يتحدث العراب عن مرض غامض يصيب صديق البطل التونسي، وتشير الأدلة لارتباط المرض بالدجاج، لينتقل لنا ويقدم جرعة مكثفة عن فيروسات إنفلونزا الطيور وإنفلونوا الخنازير.

ويحكي العراب أن فيروسات الطيور تصيب الخنازير، لتتطور وتكتسب قدرات أخطر، حيث تختلط صفات فيروسي الدجاجة والخنزير، ليصنعا فيروسا جديدا ممتازا ينتقل من الخنزير إلى الإنسان.

وتنبأ العراب أن المكان المتوقع ليبدأ مثل هذا الوباء هو الصين، فيقول "أين يجتمع الخنزير والدجاجة؟ طبعا عند كل فلاح صيني، كل فلاح صيني يخفي في حظيرته مختبرا خطيرا للتجارب البيولوجية، وفي هذه الحظيرة تنشأ أنواع فيروسات فريدة لم نسمع عنها من قبل، ولهذا لا نسمع عن أوبئة الإنفلونزا المريعة إلا من جنوب شرق آسيا حتى صار للفظة (إنفلونزا آسيوية) رنين يذكرنا بلفظة طاعون".ويؤكد العراب أن الكابوس الذي يطارد علماء الفيروسات أن يعود وباء الإنفلونزا الإسبانية الذي فتك بثلاثين مليونا من البشر عام 1918، أي أكثر من ضحايا الحرب العالمية الأولى، وعمليا لم ينج إنسان على ظهر الكرة الأرضية من الإصابة به سواء كانت شديدة أو خفيفة، قاتلة أو غير قاتلة.

وتحكي القصة عن صعوبة تكوين لقاح لفيروسات الإنفلونزا، لكن علماء البيولوجيا الجزيئية يبحثون عن الجزء الثابت في تركيب الفيروس ليصنعوا له لقاحا.

ويكتب العراب في نهاية القصة أن "الوباء الحقيقي المرعب قادم لا شك فيه.. سيبدأ من مكان ما في الصين أو (هونغ كونغ).. ساعتها لن يك"box-sizing: border-box;" /> وفي مقال ساخر بعنوان "وفاة فيروس" ضمن كتابه "شربة الحاج داود" المنشور عام 2014، يتحدث العراب بأسلوبه المازج بين العلم والطرافة عن سيناريو تخيلي لوصول فيروس كورونا لمصر، والمصير الذي سيلقاه هناك، وهو مقال تداوله البعض على مواقع التواصل الاجتماعي أخيرا.

ويصف محاولات الفيروس لينجو بنفسه في مصر، متخيلا معاناة الفيروس وسط ظروف المعيشة الصعبة في مصر، بين زحام قاتل وأغذية مسرطنة وأدخنة سامة.

وكتب قائلا "لاحظ أشياء عديدة فى جسم من حاول أن يصيبهم.. هناك الكثير جدًا من دخان العادم ودخان السجائر ودخان الشيشة والغاز المسيل للدموع.. هؤلاء القوم يتنفسون الهواء دخانًا، والجو ملوث بشكل لا يوصف.. لقد أصيب الفيروس بالربو ولم يعد يستطيع التقاط أنفاسه.. يحتاج لجلسة استنشاق.. حاول أن يحتمي في أعلى الجهاز الهضمي، لكنه فوجئ بكميات من اللبن المخلوط بالسيراميك واللحم منتهي الصلاحية، والزيتون الأسود المطلي بالورنيش، والجبن المحفوظ بالفورمالين، ثم غرق في ماء المجاري العطن، عرف أنها مياه معدنية ابتاعها صاحب الجسد ليشرب ماء نقيا غير عالم أنها مملوءة من الحنفية".

وينتهي المقال بسر انتهاء الفيروس في مصر، وهو الحر الرهيب، وارتفاع درجة الحرارة بشكل غير مسبوق، كاتبا "بعد قليل عرف أن وعيه ينسحب، الحياة تتسرب منه، سقط، لقد قضت مصر على الفيروس، كما ترى أنا مطمئن، هذا الفيروس الرقيق الواهن سوف يصاب بالتسمم ويموت، فلا مكان له في مصر، لا داعي للقلق".

وبالفعل يأمل الملايين في مصر والعالم أن تلعب درجة الحرارة بالصيف دورا كبيرا في إيقاف تفشي الفيروس القاتل، لعل نبوءة العراب تصدق وينتهي الوباء قريبا. 

نبوءة يوتوبيا
وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها محبو العراب لأدبه، لمحاولة البحث عن نبوءاته ورؤيته الخاصة للمستقبل، حيث تداول كثيرون مقاطع من روايته الشهيرة "يوتوبيا" (2008)، والتي تحدثت عن مصر عام 2023، حيث يعيش الأغنياء في معزل بالساحل الشمالي، بينما تفتقر مدن الفقراء لأبسط الخدمات الأساسية، وكأنها نبوءة العراب لمستقبل قاتم لمصر، وشبهها البعض بالعاصمة الإدارية الجديدة حيث سيعزل الأغنياء أنفسهم.

يقول توفيق في روايته "يوتوبيا.. المستعمرة المنعزلة التي كوّنها الأثرياء على الساحل الشمالي ليحموا أنفسهم من بحر الفقر الغاضب بالخارج، والتي صارت تحوي كل شيء يريدونه.. يمكنك أن ترى معي معالمها.. البوابات العملاقة.. السلك المكهرب.. دوريات الحراسة التي تقوم بها شركة "سيفكو" التي يتكون أكثر العاملين فيها من "مارينز" متقاعدين.. أحيانا يحاول أحد الفقراء التسلل للداخل من دون تصريح، فتلاحقه طائرة الهليكوبتر وتقتله كما حدث في ذلك المشهد الذي لا يفارق خيالي".

عاش توفيق أغلب سنين عمره في مدينة طنطا (شمال القاهرة) مسقط رأسه التي ولد فيها يوم 10 يونيو/حزيران 1962، ولم يفارقها سوى مدة قصيرة عمل فيها بإحدى الدول العربية. تخرج في كلية الطب بجامعة طنطا عام 1985، وعمل بها أستاذا جامعيا وحصل منها على الدكتوراة في طب المناطق الحارة عام 1997.

اجمالي القراءات 734