تظاهرات واسعة في العراق... وشعارات ضد طهران وواشنطن

في الجمعة ١٠ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نجح المتظاهرون العراقيون في إعادة الأنظار إلى ثورتهم التي يصادف اليوم الجمعة، مرور 100 يوم على انطلاقها، ولا تزال متواصلة في مدن جنوب ووسط البلاد وبغداد، على الرغم من القمع المفرط الذي واجهت به الحكومة المتظاهرين، والذي تورطت به أيضاً مليشيات وأجنحة مسلّحة لأحزاب مختلفة داعمة للحكومة، وأسفر عن مقتل نحو 600 عراقي وإصابة ما لا يقل عن 24 ألفاً آخرين، في إحصائيات غير رسمية، بسبب امتناع المؤسسات الصحية والأمنية العراقية عن الإدلاء بأي معلومات عن عدد الضحايا منذ آخر إعلان رسمي الشهر الماضي، أظهر ارتفاعهم إلى 480 ضحية، ونحو 21 ألف مصاب، تصدرت بغداد وكربلاء والناصرية والنجف والبصرة، قائمة المدن التي تشمل العدد الأكبر للضحايا بين المتظاهرين.

ومنذ الساعات الأولى لصباح اليوم الجمعة، بدأ التوافد إلى ساحات وميادين التظاهرات الرئيسة في بغداد، والبصرة، وكربلاء، والنجف، والكوفة، والقادسية، والمثنى، وبابل، وذي قار، وميسان، وواسط، وجرى قطع عدد كبير من الطرقات من قبل الأمن العراقي، في محاولة غير جديدة على المتظاهرين، تهدف إلى عرقلة وصول المواطنين إلى ساحات التظاهر.

ووفقاً لناشطين وشهود عيان، فإنّ بغداد، والناصرية، وكربلاء، والبصرة، وميسان، تصدرت مدن التظاهرات من حيث عدد المشاركين فيها، إذ اتسعت رقعة التظاهرات في ساحات وشوارع مجاورة، واضطر الأمن العراقي إلى الاستنفار وتأمين مبانٍ حكومية تحسباً لمهاجمة المتظاهرين لها.
وردّد المتظاهرون شعارات مختلفة خلال التظاهرات، منها ما هو باللهجة العراقية العامية، مثل "أنعل أبو إيران لأبو أميركا"، في إشارة منهم إلى رفض التدخل الأجنبي، وتحويل العراق إلى ساحة حرب، وأيضاً "ذيول يا تبعية شسويتوا (ماذا فعلتم) بالعراق"، كما رُفعت يافطات بدت موحدة بين المحافظات المختلفة منها: "نريد عراقاً مستقلاً"، و"نرفض انتهاك سيادة العراق"، و"نرفض الانصياع للأجندات الخارجية".

 
 

ومنذ ليل أمس الخميس، حتى صلاة الجمعة ظهر اليوم، استمرّ توافد المتظاهرين نحو الساحات، وسط إجراءات أمنية مشددة، وقطْع عدد من الطرقات.
وفي ساحة التحرير وسط بغداد، رفعت حشود المتظاهرين الأعلام العراقية، وجابوا الساحة وهم يردّدون شعارات ضد إيران، رافضين قصفها للأراضي العراقية، وحملوا لافتات كتب عليها شعارات منها: "أنعل أبو إيران لأبو أميركا".
وعبّر المتظاهرون عن غضبهم، من خضوع أحزاب السلطة للإرادات الخارجية، وعدم قدرتها على حفظ كرامة البلد وأمنه، مطالبين برحيلها.

وقال الناشط المدني، هاني الربيعي، لـ"العربي الجديد": "تظاهراتنا المليونية اليوم هي رسالة تحدٍّ لأحزاب السلطة، وردّ على الأصوات النشاز التي تحدثت عن ضعف التظاهرات. نحن مستمرون بتظاهراتنا ولا نتراجع عنها، وسنستمرّ حتى تحقيق المطالب وتشكيل حكومة وطنية مستقلة"، مؤكداً أن "أحزاب السلطة تحاول تسويف المطالب، ونحن نقول لهم إن صوت الشعب أعلى وأقوى، وسنحقق ما نسعى إليه من مطالب مشروعة".
وأشار إلى "الانتقاد الواسع، لضعف السلطة، وعدم امتلاكها القرار السياسي، ومغامرتها بأمن الشعب ومستقبله، من خلال جره لحرب بالوكالة بين أميركا وإيران"، مشدداً على أن "لا قرار مستقلاً للبلاد ولا أمان مع بقاء أحزاب السلطة الخاضعة للإرادة الإيرانية. يجب أن تقود العراق شخصية مستقلة وغير خاضعة للخارج".
وعلى الرغم من انطلاق التظاهرات، ما زال الآلاف يتوافدون نحو الساحات، وتتزايد الأعداد بشكل كبير.
 



وعمّت التظاهرات الحاشدة المحافظات الجنوبية، ففي محافظة ذي قار، ومركزها مدينة الناصرية، وبعد وصول الآلاف إلى ساحة الحبوبي وسط المدينة، رفع المحتجون صور قتلى التظاهرات، ورددوا شعارات ضد من أسموهم بـ"الذيول" الذين سلبوا العراق إرادته، رافضين "السياسات الهوجاء" لحكومة تصريف الأعمال والأحزاب التي تسيطر على قرارات البرلمان.
أمّا محافظة النجف، فشهدت تظاهر الآلاف من الأهالي تحت جسر الثورة وسط المدينة، وعبّر المتظاهرون عن غضبهم من سوء إدارة البلد، داعين إلى حسم ملف اختيار رئيس مستقل للحكومة، محمّلين رئيس الجمهورية برهم صالح مسؤولية ذلك.
ورفع المتظاهرون في أغلب المحافظات شعارات اقتطعوها من خطبة الجمعة للمرجع علي السيستاني لهذا اليوم، ومنها "لا لحكم الغرباء"، "يجب رحيل الغرباء"، "العراقيون هم الذين يحكمون أنفسهم"، "إرادة الشعب فوق كل الإرادات"، و"ندعو لحكم رشيد بعيد عن الانتماءات القومية والدينية".

 
 


كما شهدت محافظة البصرة أقصى جنوب العراق تظاهرات واحتجاجات واسعة في ساحة البحرية وسط المدينة، إذ عبّر المتظاهرون عن غضبهم من استمرار الفساد، وتحكم أتباع الجهات الخارجية بمقدرات وإرادة البلد، معبرين عن تأييدهم لخطبة السيستاني وما ورد فيها من رفض، والتي دعت إلى رحيل الغرباء وأن يكون رئيس الحكومة من رحم الشعب.
كما دعا متظاهرو كربلاء، والذين خرجوا باحتجاجات غاضبة وسط إجراءات أمنية مشددة، إلى محاسبة حكومة تصريف الأعمال بشأن تقصيرها تجاه الجهات التي تقتل وتخطف الناشطين، كما طالب محتجو واسط وبابل وميسان والمثنى، بذات المطالب، مؤكدين استمرارهم بالتظاهر حتى إزاحة حكم الفاسدين.
وتجري التظاهرات الشعبية الغاضبة في عموم تلك المحافظات، وسط إجراءات أمنية مشددة، وانتشار أعداد كبيرة من عناصر مكافحة الشغب، سيما في محيط الحكومات المحلية.

اجمالي القراءات 710