كيف تُعلّم طفلك التحكم في غضبه؟ 6 نصائح تشرح لك

في الأحد ١٢ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

جميع الأطفال يغضبون، حالهم كحال جميع البشر؛ فنحن نغضب عندما نشعر بالتهديد؛ وتتحول أجسادنا تلقائيًا إلى وضع القتال أو الهروب، أو التجمد في أماكننا. ويُعد الغضب شكلًا من أشكال استجابة «القتال» للجسم؛ لذلك يتحرك البشر ضد أي تهديد محسوس، بما فيه مشاعرنا بالضيق، من خلال الهجوم.

وعندما يغضب الأطفال، فإنهم غالبًا ما يريدون مهاجمة أخاهم الصغير الذي حطم أحد ألعابهم، أو قاسمهم اهتمام ذويهم الذي كانوا يستأثرون به وحدهم، أو يوجهون غضبهم نحو آبائهم الذين عاملوهم بصورة غير عادلة، أو أحد معلميهم الذي أحرجهم في الفصل، أو أحد زملائهم الذي تنمر عليهم.

وفي حين أنه من الضروري في بعض الأحيان قمع الغضب مؤقتًا، إلا أن الغضب غير المعرب عنه قد يؤدي إلى أضرار عقلية، وأخرى نفسية، وحتى جسدية. وبتعليم أطفالنا كيفية التعرف على غضبهم والتعامل معه، يمكننا الحد من آثاره السلبية قبل حدوثها. إليكم في السطور التالية بعض النصائح التي تساعد الآباء في تعليم أطفالهم الطرق المثلى للتحكم في الغضب.

1. شجع أطفالك على التعبير عن مشاعرهم

 

منذ صغرنا، ترددت على مسامعنا عبارات تأمرنا ألا نغضب أو نبكي. وعادةً ما يُلام الأطفال الذكور عندما يبكون، وكثيرًا ما يسمعون عبارات مثل «لا تبكِ، فالرجال لا يبكون»، ولكن هذا لا يعود على الطفل بأي فائدة، ولا يؤدي سوى إلى كبت مشاعره.

ومعظمنا لم يدرس صراحة المهارات الاجتماعية، أو جرى تلقينها له، بل اكتسبناها من محيطنا على طول رحلة حياتنا، من خلال مراقبة تفاعلات آبائنا مع الآخرين. ولكن يمكن أن يكتسب الأطفال هذه المهارات منذ الصغر، ويجري تعليمهم كيفية التعبير عن مشاعرهم بشكل مناسب في الظروف المختلفة، والتعبير عن أنفسهم دون أن يكونوا عاطفيين أو دفاعيين.

بدايةً، من الضروري تسمية الأشياء بمسمياتها، وأن نضع الأسماء على المشاعر، حتى يتعرف عليها الطفل منذ صغره؛ إذ إن امتلاك كلمة للتعبير عن المشاعر يُعد الخطوة الأولى في التعامل معها. ويمكن أيضًا تشجيع الطفل على استخدام كلماته الخاصة؛ لمساعدته على التعبير عما يشعر به.

 

 

كذلك من المهم توضيح أن بعض المشاعر مثل الإحباط، وخيبة الأمل، والإحراج، والغضب، غالبًا ما تظهر بشكل مشابه، لكن الناس يتفاعلون معهم بطريقة مختلفة. على سبيل المثال في حين أن خيبة الأمل تُقابل عادةً بالتعاطف، إلا أن الغضب يمكن أن يُقابله الاحتقار. وفي الأطفال، يؤدي الإحباط وخيبة الأمل في كثير من الأحيان إلى تفجر الغضب. ومربط الفرس هنا أن يصل للطفل رسالة مفادها أنه لا بأس في أن يشعر بالغضب، ولكن من غير المقبول أن يتصرف بشكل عدواني.

