شكرا محمد علي.. هل تراجع السيسي اقتصاديا وسياسيا تحت ضغط الاحتجاجات؟

في الثلاثاء ٠١ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

شكرا محمد علي" هكذا سخر رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر من قرار الحكومة المصرية صرف المواد التموينية لمن تم حذفهم سابقا، وذلك وفقا لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي قال نشطاء إنها تأتي إثر الاحتجاجات والمظاهرات التي دعا إليها الممثل ورجل الأعمال محمد علي.

وأصدرت وزارة التموين والتجارة الداخلية تعليمات إلى مديريات التموين على مستوى الجمهورية بصرف المقررات التموينية للمستبعدين من كشوف بطاقات التموين الذين تقدموا بتظلمات للاعتراض على قرار استبعادهم، وذلك لحين البت في تلك التظلمات.

يأتي ذلك بعدما أعلن السيسي عبر مواقع التواصل أنه يتابع بنفسه ما يتم تداوله بشأن حذف بعض المواطنين من البطاقات التموينية، مضيفا "في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودي الدخل فإنني أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلبا ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية وحذف بعض المستحقين منها".

تصريحات السيسي اعتبرها نشطاء تراجعا تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، وشبهها بعضهم بالتصريحات الأخيرة للرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي حينما خرج بجملته الشهيرة "أنا فهمتكم"، وذلك في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي أثناء الثورة التونسية.

نشطاء آخرون وجهوا الشكر للمثل والمقاول محمد علي، مؤكدين أن المظاهرات التي دعا إليها ووقائع الفساد التي تحدث عنها كانت هي السبب الرئيسي وراء تراجع السيسي والحكومة المصرية ومحاولة استرضاء المصريين.

 
 
وكان لافتا أيضا تأكيد وسائل الإعلام المصرية الموالية للسلطة على أهمية الخطوة، حيث خرج المذيع أحمد موسى يبشر المصريين بصرف المواد التموينية فورا رغم أن موسى نفسه كان من أكثر المذيعين تأكيدا على أهمية خطوات الإصلاح الاقتصادي، وضرورة تحمل المواطنين نتائجها السلبية، بما فيها من إلغاء دعم الوقود والمواد التموينية ورفع أسعار السلع والخدمات الرئيسية.
 
 
انفتاح سياسي وإعلامي مفاجئ
لم يقتصر الأمر على بداية تراجع في الملف الاقتصادي، وإنما شهدت مصر خلال الأيام الماضية تبشيرا بإصلاحات سياسية مرتقبة، والحديث عن أهمية حرية الإعلام والتعبير عن الرأي.

وصباح اليوم الثلاثاء قال رئيس مجلس النواب علي عبد العال إن "المعارضة يحتاجها الوطن من أجل تفعيل المشاركة في البناء والتنمية"، مضيفا أن "الفترة المقبلة ستشهد إصلاحات سياسية وإعلامية"، دون تفاصيل أكثر.

جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب لدور الانعقاد الخامس، وفق ما أوردته وسائل إعلام حكومية، وذلك بالتزامن مع حديث لمؤيدين ومعارضين عن أهمية الإصلاح السياسي خلال الفترة المقبلة.

مصطفى بكري
في الجلسة نفسها، قال النائب والصحفي المقرب من الأجهزة الأمنية مصطفى بكري "مطلوب إيقاف الحرب الخفية ضد أي أحد يقول رأيه، هذه ليست مصر التي ضحينا من أجلها، ولن يزايد أحد علينا أو على حبنا لهذا الوطن، ومن يدير الأمور من وراء ستار سنقول له: حاسب".

وأضاف بكري "نريد مصالحة وطنية حقيقية مع الطبقة الوسطى التي تآكلت وانضمت للطبقة الكادحة، ومصالحة مع الصحافة التي تحولت إلى إعلام المنع والمنح ولم تعد تستطيع استضافة نائب أو وزير أو محافظ، ونريد للقوى الناعمة أن تقوم بدورها".

