أثارت صورة ثلاث ممرضات في مستشفى بمانهاتن في مدينة نيويورك وهن يرتدين أكياس القمامة بدلا من معدات الحماية التي يؤكدن أنها لم تعد موجودة في المستشفى، الكثير من التساؤلات عن حال الرعاية الطبية في الولايات المتحدة.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة تتصدر دول العالم في مجالات التكنولوجيا الطبية، إذ يوجد بها أفضل مستشفيات العالم التي يقصدها أغنياء وزعماء الكثير من دول العالم للحصول على رعاية طبية لن تتوفر في أي دولة آخرى.
وتتقدم أميركا كذلك في مجال البحوث العلمية الطبية، مما جعل جامعاتها ومراكزها البحثية المنتشرة في طول البلاد وعرضها قبلة للكثير من الأطباء والباحثين من مختلف دول العالم.
وانفردت الولايات المتحدة بالريادة وبلا منافسة في جوائز نوبل في الكيمياء والطب خلال العقود الأخيرة.
وأرجع البعض انخفاض نسبة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" هناك مقارنة ببقية دول العالم لهذا التقدم العلمي وقوة البنية التحية الطبية.
وأنفقت أميركا العام الماضي ما يقرب من 3.6 تريليونات دولار على الرعاية الصحية، أو ما قيمته 17% من الناتج القومي الإجمالي، طبقا لبيانات مكتب الإحصاء القومي. ويعادل هذا المبلغ خمسة أضعاف ما ينفق على الجيش الأميركي طبقا لبيانات الميزانية الفدرالية لعام 2019.
|
عدم استعداد
لكن ومع تفشي وباء الكورونا على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة، ظهر للمواطنين الأميركيين عدم استعداد بلدهم لمواجهة طبية من العيار الثقيل، على الرغم من ضخامة ميزانية الصحة.
واكتشف الأميركيون عدم توفر أدوات طبية أساسية وبسيطة لا تحتاج تكنولوجيا معقدة لإنتاجها أو توزيعها أو استخدامها في مستشفياتهم.
وتندر المواطنون الأميركيون على محدودية ما هو متاح من القفازات الطبية والأقنعة الواقية والملابس المعقمة الضرورية للعاملين في مجال الصحة، إضافة إلى أجهزة التنفس الصناعي الضرورية للحالات الحرجة المصابة بفيروس الكورونا خاصة لكبار السن.
والإجابة على سؤال الفشل الأميركي في الاستعداد والتعامل مع انتشار وباء كورونا إجابة شديدة التعقيد. فهناك البعد السياسي المتعلق بسوء أداء إدارة الرئيس دونالد ترامب وتجاهله التحذيرات المبكرة والمتكررة من أجهزة الاستخبارات ومن مسؤولي القطاع الصحي، وعدم الاستعداد لمواجهة أعداد كبيرة من الإصابات.
وهناك كذلك الخلل في ترتيب أولويات الإنفاق العام، وكيفية تخصيص الموارد المالية الضخمة التي تنفق في مجال الصحة وتفوق عدة مرات مثيلاتها في دول العالم.
وتحدث للجزيرة نت أحد الأطباء في منطقة واشنطن، وقال "لا يوجد أي مبرر لعدم وجود مخزون إستراتيجي من هذه المواد للتعامل مع أي ظرف طارئ كحالة كورونا الحالية".
المنظومة الصحية فاشلة أم ناجحة؟ وقد أدركت الحكومة الأميركية أن عدد الذين لا يشملهم التأمين الصحي قد سبب خللا في النظام الصحي، لذلك أصدرت قانونا عام 1986 يلزم جميع المستشفيات والوحدات الصحية أن تستقبل حالات الطوارئ لأي مرضى بغض النظر عن مقدرتهم المادية. وطبقا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب في ديسمبر/كانون الأول الماضي، دعم 54% من الأميركيين وجود تأمين صحي خاص، وفضل 42% منهم وجود برنامج حكومي موحد لكل الأميركيين. وينقسم قطاع التأمين الصحي إلى ثلاثة مكونات رئيسية على النحو التالي: تأمين صحي خاص: يتمتع به ما يقارب 55% من الأميركيين، وتوفره في أغلب الحالات جهة العمل مع مساهمة مالية من العاملين والموظفين.برنامج تأمين صحي ميدكير (Medicare) للمسنين والمعاقين: يغطي هذا البرنامج الحكومي 20% من المواطنين والمقيمين ممن تجاوز عمرهم الخامسة والستين من العمر، إضافة إلى المعاقين. برنامج تأمين صحي حكومي ميدك إيد (Medicaid) للفقراء وشيب (Ship) للأطفال: ويغطي هذا البرنامج 17% من الأميركيين من الفقراء الذين لا يتجاوز دخلهم معدلات الفقر الرسمية. ولا يتكفل أصحاب العمل والشركات بتكاليف الرعاية الصحية كاملة للموظفين والعاملين لديهم، بل يساهم العمال والموظفون بنسب مختلفة في تكلفة التأمين الصحية.
وفي العام 2019 بلغت هذه النسبة للشخص 3800 دولار سنويا، في حين يرتفع المبلغ للعائلة المكونة من أربعة أفراد ليصل 10 آلاف دولار سنويا في المتوسط طبقا لإحصاءات مجمعة من عدة تقارير متخصصة. ويضطر بعض المواطنين ممن لا توفر لهم جهة العمل تأمينا صحيا إلى أن يشتروا هذه الخدمة بصورة فردية، ويكلف ذلك في المتوسط 8 آلاف دولار في المتوسط طبقا لبيانات عام 2019. |