أيضًا احرص على أن تتبع مع طفلك مصدر القلق الأساسي؛ فقد يكون مصدره مهارة يصعب عليه إتقانها، أو صعوبة يواجهها في المدرسة. وقد تكون لديه مشكلات تتعلق بتقدير الذات، أو مشاكل في التوافق مع أقرانه. وبمجرد تحديد المشكلة، يمكن تقديم المساعدة، ربما من خلال الحصول على المساعدة في المدرسة، أو شرح كيفية عمل الأشياء، أو توجيهها من خلال المهارات الاجتماعية.

وفي حالات الغضب الشديد، اطلب بهدوء من طفلك أن يشرح لك سبب غضبه الشديد، ويمكن للحديث عن الأمر أن يساعد بعض الأطفال على التغلب على الغضب والهدوء. وإذا كان طفلك لا يريد مناقشة الأمر معك، فقد يشعر بالراحة عند التحدث مع حيوان أليف، أو دمية، أو صديق وهمي، أو شخصية مفضلة في قصة ما. ناقش طفلك في الأمر، واطلب منه رؤية جانب آخر من المشكلة، واربطها بالوضع الحالي، واسأله كيف كانت ستشعر شخصيته المفضلة وتتفاعل؟ فيمكنك تشجيعه على التحدث مع أي مما سبق، المهم أن يفضي بما في داخله، ويتمكن من التعبير عن مشاعره بصورة صحية.

2. عَلّم طفلك مهارات التواصل

 

يجب أن يتعلم الأطفال أن يكونوا حازمين، وليسوا عدوانيين، وأن يعبروا عن أنفسهم دون أن يكونوا عاطفيين أو دفاعيين. وباعتبارك مُربِّي، عوّد طفلك ألا يقفز إلى الاستنتاجات مباشرة، وأن يتوقف ليستمع إلى ما يقوله الآخرون. كذلك، علِّم طفلك مهارات الاستماع النشط، كأن يحاول وضع نفسه مكانهم ما يضمن له تقدير موقفهم قدر الإمكان، والتفكير قبل التحدث، وطرح الأسئلة حتى يعرف ما يحاول الآخرون قوله.

من المفيد أيضًا تنمية الإحساس بالتعاطف لدى الطفل، شجع طفلك على رؤية الأشياء من وجهة نظر أخرى؛ فحتى الأطفال الصغار يمكنهم معرفة عندما يشعر شخص آخر بالحزن أو الغضب. وذكّرهم أن يغفروا لأنفسهم وللآخرين، وأوضِح لهم أنه حتى الأشخاص الطيبين قد يتصرفون أحيانًا بشكل سيء، وأن فقدان أعصابك في بعض الأحيان لا يعني أنك لا تستطيع التغيير. وعلى وجه الخصوص، يحتاج الأطفال إلى التأكد أنه لن يجري إصدار الأحكام عليهم إلى الأبد بسبب تصرفاتهم.

قد يبدو الأمر أنه يحتاج إلى سنوات من التوجيه الأبوي للأطفال لتعلم هذه المهارات، ولكن إذا تمكن الآباء من مساعدة الأطفال على الشعور بالأمان الكافي للتعبير عن غضبهم، واستكشاف المشاعر الكامنة تحته، يصبح الأطفال قادرون على تجاوز غضبهم تجاوزًا متزايدًا، يُيسر عليهم حل المشكلات بشكل بناء خلال سنوات الدراسة.

3. استخدم تقنية الوقت المستقطع ومهارات الاسترخاء

 

يمكنك استخدام وسيلة «الوقت المستقطع» من أجل إخراج طفلك من موقف صعب. وإذا استُخدمت هذه الطريقة استخدامًا صحيحًا؛ ففي هذه الحالة ليست عقابًا، بل وسيلة لإزالة فرد من موقف ما؛ مما يوفر الوقت للتفكير. ويتيح الوقت الفردي لطفلك تهدئة أعصابه، واستعادة السيطرة على نفسه.

وبالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، يمكن توجيههم نحو بذل جهد واعي بألا يصدر عنهم أي تصرف خلال لحظة الغضب، وأن يسعوا لإخراج أنفسهم من الموقف، والاستراحة حتى يهدأوا. يمكن نصحهم أيضًا بالانتظار قبل إرسال رسالة نصية، أو رسالة بريد إلكتروني، استجابةً لموقف أغضبهم، والابتعاد لفترة ما توفر لهم وقتًا للتفكير قبل اتخاذ الخطوة التالية.

 

علوم

منذ يوم

كيف تؤثر العنصرية والتمييز جينيًّا في المتعرض للتنمر؟!
 
فريق العمل

 

وإذا كان طفلك مريضًا أو متعبًا أو متوترًا، فمن المحتمل أن تندلع مشاعر الغضب لديه لأقل المؤثرات. لذلك يُفضل أن تتجنب تعريضه لأي موقف صعب في هذه الأوقات، قدر الإمكان. وينبغي تعليم الأطفال الأكبر سنًا أن يُولوا اهتمامًا لهذه المؤشرات بأنفسهم، فمن المرجح أن يكون رد فعل أي أشخاص خلال تلك الحالات متطرفًا، والتي يكون فيها هشًّا عاطفيًا.

فضلًا عن ذلك يمكن تعليم الأطفال مهارات الاسترخاء التدريجي، وتقنيات التنفس وغيرها من أدوات الإدارة الذاتية للتوتر، التي تساعدهم في تهدئة أنفسهم عند مواجهة الغضب. ولا تُغير هذه التقنيات المسارات العصبية فحسب، بل تُؤثر أيضًا على التحكم في الاندفاع. وشأنها شأن كل عادة، فكلما مارستها أكثر، كلما أصبحت أفضل.

4. حدد لأطفالك قواعد سلوكية خاصة بالغضب

 

مع أنه من الضروري أحيانًا قمع الغضب مؤقتًا؛ لتجنب المواجهات التي قد تؤدي إلى عدوان جسدي – على سبيل المثال – إلا أن الغضب غير المعرب عنه قد يؤدي إلى أضرار عديدة، منها ارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم والاضطرابات الهضمية. كذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى سلوك عنيف أو عدواني سلبي، قد يعوق الطفل عن إقامة علاقات شخصية فيما بعد.

وفي حين أنه لا يمكننا منع الغضب، إلا أنه يمكننا تعليم الأطفال طرق للتعبير عنه بحزم، دون الإضرار بالآخرين. ومع أننا نريد التحقق من صحة كل ما يشعر به أطفالنا، فإن السماح بهذه المشاعر لا يمكن ترجمته إلى قبول السلوك السيئ. ومن أجل ذلك يجب أن تكون هناك قواعد سلوكية محددة، يتعلم الطفل أنها غير مقبولة عند الغضب، وتشمل: عدم الضرب، أو رمي الأشياء، أو تحطيمها، أو إظهار عدم الاحترام.

أيضًا يمكن الاتفاق مع الطفل على عاقبة سلوكه السيئ، ومن خلال إشراك الأطفال في تحديد عواقب سلوكهم؛ ستجد أن أطفالك أكثر حرصًا على احترام القواعد. وفي طريق محاولتك للحد من السلوك العدواني لأطفالك، فإنك بذلك تنشئ حاوية أمان لمشاعرهم.

5. علِّم طفلك مهارات حل المشكلات

 

لدى مساعدة الطفل في فهم السبب وراء غضبه، ومعرفة العلامات التي تظهر عليه عند الغضب، فإنك بذلك تكون قد خطوت أول خطوة في طريق إكسابه مهارات حل المشكلات.