وتابع بكري "هناك فقر ومآسٍ كثيرة وواقع مرير يزداد وحكومات شبه بعض ووزراء مينفعوش، وإنقاذ مصر من مخطط الفوضى في يد الرئيس.. الأحزاب السياسية ماتت ويجب أن يعطيها الرئيس قوة ودفعة، ومن حق المعارض أن يكون له وجود وأن يكون للإعلام رأي آخر".

يذكر أن بكري كان من أكثر الإعلاميين دفاعا عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم كان أول من تقدم ببلاغ ضده عقب خلعه من السلطة بعد ثورة يناير 2011، كما تقرب من الرئيس الراحل محمد مرسي ثم انقلب عليه لاحقا، ثم أصبح من أشد المدافعين عن السيسي منذ تولي السلطة.

الحديث عن الإصلاح السياسي المفاجئ جاء أيضا في مقال منذ أيام للكاتب الصحفي ياسر رزق الذي تحدث عن معلومات تؤكد اعتزام إجراء إصلاح سياسي سيقدمه السيسي.

وتحدث رزق -الذي يقال إنه شديد القرب من السيسي- عن "تعبيد الطريق أمام الأحزاب -التي يبلغ عددها 104 أحزاب- لتكتل أو اندماج تحت مظلة وطنية".

وشدد على أن هذا الإصلاح سيقبل بقوى احتجاجات 30 يونيو/حزيران 2013 التي أطاحت بالرئيس الراحل محمد مرسي، مضيفا "ولن تكون قنطرة للإخوان المسلمين بأي حال".

وقال رزق "أكاد أرى في الأفق شيئا ما كبيرا لعله مبادرة تكتمل أو برنامج يتبلور أو رؤية تختمر يقدمها القائد لشعبه تدفع بالإصلاح السياسي خطوات واسعة للأمام"، في ظل إصلاحات طبيعية جارية.

وفي مقال لاحق، قال رزق "إنني مقتنع أكثر من أي وقت مضى أن هذا هو أوان احتضان كل الخيول الشاردة حتى الجامح منها من جياد ثورة 30 يونيو العظيمة.. مقتنع أكثر من ذي قبل بأن هذا هو وقت إعلاء سقف حرية الرأي والتعبير والصحافة للكتلة الوطنية".

رزق -الذي كان أول من أعلن عن مضمون التعديلات الدستورية التي سمحت بتمديد رئاسة السيسي- ظهر بكثافة خلال الأيام الماضية متحدثا عن ضرورة الانفتاح السياسي والإعلامي، مؤكدا أن لديه معلومات تؤكد اتجاه الدولة لذلك قريبا.

وحمل رزق أجهزة أمنية -لم يذكرها- مسؤولية التضييق على الحياة السياسية وعلى حرية الإعلام، كما أجاب عن سؤال نادر في الإعلام المصري بشأن سيطرة الجيش على الاقتصاد.

 
امتصاص الغضب
ووفق أستاذ علم الاجتماعي السياسي بمصر سعيد صادق، فإن توقيت الحديث عن الإصلاح السياسي المشروط باستبعاد الإخوان جاء مع الحاجة إلى امتصاص رد فعل الشارع، ويشمل مبدئيا التعامل فورا مع قضايا الفساد وإمكانية إحداث تغيير وزاري،  إلى جانب فتح حوار مع المعارضة الأليفة.

ورأى صادق أن "النظام ورموزه لن يقروا بتنازلات، ولكن ستكون محاولة لتخفيف الاحتقان لا غير".

وشدد على أن ما يحدث ليس بغرض تجاوز احتمال انهيار النظام، فـ"النظام لا تزال معه قوى إقليمية ودعم داخلي، وتصب في صالحه مخاوف كثيرة من أن يكون البديل سيئا".

وقال إنه "من الصعب أن يشمل التخفيف حوارا مع الإخوان، فشرعية النظام وعلاقاته مع القوى الإقليمية قامت على إقصاء الجماعة، لكن سيكون الحوار مع قوى 30 يونيو".
اجمالي القراءات 960