في رسالة مسربة.. استغاثة لإنقاذ المعتقلين بسجن المنيا المصري

في الثلاثاء ٢٦ - نوفمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

كشفت رسالة مسربة من داخل سجن المنيا (جنوب القاهرة) الانتهاكات التي تمارس بحق المعتقلين السياسيين، تحت إشراف رئيس مباحث السجن.

واشتكى المعتقلون في الرسالة -التي وصل مراسل الجزيرة نت نسخة منها- تجاهل الجهات المعنية التحقيق في الانتهاكات التي يقوم بها رئيس المباحث منذ أكثر من عام، رغم تقديم عشرات الشكاوى إلى مصلحة السجون والنيابة العامة.

وخلال دور الانعقاد الخامس والأخير لمجلس النواب المصري المنعقد حاليا، قام رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان النائب والشرطي السابق علاء عابد بزيارتين لمنطقة سجون المنيا، آخرها في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ونفى خلالها أي انتهاكات تحدث بالسجون المصرية، وأكد أنها ادعاءات يروجها من وصفهم بأعداء الوطن. 

ومن بين الانتهاكات التي ذكرتها الرسالة فرض إتاوات على الزنازين، وبيع سلع كافتيريا السجن بأضعاف سعرها خارج السجن، ومنع الدواء والعمليات الجراحية، وتعمد التفتيش المتكرر لمقرات احتجاز المعتقلين السياسيين، والتضييق على الزائرين، فضلا عن التفتيش الخادش للحياء للنساء.

كما تحدثت الرسالة عن حبس بعض كبار السن والمرضى بأمراض مزمنة وخطيرة في ما تسمى غرفة الدواعي، التي لا توجد بها أي مقومات للحياة، ومنعهم من التعامل مع كافتيريا السجن أو تلقي العلاج من دون سبب.

واشتكى المعتقلون من التفتيش المتكرر لغرف السياسيين، وإتلاف كافة محتويات الزنازين من مقومات الحياة، وتجريد المعتقلين من الأغطية والملابس، خاصة مع دخول فصل الشتاء، موضحين أن إدارة السجن لم تصرف للنزلاء أي أغطية منذ أكثر من عام.

وأوضحت الشكوى زيادة الأعداد داخل الزنازين وتكدسها بما يزيد على 25 فردا داخل الغرفة الواحدة، وعدم صرف الكميات التي تنص عليها لائحة السجون من الأطعمة والتعيين، متهمين إدارة السجن بسرقة الكثير منها، وصرف بعضها بعد تلفه مثل الخضراوات والفاكهة.

وكشفت أنه في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اقتحمت إدارة السجن غرفة (4أ) بعنبر (3)، وقامت بالاعتداء على مَن فيه من النزلاء بالضرب باستخدام مواسير المياه وتجريدهم من كل متعلقاتهم، بما فيها "البونات المالية" التي بحوزتهم (بديل للأموال)، وتموين الشهر من المواد الغذائية التي يشترونها من كافتيريا السجن.

وتأتي الشكوى في ظل إطلاق العديد من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية التحذيرات من استمرار "ظاهرة الإهمال الطبي المتعمد" داخل السجون المصرية، حيث وثقت بعض المنظمات الحقوقية خلال الأشهر الثمانية الماضية وفاة نحو 22 شخصا داخل السجون جراء الإهمال الطبي.

الانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين ليست حوادث فردية، حيث سبق أن كشفت مصادر من داخل سجن التحقيق بمجمع سجون طرة (جنوبي القاهرة) للجزيرة نت عن تعرض المعتقلين السياسيين وعائلاتهم لانتهاكات واسعة، ارتفعت حدتها خلال الأيام الأخيرة.

وحسب المصادر ذاتها؛ جردت إدارة السجن المعتقلين السياسيين من جميع متعلقاتهم الشخصية، ومنعتهم من العلاج، كما ضيقت عليهم في الزيارات العائلية، إلى جانب التشديد على ذويهم في إجراءات الزيارة.

ومنذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى الآن، تم تجريد زنازين المعتقلين أكثر من خمس تجريدات، فضلا عن ارتفاع معدلات التسكين في الغرف بشكل غير مسبوق، حيث وصل عدد المعتقلين في الزنزانة الواحدة إلى عشرين في بعض العنابر، في حين ارتفع في إحداها إلى 25 نزيلا.

وقلصت إدارة السجن ساعات التريض من ساعتين إلى ساعة لبعض عنابر السجن، كما حرمت أكثر من خمسين مريضا من مختلف العنابر من حقهم في التهوية الطبية، رغم توصية تقارير عيادة السجن.

ويأتي الكشف عن هذه الانتهاكات بعد أيام من الانتقادات الأممية لملف القاهرة في حقوق الإنسان، حيث قدمت نحو 136 دولة ما يقارب أربعمئة توصية في مختلف ملفات انتهاكات حقوق الإنسان بمصر.

وفي محاولة للتغطية على الانتقادات الدولية، أصدرت هيئة الاستعلامات مقطع فيديو يظهر فيه مسؤولون من نيابة أمن الدولة يقومون بجولة تفتيش بسجن طرة منتصف الشهر الجاري، أعقبتها زيارة إعلامية للسجن، حيث شاهد الوفد الإعلامي مباراة كرة قدم بين السجناء، في وقت كان بعضهم منهمكا في شواء اللحوم، مما أثار سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقوا عليها "زيارة الكباب".

وعن ارتفاع وتيرة تلك الانتهاكات رغم الإدانات الدولية؛ يرى الباحث الحقوقي أحمد العطار أن القمع أصبح سياسة دولة تعتمد عليها من أجل تثبيت أركانها، موضحا أن الأنظمة القمعية تعتمد على بث الخوف والهلع بين المواطنين، من أجل تكميم أفواههم وإسكاتهم لعدم المطالبة بحقوقهم المشروعة، وجعل مصير كل من يفكر في أن يعارض النظام السجن والتعذيب وسلب حريته.

اعلان

 

وفي حديثه للجزيرة نت، لفت الباحث الحقوقي إلى أن "الدولة المصرية لديها من مواد الدستور والقوانين الرادعة التي تعاقب من يفكر مجرد التفكير في القيام بجريمة التعذيب، ولكن الإفلات من العقاب والتلاعب بالقوانين وتدليس القضايا ومحاضر الشرطة؛ جعل الطريق سهلا للقائمين على جرائم التعذيب، وذلك بمعاونة النيابة العامة والقضاء".

اجمالي القراءات 500