يمكن للوالدين تعليم أطفالهم كيفية التعرف على مشاعرهم، والاعتراف بها، والتعامل معها بالشكل المناسب، من خلال طرح أسئلة تُحفز الأطفال على التفكير في حلولهم الخاصة، مثل «ما الذي تتوقع حدوثه إذا قمت بالاختيار (أ) بدلًا عن الخيار (ب)؟ أو «ما نوع الخيارات التي تعتقد أنها متاحة لك، وما الذي تحتاج لفعله لإيجاد حل؟». كلما مارس الأطفال المزيد من التدريبات على حل المشكلات بدلًا عن تفاعلهم العاطفي معها، زادت قدرتهم على التحكم في انفعالاتهم.

 

 

تهدف هذه المهارات في النهاية إلى أن يستخدم طفلك الغضب دافعًا لتغيير الأشياء حسب الضرورة حتى لا يتكرر الموقف. وقد يشمل ذلك نقل ألعابه بعيدًا عن متناول الأخ الأصغر، أو الحصول على مساعدة الوالدين في التعامل مع زميله الذي يتنمر عليه في المدرسة. وعلى الجانب الآخر، قد يشمل أيضًا الاعتراف بمساهمته الخاصة في المشكلة، ويقرر التصرف على نحو أفضل وفقًا لشروط والديه.

وبمساعدة والديه سيتعلم الطفل تهدئة نفسه عندما يكون غاضبًا؛ حتى يتمكن من التعبير عن احتياجاته دون مهاجمة الشخص الآخر جسديًا أو لفظيًا. هذا بالإضافة إلى تعلم كيفية رؤية جانب الشخص الآخر في القضية، والبحث عن حلول للمشكلة، بدلًا عن مجرد افتراض أنه على حق، والشخص الآخر على خطأ.

6. كُن نموذجًا يُحتذى به

 

يُحاكي الأطفال البالغين؛ وبالتالي فإن الطريقة التي تتعامل بها مع غضبك وإحباطك، ستؤثر بالتأكيد على طفلك. لذلك لا تكتفِي بإصدار التوجيهات لأطفالك، بل اجعل من نفسك نموذجًا يقتدون به. وإذا كنت تعتقد أنك لا تُبدي غضبًا في كثير من الأحيان، فاحرص على تحديد عدد المرات التي تصيح فيها، أو تغضب بطريقة أخرى، مثل الصراخ، واللكم على الحائط، وإلقاء الأشياء، مع ملاحظة ما الذي يُثيرها وكيف تتفاعل.

وتذكر أنك بصفتك الوالد تصنع فارقًا كبيرًا في سلوك طفلك. واحرص جيدًا على تعزيز علاقتك مع طفلك، ومنحه الأدوات التي يحتاج إليها للتغلب على غضبه؛ إذ يمكن للطفل المرتبط بأبويه جيدًا أن يتعلم كيفية التعامل مع عواطفه وإدارتها، وحل المشكلات ومعالجتها، وتسيير أموره مع المشكلات إلى أن يجري حلها. علاوة على ذلك يتنامى حس المغامرة أكثر لدى الطفل، ويمتلك القدرة على استكشاف خيارات مختلفة لحل المشاكل بطريقة خلاقة.

وفي حين أن الغضب جزء طبيعي من الحياة، إلا أنه في بعض الأحيان يدل على وجود مشكلة أكثر خطورة. وإذا ما لاحظت خروج غضب طفلك عن المعايير الطبيعية – على سبيل المثال – إذا أبلغك المعلم أن غضب طفلك قد خرج عن نطاق السيطرة، أو إذا لاحظت أن طفلك يعاني من مشاكل في العلاقات، أو أنه متنمر، أو يحاول إيذاء نفسه، أو الآخرين، أو الحيوانات، فلا تترد في طلب المساعدة المهنية لك ولطفلك.

 

تربية

منذ 7 شهور

كيف تربي طفلك على الذكاء العاطفي؟ 5 نصائح تشرح لك
1006
فاطمة نادي

 

اجمالي القراءات 1373